مناط المسئولية في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يدخله أي شك في أن الواقعة المبلغ بها كاذبة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 179
جلسة 23 من فبراير سنة 1975
برئاسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق، ومحمد صلاح الرشيدي.
(40)
الطعن رقم 49 لسنة 45 القضائية
(1 - 3) قذف. بلاغ كاذب. نقض. "التقرير بالطعن وتقديم الأسباب" ميعاده "امتداد الميعاد". جريمة. "أركانها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) ميعاد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب بالنسبة للحكم الحضوري أربعون يوماً من تاريخ صدوره. أساس ذلك. إفتراض علم المحكوم عليه به في اليوم الذي صدر فيه. انتفاء هذه العلة لمانع قهري. أثره. بدء الميعاد كاملاً من يوم العلم رسمياً بصدور الحكم المطعون فيه مثال.
(2) مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها بالمادة 3/ 2 إجراءات. بدؤها من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة بمرتكبها. وليس من تاريخ التصرف في الشكوى المقدمة عنها. مثال لتسبيب معيب في هذا الخصوص.
(3) مناط المسئولية في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يدخله أي شك في أن الواقعة المبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده برئ منها وأن ينتوى السوء والإضرار بمن أبلغ في حقه. مثال لتسبيب معيب في هذا الخصوص.
1- توجب المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب التي بنى عليها الطعن في ظرف أربعين يوماً من تاريخ صدور الحكم الحضوري.
وعلة احتساب بدء ميعاد الطعن في الحكم الحضوري بيوم صدوره هي افتراض علم الطاعن به في اليوم الذي صدر فيه فإذا ما انتفت هذه العلة لمانع قهري فلا يبدأ الميعاد إلا من يوم العلم رسمياً بصدور الحكم وهو في هذه الحالة ميعاد كامل ما دام العذر قد حال دون العلم بصدور الحكم المراد الطعن عليه، لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المحكمة الاستئنافية كانت قد حددت يوم 4 يونيه سنة 1973 لصدور الحكم ثم عادت وقررت تعجيل صدوره إلى يوم 28 مايو سنة 1973 وأمرت بإعلان الخصوم بهذا التعجيل إلا أن الأوراق خلت مما يدل على حصول هذا الإعلان فإن ذلك مما يقوم به المانع القهري الذي حال بين الطاعنين وبين تقريرهم بالطعن بالنقض وتقديم أسبابه في ظرف أربعين يوماً من تاريخ صدور الحكم، لما كان يبين من الاطلاع على المفرادت أن الطاعنين لم يعلنوا بالحكم المطعون فيه ولم يثبت علمهم رسمياً بصدوره قبل اليوم الذي جرى فيه التقرير بالطعن وإيداع الأسباب فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً.
2- مفاد ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أن مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها فيها بالنسبة للمادتين 302، 303 من قانون العقوبات إنما تبدأ من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها وليس من تاريخ التصرف في الشكوى موضوع الجريمة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واحتسب تلك المدة من تاريخ حفظ الشكوى المقدمة من الطاعنين ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة القذف على هذا الأساس وقضى بقولها ورتب على ذلك قبول الدعوى المدنية عن تلك الجريمة فإنه يكون قد جانب صحيح القانون.
3- الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده برئ منها كما يشترط لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يكون الجاني قد أقدم على تقديم البلاغ منتويا السوء والاضرار بمن بلغ في حقه مما يتعين معه أن يعني الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان هذا القصد بعنصريه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على مجرد قوله بكذب بلاغ الطاعنين وعلمهم بهذا الكذب دون أن يدلل على توافر هذا العلم ويستظهر قصد الإضرار بالمبلغ في حقه بدليل ينتجه عقلاً فإنه يكون - فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور في البيان بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الرمل الجزئية ضد الطاعنين بوصف أن المتهم الأول قدم شكوى إلى مديرية الشئون الصحية ضده باعتبار أنه يعمل مفتش أغذية اتهمه فيها بأنه طلب منه مبلغ خمسة جنيهات على سبيل الرشوة ثم أعقبها بشكوى أخرى إلى النيابة الإدارية والنيابة العامة عن نفس الموضوع ثم أبلغ المتهمين الثالث والثاني ضده كذباً بأنه استولى منهما على مبلغ خمسة جنيهات وقد وأثبت ذلك في محضر شرطة المباحث وتحقيق النيابة العامة الذي انتهيا فيه إلى أنهما يتهمان المدعي بالحق المدني بتقاضي رشوة ولما كان فعل المتهم الأول يكون في حقه تهمة القذف والبلاغ الكاذب باختلاقه واقعة غير صحيحة بسوء نية بقصد الإضرار به بسبب تحريره ضده عدة محاضر كما يكون قبل المتهمين الثاني والثالث تهمة البلاغ الكاذب والقذف إذ ثبت أن الشكاوى التي قدمها كل منهما إنما كانت بقصد الإضرار به والتشهير بسمعته بحيث لو صحت التهمة الموجهة إليه لاوجبت احتقاره وإضاعة لمستقبله. ولما كان المتهم الرابع قد شارك باقي المتهمين فيما نسب إليهم بأن تقدم ضده هو الآخر بشكوى يتهمه فيها بأنه تقاضى منه مبلغ خمسة جنيهات لما كانت هذه الأفعال تكون في حق المتهمين جريمة القذف المنصوص عنها في المادتين 302، و303 والبلاغ الكاذب المنصوص عنه في المادتين 305 و 306 من قانون العقوبات والزامهم متضامنين بدفع مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة الرمل الجزئية قضت حضورياً للأول والثاني والرابع وحضرياً اعتبارياً للثالث ببراءة جميع المتهمين من التهمة المنسوبة إليهم ورفض الدعوى المدنية المقدمة قبلهم وألزمت رافعها بمصاريفها ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنف المدعى بالحق المدني هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى وبإلزام المتهمين متضامنين بأن يؤدوا للمدعى بالحق المدني مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت ومصاريف الدعوى المدنية من الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الأستاذ......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض توجب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب التي بنى عليها الطعن في ظرف أربعين يوماً من تاريخ صدور الحكم الحضوري. وعلة احتساب بدء ميعاد الطعن في الحكم الحضوري بيوم صدوره هي افتراض علم الطاعن به في اليوم صدر فيه فإذا ما انتفت هذه العلة لمانع قهري فلا يبدأ الميعاد إلا من يوم العلم رسمياً بصدور الحكم وهو في هذه الحالة ميعاد كامل ما دام العذر قد حال دون العلم بصدور الحكم المراد الطعن عليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المحكمة الاستئنافية كانت قد حددت يوم 4 يونيه سنة 1973 لصدور الحكم ثم عادت وقررت تعجيل صدوره إلى يوم 28 مايو سنة 1973 وأمرت بإعلان الخصوم بهذا التعجيل إلا أن الأوراق خلت مما يدل على حصول هذا الإعلان، فإن ذلك مما يقوم به المانع القهري الذي حال بين الطاعنين وبين تقريرهم بالطعن بالنقض وتقديم أسبابه في ظرف أربعين يوماً من تاريخ صدور الحكم. ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات أن الطاعنين لم يعلنوا بالحكم المطعون فيه ولم يثبت علمهم رسمياً بصدوره قبل اليوم الذي جرى فيه التقرير بالطعن وإيداع الأسباب، فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى المدنية بإلزامهم بالتعويض عن جريمتي القذف والبلاغ الكاذب المسندتين إليهم قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنهم دفعوا بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة القذف لرفعها بعد الميعاد المقرر في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية مما لازمه عدم قبول الدعوى المدنية إلا أن الحكم رد على الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون. كما لم يدلل على علمهم بكذب البلاغات المقدمة منهم وقصدهم الإضرار بالمدعى بالحقوق المدنية.
وحيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية وقد جرى نصها بأنه "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185 و274 و277 و279 و292 و293 و303 و306 و307 و308 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" فإن مفاد ما ورد بالفقرة الثانية من هذه المادة أن مدة الثلاثة أشهر إنما تبدأ من تاريخ علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها وليس من تاريخ التصرف في الشكوى موضوع الجريمة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واحتسب تلك المدة من تاريخ حفظ الشكوى المقدمة من الطاعنين ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة القذف على هذا الأساس وقضى بقبولها ورتب على ذلك قبول الدعوى المدنية عن تلك الجريمة فإنه يكون قد جانب صحيح القانون، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأساسي في جريمه البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده برئ منها، كما يشترط لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يكون الجاني قد أقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ في حقه مما يتعين معه أن يعني الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان هذا القصد بعنصريه، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على مجرد قوله بكذب بلاغ الطاعنين وعلمهم بهذا الكذب دون أن يدلل على توافر هذا العلم ويستظهر قصد الإضرار بالمبلغ في حقه بدليل ينتجه عقلاً، فإنه يكون - فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، مشوباً بالقصور في البيان بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف.
ساحة النقاش