علاقة التبعية. ماهيتها. إقامة الحكم قضاءه بمسئولية الهيئة العامة للجارى عن خطأ مقاول الحفر استنادا إلى تدخلها الايجابى فى تنفيذ العملية. لا خطأ. لا يغير من ذلك ما ورد فى عقد المقاولة من مسئولية المقاول وحده عن الأضرار التى تصيب الغير.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 322
جلسة 31 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، وجمال الدين عبد اللطيف وجلال الدين رافع، وعبد الحميد المرصفاوى.
(66)
الطعن رقم 377 لسنة 43 القضائية
مسئولية "مسئولية تقصيرية". مقاولة. تعويض.
علاقة التبعية. ماهيتها. إقامة الحكم قضاءه بمسئولية الهيئة العامة للجارى عن خطأ مقاول الحفر استنادا إلى تدخلها الإيجابى فى تنفيذ العملية. لا خطأ. لا يغير من ذلك ما ورد فى عقد المقاولة من مسئولية المقاول وحده عن الأضرار التى تصيب الغير.
إن مقتضى حكم المادة 174 من القانون المدنى أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التى تثبت للمتبوع فى رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها، وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان فى استطاعته استعمالها. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة - الهيئة العامة للمجارى والصرف الصحى - عن خطأ المطعون عليه الثانى - مقاول الحفر على ما خلص إليه استنادا إلى شروط المقاولة وتقرير الخبير من أن عمل موظفى الطاعنة لم يقتصر على مجرد الإشراف الفنى، بل تجاوزه إلى التدخل الإيجابى فى تنفيذ العملية وهو ما تتوافر به سلطة التوجيه والرقابة فى جانب الطاعنة ويؤدى إلى مساءلتها عن الفعل الخاطىء الذى وقع من المطعون عليه الثانى باعتباره تابعا لها، ولا وجه للاحتجاج بأن الحكم لم يعمل شروط عقد المقاولة المبرم بين الطرفين فيما نص عليه من أن المقاول وهو حده المسئول عن الأضرار التى تصيب الغير من أخطائه وذلك إزاء ما حصله الحكم من ثبوت السلطة الفعلية للطاعنة على هذا المقاول فى تسيير العمل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 139 سنة 1965 مدنى الاسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليه الثانى ووزير الإسكان والمرافق ومحافظ الإسكندرية بصفتهما ممثلين لمصلحة المجارى بطلب الحكم بالزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 6975 جنيها وما يستجد من مقابل الانتفاع ابتداء من 1/ 2/ 65 حتى تاريخ الحكم بواقع 37 جنيها و500 مليما شهريا، وقال بيانا لدعواه أن المدعى عليهما الأخيرين أسندا إلى المطعون عليه الثانى عملية إعداد الحفر اللازمة لشبكة المجارى الممتدة بشارع أحمد أبو سليمان بقسم الرمل الذى يقع به منزله، وأثناء حفر خندق أمام المنزل تسربت مياه الرشح إلى الخندق فاستخدم المطعون عليه الثانى ماكينة لسحبها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة مما أدى إلى هبوط المنزل وميله فأصدرت المحافظة قرارا باخلائه فأقام الدعوى رقم 5152 سنة 1962 مستعجل اسكندرية يطلب إثبات حالة المنزل ثم صدر القرار رقم 22 سنة 1964 بهدمه، وإذ كان الضرر الذى لحقه من هدم المنزل وحرمانه من الانتفاع به قد وقع بسبب خطأ المطعون عليه الثانى الذى يلزم بتعويضه، ويسأل وزير الإسكان والمرافق ومحافظ الاسكندرية بوصفهما متبوعين للمطعون عليه الثانى عن الضرر الذى أحدثه بعمله غير المشروع، فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 13/ 4/ 1966 حكمت المحكمة بندب خبير استبدلت به آخر بتاريخ 25/ 5/ 1966 لتقدير قيمة المبانى وما لحق بها من أضرار نتيجة الأعمال التى قام بها المطعون عليه الثانى وتقدير مقابل الانتفاع الذى حرم منه المطعون عليه الأول مع تحديد مسؤولية كل من المدعى عليهم عن الخطأ الذى رتب هذه الأضرار. أودع الخبير تقريره ثم أعادت إليه المحكمة المأمورية لاستكمالها فى 14/ 6/ 1967 وبعد أن قدم الخبير ملحقا لتقريره، عادت المحكمة فحكمت بتاريخ 13/ 3/ 1968 بالزام المطعون عليه الثانى ووزير الإسكان والمرافق ومحافظ الاسكندرية متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليه الأول مبلغ 5714 جنيها و800 مليما. استأنف وزير الإسكان والمرافق ومحافظ الاسكندرية هذا الحكم أمام محكمة استئناف الاسكندرية بالاستئناف رقم 410 سنة 24 ق مدنى كما استأنفه المطعون عليه الثانى أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 432 سنة 24 ق مدنى، وقررت المحكمة ضم الاستئناف الثانى إلى الأول. وأثناء نظر الاستئناف زالت صفة وزير الإسكان والمرافق ومحافظ الاسكندرية فى تمثيل مصلحة المجارى التى حلت محلها الهيئة العامة للمجارى والصرف الصحى - الطاعنة - وتم تصحيح شكل الاستئناف على هذا الأساس. وبتاريخ 14/ 2/ 1973 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنه فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفته الثابت فى الأوراق، وفى بيانه تقول أن الحكم ألزمها بالتعويض عن الأضرار التى لحقت المطعون عليه الأول بسبب خطأ المطعون عليه الثانى استنادا إلى أنه تابعها وأنها مسؤولة عن خطئه طبقا للمادة 174 من القانون المدنى ودلل الحكم على ذلك بأنه تبين من تقرير الخبير أن الطاعنة كان لها مندوبون فنيون يقومون بالإشراف والتوجيه فى تنفيذ الأعمال المسندة إلى المطعون عليه الثانى، فى حين أن الطاعنة اشترطت على المطعون عليه الثانى فى عقد المقاولة مسئوليته وحده عن جميع الأضرار التى تحدث للغير أثناء قيامه بتنفيذ العملية دون أن يكون لإشرافها أى أثر على ذلك. كما اشترطت عليه اتخاذ كافة الاحتياطات لمنع ما يحدث بسبب سير العمل من وفاة أو حوادث للعمال أو لغيرهم أو ما يحدث من أضرار لممتلكات الحكومة أو البلدية أو الممتلكات الخاصة باعتبار أنه مهندس فنى له الخبرة والدراية الفنية الكافية لتنفيذ مثل هذه العملية، مما مفاده أن المطعون علية الثانى كان مستقلا عن الطاعنة فى تنفيذ المقاولة ولم يكن لها حق التوجيه والرقابة عليه مما تنتفى به تبعيته لها ولا محل لاستناد الحكم فى وجود هذه العلاقة إلى تقرير الخبير لأنه لم يذكر أن الطاعنة كان لها مندوبون فنيون يقومون بالإشراف والتوجيه فى تنفيذ المقاولة بل كل ما ورد بالتقرير أن التنفيذ تم تحت إشراف الهيئة وهو لا يعدو أن يكون إشرافا عاما على سير العمل من حيث تنفيذه وإتمامه فى المواعيد المحددة وبالطريقة والمواصفات والمواد المتفق عليه، ولا يعتبر من قبيل الرقابة والتوجيه ومن ثم فلا تكون مسئولة عن خطأ المطعون عليه الثانى وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون ومخالفه الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان مقتضى حكم المادة 174 من القانون المدنى أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التى تثبت للمتبوع فى رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان فى استطاعته استعمالها. وكان يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة عن خطأ المطعون عليه الثانى على قوله "أن تنفيذ المدعى عليه الأول- المطعون عليه الثانى - للعملية المذكورة واستعماله المضخات لسحب المياه تم بموافقة المدعى عليهما الثانى والثالث اللذين حلت محلهما الطاعنة - وتحت إشرافهما الممثل فى شخص المهندس..... أحد المهندسين المعينين من محافظة الاسكندرية للإشراف على اعمال المقاولين بمرفق المجارى فإن المدعى عليهما الثانى والثالث باعتبارهما متبوعين للمدعى عليه الأول يكونان مسئولين مع الأخير بالتضامن عن جميع الأضرار التى تحدث للمدعى - المطعون عليه الأول - وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "لا ينال منه تمسلك الهيئة العامة للصرف الصحى - الطاعنة - بما جاء بالبند 25 من دفتر الشروط الخاص بالعملية من أن المقاول مسئول عن جميع الأضرار التى تحدث للغير أثناء قيامة بتنفيذ العقد المبرم بينهما وبين المقاول. ذلك أنه بمطالعة البند المذكور يتضح أنه قد نص فيه على مسئولية المقاول عن جميع الأعمال التى يتم استلامها نهائيا ولا يستثنى من ذلك سوى الأضرار الناشئة عن الزلازل أو الحرب... وأن إشراف البلدية أو تصرفها سواء بشخصها أو بمن ينوب عنها لا ينقض أو يؤثر على مسئولية المقاول عن تنفيذ الأعمال تنفيذا دقيقا وأنه مسئول عن جميع الأعمال ويجب عليه وقايتها من التآكل أو التقلبات الجوية كما يجب عليه إصلاح ما يظهر من عيوب أو ما تتعرض له الأعمال لأى سبب من الأسباب وهذا كله فيما يتصل بالأعمال المنوط به القيام بها. أما فيما عداها فقد نص على أن على المقاول أن يصون جميع المبانى والأساسات القائمة عند منطقة الأعمال ويلتزم بأن يصلح أى تلف أو تآكل يكون قد حدث لتلك الأعمال بسب إهماله ويكون ذلك تحت مسئوليته بمصاريف على حسابه وإذا قصر فى إصلاح أى من هذه العيوب أو التآكل فإن للمدير العام أن يأمر بتنفيذ تلك الإصلاحات على حسابه وهذه الشروط ليس فيها ما ينفى مسئولية الهيئة عن الأضرار التى تحدث للغير يسبب خطأ المقاول فى تنفيذ العملية كما خلت من أى نص على أن المقاول وحده هو القائم بتنفيذ العملية دون إشراف أو توجيه من الهيئة بل على العكس من ذلك فقد ثبت من تقرير الخبير السالف الإشارة إليه ومن ملحقه التكميلى أن الهيئة كان لها مندوبون فنيون يقومون بالإشراف والتوجيه فى تنفيذ الأعمال المسند للمقاول، وكان البند السادس والعشرون من شروط المقاولة قد نص فى فقرته الأولى على أنه "ولا يقلل من هذه المسئولية - مسئولية المطعون عليه الثانى - أو يؤثر عليها ما يطلب اتخاذه المدير العام أو ممثله من احتياطات" وكان يبين من ملحق تقرير الخبير المؤرخ 8/ 11/ 1971 أنه أورد فيه ما يلى "أنه بمراجعة المواصفات العامة والتقرير المقدم عن طريقة التنفيذ يبين أن الإجراءات والطريقة التى اتبعها المدعى عليه الأول - المطعون عليه الثانى - فى نزح مياه الرشح تتفق مع المواصفات العامة الموضوعة لأعمال الحفر بمشروع المجارى، وقد تم تنفيذ ذلك تحت إشراف المدعى عليهما الثانى والثالث اللذين حلت محلها الطاعنة وكان مفاد ما خلص إليه الحكم المطعون فيه استنادا إلى شروط المقاولة وتقرير الخبير أم عمل موظفى الطاعنة لم يقتصر على مجرد الإشراف الفنى بل تجاوزه إلى التدخل الإيجابى فى تنفيذ العملية وهو ما تتوافر به سلطة التوجيه والرقابة فى جانب الطاعنة ويؤدى إلى مساءلتها عن الفعل الخاطىء الذى وقع من المطعون عليه الثانى باعتباره تابعا لها، وكان لا مخالفة فى ذلك للثابت بتقرير الخبير لأن التوجيه فى العمل مستفاد حسبما انتهى إليه الحكم مما قرره الخبير من أن المقاول التزم المواصفات العامة الموضوعة له لتنفيذ العملية والتى تمت تحت إشراف مهندس الطاعنة، وكان لا وجه للاحتجاج بأن الحكم لم يعمل مقتضى البندين 25، 26 من شروط عقد المقاولة المبرم بين الطرفين فيما نص عليه من أن المقاول هو وحده المسئول عن الاضرار التى تصيب الغير من أخطائه وذلك إزاء ما حصله الحكم على النحو المتقدم من ثبوت السلطة الفعلية للطاعنة على هذا المقاول فى تسيير العمل. لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش