المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وحق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زوداً عن حق يدعيه لنفسه .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 43 - صـ 1178
جلسة 19 من نوفمبر 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
(238)
الطعن رقم 2797 لسنة 58 القضائية
(1، 2) مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق التقاضي أو الدفاع". دعوى. تعويض.
(1) المساءلة عن استعمال حق التقاضي أو الدفاع عن الدعوى. مناطه.
(2) طلب الحكم بسقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة القانونية. ليس فيه تعسف في استعمال الحق. علة ذلك. تمسك المطعون ضدهما بسقوط الخصومة في الاستئناف والقضاء استئنافياً برفضه ثم قيامهما بالطعن بالنقض عن هذا الحكم والقضاء بعدم قبوله أيضاً. لا يعنى بمجرده توافر سوء القصد لديهما ابتغاء مضارة الطاعنين.
(3) محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى".
قاضي الموضوع. سلطته في تحديد نطاق الدفاع في الدعوى وما يعد تجاوزاً له متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
1 - المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وحق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زوداً عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم.
2 - الأصل أن التقاعس عن موالاة الخصومة يرتب بذاته مصلحة قانونية مشروعة لكل خصم حقيقي فيها للتخلص منها حتى لا يظل معلقاً دون حدود بإجراءات تخلي أطرافها عن إكمال السير فيها خلال المدة القانونية ومن ثم فقد أجاز المشرع لأي منهم طلب الحكم بسقوطها أو انقضائها حسب الأحوال دون أن يكون في هذا الطلب شبهة تعسف في استعمال الحق لاستناده إلى مصلحة مشروعة.
3 - العبرة في تحديد نطاق الدفاع في الدعوى وما يعد تجاوزاً له بموضوع الخصومة المطروحة وما يستلزمه اقتضاء الحقوق المدعى بها أو دفاعها وهو أمر يستقل بتقديره قاضي الموضوع بغير معقب من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 6903 لسنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما بان تؤديا إليهم مبلغ خمسين ألف جنيه، وقالوا بياناً لذلك إنهم اشتروا من مورثة المطعون ضدهما وآخرين قطعة أرض فضاء أقيم عنها دعوى الشفعة رقم 5792 سنة 1971 مدني القاهرة الابتدائية من عمهما ظلت متداولة أمام القضاء طيلة عشر سنوات لم يكن لمورثتهما ثمة دفاع فيها إلا أنه بعد أن نقض الحكم الصادر فيها في الطعن رقم 112 لسنة 45 ق وأحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف فإذا بالمطعون ضدها الأولى تدفع بسقوط الخصومة لعدم تعجيلها في الميعاد وتطعن وشقيقتها المطعون ضدها الثانية بالنقض رقم 2370 سنة 52 ق على الحكم الصادر برفض الدفع فقضي بعدم قبوله لانتفاء مصلحتهما في الطعن، ولما كانت الأحكام الصادرة في جميع مراحل قضية الشفعة لم تنشئ أي التزام عليهما مما يعد المسلك منهما خروجاً عن حق التقاضي والدفاع يستوجب مساءلتهما، وإذ ألحق بهم هذا الخطأ أضراراً مادية وأدبية يستحقون عنها تعويضاً يقدرونه بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى. وبتاريخ 29 من مارس سنة 1987 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6666 لسنة 104 قضائية وفي 20 من إبريل سنة 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بهما على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الثابت من أوراق دعوى الشفعة ومستنداتها أن جميع الأحكام الصادرة فيها لم تلزم المطعون ضدهما ومورثتهما من قبل بشيء، ومن ثم فإن دفع المطعون ضدها الأولى بسقوط الخصومة فيها وطعنهما على الحكم الصادر برفض الدفع هو انحراف منهما في استعمال حق التقاضي إذ لم يقصد به سوى الإضرار بهم لانعدام أي مصلحة قانونية مشروعة لهما من استعماله وإنما تعود الفائدة لو قضى بقبوله على الشفيع وحده بصيرورة الحكم الابتدائي الصادر لصالحه بالشفعة نهائياً وإذ انتهى الحكم المطعون فيه - على الرغم من ذلك - إلى تأييد الحكم المستأنف في قضائه برفض دعواهم بإطلاقه القول بحق المطعون ضدهما في إبداء ما يعن لهما من دفوع باعتبارهم من الخصوم في دعوى الشفعة مع ثبوت انتفاء أي مصلحة لهما وهو ما انتهى إليه الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 2370 لسنة 52 ق فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وحق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زوداً عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم، ولما كان الأصل أن التقاعس عن موالاة الخصومة يرتب بذاته مصلحة قانونية مشروعة لكل خصم حقيقي فيها للتخلص منها حتى لا يظل معلقاً دون حدود بإجراءات تخلي أطرافها عن إكمال السير فيها خلال المدة القانونية ومن ثم فقد أجاز المشرع لأي منهم طلب الحكم بسقوطها أو انقضائها حسب الأحوال دون أن يكون في هذا الطلب شبهة تعسف في استعمال الحق لاستناده إلى مصلحة مشروعة وكانت العبرة في تحديد نطاق الدفاع في الدعوى وما يعد تجاوزاً له بموضوع الخصومة المطروحة وما يستلزمه اقتضاء الحقوق المدعى بها أو دفعها وهو أمر يستقل بتقديره قاضي الموضوع بغير معقب من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلى نفي خطأ المطعون ضدهما في استعمال حق التقاضي والدفاع استعمالاً ضاراً بالطاعنين على ما قرره بأسبابه من أن "المستأنف ضدهما من الخصوم الذين أوجب القانون اختصامهم في دعوى الشفعة، وهما بهذا المركز القانوني يكون لهما الحق في إبداء ما تشاءان من دفاع ودفوع، فإذا ما دفعتا بسقوط الخصومة وطعنتا بالنقض على الحكم القاضي برفض دفاعهما فقد استعملتا حقهما في التقاضي ولا يعد هذا انحرافاً يستوجب مساءلتهما" وكان هذا الذي أورده الحكم يفيد أنه استخلص من ظروف الدعوى وأدلتها - وفي حدود سلطته التقديرية - عدم توافر ركن الخطأ المدعى به الموجب للمسئولية التقصيرية وكان استخلاص الحكم لهذه الحقيقة التي اقتنع بها سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه، ولا يتناقض أو يخالف الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 2370 لسنة 52 ق بعدم قبول الطعن المرفوع من المطعون ضدهما عن الحكم الصادر برفض الدفع بسقوط الخصومة إذ أن هذا القضاء لا يعني بالضرورة توافر سوء القصد ونية الإضرار لدى المطعون ضدهما ابتغاء مضارة الطاعنين وهو ما نفاه الحكم المطعون فيه، فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش