اتخاذ الوزارة معياراً للترقية هو سبق القيد على الدرجة، لا يقوم هذا القيد على الدرجة في ذاته أساساً سليماً للمفاضلة عند إجراء الترقية، استظهار المحكمة من أقدمية الطاعن في قرار الترقية مقرونة بالوظيفة التي يشغلها بالقياس إلى الوظائف التي كان يشغلها بعض المرقين.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 345
(95)
جلسة 13 من إبريل سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محيي الدين طاهر، أحمد سعد الدين قمحه، محمد بدير الألفي، يوسف شلبي يوسف المستشارين.
القضيتان رقما 1062 لسنة 11، 261 لسنة 12 القضائية
قرار إداري - قرينة الصحة المفترضة في القرار الإداري - نقل عبء الإثبات على جانب الإدارة - عاملون مدنيون بالدولة - ترقية.
اتخاذ الوزارة معياراً للترقية هو سبق القيد على الدرجة، لا يقوم هذا القيد على الدرجة في ذاته أساساً سليماً للمفاضلة عند إجراء الترقية، استظهار المحكمة من أقدمية الطاعن في قرار الترقية مقرونة بالوظيفة التي يشغلها بالقياس إلى الوظائف التي كان يشغلها بعض المرقين ما يشكل دليلاً على افتقار قرار الترقية إلى أسباب يقوم عليها أو إلى قاعدة مجردة في وزن كفاية المرشحين يزعزع قرينة الصحة المفترضة في القرار المطعون فيه، وينقل عبء الإثبات على جانب الإدارة، عجز الإدارة عن تبرير تصرفها يجعل القرار المطعون فيه مفتقراً إلى سبب صحيح ومشوب بعيب إساءة استعمال السلطة - مثال.
إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن القرار الأول المطعون فيه وهو قرار الترقية إلى الدرجة الرابعة الصادر من وزير المعارف العمومية رقم 8488 في 21/ 5/ 1949 قد نص في مادته الأولى على ترقية الموظفين الآتية أسماؤهم بعد إلى الدرجة الرابعة الفنية السابق قيدهم عليها بالقرارات الوزارية الموضحة أرقامها وتاريخها أمام كل منهم لتمضيتهم المدة القانونية في الدرجة الخامسة على أن تكون ترقيتهم اعتباراً من أول مايو سنة 1949 وتضمن القرار بعد ذلك أسماء 153 موظفاً من موظفي الوزارة وبياناً أمام كل موظف بالوظيفة التي يشغلها وتاريخ أقدميته في الدرجة الخامسة وهو في يوم 1/ 5/ 45 بالنسبة إلى جميع المرقين عدا الأخير منهم الذي ترجع أقدميته فيها إلى 9/ 10/ 44 وبياناً برقم قرار القيد على الدرجة الرابعة وتاريخ صدوره ومن هذا البيان يتضح أن الموظف رقم 1 بالكشف قيد على الدرجة الرابعة بالقرار رقم 7762 بتاريخ 29/ 2/ 48 والموظف رقم 2 قيد عليها بالقرار رقم 7806 بتاريخ 27/ 3/ 1948 والموظفين من رقم 3 إلى رقم 139 وكذلك الموظف رقم 153 قيدوا عليها بالقرار رقم 8069 الصادر بتاريخ 30/ 9/ 48 والموظفين من رقم 140 إلى رقم 153 قيدوا عليها بالقرار رقم 8112 بتاريخ 10/ 11/ 1948.
