موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الاختصاص بالفصل في جرائم قانون الأسلحة والذخائر مشترك بين المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية. اختصاص محاكم أمن الدولة طوارئ بالفصل في تلك الجرائم حال ارتباطها بجرائم أخرى.

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 142

جلسة 26 من يناير سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي فرجاني، محمد رضا، محمد عبد الوهاب وعصام إبراهيم نواب رئيس المحكمة.

(18)
الطعن رقم 6597 لسنة 81 القضائية

(1) سلاح. ذخائر. قانون "تفسيره". اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة أمن الدولة. محكمة الجنايات "اختصاصها".
خلو قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ أو أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم لمحاكم أمن الدولة العليا طوارئ أو أي تشريع آخر من النص على إفراد تلك المحاكم بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر.
محاكم أمن الدولة العليا طوارئ. استثنائية. حدود اختصاصها؟
الاختصاص بالفصل في جرائم قانون الأسلحة والذخائر مشترك بين المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية. اختصاص محاكم أمن الدولة طوارئ بالفصل في تلك الجرائم حال ارتباطها بجرائم أخرى. لا يسلب المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة الاختصاص بالفصل فيها. أساس وعلة ذلك؟
(2) جريمة "أركانها". سرقة. سلاح. ظروف مشددة. قانون "تفسيره".
مناط اعتبار حمل السلاح ظرفاً مشدداً في جريمة المادة 316 عقوبات؟ مثال.
(3) اختصاص "الاختصاص النوعي". نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام". دستور.
قضاء محكمة الجنايات خطأ بعدم الاختصاص وتخليها عن الفصل في موضوع الدعوى. يعد مانعاً من السير فيها لحرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كفله له الدستور. أثر ذلك؟
مثال.
(4) نقض "الصفة في الطعن" "المصلحة في الطعن". نيابة عامة.
للنيابة العامة الطعن في الحكم ولو كانت المصلحة للمتهم. أساس ذلك؟
(5) اختصاص "الاختصاص النوعي". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
قصر الحكم بحثه على مسألة الاختصاص دون أن يعرض للواقعة الجنائية ذاتها. وجوب أن يكون مع النقض الإعادة.
1- من المقرر أن قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له، قد خلا كلاهما كما خلا أي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها دون سواها بالفصل في الدعاوى المرفوعة عن الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 الآنف البيان. وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وإن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في الجرائم كافة إلا ما استثني بنص خاص وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، ومن ثم فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون السالف الذكر مانع من القانون ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية لا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي، ولا يغير من هذا الأصل العام ما نصت عليه المادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 من أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد وكانت إحدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة طوارئ وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات" ذلك أنه لو كان الشارع قد أراد إفراد محاكم أمن الدولة طوارئ بالفصل وحدها دون سواها في أي نوع من الجرائم العمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة هذا فضلاً عن أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات إذ إن جريمة السرقة ليلاً مع حمل السلاح معاقب عليها بالسجن المشدد المقرر وفقاً لحكم المادة 316 من قانون العقوبات، في حين أن جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر بدون ترخيص معاقب عليها بالسجن وفقا لحكم المادة 26/1، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل.
2- من المقرر أن المادة 316 من قانون العقوبات هي كغيرها من المواد الواردة في باب السرقة التي جعلت من حمل السلاح مطلقاً ظرفاً مشدداً دون تحديد لنوعه أو وصفه وعلى هذا التفسير جرى قضاء محكمة النقض واستقر - على أن جناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات تتحقق قانوناً بالنسبة إلى ظرف حمل السلاح كلما كان أحد المتهمين حاملاً سلاحاً ظاهراً أو مخبأ أياً كان سبب حمله لهذا السلاح. فإذا كان الثابت من الحكم أن المتهمين ارتكبوا واقعتي السرقة ليلاً مع حمل المتهم الأول سلاحاً نارياً "فرد خرطوش" والثاني والثالث سلاحين أبيضين "مطواة قرن غزال" وقد ضبطت هذه الأسلحة معهم بعد ذلك، فإن ذلك يتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات.
