جواز الحكم بالتعويض مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد. م 188 مرافعات.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1355
جلسة أول يونيو سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.
(265)
الطعن رقم 1456 لسنة 49 القضائية
1 - تقادم "التقادم الثلاثي".
العلم الذي يبدأ به سريان التقادم الثلاثي. م 172 مدني. المقصود به.
2 - تعويض. مسئولية.
جواز الحكم بالتعويض مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد. م 188 مرافعات. لا يحول بين المضرور ورفع دعوى بالتعويض وفقاً للقانون المدني.
1 - المراد بالعلم الذي يبدأ به سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة 172 من القانون المدني هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبالشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته، مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم.
2 - لا محل للتحدي بأن الحكم المطعون فيه لم يعمل ما تقضي به المادة 188 من قانون المرافعات من جواز الحكم بالتعويض مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد، ذلك أن هذا النص لا يحول بين المضرور من الإجراءات الكيدية من أن يرفع دعوى للمطالبة بالتعويض طبقاً للقواعد الواردة في القانون المدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 1925 سنة 1978 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 10000 جنيه، وقالا شرحاً للدعوى أنهما كونا ومورث الطاعنين الأربعة الأول المرحوم إسماعيل إبراهيم شركة لاستغلال فندق ومقهى مبينين بالأوراق على أن يتولى المورث المذكور إدارتهما غير أنه أخل بالتزاماته وامتنع عن تقديم كشوف الحساب إلى مصلحة الضرائب منذ سنة 1967 رغم ثبوت استيلائه على أرباح بلغت قيمتها مبلغ 42588 جنيه في الفترة من سنة 1967 إلى سنة 1972 فأقام المطعون عليهما الدعوى رقم 3251 سنة 1972 مستعجل القاهرة التي حكم فيها بفرض الحراسة القضائية على الفندق والمقهى وتعيين المطعون عليه الثاني حارساً قضائياً عليهما، وإذ استأنف المورث آنف الذكر هذا الحكم بالاستئناف رقم 875 سنة 1972 مستعجل القاهرة حكمت المحكمة بتعيين خبير بالجدول حارساً منضماً إلى المطعون عليه الثاني غير أن المورث استشكل في تنفيذ هذا الحكم وقيد الإشكال برقم 527 سنة 1972 الأقصر، وتواطأ مع بعض موظفي مصلحة الضرائب فأوقعوا حجزاً تحفظياً ثم تنفيذياً على منقولات الفندق ثم حجزاً على الجدك الخاص بالفندق والمقهى وأجروا مزاداً صورياً دون إعلان المطعون عليهما، رسا البيع على الطاعن الأخير الذي تربطه بأحد موظفي مصلحة الضرائب صلة قرابة، وتدخل الطاعن المذكور في منازعة التنفيذ سالفة الذكر طالباً وقف تنفيذ حكم الحراسة بحجة أنه أصبح المالك للمنشأتين محل النزاع فأجابته المحكمة إلى ذلك واستمر المورث سالف الذكر يضع يده على المنشأتين، وقد استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 572 سنة 1972 مدني قنا وأقاما الدعوى رقم 895 سنة 1972 مدني الأقصر بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإجراءات الحجز والبيع سالفة البيان، وقضي بعدم الاعتداد بتلك الإجراءات واعتبارها كأن لم تكن كما قضي بإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 527 سنة 1972 الأقصر والاستمرار في تنفيذ حكم الحراسة آنف الذكر، وإذ تكبد المطعون عليهما جهداً كبيراً ومالاً كثيراً للرد على الإجراءات الكيدية في التقاضي التي باشرها الطاعنون فقد أقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان. وبتاريخ 29/ 6/ 1978 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين الأربعة الأول بأن يدفعوا للمطعون عليهما من مال وتركة مورثهم المرحوم إسماعيل إبراهيم بالتضامن مع الطاعن الأخير مبلغ 5000 جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5395 سنة 95 قضائية مدني، وبتاريخ 30/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون عليهما بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 172 من القانون المدني إذ أن إجراءات التقاضي التي يصفها المطعون عليهما بالكيدية، إنما كانت في الفترة بين سنتي 1972، 1974 ولم ترفع الدعوى المطروحة إلا بتاريخ 5/ 3/ 1978، غير أن الحكم المطعون فيه اعتد بيوم 25/ 5/ 1976 الذي صدر فيه الحكم في الاستئناف رقم 572 سنة 1972 مدني قنا المقام من المطعون عليهما طعناً في الحكم الصادر في الإشكال رقم 527 سنة 1972 الأقصر واعتبره مبدأ لسريان التقادم دون بيان سبب ذلك، فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المراد بالعلم الذي يبدأ به سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة 172 من القانون المدني هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبالشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم، ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته، مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، - لما كان ذلك وكان علم المطعون عليهما الحقيقي الذي يحيط بما وقع لهما من أضرار نتيجة الإجراءات أنفة الذكر وبالشخص المسئول عنها، إنما يكون في هذه الحال بانتهاء تلك الإجراءات بالحكم الصادر بتاريخ 25/ 2/ 1976 في الاستئناف رقم 572 سنة 1972 مدني قنا، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، إذ أيد حكم محكمة أول درجة الذي أقام قضاءه على أن الضرر الذي أصاب المطعون عليهما يتمثل في عدم تنفيذ حكم فرض الحراسة على المنشأتين محل النزاع مما أدى إلى تبديد منقولاتهما وفي مصروفات انتقال المطعون عليهما ومحاميهما مرات عديدة بين القاهرة وقنا والأقصر، دون أن يستظهر أدلة ثبوت ذلك، أو يعمل مقتضى المادة 188 من قانون المرافعات من جواز القضاء بالتعويض مقابل النفقات الفعلية، وقد تمسك الطاعنون أمام محكمة الاستئناف بأن مصلحة الضرائب هي التي باشرت إجراءات الحجز على المنشأتين استيفاء لحقوقها ولا دخل لمورث الطاعنين الأربعة الأول بذلك، وقد قضي لصالح المطعون عليهما بعدم الاعتداد بهذا الحجز فزال الضرر المقال بوقوعه، كما أن تأجيل الفصل في الاستئناف الذي رفع عن الحكم الصادر في الإشكال لا يرجع إلى فعل المورث المذكور وحده بل يشاركه فيه باقي الخصوم فضلاً عما استلزمته إجراءات التقاضي، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع، وقضى على الطاعنين بالتعويض دون أن يبين الدليل على خطأ المورث المذكور فيكون الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه، أنه أقام قضاءه بثبوت خطأ مورث الطاعنين الأربعة الأول والطاعن الأخير وما نجم عنه من أضرار لحقت بالمطعون عليهما على ما خلصت إليه محكمة الموضوع من أن المورث المذكور بالاشتراك مع الطاعن الأخير، تكاتفا لعرقلة تنفيذ حكم فرض الحراسة آنف الذكر بالاستشكال والإدعاء بالتزوير على غير أساس, والتحايل لبيع منقولات الفندق والمقهى سالفي الذكر ومباشرة إجراءات لنقل ملكيتهما للطاعن الأخير بقصد الوصول إلى عدم تنفيذ حكم فرض الحراسة وقد قضي بعد مضي أربع سنوات ببطلان تلك الإجراءات وظل المطعون عليهما ومحاميهما خلال تلك الفترة يتنقلان بين القاهرة وقنا والأقصر مما كبدهما الكثير من المشاق والجهد والمصروفات لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه حسبما سلف البيان على ما خلصت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وما اطمأن إليه وجدانها من ظروف الدعوى وأقامت قضاءها على ما يكفي لحمله وله أصله الثابت بالأوراق ومن ثم فإن هذا النعي لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، ولا محل للتحدي بأن الحكم المطعون فيه لم يعمل ما تقضي به المادة 188 من قانون المرافعات من جواز الحكم بالتعويض مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد، ذلك أن هذا النص لا يحول بين المضرور من الإجراءات الكيدية من أن يرفع دعوى للمطالبة بالتعويض طبقاً للقواعد الواردة في القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون هذا النعي لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش