وفاة المضرور بسبب فعل ضار من الغير. ثبوت حق المضرور في التعويض عن الضرر الذي لحقه حسبما يتطور ويتفاقم. انتقال هذا الحق إلى ورثته.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 370
جلسة 31 من يناير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف نائب رئيس المحكمة، أحمد أبو الحجاج، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.
(68)
الطعن رقم 821 لسنة 57 القضائية
(1، 2) مسئولية. "المسئولية التقصيرية". "المسئولية الشيئية" تعويض. حكم.
(1) المسئولية الشيئية. م 178 مدني. الشيء في حكم هذه المادة. ماهيته. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بالتعويض على أساس المسئولية الشيئية واستخلاصه أن الأسلاك التليفونية في مثل ظروف الدعوى تعتبر من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة. سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. اتفاقه وصحيح القانون.
(2) المسئولية الشيئية. قيامها على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء. نفيها شرطه. إثبات الخطأ أن الضرر وقع بسبب قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو انقطاعها. من مسائل الواقع. خضوعها لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة محكمة النقض.
(3) مسئولية. "المسئولية التقصيرية". تعويض. إرث.
وفاة المضرور بسبب فعل ضار من الغير. ثبوت حق المضرور في التعويض عن الضرر الذي لحقه حسبما يتطور ويتفاقم. انتقال هذا الحق إلى ورثته.
1 - إذ قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض على أساس المسئولية الناشئة عن حراسة الأشياء وفقاً لنص المادة 178 من القانون المدني وأن الشيء في حكمها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تقتضي حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بظروفه وملابساته بأن يصبح في وضع أو حالة تسمح عادة بأن يحدث ضرراً، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه أن الأسلاك التليفونية في مثل ظروف الدعوى تعتبر من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وصحيح القانون.
2 - المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي عليه من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته وإنما تنتفي هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان لسبب أجنبي لا يد له فيه وهو السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور وأن استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو انقطاعها من مسائل الواقع التي تقدرها محكمة الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذا المحكمة - أنه إذ كان فعل الغير الضار هو السبب في وفاة المضرور فإن هذا الفعل لا يد له وأن يسبق الموت ولو بلحظه ويكون المضرور في هذا اللحظة أهلاً لكسب حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم بالتالي مطالبة المسئول بجبر الضرر المادي الذي سببه لمورثهم الموت الذي أدى إليه الفعل الضار باعتباره من مضاعفاته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الخمسة الأول أقاموا الدعوى رقم 4616 لسنة 1983 مدني كلي المنصورة على المطعون ضدهم السادس والسابع والثامن بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن فيما بينهم بأن يدفعوا لهم مبلغ 40 ألف جنيه عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية وما يستحقون من تعويض موروث على سند من أنه بتاريخ 29/ 6/ 1982 تسبب سقوط سلك كهرباء من أحد الأعمدة بترعة عبد الرحمن في صعق ووفاة مورثهم حال قيامه وبالوضوء وإذ كان من المقرر قانوناً أن كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة يكون مسئولاً عما تحدثه تلك الأشياء من أضرار وكان المدعى عليهم بصفتهم هم المالكين المسئولين عن حراسة تلك الأسلاك التي سقط أحدها على المورث ومن ثم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم - اختصم المطعون ضده الثامن الطاعن بصفته وزير النقل والمواصلات للحكم عليهما بالطلبات على سند من أن السلك الذي تسبب في الحادث من أسلاك التليفونات التي يسأل الطاعن عن حراستها تسببت سلامته بعد انقطاعه لأسلاك الكهرباء في وقوع الحادث قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود إثباتاً وقضت برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم السادس والسابع والثامن والخصم الثاني المدخل وبإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهم الخمسة الأول عشرة آلاف جنيه كتعويض عن كافة الإضرار. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 822 لسنة 37 ق المنصورة، كما استأنفه المطعون ضدهم الخمسة الأول بالاستئناف 809 لسنة 37 ق المنصورة وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين للارتباط قضت بتاريخ 8/ 1/ 1987 برفض الاستئناف الأول وفي الموضوع الاستئناف الثاني بتعديل الحكم إلى جعل مبلغ التعويض ثلاثة عشر ألفاً من الجنيهات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من الأوراق أن السلك التليفوني الذي تسبب في وقوع الحادث ليس من الأشياء التي نصت عليها المادة 178 من القانون المدني إذ لا يحمل شحنه كهربائية ومن ثم لا تتطلب حراسته عناية خاصة ولا يترتب على سقوطه نتيجة فعل خارجي أو ذاتي خطراً ما كما خلت الأوراق مما يكشف عن ثبوت الخطأ في جانب الهيئة التي يمثلها بعدم عنايتها بالشيء الواقع في حراستها فضلاً عن أنها شخص اعتباري تباشر نشاطه بعماله وتابعين فإذا ما خلص الحكم المطعون فيه إلى أن السلك التليفوني يعتبر من الأشياء الخطرة وأنه موصل للكهرباء وتتطلب حراستها عناية خاصة حفاظاً على أرواح الناس مما يقتضي دوام متابعته وموالاته إصلاحه وصيانته غافلاً خطأ هيئة الكهرباء في مد أسلاكها أسفل أسلاك التليفونات وتخلي الهيئة عنه استعمالها وانعدام رقابتها إذ أن استعمال السلك والرقابة عليه تكون لحساب المشترك وخلص إلى توافر الخطأ وأقام قضاءه بمسئوليتها ودون بيان الأساس القانوني للمسئولية فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه بعد أن أبان أحكام المسئولية الشيئية المنصوص عليها بالمادة 178 من القانون المدني حدد سبب الحادث نتيجة تدلي سلك التليفونات في مياه الترعة وملامسته لأسلاك الكهرباء التي كانت في وضعها الطبيعي مما أدى سريان الكهرباء بها وقيام مسئولية الهيئة الطاعنة لكونها المسئولية عن حراسة أسلاك التليفونات كما أضاف الحكم المطعون فيه في أسبابه إلى أن أسلاك التليفونية المجاورة للأسلاك الكهربائية تندرج ضمن الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة مما يقتضي استمرار متابعتها ومعاينتها في كل حين وموالاتها بالصيانة والإصلاح حتى لا تسقط ملامسة للأسلاك الكهربائية التي تجاورها وأن التدخل الإيجابي لهذا الشيء كان هو السبب المباشر في إحداث الإضرار التي حاقت بحدوث المطعون ضدهم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قضى بالتعويض على أساس المسئولية الناشئة عن حراسة الأشياء وفقاً لنص المادة 178 من القانون المدني وأن الشيء في حكم المادة سالفة الذكر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تقتضي حراسته عناية خاصة إذا كان خطراً بطبيعته أو كان خطراً بسقوطه وملابساته بأن يصبح في وضع أو حالة تسمح عادة بأن يحدث ضرراً. وكان استخلاص الحكم المطعون فيه أن الأسلاك التليفونية في مثل ظروف الدعوى تعتبر من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن المسئولية الناشئة عن حراسة الأشياء عملاً بالمادة 178 من القانون المدني تقتضي إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير الذي يجب أن يكون أجنبياً عن الحارس ومن يسأل عنهم ويشترط في فعل الغير أن يكون خطأ بالمعيار الذي نصت عليه المادة 163 من القانون المدني وأن يكون هو السبب المباشر للضرر وإذ توافرت هذه الشروط وانقطعت رابطة السببية بين الشيء وبين الضرر وانتفت بذلك مسئولية الحارس كما تنتفي تلك الرابطة إذا كان تدخل الشيء محل الحراسة تدخلاً سلبياً وإذ كانت أسلاك التليفون التابعة للهيئة الطاعنة لا يحمل تياراً كهربائياً كان هو السبب المباشر للحادث مما تنتفي معه مسئولية الهيئة لانقطاع رابطة السببية ذلك أن القانون المصري لا يعرف سوى المسئولية التي تقوم على الخطأ ولا يأخذ بنظرية تحمل التبعة وكان يتعين على المضرور إثبات وقوع الخطأ ورابطة السببية بينه وبين الحادث خاصة وقد خلت الأوراق من أي دليل على ذلك وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته وإنما تنتفي هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وهو السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور وأن استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو انقطاعها من مسائل الواقع التي تقدرها محكمة الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بالتعويض للمطعون ضدهم الخمسة الأول على ما استخلصه في حدود سلطته التقديرية من أن أسلاك الاتصال السلكي التي في حراسته الهيئة الطاعنة قد تدخلت تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر ولم تثبت الطاعنة أن وقوعه إنما كان لسبب أجنبي لا يد لها فيه وخلص إلى تكامل مسئوليتها طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو خالف الثابت بالأوراق ويضحى النعي عليه سببي الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدهم الخمسة الأول بتعويض موروث مع أن وفاة مورثهم كانت لحظية وفوريه ولم يلحقه ضرر مادي وأدبي ثبت له قبل الهيئة الطاعنة الحق في التعويض عن الآلام النفسية والمادية التي تعرض لها من جراء الحادث كما لم يحط بعناصر المسئولية من الخطأ وضرر ورابطة سببية إحاطة كاملة مؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها ولم يعن عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض بما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذا المحكمة - أنه إذ كان فعل الغير الضار هو السبب في وفاة المضرور فإن هذا الفعل لا بد له أن يسبق الموت ولو بلحظه ويكون المضرور في هذا اللحظة أهلاً لكسب حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم بالتالي مطالبة المسئول بجبر الضرر المادي الذي سببه لمورثهم الموت الذي أدى إليه الفعل الضار باعتباره من مضاعفاته. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه خلص إلى أن وفاة مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول نتيجة صعقه بالكهرباء من سلك التليفونات المملوك للهيئة الطاعنة نتيجة انقطاعه وتدليه ملامساً لأسلاك الكهرباء لعدم متابعته بالصيانة والمتابعة وانتهى إلى مسئولية الطاعن بصفته عن تعويض الضرر الذي أصاب المطعون ضدهم الخمسة الأول تعويضاً شاملاً لكافة الأضرار التي لحقت بهم مادية وأدبية وأوضح عناصر تلك الأضرار بأسباب سائغة كافية لحمل قضائه فضلاً عن التعويض الموروث فإنه يكون قد ألزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش