إن النص الفرنسي للفقرة الثانية من المادة 262 المعدّلة بالقانون رقم 97 لسنة 1931 قد عبر عن القذف المغلظة عقوبته بتلك الفقرة بأنه المتضمن طعناً في "شرف العائلات" (Honneur des familles).
الحكم كاملاً
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثالث (عن المدة بين 7 نوفمبر سنة 1932 وبين 26 أكتوبر سنة 1936) - صـ 109
جلسة 16 يناير سنة 1933
برياسة سعادة عبد العزيز فهمي باشا وعضوية حضرات محمد لبيب عطية بك وزكي برزي بك ومحمد فهمي حسين بك وأحمد أمين بك.
(76)
القضية رقم 863 سنة 3 القضائية
( أ ) قذف. سب. تغليظ العقوبة على أيهما. مناطه كون أيهما حاصلاً في أعراض العائلات.
(ب) الطعن في أعراض العائلات. معناه.
(المادتان 262/ 2 معدّلة و265/ 2 ع)
1 - إن النص الفرنسي للفقرة الثانية من المادة 262 المعدّلة بالقانون رقم 97 لسنة 1931 قد عبر عن القذف المغلظة عقوبته بتلك الفقرة بأنه المتضمن طعناً في "شرف العائلات" (Honneur des familles). وهذا التعبير ورد أيضاً بالنسخة الفرنسية للمذكرة الإيضاحية، وورد بالنص العربي لتلك المذكرة أنه المتضمن طعناً في "أعراض العائلات". وإذن فمن الواجب فهم النص العربي للفقرة المذكورة على هذا الاعتبار، وأن ظرف التشديد الذي أتى به هو كون الطعن حاصلاً في "أعراض العائلات". ومثل ذلك تماماً السب المتضمن طعناً في "الأعراض" المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 265 من قانون العقوبات.
2 - الطعن في أعراض العائلات معناه رمي المحصنات أو غير المحصنات من النساء مباشرة أو غير مباشرة بما يفيد أن أولئك النسوة يفرطن في أعراضهن، أي يبذلن مواضع عفتهن بذلاً محرّماً شرعاً أو يأتين أموراً دون بذل موضع العفة ولكنها مخالفة للآداب مخالفة تنم عن استعدادهن لبذل أنفسهن عند الاقتضاء وتثير في أذهان الجمهور هذا المعنى الممقوت. فكل قذف أو سب متضمن طعناً من هذا القبيل يوجه إلى النساء مباشرة أو يوجه إلى رجل أولئك النساء من عائلته ويلزمه أمرهن يكون قذفاً أو سباً فيه طعن في الأعراض، ويقع تحت متناول الفقرة الثانية من المادة 262 عقوبات، أو الفقرة الثانية من المادة 265، بحسب الأحوال، أي بحسب ما يكون هناك إسناد لواقعة أو مجرّد إنشاء لوصف بغير رواية عن واقعة سلفت.
المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً.
حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه في الميعاد فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن وقائع هذه الدعوى بحسب الثابت بالحكمين الابتدائي والاستئنافي المطعون فيه أن النيابة العامة رفعت الدعوى على بطرس عوض لدى محكمة فاقوس الجزئية بتهم ثلاث هي: (1) ضربه زوجته وضربه القس يعقوب مويزر، و(2) قذفه القس علناً، و(3) سبه القس علناً. وطلبت عقابه بالنسبة للضرب بالمادة 206 من قانون العقوبات وبالنسبة للقذف بالمادتين 261 و262 فقرة ثانية عقوبات (أي باعتبار أن القذف يتضمن طعناً في العرض) وبالنسبة للسب بالمادة 265 فقرة ثانية (أي باعتبار أنه يتضمن أيضاً طعناً في العرض) فمحكمة فاقوس حكمت عليه في تهمة الضرب بالحبس، وأما تهمتا القذف والسب فأدمجتهما تطبيقاً للمادة 32 عقوبات وحكمت فيهما بعقوبة واحدة هي الحبس شهران معتبرة أن القذف ينطبق على المادتين 261 و262 فقرة أولى وأن السب ينطبق على المادة 265 فقرة أولى أي أنهما قذف وسب عاديان لا يتضمنان طعناً في الأعراض. فالمتهم والنيابة استأنفا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قررت أنه لم يثبت لديها أن المتهم ضرب القس فبرأته من هذا الضرب وعاقبته على ضربه زوجته فقط بالغرامة بالمادة 206 عقوبات. وأما جريمة السب فأثبتت أنها لم تقع علناً وأنها مجرّد مخالفة مما ينطبق على المادة 347 عقوبات. وأما جريمة القذف التي ثبتت لديها وهي قول المتهم علناً بالشارع العام إنه رأى القس يقبل زوجته فقد رأت أنها جريمة قذف مما ينطبق على المادة 261 عقوبات فاعتبرتها وأدمجت فيها مخالفة السب عملاً بالمادة 32 وعاقبت الطاعن عليهما بالحبس أسبوعاً مع إيقاف التنفيذ. وظاهر من مقدار العقوبة أن المحكمة طبقت فيما يتعلق بجريمة القذف الفقرة الأولى من المادة 262 دون الفقرة الثانية منها أي أنها لم تعتبر أن في هذا القذف طعناً في العرض.
