الأصل تنفيذ الالتزام عيناً. الاستعاضة عنه بالتعويض. شرطه. إلا يكون ممكناً. المادتان 203، 215 مدني. عرض المدين - يعد رفع الدائن دعوى التعويض عليه - أن ينفذ التزامه عيناً. مؤداه. التزام الدائن به متى كان جدياً.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 233
جلسة 23 من يناير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال حامد وأنور العاصي.
(46)
الطعن رقم 1780 لسنة 53 القضائية
(1، 2) التزام "تنفيذ الالتزام". تعويض.
(1) الأصل تنفيذ الالتزام عيناً. الاستعاضة عنه بالتعويض. شرطه. إلا يكون ممكناً. المادتان 203، 215 مدني. عرض المدين - يعد رفع الدائن دعوى التعويض عليه - أن ينفذ التزامه عيناً. مؤداه. التزام الدائن به متى كان جدياً.
(2) تأخر المدين في تنفيذ التزامه عيناً. لا يخل بحق الدائن فيما يجبل له من تعويض عن الإضرار المترتبة على هذا التأخير فضلاً عن التنفيذ العيني.
1 - النص في المادة 203/ 1 من القانون المدني على أن "يجبر المدين بعد إعذاره........ علي تنفيذ التزامه عيناً متى كان ذلك ممكناً........" وفي المادة 215 منه على أنه "إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه........" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل هو تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً ولا يصار إلى التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا استحال التنفيذ العيني بخطأ المدين أو كان هذا التنفيذ مرهقاً له دون أن يكون العدول عنه ضاراً بالدائن ضرراً جسيماً، فإذا لجأ الدائن إلى طلب التعويض وعرض المدين القيام بتنفيذ التزامه عيناً - وكان ذلك ممكناً وجاداً - انتفى منذ هذا التاريخ موجب التعويض عن عدم التنفيذ سواء قبل الدائن ذلك التنفيذ أو لم يقبله وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه - إذ البين من الأوراق أن الجهتين المطعون ضدهما عرضتا بمذكرتهما المقدمة لجلسة........ أن تقوما بتنفيذ التزامها عيناً وهو ما لا يعد طلباً جديداً في الاستئناف، وقد خلت الأوراق مما يدل على عدم جدية هذا العرض، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن التنفيذ العيني ممكن، وهو ما لا يتغير أثره برفض الطاعن هذا التنفيذ.
2 - الأصل أن الدائن لا يكون له الجمع بين التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض إلا إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه عينياً فإن ذلك الأصل لا يخل بداهة بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عما يلحقه من أضرار بسب هذا التأخير إذ لا يكون عندئذ قد جمع بين تنفيذ الالتزام عيناً وتنفيذه بطريق التعويض عن فترة التأخير، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فقضى برفض طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت الطاعن من جراء التأخير في التنفيذ العيني تأسيساً على مطلق القول بأن التنفيذ العيني لا يلجأ معه للتنفيذ بطريق التعويض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 2463 لسنة 1975 مدني الزقازيق الابتدائية وطلب فيها الحكم بإلزام الجهتين الإدارتين المطعون ضدهما بأن تدفعا إليه ثلاثين ألف جنيه، وقال بياناً لذلك أن إدارة بلبيس التعليمية طلبت منه إجراء تعديلات وإنشاءات بمبناه المبين بالصحيفة لتستأجره وتشغله بمدرسة ابتدائية فقام بتنفيذ - طلباتها قبل بدء العام الدارسي75/ 1976 غير أنها رفضت أن تتسلم المبني فأقام دعواه بالطلب السالف تعويضاً عما تكبده من أضرار من جراء تلك الطلبات وذلك الرفض. ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً وأعادت إليه المهمة أكثر من مرة وأحالت الدعوى إلى التحقيق وسمعت الشهود - حكمت بتاريخ 26/ 1/ 1981 برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 93 لسنة 24 ق، وبتاريخ 27/ 6/ 1981 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الجهتين المطعون ضدهما بأن تؤديا للطاعن عشرة آلاف جنيه، طعنت الجهتان المطعون ضدهما في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة نقضته وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف فجدد الطاعن السير فيها وعدل طلب التعويض إلى مبلغ عشرة آلاف جنيه كما تظلمت الجهتان الإداريتان المطعون ضدهما من أمر تقدير المصاريف، وبتاريخ 4/ 5/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وبإلغاء أمر التقدير. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وغرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب
والأول والثالث والرابع منها أن محكمة الاستئناف قبلت بجلسة 5/ 2/ 1983 ما عرضته الجهتان المطعون ضدهما من تنفيذ التزامها عيناً بتسلم المبنى بحالته رغم أن هذا العرض يعتبر طلباً جديداً فلا يقبل في الاستئناف، وأسندت إليه أنه قبل هذا العرض في حين أن لم يقبله وأطرحت مستنداته التي تدل على رفضه ومع ذلك أقامت المحكمة قضاءها عليه في حين أنه كان قد تمسك في دفاعه بطلب التنفيذ بطريق التعويض وهو ما يعيب الحكم بالقصور ومخالفة الثابت في الأوراق ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 203/ 1 من القانون المدني على أن "يجيز المدين بعد إعذاره........ علي تنفيذ التزامه عيناً متى كان ذلك ممكناً........" وفي المادة 215 منه على أنه "إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه........" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل هو تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً ولا يصار إلى التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا استحال التنفيذ العيني بخطأ المدين أو كان هذا التنفيذ مرهقاً له دون أن يكون العدول عنه ضاراً بالدائن ضرراً جسيماً، فإذا لجأ الدائن إلى طلب التعويض وعرض المدين القيام بتنفيذ التزامه عيناً - وكان ذلك ممكناً وجاداً - انتفى منذ هذا التاريخ موجب التعويض عن عدم التنفيذ سواء قبل الدائن ذلك التنفيذ أو لم يقبله، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه - إذ البين من الأوراق أن الجهتين المطعون ضدهما عرضتا بمذكرتهما المقدمة لجلسة 26/ 1/ 1981 أن تقوما بتنفيذ التزامهما عيناً وهو ما لا يعد طلباً جديداً في الاستئناف، وقد خلت الأوراق مما يدل على عدم جدية هذا العرض، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن التنفيذ العيني ممكن - وهو ما لا يتغير أثره برفض الطاعن هذا التنفيذ. فإن النعي على الحكم بما ورد بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن تضمن القضاء برفض طلب التعويض عن تراخي جهتي الإدارة في تسلم العين المؤجرة في حين أن التراخي في التنفيذ العيني يوجب التعويض عن الإضرار التي تنجم عنه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان الأصل أن الدائن لا يكون له الجمع بين التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض إلا أنه إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه عينياً فإن ذلك الأصل لا يخل بداهة بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عما يلحقه من أضرار بسب هذا التأخير إذ لا يكون عندئذ قد جمع بين تنفيذ الالتزام عيناً وتنفيذه بطريق التعويض عن فترة التأخير، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فقضى برفض طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت الطاعن من جراء التأخير في التنفيذ العيني تأسيساً على مطلق القول بأن التنفيذ العيني لا يلجأ معه للتنفيذ بطريق التعويض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة السبب الخامس المتعلق بما قضى به في أمر التقدير لانتهاء الخصومة فيه تبعاً لنقض الحكم الذي بني عليه ذلك الأمر.
وحيث إن الطعن للمرة الثالثة، ولما تقدم، وإذ لحقت بالطاعن من جراء تراخى جهتي الإدارة في تسلم المبنى موضوع الدعوى أضرار مادية تتمثل في حرمانه من ريع المبنى مدة ذلك التراخي وتقدر المحكمة قيمة التعويض الجابر لهذا الضرر حتى 5/ 2/ 1983 بمبلغ ألفين وخمسمائة جنيه فإنه يتعين إلزام الجهتين المطعون ضدهما بأن يدفعا هذا المبلغ إلى الطاعن مع المصروفات المناسبة.
ساحة النقاش