العلانية فى القذف قوامها توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز مع إنتواء إذاعتها تقديرها موضوعى.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 481
جلسة 15 من أبريل سنة 1979
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ودكتور أحمد رفعت خفاجى، وأحمد طاهر خليل، وصلاح الدين محمد نصار.
(101)
الطعن رقم 2070 لسنة 48 القضائية
(1 - 3) بلاغ كاذب. قصد جنائى. جريمة "أركانها".
1 - القصد الجنائى فى جريمة البلاغ الكاذب. قوامه: توافر العلم بكذب الوقائع المبلغ عنها وانتواء الكيد والإضرار بالمبلغ ضده. تقديره. موضوعى مثال.
2 - الإبلاغ بوقائع معينة إلى جهات الاختصاص. عدم اعتباره قذفاً ما دام الشاكى لم يقصد إذاعة ما أبلغ به أو التشهير بالمشكو. تقدير ذلك. موضوعى.
3 - العلانية فى القذف. قوامها: توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز مع إنتواء إذاعتها. تقديرها موضوعى.
1 - القصد الجنائى فى جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التى أبلغ عنها وانتوائه الكيد والاضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأن محكمة الموضوع التى لها مطلق الحق فى استظهارها من الوقائع المطروحة عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله "وحيث أنه يشترط لقيام جريمة البلاغ الكاذب فضلاً عن القصد العام أن يكون الجانى قد أقدم على التبليغ وهو يعلم بكذب الوقائع المبلغ عنها وأن المبلغ فى حقه برئ مما نسب إليه، ويشترط القانون أيضا قصداً خاصا وهو أن يكون المبلغ قد أقدم على الابلاغ بنية الاضرار بمن أبلغ ضده، وإذ كان الثابت من مطالعة الشكوى المشار إليها سلفاً أن المتهمة وهى شقيقة المدعى بالحق المدنى أبلغت ضده لنزاع بسبب الخلف على الميراث وأنها كانت تبغى ألا ينازعها فى الشقة التى تقيم بها ويرد إليها نقودها دون أن تنصرف نيتها إلى الإضرار به والزج به فى جريمة، ومن ثم ترى المحكمة أن جريمة البلاغ الكاذب غير متوافرة الأركان فى حقها ويتعين القضاء ببراءتها منها، كما أن ركن العلانية فى جريمة القذف المنسوبة لها لا يمكن اعتباره متوفراً لأنها لم تقصد إذاعة ما أبلغت به ضد شقيقها أو التشهير به بل كل ما رمت إليه هو إبلاغ جهة الشرطة للعمل على استرداد نقودها وحتى لا ينازعها الإقامة أو يطردها من الشقة وبوقف اعتداءه عليها، لما كان ذلك فإن ما نسب إلى المتهمة يكون غير متكامل الأركان ويتعين من ثم القضاء ببراءتها منه...." ثم عرض الحكم للدعوى المدنية وأسس قضاءه برفضها على قوله "وحيث إن الدعوى المدنية تتحد فى ركن الخطأ مع الدعوى الجنائية التى قضى ببراءة المتهمة فيها، ومن ثم تكون الدعوى المدنية هى الأخرى غير متكاملة الأركان ويتعين القضاء برفضها". فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن ولا محل له.
2 - من المقرر أن مجرد تقديم شكوى فى حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه لا يعد قذفاً معاقباً عليه ما دام القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل منه، وأن استخلاص توفر ذلك القصد أو انتفاؤه من وقائع الدعوى وظروفها من اختصاص محكمة الموضوع دون معقب فى ذلك ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
3 - من المقرر أن العلانية فى جريمة القذف لا يتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز والآخر إنتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائى الذى اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى - من انتفاء قصد الاضرار بالطاعن وتخلف ركن العلانية - على ما سلف بيانه سائغاً ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبىء عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح مصر القديمة ضد المطعون ضدها بوصف أنها أسندت إليه بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من قانون العقوبات أموراً لو كانت صادقة لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه كما أنها أخبرت بأمر كاذب مع سوء القصد حسبما هو مبين بالمحضر رقم 5858 سنة 74 إدارى مصر القديمة، وطلب عقابها بالمواد 302، 303، 305 من قانون العقوبات مع إلزامها بأن تدفع له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح مصر القديمة الجزئية قضت حضوريا ببراءة المتهمة مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها المصروفات. فاستأنف الطاعن، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدها وبرفض دعواه المدنية قبلها قد شابه خطأ فى تطبيق القانون وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه أسس قضاءه على عدم توافر أركان جريمتى القذف والبلاغ الكاذب رغم توافرها، كما استند فى نفى القصد الجنائى إلى ما لا يؤدى إليه، ورتب على ذلك رفض دعوى الطاعن مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من القرر أنه يكفى أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم كى يقضى له بالبراءة إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، كما أن القصد الجنائى فى جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التى أبلغ عنها وانتوائه الكيد والاضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأن محكمة الموضوع التى لها مطلق الحق فى استظهارها من الوقائع المطروحة عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبرءة بقوله "وحيث أنه يشترط لقيام جريمة البلاغ الكاذب فضلاً عن القصد العام أن يكون الجانى قد أقدم على التبليغ وهو عالم بكذب الوقائع المبلغ عنها وأن المبلغ فى حقه برئ مما نسب إليه، ويشترط القانون أيضا قصداً خاصا وهو أن يكون المبلغ قد أقدم على البلاغ بنية الإضرار بمن يبلغ ضده، وإذ كان الثابت من مطالعة الشكوى المشار إليها سلفاً أن المتهمة وهى شقيقة المدعى بالحق المدنى أبلغت ضده لنزاع بسبب الخلف على الميراث وأنها كانت تبغى ألا ينازعها فى الشقة التى تقيم بها ويرد إليها نقودها دون أن تنصرف نيتها إلى الإضرار به والزج به فى جريمة، ومن ثم ترى المحكمة أن جريمة البلاغ الكاذب غير متوافرة الأركان فى حقها ويتعين القضاء ببراءتها منها، كما أن ركن العلانية فى جريمة القذف المنسوبة لها لا يمكن اعتباره متوفراً لأنها لم تقصد إذاعة ما أبلغت به ضد شقيقها أو التشهير به بل كل ما رمت إليه هو إبلاغ جهة الشرطة للعمل على استرداد نقودها وحتى لا ينازعها الإقامة أو يطردها من الشقة وتوقف اعتداءه عليها، لما كان ذلك، فإن ما نسب إلى المتهمة يكون غير متكامل الاركان ويتعين من ثم القضاء ببراءتها منه".... ثم عرض الحكم للدعوى المدنية وأسس قضاءه برفضها على قوله "وحيث إن الدعوى المدنية تتحد فى ركن الخطأ مع الدعوى الجنائية التى قضى ببراءة المتهمة فيها ومن ثم تكون الدعوى المدنية هى الأخرى غير متكاملة الأركان ويتعين القضاء برفضها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد تقديم شكوى فى حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه لا يعد قذفاً معاقباً عليه ما دام القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل منه، وكان استخلاص توفر ذلك القصد أو انتفاؤه من وقائع الدعوى وظروفها من اختصاص محكمة الموضوع دون معقب فى ذلك ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكانت العلانية فى جريمة القذف لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين (أولهما) توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز والآخر إنتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائى الذى اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى - من انتفاء قصد الاضرار بالطاعن وتخلف ركن العلانية - على ما سلف بيانه - سائغا ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبىء عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ساحة النقاش