وحيث إن النيابة العامة طعنت في هذا الحكم قائلة إن المحكمة إذ عاقبت المتهم على جريمة القذف قد أخطأت في حكمها عليه بالحبس فقط دون الغرامة لأن عبارة القذف التي أثبتتها عليه تتضمن طعناً في العرض ومثل هذا الطعن مما تنطبق عليه الفقرة الثانية من المادة 262 عقوبات التي تنص على أن العقوبة تكون الحبس والغرامة معاً لا الحبس فقط.
وحيث إن النص الفرنسي للفقرة الثانية من المادة 262 المعدّلة بالقانون رقم 97 لسنة 1931 قد عبر عن القذف المغلظة عقوبته بتلك الفقرة بأنه المتضمن طعناً "في شرف العائلات" (Honneur des familles). وهذا التعبير ورد أيضاً بالنسخة الفرنسية للمذكرة الإيضاحية، وورد بالنص العربي لتلك المذكرة أنه المتضمن طعناً "في أعراض العائلات". وإذن فمن الواجب فهم النص العربي للفقرة المذكورة على هذا الاعتبار وأن ظرف التشديد الذي أتى به هو كون الطعن حاصلاً في "أعراض العائلات". ومثل ذلك تماماً السب المتضمن طعناً "في الأعراض" المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 265 من قانون العقوبات.
وحيث إن عبارة "أعراض العائلات" هي عبارة منتزعة من المفهومات العرفية في التخاطب بين الناس، وهي في العرف لا تدل على شيء آخر سوى أعراض النساء من محصنات وغير محصنات. وعرض المرأة لفظ عائم المعنى ولكنه على التحقيق تقوم دلالته في أساسها على ذلك الفارق الجنسي الطبيعي الذي يميز بين جنس المرأة وجنس الرجل وهو منها ذلك الجانب الخاص الذي تأمر الشرائع الدينية النساء بأن يحفظنه ويصنه. وعلى ذلك فالطعن في أعراض العائلات معناه رمي المحصنات أو غير المحصنات من النساء مباشرة أو غير مباشرة بما يفيد أن أولئك النسوة يفرطن في أعراضهن أي يبذلن مواضع عفتهن بذلاً محرماً شرعاً أو يأتين أموراً دون بذل موضع العفة ولكنها مخالفة للآداب مخالفة تنم عن استعدادهن لبذل أنفسهن عند الاقتضاء وتثير في أذهان الجمهور هذا المعنى الممقوت. فكل قذف أو سب متضمن طعناً من هذا القبيل يوجه إلى النساء مباشرة أو يوجه إلى رجل أولئك النساء من عائلته ويلزمه أمرهن يكون قذفاً أو سباً فيه طعن في الأعراض ويقع تحت متناول الفقرة الثانية من المادة 262 عقوبات أو الفقرة الثانية من المادة 265 بحسب الأحوال أي بحسب ما يكون هناك إسناد لواقعة أو مجرّد إنشاء لوصف بغير رواية عن واقعة سلفت.
وحيث إنه متى تقرر هذا علم أن القذف الذي وجهه المتهم إلى القس مويزر ليس سوى قذف بسيط مما تنطبق عليه الفقرة الأولى من المادة 262 لا قذف موصف مما تنطبق عليه الفقرة الثانية ما دام أنه لا يتضمن أي مساس بعرض عائلة هذا القس. والواقع أن هذا القذف إذا كان يتضمن في الحقيقة قذفاً في عرض فالمقذوف في عرضه هو هو المتهم نفسه ثم هي هي زوجته التي أسند إليها استسلامها لأمر مخالف للآداب المصطلح عليها استسلاماً يثير في أذهان الجمهور أنها عند الاقتضاء لا تتحرّج عن بذل نفسها. ولكن تهمة قذف تلك الزوجة لم ترفع بها الدعوى العمومية لا من قبلها مباشرة ولا من قبل النيابة العامة ولا شأن للقس في ذلك.
ساحة النقاش