موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

جريمة إحراز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية بغير ترخيص . تحققها . بمجرد الحيازة المادية لها . أياً كان الباعث على حيازتها . ولو لأمر عارض أو طارئ .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 1172

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة.

(185)
الطعن رقم 9729 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها. موضوعي. ما دام سائغاً. عدم التزام محكمة الموضوع بالأخذ بالأدلة المباشرة.
(2) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. ترصد. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. يستخلصه قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني. استخلاص توافره. موضوعي.
النعي على الحكم بخصوص ظرف الترصد لا محل له. ما دام البين من مدوناته أنه لم يتحدث عن هذا الظرف.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل ويتحقق به سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(3) أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع الشرعي. من الدفوع الموضوعية. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه؟
(4) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلالات.
عدم جدوى ما يثيره الطاعن من بطلان محضري الضبط. ما دام أن الحكم لم يعول على دليل مستمد منها.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
تناقض الشاهد في بعض التفاصيل. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً.
(6) إثبات "بوجه عام". سبق إصرار. قتل عمد. مسئولية جنائية. فاعل أصلي. تضامن.
توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين. يرتب تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين. سواء كان الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً أم غير محدد. أساس ومؤدى ذلك؟
(7) دفوع "الدفع بتعذر الرؤية". إثبات "بوجه عام". قتل عمد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتعذر الرؤية. موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة.
(8) جريمة "أركانها". ذخائر. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة إحراز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية بغير ترخيص. تحققها. بمجرد الحيازة المادية لها. أياً كان الباعث على حيازتها. ولو لأمر عارض أو طارئ.
مثال لاستدلال سائغ في توافر أركان جريمة إحراز ذخائر بغير ترخيص في حق الطاعن.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن نطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان من المقرر أيضاً أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة، وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر مع هذا الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة، ومن أنها لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى الموت لانتفاء نية القتل، وعدم توافر ظرف سبق الإصرار، يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تتحدث عن ظرف الترصد، أو توافره في واقعة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دانت الطاعن بها، فإنه لا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص.
3 - من المقرر أن الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يحصل من المحضرين المؤرخين 19/ 7/ 1988، 27/ 7/ 1988 والمحررين بمعرفة الضابط......، أقوالاً للشهود أو اعترافات للمتهمين السابق الحكم عليهم، ولم يعول على دليل مستمد من تلك الأقوال والاعترافات، فإنه لا جدوى للطاعن مما يثيره من بطلان هذين المحضرين لما تضمناه من استجواب باطل للشهود أو المتهمين - بفرض حصوله.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ولها أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى، وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم - ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته.
6 - من المقرر أن توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين جميعاً، مما يترتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية، فإن كل منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات، ويستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه إذ يكفي ظهورهم معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهم في الاعتداء على المجني عليه.
7 - من المقرر أن الدفع بتعذر الرؤية يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
8 - يكفي لتحقق جريمة إحراز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية بغير ترخيص، مجرد الحيازة المادية لها، أياً كان الباعث على حيازتها ولو كان لأمر عارض أو طارئ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الضباط........، أن الأخير قام بضبط الطاعن وأجرى تفتيشه وقائياً فعثر معه على عشرة طلقات نارية عيار 9 مم، نقل عن التقرير الفني أن تلك الطلقات وجدت صالحة للاستعمال، وهو يكفي لبيان أركان جريمة إحراز الذخائر النارية بدون ترخيص، والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل وآخرون...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية (مدفع رشاش ومسدسين وعصى) وتوجهوا إلى مكان وجوده وما أن ظفروا به حتى كال له المتهم عدة ضربات بعصا في أجزاء مختلفة من جسمه وأطلق باقي المتهمين عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأصيب من إحداها بالإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ثانياً: أحرز ذخائر تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها.
