الحكم الصادر بوقف تنفيذ قرار بإلغاء ترخيص بعد انقضاء المدة المحددة لسريان الترخيص أصلاً يكون قد ورد على طلب أضحى غير ذي موضوع - آثار ذلك: إلغاء الحكم - أساس ذلك: انتفاء ركني الجدية والاستعجال اللازمين لوقف التنفيذ.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 65
(6)
جلسة 25 من أكتوبر سنة 1986
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي والسيد السيد عمر المستشارين.
الطعن رقم 2923 لسنة 29 القضائية
( أ ) دعوى - طلب وقف التنفيذ - ركناه - الجدية والاستعجال.
الحكم الصادر بوقف تنفيذ قرار بإلغاء ترخيص بعد انقضاء المدة المحددة لسريان الترخيص أصلاً يكون قد ورد على طلب أضحى غير ذي موضوع - آثار ذلك: إلغاء الحكم - أساس ذلك: انتفاء ركني الجدية والاستعجال اللازمين لوقف التنفيذ - تطبيق.
(ب) دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة - أثره (اختصاص) الحكم بعدم الاختصاص والإحالة - للمحكمة المحال إليها الدعوى أن تنزل التكييف الصحيح على حقيقة طلبات المدعي دون التقيد بألفاظها وعباراتها - تطبيق [(1)].
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 24 من يوليه سنة 1983 أوعدت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السادة محافظ القاهرة بصفته الرئيس الأعلى لحي حلوان والمعادي ومساعد محافظ القاهرة للقطاع الجنوبي ورئيس حي حلوان والمعادي وقائد شرطة المرافق قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2923 لسنة 29 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 26 من مايو سنة 1983 في الدعوى رقم 1064 لسنة 37 القضائية القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من مايو سنة 1986 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر وبجلسة 7 من يوليه سنة 1986 قررت إحالة إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 11 من أكتوبر سنة 1986 - وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن وقررت إصدار الحكم لجلسة 25 من أكتوبر سنة 1986. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المطعون ضده كان قد أقام دعواه رقم 1774 لسنة 1981 مدني مستعجل القاهرة ابتداء أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بتاريخ 6 من مايو سنة 1981 طالباً الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالأمر الصادر من مساعد محافظ القاهرة للقطاع الجنوبي المتضمن إلغاء الترخيص الصادر للمدعي بإقامة كشك خشبي على طريق الكورنيش أمام المستشفى العسكري بالمعادي مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ أول فبراير سنة 1981 صدر له ترخيص بإقامة منشأة ثابتة عبارة عن كشك خشب من محافظة القاهرة - حي حلوان والمعادي - إدارة جسور النيل بطريق الكورنيش أمام المستشفى العسكري بالمعادي وقد صدر الترخيص بناء على موافقة منطقة إسكان المعادي بتاريخ أول نوفمبر سنة 1980 وموافقة إدارة الري في 30 من نوفمبر سنة وموافقة مساعد محافظ القاهرة بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1980. وبعد إقامته الكشك المرخص به فوجئ في 30 من إبريل سنة 1981 بإنذاره بأنه بناء على تعليمات مساعد المحافظ فقد ألغي الترخيص الصادر له مع إعطائه مهلة عشرة أيام لإزالة الكشك وإلا تم رفعه بالطريق الإداري فأقام المدعي الدعوى بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالأمر الصادر من مساعد المحافظ بإلغاء الترخيص. وبجلسة 18 من نوفمبر سنة 1982 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري. وقد وردت الدعوى إلى تلك المحكمة حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 1064 لسنة 37 القضائية. وبجلسة 13 من يناير سنة 1983 قدم المدعي أصل إعلان تعديل الطلبات وذلك بإضافة طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وبجلسة 26 من مايو سنة 1983 حكمت المحكمة، بعد تحديدها لطلبات المدعي بأنها بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر في 30/ 4/ 1981 بإلغاء الترخيص الصادر له بإقامة كشك خشبي على طريق الكورنيش أمام المستشفى العسكري بالمعادي، بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الأسباب التي قدمتها الجهة الإدارية لإلغاء الترخيص وتتحصل في أن المدعي قد حصل على بعض الموافقات من غير المختصين بذلك وأن الكشك أقيم أمام إحدى المناطق العسكرية مما يسبب إزعاجاً للمرضى ويخل بأمور تتعلق بأمن المنطقة، إن هذه الأسباب ليست جديدة على الإدارة وكانت تحت نظرها قبل إصدار الترخيص، كما أنه لم يثبت أن المدعي قد خالف شرطاً من شروط الترخيص، فضلاً عن أن الجهة الإدارية لم تحدد الموافقات التي حصل عليها المدعي من غير المختصين وأن الموضوع ما زال محل تحقيق النيابة الإدارية وبالتالي فلم يثبت ادعاء الإدارة في هذا الشأن بصفة قاطعة، ويكون القرار المطعون فيه غير قائم على كامل سببه مما يتعين معه القول بتوافر ركن الجدية اللازم للقضاء بوقف التنفيذ. وإذ استظهرت المحكمة توافر ركن الاستعجال ويتمثل فيما يتهدد المدعي من إزالة الكشك الذي أقامه بناء على الترخيص فقد انتهت إلى قضائها المشار إليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الترخيص قد صدر بطريق التلاعب من بعض المواطنين غير المختصين، وهو ما يجرى التحقيق بشأنه بمعرفة النيابة الإدارية، وأن قيام الكشك في منطقة عسكرية أمام المستشفى العسكري بالمعادي يتعارض مع مقتضيات المصلحة العامة والأمن العام، فضلاً عما يسببه من إزعاج للمرضى وإقلاق للراحة الأمر الذي يحق معه للإدارة إلغاؤه، ويكون طلب وقف التنفيذ فاقداً ركن الجدية. فضلاً عن عدم تحقق ركن الاستعجال في الطلب نظراً لانتهاء مدة الترخيص في 28/ 2/ 1982، وهو ترخيص مؤقت ينتهي بانتهاء الأجل المحدد له.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن إدارة جسور النيل بحي حلوان والمعادي كانت قد رخصت للمطعون ضده، بناء على طلبه، بإقامة منشأة ثابتة عبارة عن كشك خشبي على مسطح 120 متراً مربعاً على مسطح النيل بطريق الكورنيش من البر الشرقي أمام المستشفى العسكري. وقد تضمن الترخيص الصادر بتاريخ 8 من فبراير سنة 1981 أنه تم بناء على موافقة منطقة إسكان المعادي القطاع الجنوبي لمحافظة القاهرة بتاريخ 1/ 11/ 1980 وكذلك موافقة إدارة الري بتاريخ 30/ 11/ 1980، وبعد موافقة مساعد محافظ القاهرة بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1980 وقد تضمن الترخيص في البند (2) تحديد الجعل السنوي الذي يدفع مقدماً، كما نص البند (5) على التزام المرخص له بإصلاح كل ضرر يحدث للمنافع العامة "بسبب الأعمال التي يجريها في الوقت الحاضر" أي وقت صدور الترخيص، بحيث إذا قصر في ذلك يكون للإدارة تنفيذ الإصلاح على حسابه. كما نص البند (11) على أنه يجب على المرخص له تقديم طلب تجديد الترخيص في أول كل سنة مع سداد الرسوم المقررة. وبكتاب مؤرخ 30 من إبريل سنة 1981 أفادت رئاسة حي حلوان والمعادي المطعون ضده بأنه تقرر، بناء على تعليمات مساعد محافظ القاهرة بتاريخ 29 من إبريل سنة 1981، إلغاء الترخيص الصادر له من الحي بإقامة كشك خشبي على النيل مع إمهاله عشرة أيام للإزالة. كما أفاد مدير الإدارة العامة للطرق وجسور النيل بحي حلوان والمعادي المطعون ضده بكتاب مؤرخ 10 من مايو سنة 1981 بصدور قرار مساعد محافظ القاهرة بتاريخ 29 من إبريل سنة 1981 بإلغاء الترخيص السابق منحه لإقامة كشك خشبي بطريق الكورنيش أمام مستشفى المعادى.
