موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

إدانة الطاعن بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته ومعاقبته بعقوبة الغرامة بالإضافة إلى عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت. عملاً بالمادة 32 عقوبات. خطأ في القانون. وجوب تصحيح الحكم بإلغاء عقوبة الغرامة.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 463

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة وطه سيد قاسم وسلامة عبد المجيد.

(72)
الطعن رقم 5612 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه من نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم. ما دام لم يوردها.
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تلاقي أقوال الشهود في جوهرها مع الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة. النعي عليها غير مقبول.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم صحيحاً إلى دليل ثابت في الأوراق. كفايته.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. عدم إيرادها أي دليل آخر. مفاده: إطراحها له وعدم التعويل عليه.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد الاعتداء.
مثال لتسبيب سائغ في رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي.
(7) ضرب "أفضى إلى موت". رابطة السببية. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون وفاة المجني عليه مرجعها إلى تلوث الإصابة بمرض التيتانوس كمضاعفة لإصاباته النارية الرشية. يقطع بتوافر رابطة السببية بين الإصابة والوفاة.
(8) إثبات "شهود". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين الشاهدين والمتهم. قول جديد. حق المحكمة في تقديره وإطراحها له دون بيان السبب. أساس ذلك؟
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز. ولا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(10) ضرب "أفضى إلى موت" "أحدث عاهة". سلاح. ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
إدانة الطاعن بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته ومعاقبته بعقوبة الغرامة بالإضافة إلى عقوبة الجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت. عملاً بالمادة 32 عقوبات. خطأ في القانون. وجوب تصحيح الحكم بإلغاء عقوبة الغرامة.
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها.
3 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال الشهود الثلاثة له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهم، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني.... والشاهدة الثالثة.... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول....، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني قد اقتصر في محضر الشرطة على الإبلاغ عن تعدي الطاعن على شخصه بساطور، ولا نفيه في تحقيقات النيابة مشاهدته للطاعن حال اعتدائه بهذه الأداء على شقيقة الشاهد الأول، ولا خلو أقوال الشاهدة الثالثة من مشاهدتها للطاعن حال اعتدائه بالساطور على الشاهد الأول وشقيقه أو إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهما الأول والثاني، طالما أنه تبين من أقوالهما بتحقيقات النيابة أن الشاهد الثاني شهد برؤيته للطاعن حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم الثلاثة مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة للثاني والثالث، كما شهدت الأخيرة بأنها ما أن سمعت صوت الأعيرة النارية حتى خرجت من مسكنها لاستطلاع الأمر فعاجلها الطاعن بعيار ناري أصاب عينها اليسرى، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهادتهم وهو إطلاق الطاعن لأعيرة نارية داخل القرية من سلاح غير مرخص وإصابته بها المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة لكل من ثانيهم وثالثتهم وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد.
4 - لما كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن تمسك الحاضر مع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي فلا يوجد في أوراق الدعوى ما يؤكد ذلك النظر ذلك أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم هو البادئ بالاعتداء على المجني عليهم أما ما وجد به من إصابات فهي من جراء اعتداء بعض المجني عليهم عليه بعد أن بدأ هو الاعتداء عليهم، ولما كان كل منهم حريصاًً على الاعتداء على الآخر فإن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم في حق أي منهم وفق المستقر عليه من الأحكام ولذلك يتعين رفض هذا الدفاع، أما عن القول بوجود آثار دماء بمنزل المتهم فهي جائزة الحدوث من دخول المتهم إلى مسكنه بعد إصابته وليست ناشئة عن اعتداء المجني عليهم بداخل مسكنه" وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم في رده على الدفع المشار إليه له صداه من أوراق الدعوى حيث تضمنت تحريات المباحث أن مشادة نشبت بين الطاعن والمجني عليهم لقيام الأول بفتح باب في مواجهة مسكنهم تطورت إلى مشاجرة على أثرها عقد الطاعن العزم على قتلهم وأدت إلى إلحاق إصابات بالطرفين، وورد بمعاينة النيابة وجود دماء جافة بمسكن الطاعن وكذلك بالطريق أمام منزل المجني عليهم، واتهم الطاعن المجني عليهم بإحداث إصاباته، ومن ثم فإن الحكم فيما عول عليه من أوراق الدعوى في رده على هذا الدفع لم يخالف الثابت بها.
5 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه.
6 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما تبين من المفردات صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن أطلق النار على المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة بالثاني والثالث منهم وأنه هو البادئ عليهم، ومن ثم فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل العقاب والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون.
7 - لما كان الحكم قد أورد نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي - الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية - أن إصابة المجني عليه الأول.... إصابة نارية رشية ناشئة عن عيارين ناريين أصاباه برأسه وبالجانب الأيمن للجذع والجانب الأيمن للبطن. بما نشأ عنها من مظاهر التهتك وثقوب عظمية نارية بفروة الرأس وكسر شرخي بها وأن الوفاة تعزي إلى تلك الإصابات كما أن إصابات المجني عليه النارية الرشية جائزة الحدوث من مثل طراز الطلقات المضبوطة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم - فيما سلف - له معينه الصحيح من ذلك التقرير والذي تضمن أنه بالنسبة للمظاهر الالتهابية بالرأس وما أوردته مستشفى حميات المنزلة من وصفها للحالة، بأنها حالة تيتانوس - فإن ذلك في مجموعه يمكن أن ينشأ - كمضاعفة - لإصابات المجني عليه النارية الرشية، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين والوفاة.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليهما الثاني والثالث وورثة المجني عليه الأول وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع، وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح.
9 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي لاستجلاء سبب الوفاة ورفع التناقض الوارد في هذا الشأن بين ما جاء بتقريره وما جاء بتقرير مستشفى حميات المنزلة والطبيب المعالج من أن وفاته ترجع إلى حالة تيتانوس وهو ما تأكد بمحضر الصلح المتضمن نفي صلته بالحادث، وكذلك لمناقشته في شأن قدرته على حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية منه، هو في مجموعه مردوداً، بأن الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وإجراء تحقيق في خصوص ما أثاره على النحو المتقدم - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، ووجوب تطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، قد جرى منطوقه خطأ بتغريم ذلك الطاعن مائتي جنيه فإنه يتعين - إنزالاً لحكم القانون على وجهه الصحيح - نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات ومصادرة الأسلحة والطلقات المضبوطة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وكمن له بالطريق الذي أيقن مروره فيه وأعد لذلك سلاحاً نارياً (فرد خرطوش) وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في قتل.... و.... عمداً بأن أطلق على كل منهما عياراً نارياً من السلاح الناري سالف الذكر قاصداً من ذلك قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليهما بالعلاج. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش). ثالثاً: أحرز ذخائر (ست طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه، رابعاً: أطلق أعيرة نارية داخل قرية وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1، 240/ 1، 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه مبلغ مائتي جنيه وبمصادرة السلاح والطلقات المضبوطة. باعتبار أن التهمة الأولى ضرب أفضى إلى موت وإحداث عاهة مستديمة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأن أحال في بيان شهادة كل من.... و.... إلى مضمون ما شهد به الشاهد.... رغم وجود خلافات جوهرية في أقوالهم، ودفع الاتهام بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما يخالف الثابت بالأوراق وبما لا يصلح رداً، كما أقام دفاعه على أن موت المجني عليه.... يرجع إلى معاناته من مرض التيتانوس مما ينفي مسئوليته عنه، وأعرض الحكم عن دلالة محضر الصلح الذي أقر فيه المجني عليهما الثاني والثالثة وورثة المجني عليه الأول بأنه لا صلة له بالحادث، فضلاً عن أنه أثار أن الاعتداء عليه جعله في حالة لا يستطيع معها حمل السلاح وإطلاق أعيرة نارية منه، بيد أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي تحقيقاً لما أثاره من أوجه دفاعه سالفة البيان، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أنه في يوم 21/ 4/ 1990" لخلاف بين المجني عليهم والطاعن بشأن فتح مطل، وحال عودة المجني عليه الأول.... وبصحبته ابنه.... المجني عليه الثاني وخلفهما ابنه.... توجه إليهم الطاعن واعتدى بساطور على المجني عليه الثاني فأحدث إصابة بساقه اليسرى كما اعتدى بذات الأداة على شقيقه.... وأسرع إلى مسكنه وعاد حاملاً سلاحاً نارياً غير مرخص وأطلق منه أعيرة نارية صوبهم فأصاب المجني عليه الأول في رأسه وفي جانبه الأيمن - مما أفضى إلى موته، وأصاب المجني عليه الثاني في ساقه اليمنى مما أدى إلى بترها هي والجزء السفلي للفخذ الأيمن وعقب ذلك حضرت.... - زوجة شقيقه - فعاجلها بعيار ناري أصاب، عينها اليسرى مما نشأ عنه فقد إبصارها وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها - وإذ كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال الشهود الثلاثة له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهم، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني.... والشاهدة الثالثة.... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول....، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني قد اقتصر في محضر الشرطة على الإبلاغ عن تعدي الطاعن على شخصه بساطور، ولا نفيه في تحقيقات النيابة مشاهدته للطاعن حال اعتدائه بهذه الأداة على شقيقة الشاهد الأول، ولا خلو أقوال الشاهدة الثالثة من مشاهدتها للطاعن حال اعتدائه بالساطور على الشاهد الأول وشقيقه أو إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهما الأول والثاني، طالما أنه تبين من أقوالهما بتحقيقات النيابة أن الشاهد الثاني شهد برؤيته للطاعن حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم الثلاثة - مما أفضى على موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة للثاني والثالثة -، كما شهدت الأخيرة بأنها ما أن سمعت صوت الأعيرة النارية حتى خرجت من مسكنها لاستطلاع الأمر فعاجلها الطاعن بعيار ناري أصاب عينها اليسرى، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهادتهم وهو إطلاق الطاعن لأعيرة نارية داخل القرية من سلاح غير مرخص وإصابته بها المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة لكل من ثانيهم وثالثتهم وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن تمسك الحاضر مع المتهم بقيام حالة الدفاع الشرعي فلا يوجد في أوراق الدعوى ما يؤكد ذلك النظر ذلك أن الثابت من أقوال الشهود أن المتهم هو البادئ بالاعتداء على المجني عليهم أما ما وجد به من إصابات فهي من جراء اعتداء بعض المجني عليهم عليه بعد أن بدأ هو الاعتداء عليهم. ولما كان كل منهم حريصاً على الاعتداء على الآخر، فإن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم في حق أي منهم وفق المستقر عليه من الأحكام، ولذلك يتعين رفض هذا الدفاع، أما عن القول بوجود آثار دماء بمنزل المتهم فهي جائزة الحدوث من دخول المتهم إلى مسكنه بعد إصابته وليست ناشئة عن اعتداء المجني عليهم بداخل مسكنه، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم في رده على الدفع المشار إليه له صداه من أوراق الدعوى حيث تضمنت تحريات المباحث أن مشادة نشبت بين الطاعن والمجني عليهم لقيام الأول بفتح باب في مواجهة مسكنهم تطورت إلى مشاجرة على أثرها عقد الطاعن العزم على قتلهم وأدت إلى إلحاق إصابات بالطرفين، وورد بمعاينة النيابة وجود دماء جافة بمسكن الطاعن وكذلك بالطريق أمام منزل المجني عليهم، واتهم الطاعن المجني عليهم بإحداث إصاباته، ومن ثم فإن الحكم فيما عول عليه من أوراق الدعوى في رده على هذا الدفع لم يخالف الثابت بها وتنحسر عنه بذلك دعوى الخطأ في التحصيل وفساد التدليل، وإذ كان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما تبين من المفردات صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن أطلق النار على المجني عليهم مما أفضى إلى موت أولهم وإحداث عاهة مستديمة بالثاني والثالث منهم وأنه هو البادئ بالاعتداء عليهم، ومن ثم فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل العقاب والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون، ويكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد نقلاً عن التقرير الطبي الشرعي - الذي حرر بعد إجراء الصفة التشريحية - أن إصابة المجني عليه الأول.... إصابة نارية رشية ناشئة عن عيارين ناريين أصاباه برأسه وبالجانب الأيمن للجذع والجانب الأيمن للبطن، بما نشأ عنها من مظاهر التهتك وثقوب عظمية نارية بفروة الرأس وكسر شرخي بها وأن الوفاة تعزي إلى تلك الإصابات كما أن إصابات المجني عليه النارية الرشية جائزة الحدوث من مثل طراز الطلقات المضبوطة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم - فيما سلف - له معينه الصحيح من ذلك التقرير والذي تضمن أنه بالنسبة للمظاهر الالتهابية بالرأس وما أوردته مستشفى حميات المنزلة من وصفها للحالة بأنها حالة تيتانوس - فإن ذلك في مجموعه يمكن أن ينشأ - كمضاعفة - لإصابات المجني عليه النارية الرشية، فإن في ذلك ما يقطع بتوافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن وبين والوفاة، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليهما الثاني والثالث وورثة المجني عليه الأول وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع، وسلطتها في تجزئة الدليل، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى إطراح هذا الصلح، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تستدع الطبيب الشرعي لاستجلاء سبب الوفاة ورفع التناقض الوارد في هذا الشأن بين ما جاء بتقريره وما جاء بتقرير مستشفى حميات المنزلة والطبيب المعالج من أن وفاته ترجع إلى حالة تيتانوس وهو ما تأكد بمحضر الصلح المتضمن نفي صلته بالحادث، وكذلك لمناقشته في شأن قدرته على حمل السلاح وإطلاق الأعيرة النارية منه، هو في مجموعه مردوداً، بأن الثابت من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وإجراء تحقيق في خصوص ما أثاره - على النحو المتقدم - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد وإحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية، ووجوب تطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، قد جرى منطوقه خطأ بتغريم ذلك الطاعن مائتي جنيه فإنه يتعين - إنزالاً لحكم القانون على وجهه الصحيح - نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة السجن لمدة سبع سنوات ومصادرة الأسلحة والطلقات المضبوطة التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار وترصد.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 22 مشاهدة
نشرت فى 23 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,127,442

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »