مضي ثلاثة أشهر بين تاريخ العلم بجريمة القذف ومرتكبها وبين إعلان صحيفة الدعوى المباشرة عن هذه الجريمة. القضاء بعدم قبول الدعوى. صحيح.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب القني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 552
جلسة 6 من أبريل سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.
(131)
الطعن رقم 220 لسنة 40 القضائية
(أ، ب، ج) قذف. دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". "انقضاؤها بالتنازل عن الشكوى". دعوى مدنية. "عدم قبولها". دعوى مباشرة. إثبات. "قرائن قانونية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعلان.
( أ ) مضي ثلاثة أشهر بين تاريخ العلم بجريمة القذف ومرتكبها وبين إعلان صحيفة الدعوى المباشرة عن هذه الجريمة. القضاء بعدم قبول الدعوى. صحيح. أساس ذلك؟
(ب) انعقاد الخصومة في الدعوى المباشرة. بتكليف المتهم بالحضور تكليفاً صحيحاً.
(ج) القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية. يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.
(د، هـ) دعوى جنائية. "قيود تحريكها". نيابة عامة. "القيود الواردة على حقها في تحريك الدعوى الجنائية". دعوى مدنية. دعوى مباشرة. "شروط تحريكها".
(د) ماهية القيد الوارد في المادة الثالثة إجراءات ونطاقه؟ حق المدعي المدني إقامة الدعوى مباشرة أمام القضاء عن جريمة من الجرائم المبينة بالمادة الثالثة إجراءات. ولو بدون شكوى سابقة. الادعاء المباشر بمثابة شكوى.
(هـ) إيجاب الحكم توكيلاً خاصاً للمحامي رافع الدعوى المباشرة في جريمة من الجرائم المبينة بالمادة الثالثة إجراءات. خطأ. لا يؤثر في صحة الحكم. ما دام لم يكن له أثر في النتيجة التي انتهى إليها.
1 - لئن كان الطاعن قد جادل في أسباب طعنه في تاريخ علمه بجريمة القذف وأرجعه إلى يوم 26 من نوفمبر سنة 1967، إلا أنه سلم بأن المطعون ضده "المتهم" لم يعلن بالدعوى إلا بتاريخ 29 من فبراير سنة 1968 أي بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبها، وإذ كان ما تقدم، وكان الشارع قد جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل، لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها، حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد، سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية، يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً [(1)].
2 - لا تنعقد الخصومة في الدعوى الجنائية التي يرفعها المدعي بالحقوق المدنية مباشرة إلا عن طريق تكليف المتهم بالحضور تكليفاً صحيحاً.
3 - القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية في جريمة القذف يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها.
4 - إن اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، هو في حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية، لا على ما للمدعي بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم، إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة - ولو بدون شكوى سابقة - في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون، لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى.
5 - إن ما أورده الحكم المطعون فيه كدعامة لقضائه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية من أن المحامي رافع الدعوى المباشرة لم يكن موكلاً من الطاعن "المدعي بالحق المدني" توكيلاً خاصاً في رفع الدعوى، لا يعدو أن يكون تزيداً خاطئاً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ولم تكن المحكمة في حاجة إليه متى أقامت قضاءها على سبب صحيح مستمد من انقضاء مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية.
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة المنشية الجزئية ضد...... (المطعون ضده) متهماً إياه بأنه في يوم 23 نوفمبر سنة 1967 بدائرة قسم المنشية: قذف في حق الطالب بأن وجه إليه العبارات المبينة بالبلاغات المقدمة منه إلى نيابة الأحوال الشخصية في القضية رقم 74 سنة 1967 كلي والتي تتضمن الطعن في شرفه والخدش لسمعته والتي لو كانت صادقة لأوجبت عقابه أو احتقاره عند أهل وطنه وطلب عقابه بالمواد 171 و302 و303 و308 من قانون العقوبات. وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بالمواد 171 و302 و303/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وبمصاريف الدعوى المدنية. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل عقوبة الحبس والاكتفاء بتغريم المتهم 20 ج وتأييده فيما عدا ذلك. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية وألزمت المدعي بالحق المدني مصاريف دعواه المدنية ومبلغ خمسة جنيهات أتعاب محاماة. فطعن الأستاذ المحامي الوكيل عن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن (المدعي بالحقوق المدنية) ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بعدم قبول دعوى الطاعن المدنية إلى أن محاميه قد قدم صحيفة الادعاء المباشر دون أن يصدر له توكيل خاص منه طبقاً لما تقضي به المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية مع أن هذه المادة لا تشترط ذلك إلا في حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب حكمها على الادعاء المباشر وإذ أخطأ الحكم في القانون على هذا النحو فإنه قد حجب نفسه عن بحث موضوع دعواه، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد رفض دعواه استناداً إلى أن الدعوى لم ترفع إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من يوم علمه بجريمة القذف في حقه محتسباً تلك المدة على أساس خاطئ كل هذا يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية عن جريمة القذف في حق الطاعن على دعامتين الأولى مضي ثلاثة أشهر من تاريخ علم الطاعن بتلك الجريمة قبل رفع الدعوى بها، والثانية أن المحامي رافع الدعوى لم يكن موكلاً من الطاعن توكيلاً خاصاً في رفع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الطاعن في أسباب طعنه وإن جادل في تاريخ علمه بالجريمة وأرجعه إلى يوم 26 من نوفمبر سنة 1967 إلا أنه سلم بأن المطعون ضده لم يعلن بالدعوى إلا بتاريخ 29 فبراير سنة 1968 أي بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية التي يرفعها المدعي بالحقوق المدنية مباشرة لا تنعقد الخصومة فيها بينه وبين المتهم إلا عن طريق تكليفه بالحضور تكليفاً صحيحاً وكان اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية هو في حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية لا على ما للمدعي بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة، ولو بدون شكوى سابقة في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى، ومن ثم فإن الخصومة لم تنعقد بين الطاعن والمطعون ضده إلا في يوم 29 فبراير سنة 1968 أي بعد مضي الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون يستوي في ذلك أن يكون مبدأ سريان تلك المدة هو يوم 23 من نوفمبر سنة 1967 أو في يوم 26 من الشهر المذكور. لما كان ذلك، وكان الشارع جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأيد سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية، فإن الحكم المطعون فيه يكون إذ قضى بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية، قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً ويتعين لذلك رفض الطعن ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصروفات، وغني عن البيان أن القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية في جريمة القذف يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها، أما ما أورده الحكم المطعون فيه في شأن التوكيل الخاص فلا يعدو أن يكون تزيداً خاطئاً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها الحكم ولم تكن المحكمة في حاجة إليه بعد أن أقامت قضاءها على سبب صحيح مستمد من انقضاء مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية.
[(1)] راجع أيضاً الطعن رقم 1721 لسنة 40 ق جلسة 22/ 3/ 1971 (لم ينشر بعد
ساحة النقاش