وحيث إن مفاد ما ورد في ديباجة القرار السالف الذكر أن الوزارة قد اتخذت معياراً للترقية إلى الدرجة الرابعة أن يكون الموظف قد سبق قيده عليها ثم استوفى المدة القانونية للترقية بعد ذلك وإذ كانت الترقيات التي أجريت - بموجب القرار المذكور قد تمت قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فإن أحكام هذا القانون ومنها وجوب الالتزام بالأقدمية كأساس للترقية بحسب الأصل - لا تسري على الترقيات موضوع القرار المشار إليه وبالتالي وعلى ما ذهب عليه قضاء هذه المحكمة فإن ولاية الترقية في ظل القوانين واللوائح السابقة على القانون رقم 210 لسنة 1951 هي ولاية اختيارية مناطها الجدارة حسبما تقدرها جهة الإدارة وهي تمارس في ذلك سلطة تقديرية فتفاضل بين المرشحين على أساس ما تضعه من قواعد تطمئن إليها في وزن كفاية الموظف وجدارته دون أن تتقيد بالأقدمية ولا معقب عليها في ذلك إلا أن يجيء تصرفها مشوباً بإساءة استعمال السلطة فالقرار الذي يصدر بالترقية على أساس اختيار الصالحين لها بالقياس إلى من تتخطاهم الإدارة في الترقية رغم أقدميتهم هو قرار محمول على الصحة ابتداء بافتراض مبنى على الأرجحية في الصلاحية بين المرشحين وأنه صدر عن مسلك إداري سليم إذا ما دحض بدليل ما ينقص صحته المفترضة فإنه يصبح والحالة هذه قراراً معيباً أما لقيامه على غير سبب صحيح أو لكونه مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة.
وحيث إن الوزارة في إجرائها الترقيات إلى الدرجة الرابعة بموجب القرار الأول المطعون فيه قد التزمت قاعدة معينة في وزن الكفاية هي على ما سلف بيانه - سبق القيد على الدرجة المذكورة - غير أن الوزارة قد عجزت عن تبرير التزامها بتلك القاعدة كأساس للمفاضلة والترجيح بين موظفي الدرجة الخامسة بتراخي أعمال آثاره عند إجراء الترقية بعد استيفاء المدة المشروطة لذلك قانوناً وقد منحت الوزارة الأجل الكافي لذلك ولكنها عجزت عن تبرير مسلكها في هذا الشأن وإذ كان المدعي يرتكن في دعواه التي تساويه مع المرقين في أقدمية الدرجة الخامسة بل أنه يسبق بعضهم في أقدمية الدرجة السادسة وإلى أنه عند صدور قرار الترقية المطعون فيه كان يشغل وظيفة مدرس أول مساعد بالتعليم الثانوي في حين أن بعض المرقين بموجب القرار المذكور كان مدرساً بالتعليم الابتدائي وقد ثبتت صحة هذه الوقائع التي ساقها المدعي من الاطلاع على القرار المشار إليه ومن تسليم الجهة الإدارية بها فالمدعي حسبما ورد في كتاب مدير الشئون القانونية بالوزارة المؤرخ 12/ 4/ 1962 عين بالدرجة السادسة من 22/ 5/ 1930 في حين أن كلاً من السيد/ أمين تكلا أبسخرون والسيد/ سعيد عزيز جاد الله حصل على الدرجة السادسة في 2/ 10/ 1930 وشملته حركة الترقية كذلك فإن المدعي عين في وظيفة مدرس أول مساعد - للغة الإنجليزية اعتباراً من 1/ 10/ 1948 في حين أن عديداً ممن شملتهم حركة الترقية كانوا عند صدورها مدرسين عاديين بالتعليم الابتدائي وعلى ذلك فإنه إذا كانت الوزارة قد اتخذت معياراً للترقية سبق القيد على الدرجة فإنه يبقى أن هذا القيد على الدرجة لا يقوم في ذاته أساساً سليماً للمفاضلة عند إجراء الترقية بل أن أقدمية المدعي مقرونة بالوظيفة التي كان يشغلها إذ ذلك بالقياس إلى الوظائف التي كان يشغلها بعض المرقين تشكل دليلاً على افتقار الترقيات إلى الدرجة الرابعة إلى أسباب تسندها أو إلى قاعدة عامة مجردة في وزن كفاية المرشحين وهو الأمر الذي يزعزع قرينة الصحة المفترضة في القرار المطعون فيه وينقل عبء الإثبات على جانب الإدارة وإذ عجزت الإدارة عن تبرير تصرفها على ما سلف بيانه فإن من شأن ذلك أن يجعل القرار الأول المطعون فيه الصادر في 21/ 5/ 1949 برقم 8488 مفتقراً إلى سبب صحيح ومشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وبالتالي يتعين إلغاؤه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة، وبهذه المثابة يكون أيضاً غير قائم على أساس سليم من القانون القرار الصادر في 4/ 6/ 1953 برقم 11293 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة وذلك اعتباراً بأن القرار المذكور شمل بالترقية من ترجع أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 1/ 4/ 1953.
ساحة النقاش