تحويل مال الأفراد إلى مال عام. صوره. استيلاء الدولة على عقار لأحد الأفراد وإدخاله في المال العام دون اتباع إجراءات نزع الملكية. استحقاق ذوي الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1766
جلسة 10 من يونيه سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى سليم - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي - نائب رئيس المحكمة، يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعزت حنوره.
(317)
الطعن رقم 570 لسنة 50 القضائية
استيلاء. نزع الملكية للمنفعة العامة. تعويض.
تحويل مال الأفراد إلى مال عام. صوره. استيلاء الدولة على عقار لأحد الأفراد وإدخاله في المال العام دون اتباع إجراءات نزع الملكية. استحقاق ذوي الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحويل المال المملوك لأحد الأفراد إلى مال عام يقتضي إما إدخاله في الملكية الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى بطريق من طرق كسب الملكية المبينة في القانون المدني ثم نقله بعد ذلك إلى الملك العام بتخصيصه للمنفعة العامة، وإما بنزع ملكيته للمنفعة العامة فينتقل فوراً من ملكية صاحبة إلى الملكية العامة على نحو ما بينه القانون 577 سنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، وأن تخصيص الدولة العقار المملوك لأحد الأفراد للمنفعة العامة بالفعل دون اتباع الإجراءات التي رسمها القانون المذكور وذلك باستيلائها عليه ونقل حيازته إليها وإدخاله في المال العام، يتفق في غايته مع نزع الملكية باتخاذ إجراءاته القانونية ومن ثم يستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق بما في ذلك الحق في تعويض يعادل الثمن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 877 سنة 1976 مدني كلي طنطا على الطاعنين بصفاتهم بطلب تثبيت ملكيتهم لثلاثة قراريط شيوعاً في أرض مساحتها 13 س 13 ط 2 ف كانت ملكاً لمورثيهم وباعوا منها 13 س و10 ط و2 ف ثم باع المشتري منهم ذات القدر إلى "نايف عماد" الذي آلت أمواله إلى الدولة بما في ذلك ما يملكه في الأرض المذكورة إلا أن الطاعنين بصفاتهم وضعوا اليد على الأرض جميعها بما فيها الثلاث قراريط التي تم التصرف فيها، ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريراً انتهى فيه إلى أن الدولة وضعت يدها على المساحة الأصلية جميعها بوصف أنها من أملاك "نايف عماد" التي آلت إليها في حين أن هناك ثلاثة قراريط لم يتملكها المذكور أصلاً وبقيت على ملك المطعون ضدهم وأن الدولة أقامت على الأرض جميعها مباني لمحافظة الغربية ولمديرية الأمن فيها ومجمعاً لمحاكمها، وبتاريخ 8 - 11 - 1978 قضت المحكمة بتثبيت ملكية المطعون ضدهم لمساحة 3 ط مشاعاً في الأرض المذكورة استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف 567 سنة 28 قضائية طالبين إلغاءه ورفض دعوى المطعون ضدهم، وبتاريخ 15 - 1 - 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن تخصيص الدولة العقار المملوك لأحد الأفراد للمنفعة العامة دون اتخاذ الإجراءات المنوه عنها في قانون نزع الملكية يتحقق به حكم نزع الملكية، ولما كانت أرض النزاع قد خصصت للمنفعة العامة بإقامة المباني الحكومية العامة عليها فقد أضحت مالاً عاماً لا ترد عليه ملكية الأفراد ويكون طلب تثبيت ملكيتها للمطعون ضدهم على غير سند من القانون، وإذ أيد الحكم المطعون فيه قضاء محكمة أول درجة بتثبيت ملكية المطعون ضدهم للأرض المذكورة قولاً بأنه لم يصدر قرار بنزع ملكيتها فيظل أصحابها محتفظين بملكيتهم لها، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحويل المال المملوك لأحد الأفراد إلى مال عام يقتضي إما إدخاله أولاً في الملكية الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى بطريق من طرق كسب الملكية المبينة في القانون المدني ثم نقله بعد ذلك إلى الملك العام بتخصيصه للمنفعة العامة، وإما بنزع ملكيته للمنفعة العامة فينتقل فوراً من ملكية صاحبه إلى الملكية العامة، على نحو ما بينه القانون 577 سنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة وأن تخصيص الدولة العقار المملوك لأحد الأفراد للمنفعة العامة بالفعل دون اتباع الإجراءات التي رسمها القانون المذكور وذلك باستيلائها عليه ونقل حيازته إليها وإدخاله في المال العام يتفق في غايته مع نزع الملكية باتخاذ إجراءاته القانونية ومن ثم يستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق بما في ذلك الحق في تعويض يعادل الثمن، وكانت الأرض موضوع الدعوى قد خصصت جميعها للمنفعة العامة بإقامة المباني الحكومية سالفة البيان عليها، فأصبحت بذلك من الأموال العامة التي لا ترد عليها ملكية الأفراد حال تخصيصها للمنفعة العامة، لما كان ذلك فأن الحكم المطعون فيه إذ أيد القضاء بثبوت ملكية المطعون ضدهم لتلك الحصة الشائعة في الأرض المذكورة رغم ثبوت تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة وعدم انتهاء هذا التخصيص بعد، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة في الدعوى لا بالألفاظ التي صيغت فيها هذه، الطلبات، وكان الواضح من بيان المطعون ضدهم لوقائع النزاع وما قدموه من مذكرات وتأكيدهم أنهم امتنعوا عن طلب التسليم لأنهم لا يهدفون إلى استرداد الحصة محل التداعي، وأن مقصودهم من دعواهم هذه ليس هو التوصل إلى ثبوت ملكيتهم لتلك الحصة بعد أن خصصت الأرض للمنفعة العامة، وإنما إثبات أنها ليست من أملاك "نايف عماد" التي آلت إلى الدولة، وأنهم أصحاب الشأن في اقتضاء حقوقهم المتولدة عن تخصيص ملكيتهم للمنفعة العامة - ومن ثم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى ثبوت أحقية المطعون ضدهم للتعويض عن تخصيص العقار محل النزاع للمنفعة العامة.
ساحة النقاش