لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن فى الحكم الذى دان الطاعن بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح نارى
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 487
جلسة 27 من مارس سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود عطيفه، ومصطفى الأسيوطى، وعبد الحميد الشربينى، وحسن المغربى.
(108)
الطعن رقم 152 لسنة 42 القضائية
( أ ) قتل عمد. "نية القتل". قصد جنائى. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة. أركانها.
القصد الخاص فى القتل العمد هو قصد ازهاق روح المجنى عليه. وجوب تحدث حكم الإدانة عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بايراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه. عرض الحكم لنية القتل فى صدد بيانه لواقعة الدعوى وفى معرض رده على دفاع الطاعن من أنه قد أطلق المقذوف النارى الذى أصاب المجنى عليه قاصدا قتله أو بقصد ازهاق روحه. لا يكفى لثبوت نية القتل. علة ذلك؟ ازهاق الروح هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بايراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة إنها تدل عليه وتكشف عنه.
(ب) ارتباط. "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة فى الطعن". قتل عمد. سلاح.
لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن فى الحكم باعتبار أن العقوبة المقضى بها مقررة قانونا لإحدى الجرائم التى دين بها الطاعن ما دام الطاعن ينازع فى طعنه فى الواقعة بأكملها التى اعتنقها الحكم والتى تعددت أوصافها فقضى فيها بعقوبة واحده مطبقا المادة 32 عقوبات للارتباط.
مثال: فى واقعة قتل عمد وإحراز سلاح نارى وذخيرة بغير ترخيص.
1 - تتميز جناية القتل العمد قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من إرتكابه الفعل الجنائى ازهاق روح المجنى عليه وهذا القصد ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى الذى يتطلبه القانون فى سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، والحكم الذى يقضى بادانة متهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يتحدث عن نية القتل استقلالا وإنما عرض لها فى صدد بيانه لواقعة الدعوى وفى معرض رده على دفاع الطاعن، وكان ما أورده فى هذا الخصوص استدلالا منه على توافرها لدى الطاعن من تصويبه البندقية نحو المجنى عليه وإطلاقه منها عيارا ناريا عليه لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادى من استعمال سلاح قاتل بطبيعته وإطلاق عيار نارى منه على المجنى عليه وهو ما لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل ما دام لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الطاعن. ولا يغنى فى ذلك ما قاله الحكم - سواء فى معرض بيانه لواقعة الدعوى أو فى مقام رده على دفاع الطاعن من أن الطاعن قد أطلق المقذوف النارى الذى أصاب المجنى عليه قاصدا قتله أو بقصد ازهاق روحه إذ أن قصد ازهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه فان الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور.
2 - لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن فى الحكم الذى دان الطاعن بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح نارى مششخن وذخيرته بغير ترخيص مطبقا للمادة 32 من قانون العقوبات للإرتباط على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز السلاح المششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانونا لهذه الجريمة، ما دام أن الطاعن ينازع فى طعنه فى الواقعة التى اعتنقها الحكم - بأكملها سواء فيما يتعلق بمن كان يمسك بالبندقية منذ البداية أو فى كيفية إنطلاق المقذوف منها وإصابته للمجنى عليه نافيا إطلاقه النار على المجنى عليه بقصد قتله إذ أن مؤدى الطعن على هذا النحو متصل بتقدير الواقع مما يتعين معه إعادة استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 17 أغسطس سنة 1969 بدائرة مركز المنشأة محافظة سوهاج: 1 - قتل..... عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. - 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا بندقية روسى آلية. - 3 - أحرز بغير ترخيص ذخيرة طلقة مما تستعمل فى السلاح النارى دون أن يكون مرخصا له بحيازته وإحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 234/ 1 من قانون العقوبات 0 و1/ 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون 394 لسنة 1959 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق، فقرر بذلك، وادعت والدة القتيل بحق مدنى قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات مع مصادرة السلاح المضبوط وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح نارى مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه القصور فى التسبيب، ذلك بأنه لم يتحدث إستقلالا عن نية القتل وإنما أشار إليها عرضا فى معرض بيانه لواقعة الدعوى وفى مقام رده على دفاع الطاعن، وكان ما أورده الحكم فى هذا الصدد غير كاف لاستظهارها والاستدلال على توافرها فى حقه على الرغم من منازعة الطاعن فى تحققها لديه إذ أنه أسس دفاعه على أن العيار النارى انطلق من البندقية أثناء تجاذبه إياها مع....... ابن عم المجنى عليه، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها عرض لدفاع الطاعن بما يجمل قى أن انطلاق العيار النارى من البندقية كان نتيجة تجاذبه إياها مع....... ابن عم المجنى عليه وتدخل المجنى عليه فى الأمر وامتداد التجاذب إلى ثلاثتهم، وأطرح هذا الدفاع إطمئنانا منه إلى الصورة التى اعتنقها لواقعة الدعوى والتى مؤداها أن الطاعن صوب البندقية نحو المجنى عليه وأطلق عليه منها عيارا بقصد إزهاق روحه ثم انتهى الحكم إلى إيقاع العقوبة المقررة لأشد الجرائم المسندة إلى الطاعن مطبقا المادة 32 من قانون العقوبات للإرتباط. لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه وكان هذا القصد ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى الذى يتطلبه القانون فى سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة متهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن إستقلالا واستظهاره بايراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يتحدث عن نية القتل استقلالا وإنما عرض لها فى صدد بيانه لواقعة الدعوى وفى معرض رده على دفاع الطاعن، وكان ما أورده فى هذا الخصوص استدلالا منه على توافرها لدى الطاعن من تصويبه البندقية نحو المجنى عليه وإطلاقه منها عيارا ناريا عليه لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن إرتكاب الفعل المادى من استعمال سلاح قاتل بطبيعته وإطلاق عيار نارى منه على المجنى عليه وهو ما لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل ما دام لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الطاعن، وكان لا يغنى فى ذلك ما قاله الحكم - سواء فى معرض بيانه لواقعة الدعوى أو فى مقام رده على دفاع الطاعن من أن الطاعن قد أطلق المقذوف النارى الذى أصاب المجنى عليه قاصدا قتله أو بقصد إزهاق روحه إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه. لما كان ذلك، وكان لا محل - فى خصوصية هذه الدعوى - لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز السلاح النارى المششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانونا لهذه الجريمة، لا محل لذلك لأن الطاعن ينازع فى طعنه فى الواقعة - التى اعتنقها الحكم - بأكملها سواء فيما يتعلق بمن كان يمسك بالبندقية منذ البداية أو فى كيفية إنطلاق المقذوف النارى منها وإصابته للمجنى عليه نافيا إطلاقه النار على المجنى عليه بقصد قتله، وإذ كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلا بتقدير الواقع، فإنه يتعين إعادة استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى ما يثيره الطاعن فى طعنه.
ساحة النقاش