3- لما كانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى على المتهمين أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة، فإنه ما كان يجوز لهذه المحكمة أن تتخلى عن ولايتها الأصلية تلك, وأن تقضي بعدم اختصاصها بنظر واقعتي إحراز سلاح ناري بدون ترخيص بالنسبة للمتهم الأول وإحراز سلاحين أبيضين بدون ترخيص بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث استناداً إلى ما أوردته بأسباب حكمها من أن الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن صدر مخطئاً بعدم الاختصاص في هذا الشأن ولم يفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه يعد في الواقع - وفقاً لقواعد التفسير الصحيح للقانون - مانعا من السير فيها، ما دام يترتب عليه حرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كفله له الدستور بنصه في الفقرة الأولى من مادته الثامنة والستين على أن "لكل مواطن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي" وما يوفره له هذا الحق من ضمانات لا يوفرها قضاء استثنائي، ومادامت المحكمة - محكمة الجنايات - قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى في شأن ما سلف بعد أن أصبحت بين يديها، وأنهت بذلك الخصومة أمامها، ومن ثم فإن حكمها يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض.
4- من المقرر أن النيابة العامة - في مجال المصلحة والصفة في الطعن - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص، اعتباراً بأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها - كسلطة اتهام - مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمتهم، وتتمثل في صورة الدعوى في الضمانات التي توفرها له محاكمته أمام المحاكم العادية دون محاكم أمن الدولة العليا طوارئ وأخصها حقه في الطعن بطريق النقض - متى توافرت شروطه - في الحكم الذي يصدر ضده، فإن صفة النيابة العامة في الانتصاب عنهم في طعنها تكون قائمة. وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون.
5- لما كان الحكم المطعون فيه واجب النقض، وكان قد قصر بحثه على مسألة الاختصاص وكذا الارتباط إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات ولم يعرض للواقعة الجنائية ذاتها بشأن إحراز المتهمين للأسلحة النارية والبيضاء بدون ترخيص، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة إلى محكمة الجنايات وذلك دون حاجة لبحث الطعن المقدم من الطاعنين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: 1- سرقوا المنقولات المبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليه ..... ليلاً حال حمل الأول لسلاح ناري فرد خرطوش والثاني والثالث لسلاحين أبيضين على النحو المبين بالتحقيقات. 2- المتهم الأول والثاني أيضاً: سرقا المنقولات المبينة وصفاً بالأوراق - والمملوكة للمجني عليهما ..... و..... ليلاً حال حملهما أسلحة نارية وبيضاء موضوع التهمتين الثالثة والرابعة على النحو المبين بالتحقيقات. 3- المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد خرطوش". أحرز ذخائر عدد "طلقة واحدة" مما تستعمل على السلاح الناري السالف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازتها أو إحرازها. 4- المتهم الثاني والثالث أيضاً: أحرزا بغير ترخيص سلاحين أبيضين "مطواة قرن غزال" من دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الشخصية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 317/ ثانياً ورابعاً وخامساً من قانون العقوبات والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 المعدل أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الأولى. ثانياً: بمعاقبة كل من الأول والثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الثانية. ثالثاً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بالنسبة للتهمتين الثالثة والرابعة وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها.
فطعن المحكوم عليهم والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات ولائياً بنظر الدعوى المرفوعة على المطعون ضده الأول بجريمة إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص، والمطعون ضدهما الثاني والثالث بجريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص وبإحالتهما إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم فيهما قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه انتهى إلى القول بأن الاختصاص فيهما إنما ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ بينما تشترك محكمة الجنايات مع محكمة أمن الدولة في الاختصاص، فضلاً عن أن جريمة إحراز الأسلحة مرتبطة بجريمة السرقة التي دين المطعون ضدهم بها باعتبارها ظرفاً مشدداً لها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية قبل المتهمين لمحاكمتهم جميعاً عن جريمة السرقة ليلاً مع حمل سلاح، وبالنسبة للمتهم الأول عن جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر بدون ترخيص، وبالنسبة للمتهمين الثاني والثالث عن جريمة إحراز سلاحين أبيضين بدون ترخيص وطلبت عقابهم بالمادة 316 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6، 25 مكرراً/1، 26/1، 5، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحقين بالقانون الأول، ومحكمة جنايات ..... قضت - بحكمها المطعون فيه - بتاريخ ... بمعاقبة كل من ... و... و... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الأولى السرقة ليلاً مع حمل سلاح ومعاقبة كل من ... و... لمدة سنتين عن السنة الثانية السرقة ليلاً مع حمل سلاح وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بالنسبة للتهمتين الثالثة إحراز سلاح ناري بدون ترخيص والرابعة إحراز سلاحين أبيضين بدون ترخيص وإحالتهما للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. وعولت في قضائها على ثبوت ارتكاب المتهمين لواقعة السرقة ليلاً مع حمل سلاح عملاً بنص المادة 317/ ثانياً ورابعاً وخامساً وعلى أن واقعة إحراز السلاح الناري للمتهم الأول ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ عملاً بنص الأمر الجمهوري رقم 1 لسنة 1981. لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة لها، قد خلا كلاهما كما خلا أي تشريع آخر من النص على إفراد محاكم أمن الدولة العليا المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها دون سواها بالفصل في الدعاوى المرفوعة عن الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 الآنف البيان. وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها وكذلك القوانين المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وإن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً البتة من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل في الجرائم كافة إلا ما استثني بنص خاص وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون 394 لسنة 1954 المعدل، ومن ثم فإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون السالف الذكر مانع من القانون ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين المحاكم العادية والمحاكم الاستثنائية لا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي، ولا يغير من هذا الأصل العام ما نصت عليه المادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 من أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد وكانت إحدى تلك الجرائم داخلة في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة طوارئ وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات" ذلك أنه لو كان الشارع قد أراد إفراد محاكم أمن الدولة طوارئ بالفصل وحدها دون سواها في أي نوع من الجرائم لعمد إلى الإفصاح عنه صراحة على غرار نهجه في الأحوال المماثلة هذا فضلاً عن أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات إذ إن جريمة السرقة ليلاً مع حمل السلاح معاقب عليها بالسجن المشدد المقرر وفقاً لحكم المادة 316 من قانون العقوبات، في حين أن جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر بدون ترخيص معاقب عليها بالسجن وفقا لحكم المادة 26/1، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل. لما كان ذلك، وكانت المادة 316 من قانون العقوبات هي كغيرها من المواد الواردة في باب السرقة التي جعلت من حمل السلاح مطلقاً ظرفاً مشدداً دون تحديد لنوعه أو وصفه وعلى هذا التفسير جرى قضاء محكمة النقض واستقر - على أن جناية السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات تتحقق قانوناً بالنسبة إلى ظرف حمل السلاح كلما كان أحد المتهمين حاملاً سلاحاً ظاهراً أو مخبأ أيا كان سبب حمله لهذا السلاح. فإذا كان الثابت من الحكم أن المتهمين ارتكبوا واقعتي السرقة ليلاً مع حمل المتهم الأول سلاحاً نارياً "فرد خرطوش" والثاني والثالث سلاحين أبيضين "مطواة قرن غزال" وقد ضبطت هذه الأسلحة معهم بعد ذلك، فإن ذلك يتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة السرقة المعاقب عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد رفعت الدعوى على المتهمين أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة، فإنه ما كان يجوز لهذه المحكمة أن تتخلى عن ولايتها الأصلية تلك، وأن تقضي بعدم اختصاصها بنظر واقعتي إحراز سلاح ناري بدون ترخيص بالنسبة للمتهم الأول وإحراز سلاحين أبيضين بدون ترخيص بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث استناداً إلى ما أوردته بأسباب حكمها من أن الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن صدر مخطئاً بعدم الاختصاص في هذا الشأن ولم يفصل في موضوع الدعوى، إلا أنه يعد في الواقع - وفقاً لقواعد التفسير الصحيح للقانون - مانعا من السير فيها، مادام يترتب عليه حرمان المتهم من حق المثول أمام قاضيه الطبيعي الذي كفله له الدستور بنصه في الفقرة الأولى من مادته الثامنة والستين على أن "لكل مواطن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي" وما يوفره له هذا الحق من ضمانات لا يوفرها قضاء استثنائي، ومادامت المحكمة محكمة الجنايات قد تخلت على غير سند من القانون عن نظر الدعوى في شأن ما سلف بعد أن أصبحت بين يديها، وأنهت بذلك الخصومة أمامها، ومن ثم فإن حكمها يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة في مجال المصلحة والصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص، اعتباراً بأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن، بل كانت المصلحة هي للمتهم، وتتمثل في صورة الدعوى في الضمانات التي توفرها له محاكمته أمام المحاكم العادية دون محاكم أمن الدولة العليا طوارئ وأخصها حقه في الطعن بطريق النقض متى توافرت شروطه في الحكم الذي يصدر ضده، فإن صفة النيابة العامة في الانتصاب عنهم في طعنها تكون قائمة، وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون، ولما كان ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه واجب النقض، وإذ كان قد قصر بحثه على مسألة الاختصاص وكذا الارتباط إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات ولم يعرض للواقعة الجنائية ذاتها بشأن إحراز المتهمين للأسلحة النارية والبيضاء بدون ترخيص، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة إلى محكمة الجنايات وذلك دون حاجة لبحث الطعن المقدم من الطاعنين.
  

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,167,000

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »