يكفي لعدم مساءلة من أبلغ كذباً عن التعويض عن الواقعة التي أبلغ بها أن تقوم لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه وتؤدى إلى اعتقاده بصحة ما نسبه إليه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 775
جلسة 11 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، حسن النسر، منير عبد المجيد ومحمد إبراهيم خليل.
(153)
الطعن رقم 283 لسنة 47 القضائية
مسئولية. تعويض. بلاغ كاذب.
البلاغ الكاذب. مساءلة المبلغ عن التعويض. عدم تحققها إذا قامت لديه شبهات تبرر اعتقاده بصحة ما نسبه المبلغ ضده [(1)].
يكفي لعدم مساءلة من أبلغ كذباً عن التعويض عن الواقعة التي أبلغ بها أن تقوم لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه وتؤدى إلى اعتقاده بصحة ما نسبه إليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1971 لسنة 1975 الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسين ألف جنيه وقال بياناً للدعوى أنه يمتلك العقار رقم 64 بشارع.... بموجب عقد بيع صادر له من مالكه.... حكم بصحته ونفاذه وسجل الحكم برقم 392 سنة 1971 توثيق الإسكندرية، وإذا ادعى الطاعن الثاني - وهو رئيس مأمورية بيت المال بالإسكندرية - ملكية بيت المال للعقار أثناء تحقيق شكوى كان المطعون عليه قد تقدم بها إلى الشرطة لقيام بعض أشخاص بهدم العقار المذكور وأقام المطعون عليه دعوى لإثبات حالة العقار تدخل في بيت المال مدعياً ملكيته وردد فيها عبارات جارحة للمطعون عليه تتعلق بتزوير عقد البيع الصادر للبائع له، وتقدم الطاعن الثاني في يونيو سنة 1975 بشكوى إلى نيابة شرق الإسكندرية، ضد المطعون عليه نسب له فيها تزوير عقد البيع الصادر من مالكة العقار الأصلية إلى البائع له مما يعد قذفاً في حقه لحقته بسببه وبسبب العبارات الجارحة في تحقيق الشكوى الأولى أضراراً يستحق عنها تعويضاً فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 23/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين - بصفتهما - متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض، استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 276 سنة 32 ق إسكندرية كما استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم 306 سنة 32 ق إسكندرية وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول حكمت بتاريخ 5/ 1/ 1977 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بالسببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه لم يلتزم أحكام المسئولية عن البلاغ الكاذب والقذف فلم يتعرض لبيان الوقائع التي تشكل ركن الخطأ في جانب الطاعنين وأهمها سوء القصد وعدم توافر الدلائل التي تبرر الاتهام بما يعجز محكمة النقض عن إعمال سلطتها في مراقبة محكمة الموضوع حيث إن تكييف الفعل بأنه خطأ أو غير خطأ يخضع لرقابة محكمة النقض، وإذ أورد الحكم المطعون فيه في أسبابه أنه لم يثبت من مستندات الطاعنين أن المطعون عليه هو الذي رفع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12/ 5/ 1956 الصادر لصالح البائع له من المالكة الأصلية مع أن المطعون عليه أقر في تحقيقات القضية رقم 315 سنة 1976 جنح المنشية أنه هو الذي رفع الدعوى المذكورة فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يكفي لعدم مساءلة من أبلغ كذباً عن التعويض عن الواقعة التي أبلغ بها أن تقوم لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه وتؤدي إلى اعتقاده بصحة ما نسبه له، لما كان ذلك. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه نقلاً عن الحكم الابتدائي الذي أيده وأحال إلى أسبابه أن هذا الحكم الأخير أقام قضاءه بمساءلة الطاعن مدنياً عن التعويض على قوله "أنه قد ثبت من مستندات المستأنف - المطعون عليه - أن المستأنف ضده الثاني - الطاعن الثاني - قد تقدم ببلاغ إلى نيابة العطارين بتاريخ 12/ 5/ 1975 قرر فيه أن المستأنف مزور لعقد البيع وأن التزوير قد ثبت في حقه وهذا على خلاف الحقيقة... ومما يؤيد سوء نية قيامه بتكليف خبير من قسم أبحاث التزييف والتزوير لإجراء مضاهاة توقيع المالكة دون اتباع الإجراءات القانونية في هذا الشأن ومن بلاغه المقدم إلى نيابة العطارين على ما انتهى إليه الخبير المذكور قبل أن تثبت الجهة القضائية المختصة فيما إذا كان هناك تزوير حقيقة من عدمه ثم قذف بعبارات صريحة في بلاغه في حق المستأنف بارتكابه جريمة التزوير - باصطناع عقد بيع ابتدائي مؤرخ 12/ 5/ 1956 منسوب فيه صدور توقيع من المالكة الغائبة ببيع الفيلا في غفلة من بيت المال والحصول على حكم بصحة ونفاذ عقد البيع وقيامه بالتسجيل... وإنه قد نتج من هذا البلاغ والقذف في حق المستأنف ضرر أدبي له يتمثل فيما أصابه في سمعته وشرفه بين زملائه المحامين والقضاة وأعضاء النيابة وموظفي النيابة العامة الذين تداولوا البلاغ الأمر الذي يعود على المستأنف بإبلاغ الضرر، وكان الطاعنان قد استأنفا هذا الحكم وقام استئنافهما - وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - على أنه قد ثبت من المستندات المقدمة فيهما أنه قامت لدى الطاعن الثاني شبهات تبرر اتهام المستأنف عليه بالتزوير، إذ أن هذا الأخير أبلغ المستأنف ضده الثاني في 10/ 5/ 1970 بأن العقار المذكور ليس به مالك وأن جمعية الشهيد.... ترغب في شرائه وفي 27/ 5/ 1972 أبلغت الإدارة العامة بيت المال المستأنف ضده بالإفراج عن العقار وتسليمه له بصفته وكيلاً عن.... ثم أبلغته في 21/ 12/ 1973 باعتبار قرار الإفراج كأن لم يكن بعد أن ثبت تزوير العقد المؤرخ 12/ 5/ 1956 وفي خلال سنة 1970 التي أبلغ فيها المستأنف ضده بأن هذا العقار لا مالك ظاهر له أقام دعوى بصحة ونفاذ هذا العقد المنسوب صدوره من المالكة.... إلى.... برقم 3397 سنة 1970 مدني إسكندرية الابتدائية وقد قرر المستأنف ضده بتحقيقات النيابة بأنه كان وكيلاً عنه قبل رفع الدعوى المذكورة بعدة سنوات ثم أقام المستأنف ضده الدعوى رقم 361 سنة 1971 مدني الإسكندرية الابتدائية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 7/ 1967 المتضمن بيع موكله المذكور ذات العقار وهذا يتعارض مع ما أبلغ به في 10/ 5/ 1970 بأن العقار المذكور ليس له مالك ظاهر. "ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أيد الحكم الابتدائي أخذاً بأسبابه أضاف إليها قوله: أنه لم يثبت من المستندات المقدمة من المستأنفين في الاستئناف رقم 306 سنة 32 ق (الطاعنان) أن المستأنف ضده - المطعون عليه - هو الذي أقام دعوى صحة ونفاذ العقد المؤرخ 12/ 5/ 1956 نيابة عن المشتري الصادر له هذا العقد والذي قيدت النيابة العامة الواقعة ضده بتزوير هذا العقد واستعماله، وكما أنه لم يثبت من تحقيقات النيابة أن المستأنف ضده كان على علم بالتزوير المنسوب إلى المشتري المذكور وأن واقعة شراء المستأنف ضده لهذا العقار من ذات المشتري لا تبرر اتهامه بتزوير العقد سالف الذكر ولا تؤدي إلى إثارة الشبهات حوله خاصة وأنه قد أبلغ الطاعن الأول في 10/ 10/ 1970 بأنه علم بعد أن أبلغ إدارة بيت المال بالإسكندرية في 10/ 5/ 1970 بأن العقار المذكور لا مالك له ظاهر بأن.... قد اشترت هذا العقار من مالكته بمقتضى عقد بيع المؤرخ 12/ 5/ 1976 وأنه يزمع شراء هذا العقار منه على أن يكون تاريخ التعاقد 1/ 7/ 1967 كرغبة البائع وطلب من الطاعن الأول إبلاغه بما إذا كان له اعتراض قانوني بشأن إتمام البيع من عدمه هذا فضلاً عن أن المطعون عليه قرر بتحقيقات النيابة أنه عندما أبلغ بأن العقار المذكور لا مالك له ظاهر لم يكن يعلم بأن.... قد اشترى هذا العقار وأن محام آخر قد تولى أمر هذا العقد، مما مفاده أن الحكم أسس قضاءه بمساءلة الطاعنة مدنياً عن التعويض عن الواقعة التي أبلغ بها الطاعن الثاني ضد المطعون عليه على عدم ثبوت علم المطعون عليه بتزوير العقد الذي اشترى به البائع له العقار من مالكته الأصلية وعلى أنه لم يثبت من الأوراق أن المطعون عليه هو الذي رفع الدعوى بطلب صحة ونفاذ العقد المذكور لصالح موكله الذي تصرف له في العقار بالبيع بعد ذلك، دون أن يعن بتمحيص دفاع الطاعن المذكور - الذي أورد مضمونه بمدوناته على نحو ما سلف بيانه - والمؤسس على أنه قامت لديه شبهات تبرر بلاغه ضد المطعون عليه فإنه يكون قد حجب نفسه عن بحث مدى كفاية هذه الشبهات في تبرير صحة اعتقاد الطاعن الثاني بصحة ما نسبه للمطعون عليه والتي لو صحت لتغير بها وجه الرأي في الحكم في الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت من الصورة الرسمية لتحقيقات النيابة العامة في القضية رقم 315 لسنة 1976 جنح المنشية التي كانت مقدمة للمحكمة المطعون في حكمها أن المطعون عليه قرر لدى سؤاله فيها أنه هو الذي رفع الدعوى لصالح موكله.... بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12/ 5/ 1956 المنسوب صدوره له عن العقار من مالكته الأصلية في حين ذهب الحكم المطعون فيه إلى أنه لا يبين من المستندات المقدمة من الطاعنين أن المطعون عليه هو الذي أقام الدعوى المذكورة لصالح موكله.... الذي قيدت ضده النيابة العامة الواقعة بتزوير هذا العقد واستعماله - وكان لهذا العيب أثره على تقدير المحكمة في مساءلة الطاعنين عن التعويض فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.
[(1)] نقض 8/ 4/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 443.
ساحة النقاش