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه عشرين جنيهاً عن التهمة الثانية ومصادرة الذخائر المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ وإلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز ذخائر نارية بدون ترخيص، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة استخلصت صورة الواقعة بوصفها قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، في حين أن الصورة الصحيحة للواقعة كما رواها المتهمان الأول والثاني بالتحقيقات، أنه أثناء سير المتهمين الأربعة في طريقهم المعتاد لحراسة المحاجر، بادرهم المجني عليه بالعدوان بإطلاق الأعيرة النارية عليهم، فردوا عليه بإطلاق النار بقصد الدفاع عن النفس، دون أن تكون لديهم نية قتل المجني عليه لعدم وجود خلافات سابقة بينهم وبينه، وقد تأيد ذلك بأقوال الشاهدين..... و..... وبالتالي فإن الواقعة على هذه الصورة تكون جريمة الضرب المفضي إلى الموت بدون سبق إصرار أو ترصد وتتوافر فيها حالة الدفاع الشرعي عن النفس، وهو ما تمسك به الطاعن في دفاعه، وأغفل الحكم الرد عليه، وعول الحكم في إدانة الطاعن بالاشتراك في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، على ما جاء بمحضري جمع الاستدلالات المحررين بتاريخي 19/ 7/ 1988، 27/ 7/ 1988، وأقوال الشاهدين......، واعترافات المتهمين الأول والثاني بالمحضرين - المار ذكرهما - وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية بشأن إصابات المجني عليه وسبب الوفاة، وهي أدلة لا تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت الواقعة في حق الطاعن، إذ أن ما سطره الرائد....... في المحضرين سالفي البيان، قد تضمن استجواباً للشهود والمتهمين، وهو استجواب باطل لحصوله من غير سلطة التحقيق المختصة وبدون إذن فيها، بما يترتب عليه بطلان الاعترافات المعزوة إلى المتهمين والمستمدة من ذلك الإجراء الباطل، وقد شهد الشاهد الأول....... بجلسة المحاكمة بأنه لم يشاهد الطاعن على مسرح الحادث، وأن الشاهد الثاني قرر بالتحقيقات بأنه لم يكن في كامل وعيه وقت الحادث بما لا يعتد معه بشهادته، كما تناقض في أقواله بشأن نوع السلاح المستخدم في الحادث، وأن المتهمين الأول والثاني تناقضاً في أقوالهما في شأن اشتراك الطاعن في الاعتداء على المجني عليه بالعصا، إذ قرر الأول أن الطاعن ضرب المجني عليه بتلك الآلة قبل إطلاق النار على الأخير، في حين قرر الثاني بأن ذلك حدث بعد تبادل إطلاق النار بين الطرفين، وأن ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية أو الوفاة حدثت من جراء العيار الناري الذي أصاب المجني عليه في رقبته، يتعارض مع القول باشتراك الطاعن في قتل المجني عليه، ولم تفطن المحكمة إلى أن الحادث وقع ليلاً في مكان مظلم مملوء بالغبار الذي كان ينبعث من تشغيل هزاز الرمل، مما يؤدى إلى استحالة رؤية الشهود للمتهمين وتحديد أشخاصهم، وجاء الحكم قاصراً في استظهار عناصر اشتراك الطاعن في جريمة القتل العمد التي دانه بها، برغم تمسكه في دفاعه بعدم اشتراكه في الحادث وبدلالة ما ساقه من أقوال الشهود والمتهمين على السياق المتقدم، وأسند الحكم إلى الطاعن جريمة إحراز الذخائر النارية، دون أن يقم عليها دليل من الأوراق إذ لم يشهد أحد بأنه كان حاملاً لسلاح ناري وقت الحادث، كما لم يثبت حيازته لسلاح من ذات عيار الطلقات النارية المضبوطة - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المجني عليه..... قد استحصل منذ فترة سابقة على الحادث على رخصة استغلال أحد محاجر الرمل........ بدائرة قسم مدينة نصر، وما أن استقر وضعه حتى ذهب إليه رجلان من مشايخ العرب لإجباره على قبول قيامهم بحراسة المحجر لقاء جعل نقدي شهري حددوه وأجر ثابت عن كل سيارة يتم تحميلها، وعندما رفض لوجود خفراء معه وعماله تركاه، وقد أضمرا له الشر، فحدد موعد للتصفية، إلا أنهم لاحقوه أثناء توجهه مع شقيقه...... لإتمام هذه التصفية بسيارتين وأطلقوا عليهما الرصاص فأثرا الفرار نجيا بأرواحهما وتركا السيارة وما فيها، وحررا عن ذلك الجنحة رقم 4116 لسنة 1988 مدينة نصر وبتاريخ 19/ 7/ 1988 وأثناء تواجد المجني عليه في محجره وبصحبته..... و.... وآخرين من عماله فوجئوا بحضور المتهم..... ضمن عصبته من زملائه - سبق محاكمتهم - وكانوا مدجحين بالأسلحة النارية والعصي، وأطلقوا في حضورهم وابلاً من الرصاص أدخلوا بها الرعب في قلوب المتواجدين وشلوا بها مقاومتهم، وقاموا بانتزاع المجني عليه قصراً من بين عماله وعلى مقربة ومرآي منهم أوسعوه ضرباً بالعصي حتى سقط على الأرض، فأطلقوا عليه عياراً نارياً في مقتل منه - رقبته - فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أوردت بحياته وبعد ضبطهم بمعرفة الرائد.... رئيس مباحث قسم مدينة نصر، عثر مع المتهم الماثل على عشرة طلقات نارية عيار 9 مم وبمواجهته بالحادث أقر بارتكابه مع زملائه الآخرين لرفض المجني عليه الإذعان لشيخهم"، وساق الحكم على ثبوت الواقعة - بهذه الصورة - أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص المضبوطات وما جاء بمعاينة النيابة العامة لمكان الحادث، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لصورة الواقعة التي أفصحت المحكمة عن اقتناعها بها - على السياق المتقدم - وما ساقه من الأدلة القولية والفنية التي عول عليها في الإدانة، تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت نية القتل وتوافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن في قوله "وحيث إنه عن نية القتل، فإن الثابت من الأوراق أن المتهم الماثل وزملائه باقي المتهمين السابق الحكم عليهم، وهم مدججين بالأسلحة النارية من مدافع رشاشة ومسدسات، وكذا حاملين العصي انتقلوا إلى حيث يتواجد المجني عليه في محجره وقاموا بشل مقاومة عماله بإطلاق الأعيرة النارية حتى أرهبوهم، كما قام المتهم الماثل وزملائه بعزل المجني عليه عن الآخرين تحت التهديد بالسلاح وأوسعوه ضرباً بآلات راضه على رأسه وأجزاء متفرقة من جسمه حتى أسقطوه على الأرض، ثم قام أحدهم بإطلاق عيار ناري من سلاح قاتل بطبيعته عليه في مقتل منه - رقبته - فنفذت إلى صدره وأحدثت نزيفاً غزيراً أدت إلى وفاته، ثم انسحبوا عصبته كما حضرواً، ومن ثم تطمئن المحكمة عن توافر نية القتل لدى المتهم والآخرين جميعاً.
وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار، فتطمئن المحكمة لتوافره لدى المتهم أيضاً من أنه وهو أعرابي من محترفي حراسة المحاجر قد عز عليه أن يرفض المجني عليه الإتاوة التي فرضها شيخهم عليه ورأى أن في رفضه انتقاصاً لهيبتهم خاصة وأنه أبلغ الشرطة عنهم، فصمم مع الآخرين على قتله، وكان لديه الوقت الكافي للتفكير الهادئ المطمئن فيما أقدموا عليه، وأعد وزملائه الآخرين أدوات جريمتهم من أسلحة وعصى وذهبوا بها لمكان وجود المجني عليه، وما أن ظفروا به حتى عزلوه جانباً ونفذوا فيه ما انتووه ثم تركوه مكوماً على الرمال دون حراك، ومن ثم يضحى هذا الظرف متوافراً في حق المتهم الماثل والآخرين السابق محاكمتهم "وكان من المقرر قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان من المقرر أيضاً أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة، وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر مع هذا الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة، ومن أنها لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى الموت لانتفاء نية القتل، وعدم توافر ظرف سبق الإصرار، يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تتحدث عن ظرف الترصد، أو توافره في واقعة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دانت الطاعن بها، فإنه لا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص.