ومن حيث إنه ولئن كان المطعون ضده قد أقام دعواه ابتداء أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالأمر الصادر من مساعد محافظ القاهرة بإلغاء الترخيص الصادر له بإقامة كشك خشبي على طريق الكورنيش أمام المستشفى العسكري بالمعادي، وقد حكمت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، فإنه يكون لهذه المحكمة الأخيرة أن تنزل التكييف الصحيح على حقيقة طلبات المدعي دون التقيد بألفاظها أو عباراتها ويكشف واقع الحال من التجاء المدعي لرفع دعواه أمام القضاء المستعجل وعبارات طلباته أمام ذلك القضاء بأنها بطلب الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بقرار مساعد محافظ القاهرة بإلغاء الترخيص الذي سبق منحه له، أنه إنما يطلب في حقيقة الأمر وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإلغاء الترخيص وهو ما أكده المدعي ذاته بالإعلان الذي قام بتوجيهه إلى المدعى عليهم بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1982 وأودع أصله سكرتارية المحكمة في أول جلسة من جلسات المرافعة التي تحددت لنظر دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 13 من يناير سنة 1983، فقد تضمن الإعلان طلب المدعي الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الدعوى. وعلى ذلك يكون طلب وقف التنفيذ قد توافرت له الشروط الشكلية اللازمة لقبوله في مفهوم حكم الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إنه وأياً ما كان أمر مشروعية أو عدم مشروعية القرار الصادر بتاريخ 29 من إبريل سنة 1981 بإلغاء الترخيص الذي كان قد منح للمطعون ضده بإقامة كشك خشبي على مسطح 120 متراً مربعاً على مسطاح النيل بطريق الكورنيش أمام المستشفى العسكري بالمعادي في ضوء الشروط التي تضمنها الترخيص وفي ضوء القواعد العامة التي تنظم اختصاصات وسلطات الجهة الإدارية ومنها تلك المتصلة بالأعمال والتراخيص التي تقام أو تمنح على الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف أو المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو المملوكة للأفراد والمحملة بالقيود المنصوص عليها في التشريعات لخدمة الأغراض العامة للري والصرف وما هو مقرر من حق الإدارة في إلغاء الترخيص حتى قبل انتهاء مدته عند قيام ما يبرر ذلك وبمراعاة أن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت جدية جهة الإدارة في إصدار قرارها الذي يطلب وقف تنفيذه، فإن الثابت في خصوصية المنازعة الماثلة أن مدة الترخيص كان محدداً لانتهائها طبقاً لحكم البند (2) من الترخيص يوم 28 من فبراير سنة 1982، وكان يلزم لتجديده تقدم المستفيد من الترخيص بطلب بذلك إلى الجهة الإدارية طبقاً لحكم البند (11) من الترخيص، وعلى ذلك وإذ كانت الجهة الإدارية قد أبدت في بعض دفاعها بأن الترخيص يعتبر منتهياً على أي حال اعتباراً من يوم 28 من فبراير سنة 1982 مما يؤكد عدم موافقته على تجديده، الأمر الذي يلزم تحققه لتجديد الترخيص، وكان المطعون ضده قد أكد في مذكرته المقدمة بجلسة المرافعة أمام دائرة فحص الطعون بتاريخ 2 من يونيه سنة 1986 أنه لا يطعن قي قرار عدم تجديد الترخيص وإنما ينصرف طعنه إلى وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإلغاء الترخيص، فإن الحكم بوقف تنفيذ القرار بإلغاء الترخيص بعد انقضاء المدة المحددة لسريان الترخيص أصلاً يكون قد ورد على طلب أضحى غير ذي موضوع ولا يغير من هذا النظر ما قدمه المطعون ضده بحافظة مستنداته المقدمة لدائرة فحص الطعون بجلسة 2 من يونيه سنة 1986 من إنذار عرض وإيداع رسوم ترخيص إقامة الكشك لمدة تنتهي في 28 من فبراير سنة 1986، ذلك أن تجديد الترخيص يلزم أن تصدر به موافقة الجهة الإدارية المختصة ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مستظهراً توافر ركنيه اللازمين للقضاء به وهما الجدية والاستعجال، في حين أن طلب وقف التنفيذ كان قد أضحى غير ذي موضوع، على ما سلف البيان، مما يمتنع معه القول بتوافرهما قد جانب صحيح حكم القانون، ويكون من المتعين إلغاؤه والقضاء برفض طلب تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.
[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها في المادة (54 مكرراً) من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بجلسة 27/ 4/ 1986 في الطعن رقم 1845 لسنة 27 ق.
ساحة النقاش