التعويض في المسئولية العقدية في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1554
جلسة 6 يونيو سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ أحمد صبرى اسعد..... نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقانى.
(298)
الطعن رقم 1070 لسنة 53 القضائية
(1، 2) تعويض. مسئولية عقدية". "مسئولية تقصيرية".
التعويض فى المسئولية العقدية - فى غير حالتى الغش والخطأ الجسيم - اقتصاره على الضرر المباشر المتوقع عند التعاقد. التعويض فى المسئولية التقصيرية يكون عن أى ضرر مباشر متوقعاًًًًً أو غير متوقع. الضرر المباشر. ماهيته قياسه بمعيار موضوعى لا شخصى. وجوب توقع مقداره ومداه.
(2) تعيين العناصر المكونة قانوناًًًًً للضرر والتى تدخل فى حساب التعويض من مسائل القانون. خضوعها لرقابة محكمة النقض.
1 - تقدير التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أساس المسئولية العقدية أخف منه على اساس المسؤولية التقصيرية، إذ أنه طبقا لنص المادة 221 من القانون المدنى يقتصر التعويض فى المسئولية العقدية - فى غير حالتى الغش والخطأ الجسيم - على الضرر المباشر الذى يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، أما فى المسئولية التقصيرية فيكون التعويض عن أى ضرر مباشر سواء كان متوقعاً أو غير متوقع، والضرر المباشر هو ما يكون نتيجة طبيعية لخطأ المسئول إذا لم يكن من الاستطاعة توقيه ببذل جهد معقول، وقياس الضرر المتوقع بمعيار موضوعى لا معيار شخصى، بمعنى أنه ذلك الضرر الذى يتوقعه الشخص العادى فى مثل الظروف الخارجية التى وجد فيها المدين وقت التعاقد، ولا يكون توقع سبب الضرر فحسب بل يجب توقع مقداره ومداه.
2 - تعيين العناصر المكونة قانوناًًًًً للضرر والتى يجب أن تدخل فى حساب التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض.... لما كان ذلك، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعنة ارتكاب غش أو خطأ جسيم فى تنفيذ العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه، وأنه خلط فى قضائه بين قواعد المسئولية العقدية وقواعد المسئولية التقصيرية عندما عدل فى تعيين عناصر الضرر التى يجب أن تدخل فى حساب التعويض - وهو فى مقام تطبيق قواعد المسئولية العقدية - على الضرر غير المتوقع بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاؤه لو فطن إلى عدم جواز التعويض عن مثل الضرر المذكور، فيكون الحكم بذلك قد أخطأ فى تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام دعوى رقم 5640 سنة 1980 مدنى الإسكندرية الابتدائية ضد الهيئة الطاعنة وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 50000 جنيه، وقال بياناًًًًً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 16/ 11/ 1974 تعاقد والطاعنة على تزويده (بتليفون) بمنزله المبين بالأوراق، وإذ تم ذلك و(التليفون) يكاد يكون معطلاًًًًً بصفة شبه دائمة رغم قيامه بالوفاء بالتزاماته وتقدمه بالعديد من الشكاوى والإنذارات، وقد أصيب من جراء إخلاء الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية التى تتمثل أساساًًًًً فى جعل (التليفون) صالحاًًًًً لكى يكون وسيلة اتصال - بأضرار مادية ومعنوية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به، فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 25/ 5/ 81 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية لبيان ما إذا كان (تليفون) المطعون عليه قد تعطل خلال المدة من 16/ 1/ 1975 حتى 4/ 10/ 1980 ونوع وطبيعة الاعطال وسببها وما إذا كانت ترجع إلى خطأ من جانب الطاعنة من عدمه، وبيان الإجراءات التى اتخذتها هذه الأخيرة لتلافى ذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 22/ 2/ 1982 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن (التليفون) تعطل خلال المدة من 16/ 1/ 1975 حتى 2/ 4/ 1977 ونوع وطبيعة هذه الأعطال وسببها وما لحقه من أضرار من جراء ذلك ومقابل التعويض الجابر لها، وبعد أن استمعت المحكمة إلى أقوال شاهدى المطعون عليه حكمت بتاريخ 31/ 5/ 1982 بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون عليه مبلغ 5000 جنيه، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 920 سنة 83 ق مدنى، وأقام المطعون عليه استئنافاًًًًً فرعياًًًًً، وبتاريخ 26/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون عليه مبلغ 3000 جنيه، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بالتعويض عن ضرر غير متوقع فى حين أن التعويض فى المسئولية العقدية - فى غير حالتى الغش والخطأ الجسيم - لا يكون إلا عن الضرر المباشر المتوقع، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن تقدير التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أساس المسئولية العقدية أخف منه على أساس المسئولية التقصيرية، إذ أنه طبقاًًًًً لنص المادة 221 من القانون المدنى يقتصر التعويض فى المسئولية العقدية - فى غير حالتى الغش والخطأ الجسيم - على الضرر المباشر الذى يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، أما فى المسئولية التقصيرية فيكون التعويض عن أى ضرر مباشر سواء كان متوقعا أو غير متوقع، والضرر المباشر هو ما يكون نتيجة طبيعية لخطأ المسئول إذا لم يكن فى الاستطاعة توقيه ببذل جهد معقول، ويقاس الضرر المتوقع بمعيار موضوعى لا بمعيار شخصى، بمعنى أنه ذلك الضرر الذى يتوقعه الشخص العادى فى مثل الظروف الخارجية التى وجد فيها المدين وقت التعاقد، ولا يكفى توقع سبب الضرر فحسب بل يجب توقع مقداره ومداه، لما كان ذلك وكان تعيين العناصر المكونة قانوناًًًًًًًًًًًًًًً للضرر التى يجب أن تدخل فى حساب التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه - قد أقام قضاءه على أن "..... التعويض فى المسئولية العقدية يكون عن أى ضرر مباشر متوقعاًًًًً كان أو غير متوقع كما يجب أن يكون ذلك الضرر محققا .... وأن الثابت من أقوال شاهدى المدعى (المطعون عليه) التى تطمئن إليها المحكمة أن المدعى أصيب من جراء عطل تليفونه... بأضرار كثيرة تتمثل فى انصراف معظم عملائه من التعامل معه وما أثاره منافسوه من شائعات حول مركزه المالى وفقد ابنته الدكتورة... لقوة إبصار عينها اليسرى بسبب تفاقم إصابتها لعدم استطاعتها الاتصال بوالدها المدعى فى حينه وما تكبده من نفقات باهظة فى سبيل علاجها لدى الأطباء الأخصائيين بمصر والخارج، فإن المحكمة فى سبيل ذلك ومع مراعاة ظروف الدعوى وملابساتها تقدر التعويض الجابر لهذه الأضرار بمبلغ..... شاملاًًًًً قيمة الاشتراك المدفوع من المدعى للهيئة المدعى عليها (الطاعنة) عن فترة تعطل التليفون" وكان يبين من هذا الذى اورده ذلك الحكم أنه لم ينسب إلى الطاعنة ارتكاب غش أو خطأ جسيم فى تنفيذ العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه، وأنه خلط فى قضائه بين قواعد المسئولية العقدية وقواعد المسئولية التقصيرية عندما عول فى تعيين عناصر الضرر التى يجب أن تدخل فى حساب التعويض - وهو فى مقام تطبيق قواعد المسؤولية العقدية - على الضرر غير المتوقع بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاؤه لو فطن إلى عدم جواز التعويض عن مثل الضرر المذكور، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقى اسباب الطعن.
ساحة النقاش