لما كان ذلك، وكان مبنى ما ينعاه الطاعن في شأن مبادرة المجني عليه بإطلاق النار على المتهمين أثر مشاهدته لهم، وهو ما يرمي به إلى توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس، مردود بأن الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه لا الطاعن ولا المدافع عنه قد دفع أيهما أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل من المحضرين المؤرخين 19/ 7/ 1988، 27/ 7/ 1988 والمحررين بمعرفة الضابط.....، أقوالاً للشهود أو اعترافات للمتهمين السابق الحكم عليهم، ولم يعول على دليل مستمد من تلك الأقوال والاعترافات، فإنه لا جدوى للطاعن مما يثيره من بطلان هذين المحضرين لما تضمناه من استجواب باطل للشهود أو المتهمين - بفرض حصوله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، ولها أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى، وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم - ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهد الإثبات الأول....... بما مؤداه أن الطاعن كان موجوداً على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين وأنه تعدى على المجني عليه بعصا كان يحملها، وهو ما لم ينازع الطاعن في أن له معينه الصحيح من الأوراق، وقد أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لأقوال الشاهد المار ذكره - وأخذت بها في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن، كما حصل الحكم أقوال شاهد الإثبات الثاني - ...... - بما لا تناقض فيه، ولم يورد من أقوال المتهمين الأول والثاني - ...... - بتحقيقات النيابة التي حصلها في مدوناته، ما يقيم التناقض بين أقوالهما في شأن وقت اعتداء الطاعن على المجني عليه، وهو من بعد - بفرض حصوله - لا أثر له على عقيدة المحكمة فيما اقتنعت به من صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الطاعن والمتهمين الآخرين تعدوا على المجني عليه بالضرب بالعصي حتى سقط على الأرض فأطلقوا عليه عياراً نارياً في مقتل منه - رقبته - فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته، كما أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين جميعاً، مما يترتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية، فإن كل منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات، ويستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أم غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه إذ يكفي ظهورهم معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهم في الاعتداء على المجني عليه، فإذا أخذت المحكمة الطاعن عن النتيجة التي لحقت بالمجني عليه تنفيذاً لهذا القصد والتصميم الذي انتواه دون تحديد لفعله وفعل من كانوا معه ومحدث الإصابة التي أدت إلى وفاته، بناء على ما اقتنعت به للأسباب السائغة التي أوردتها من أن تدبيره قد أنتج النتيجة التي قصد إحداثها وهي الوفاة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن إصابة المجني عليه أدت إلى وفاته يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الدفع بتعذر الرؤية يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن - على النحو السالف بيانه - مساهمته في الاعتداء على المجني عليه بالضرب مع باقي المتهمين وإحداث النتيجة التي قصدوا إليها وصمموا عليها وهي قتل المجني عليه، وأورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوت واقعة القتل العمد مع سبق الإصرار في حق الطاعن، فإن منعاه على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان يكفي لتحقق جريمة إحراز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية بغير ترخيص، مجرد الحيازة المادية لها، أياً كان الباعث على حيازتها ولو كان لأمر عارض أو طارئ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الضباط........، أن الأخير قام بضبط الطاعن وأجرى تفتيشه وقائياً فعثر معه على عشرة طلقات نارية عيار 9 مم، نقل عن التقرير الفني أن تلك الطلقات وجدت صالحة للاستعمال، وهو يكفي لبيان أركان جريمة إحراز الذخائر النارية بدون ترخيص، والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن، وبالتالي فلا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الشأن.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 23 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,120,041

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »