طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المطلوب إلغائه بدعوى الإلغاء يتطلب توافر ركنين: الأول: قيام حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار الإداري نتائج يتعذر تداركها.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 607
(63)
جلسة 25 من يناير سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي رضا عبد الرحمن رضا - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 2125 لسنة 36 القضائية
( أ ) شروط قبول الدعوى - شرط المصلحة - (جامعات)
مناط قبول الدعوى كشرط عام - سواء في شقها المستعجل أو الموضوعي وسواء كانت دعوى من دعاوى الإلغاء أو من دعاوى القضاء الكامل - أن تتوافر مصلحة المدعي في إقامتها من وقت رفعها حتى الفصل فيها نهائياً - لا يلزم لقبول دعوى الإلغاء أن يكون المدعي ذا حق أثر فيه القرار المطعون فيه - يكفي أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة مادية كانت أو أدبية في طلب الإلغاء بأن يكون في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار من شأنها أن تجعله يؤثر تأثيراً مباشراً عليه - الكلية الواحدة بجميع أقسامها تكون وحدة وذلك فيما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي - الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس في مركز قانوني خاص بالنسبة لما عساه أن يصدر من مجلس الكلية من قرارات مما يحق معه لهم أن يلتجئوا إلى هذا القضاء المختص لعرض مطاعنهم على ما قد يصدر من هذا المجلس من قرارات يرون أنها تعرض العملية التعليمية أو البحث العلمي بصفة عامة لأضرار قد تنتهي بالإساءة إلى سمعة الجامعة كلها أو كلية من كلياتها مصلحتهم في هذا الشأن وإن كانت أدبية إلا أنها قائمة وحالة - تطبيق.
(ب) دعوى - دعوى الإلغاء - طلب وقف تنفيذ القرار الإداري - ركناه - (قرار إداري) طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المطلوب إلغائه بدعوى الإلغاء يتطلب توافر ركنين:
الأول: قيام حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار الإداري نتائج يتعذر تداركها.
ثانياً: وهو ما يتصل بمبدأ المشروعية، وهو أن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل الحق أو موضوع دعوى الإلغاء على أسباب جدية ترجح معها إلغاء القرار - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 10/ 5/ 1990 أودع السيد الدكتور/ محمد نور فرحات المحامي بصفته طاعن عن نفسه - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن ضد المطعون ضدهم بصفتهم في حكم محكمة القضاء الإداري بالمنصورة - الصادر في الدعوى رقم 2465 لسنة 11 قضائية بجلسة 11/ 4/ 1990 - والقاضي - "بقبول تدخل المطعون عليهم خصماً منضماً للجامعة المدعى عليها وبعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعي في رفعها وألزمته المصروفات." وقد طلب في ختامه لما أورده من أسباب - الحكم أولاً - بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: وبصفته مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ووقف تنفيذ القرارات موضوع الدعوى. ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافة أجزائه ومشتملاته مع إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل فيها مجدداً بدائرة أخرى غير التي أصدرت الحكم. رابعاً: إلزام للمطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه - لما بني عليه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام رافعه المصروفات وذلك تأسيساً على أن المحكمة قضت في الشق المستعجل من الدعوى الماثلة بالحكم المطعون فيه وقد كان عليها أن تفصل في الدفع المبدي من الجامعة المدعى عليها بعدم قبول الطلب المستعجل لتخلف شرطي الصفة والمصلحة والفصل في هذا الدفع ضرورياً ولازماً قبل التعرض لوضع وقف التنفيذ - فعلى المحكمة أن تفصل بداءة في بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم القبول وذلك حتى لا يحمل قضائها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني بالاختصاص أو القبول.
وقد عينت جلسة 11/ 6/ 1991 لفحص الطعن أمام دائرة فحص الطعون وتم إعلان الطعن إعلاناً قانونياً. وبجلسة 25/ 3/ 1991 تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات. حيث قدمت الدكتورة سميحة القليوبي بجلسة 11/ 2/ 1991 مذكرة بدفاع المطعون ضدهما الثالث والرابع (د. سعيد علي يحيى ود. آمال أحمد الغزايري) طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن موضوعاً والحكم بتأييد الحكم المطعون عليه مع إلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وذلك تأسيساً على عدم سداد الأسباب الخمس للطعن على الحكم المطعون فيه ذلك لأن الحكم في الشق المستعجل فلا بطلان يشوب الحكم إذ صدر دون إحالته لهيئة مفوضي الدولة لتحضير الدعوى، ولأن الفصل في دفع مبدئي يتعين التطرق إليه قبل بحث طلب وقف تنفيذ القرارات المطعون عليها وأنه لا دليل على أن أسباب الحكم المطعون فيه لم تودع عند النطق به، وأن الحكم لا يشوبه قصور في التسبيب وأن قضائه حسبما انتهى إليه يتفق مع صحيح القانون ذلك لأن عضوية المدعي الطاعن في مجلس الكلية وكونه أستاذاً بقسم فلسفة القانون بكلية الحقوق جامعة الزقازيق تعد غير كافية لتسبغ عليه المصلحة الشخصية المباشرة التي تسوغ له طلب إلغاء القرارات الإدارية محل الطعن فلذلك يكون الحكم قد أصاب جادة الصواب ويكون النعي عليه بهذا السبب غير مقبول وليس صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن من أن القرارات المطعون عليها بإعارة البعض وبمنح البعض أجازات من شأنها زيادة الأعباء عليه إذ أنهم يعملون في أقسام مختلة عن القسم الذي يعمل به المدعي - الطاعن - هذا وبجلسة 24/ 9/ 1990 كان قد طلب الحاضر من وزير التعليم إخراجه عن الدعوى.
وبجلسة 13/ 10/ 1991 تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه تاريخ 17/ 9/ 1989 - بموجب عريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة - أقام الطاعن ضد كل من رئيس جامعة الزقازيق بصفته وعميد كلية الحقوق بها بصفته، والسيد/ وزير التعليم ورئيس المجلس الأعلى للجامعات بصفته - الدعوى رقم 2465 لسنة 11 قضائية طلب في ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، ثانياً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرارات المطعون عليها واعتبار أعضاء هيئة التدريس المذكورين بصدر الصحيفة مستقيلين منذ اليوم التالي لمرور شهر على تغيبهم عن العمل وهم السيدة الدكتورة آمال الفزابري والدكتور/ سعيد يحيى والأستاذ الدكتور/ أنور إسماعيل الهواري. ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء القرارات المذكورة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده الأول المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقد شرح المدعي - الطاعن - دعواه بأن المطعون ضده الأول ورئيس جامعة الزقازيق أصدر القرارات الإدارية الآتية: أولاً: قرار بإعادة السيدة الدكتورة/ آمال الفزايري الأستاذة المساعدة بقسم قانون المرافعات بكلية الحقوق بالجامعة إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة بالمملكة العربية السعودية كما منح الدكتور/ سعيد يحيى أستاذ القانون التجاري بكلية الحقوق بذات الجامعة ووكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب أجازة لمرافقة الزوجة وهي الدكتورة آنفة الذكر. ثالثاً: أصدر قراراً بإعادة الأستاذ الدكتور/ أنور إسماعيل الهواري عميد الكلية السابق إلى نفس الجامعة. وإذ صدرت تلك القرارات جميعها بالمخالفة الصريحة لقانون تنظيم الجامعات وتوخت غايات غير مشروعة هي تحقيق الصالح الخاص بالتعارض مع الصالح العام. ولما كان المدعي يعمل أستاذاً ورئيساً لقسم فلسفة القانون بكلية الحقوق بالجامعة المذكورة وهو بهذه الصفة عضو في مجلس الكلية وكان يشغل فيما قبل منصب وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب له مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على هذه القرارات بالإلغاء مع طلب وقف تنفيذها بصفة مستعجلة وتتمثل مصلحته في الطعن بالإلغاء على تلك القرارات المذكورة في أن الإفراط في إعارة أعضاء هيئة التدريس على غير مقتضى القانون من شأنه أن يحمله بصفته عضواً بهيئة التدريس لمزيد من أعباء العمل التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس على وجه مشترك، وتتمثل مخالفة قرار إعادة الدكتورة آمال الفزايري ومنح الدكتور سعيد يحيى في مخالفتهما أحكام المادتين 90 و91 من قانون تنظيم الجامعات وذلك إذ ظلت في أجازة لمرافقة الزوج الدكتور سعيد يحيى الذي ظل وما زال يعمل بجامعات المملكة العربية السعودية ما يزيد على ست سنوات - كما إن سيادته لم يقض بالعمل - قبل منحه الأجازة لمرافقة الزوجة - مدة مماثلة للمدة التي قضاها معاراً بالجامعات العربية. بل الثابت إن ظل معاراً لمدة تزيد على عشرة سنوات وعندما رفض مجلس الكلية في أعوام سابقة على تجديد إعارته لتجاوز المدد المنصوص عليه في المادة 85 من قانون تنظيم الجامعات قام العميد بمنحه أجازات خاصة بالمخالفة لصريح أحكام المادة 93 من ذات القانون متجاهلاً القواعد القانونية المنظمة لإعارة هيئة التدريس وإزاء رفض مجلس الكلية الموافقة مؤخراً على تجديد إعارته لجأ سيادته بالاتفاق مع عميد الكلية السابق - الدكتور أنور إسماعيل الهواري إلى استصدار القرارات آنفة الذكر - وذلك تخطياً لعقبة عدم موافقة مجلس الكلية على إعارته، وهذا كما أن قرار ترشيح الدكتورة آمال محمود الفزايري للإعارة والصادر من مجلس الكلية بجلسة 8/ 8/ 1989 والذي استند إليه قرار رئيس الجامعة المطعون فيه قراراً باطلاً لبطلان اجتماع المجلس وبطلان التصويت فيه لصدوره بالمخالفة لأحكام المادتين 41 من قانون تنظيم الجامعات وكذلك المادة 46 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون والتي تستلزم لصحة انعقاده وصحة قراراته الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه وأن تصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين فإذا تساوت رجح الجانب الذي منه الرئيس، كما وإن المجلس انعقد بعضوية الدكتور نجاتي سند عن المدرسين حال كونه يعمل أستاذاً مساعداً بقسم القانون الجنائي بالكلية الأمر الذي يبطل انعقاد المجلس وتصويته. وقد استهدفت القرارات المطعون فيها غايات غير مشروعة وغايات بعيدة عن الصالح العام على النحو الوارد بعريضة الدعوى وأخيراً فإن قرار رئيس الجامعة بإعارة الدكتور/ أنور إسماعيل الهواري عميد الكلية السابق للعمل بجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية قد جاء مخالفاً للقانون لعدم استناده إلى موافقة مجلس الكلية وفقاً لما تقضي به المادة 41 من قانون تنظيم الجامعات مما يجعل هذا القرار باطلاً حقيقاً بالإلغاء. وقد تدخل في الدعوى باقي المطعون ضدهم.
وبجلسة 11/ 4/ 1990 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه - في الشق المستعجل من الدعوى - وذلك تأسيساً على توافر المصلحة لدى المتدخلين وتخلفها لدى المدعي - ذلك لأن تحديد المصلحة الشخصية كما تطلبها المشرع لقبول دعوى الإلغاء أمر تردد فيه القضاء الإداري الفرنسي والمصري إذا استوجب في بعض أحكامه أن توجه الدعوى ضد قرار ذو طبيعة من شأنها إحداث ضرراً للطاعن بالنظر إليه هو ولا يكفي أن تكون طبيعة القرار ذاته من شأنها إحداث الضرر فلا يعد الطاعن صاحب مصلحة ما لم يكن القرار مؤدياً بالنسبة له إلى نتائج ضارة وفي أحكام أخرى اعتد القضاء الإداري بصفة رافع الدعوى ما بين اتساع يصل إلى الاكتفاء بصفة مواطن حتى تتوافر مصلحة في الطعن على قرار يمس جموع المواطنين وعلى استلزامه في أحكام أخرى حتى تتوافر المصلحة أن يقترن وصف المدعي كمواطن بعنصر آخر يصبغه المصلحة الشخصية المباشرة. وفي حين آخر اعتد القضاء الإداري بالمجال أما إذا كان مجال القرار تطبيقاً فلابد من أن تكون ثمة صلة مباشرة بين القرار وبين المدعي، وأخيراً اعتد القضاء الإداري - في بعض الأحيان بطبيعة القرار المطعون فيه في ذاته لتحديد من هم أصحاب المصلحة الشخصية المباشرة للطعن فيه. وقد انتهى الحكم بعد هذا الاستعراض لأحكام القضاء الإداري - إلى انتقال المصلحة لدى المدعي ذلك لأن القرارات المطعون فيها خاصة بأساتذة تعمل في أقسام أخرى وقد تم توزيع دروسهم على زملائهم المتخصصين منذ إخلاء طرفهم وأنه لا يوجد أي خلل في العملية التعليمية كما وأن أعباء العمل الإداري موزعة على جميع أعضاء هيئة تدريس الكلية ويسير العمل الإداري بجانب العمل الفني بسلامة ودون معاناة وأن طبيعة القرارات المطعون فيها صدرت في حالات فردية في تخصصات مختلفة وأن مجال أعمالها محدود في هذا النطاق وبالتالي فلا تقوم ثمة علاقة بين تلك القرارات وبين المركز القانوني الخاص بالمدعي والذي لم تمسه تلك القرارات حيث لم يحتج المدعي بأي سند شخصي يخوله مصلحة فردية معتبرة مادية أو أدبية في رفع الدعوى ولا تضر هذه القرارات بحقوقه الوظيفية على نحو ما فضلاً عن نطاق تلك القرارات ضيق ومحدود والمجال الذي صدرت فيه بالإعارة أو الأجازة الخاصة لا يعد مجالاً حيوياً هاماً يحسن معه التوسع في دائرة المصالح التي تؤدي إلى قبول دعواه في هذا الخصوص.
إذ لم يرتض المدعي هذا القضاء لذا أقام طعنه الماثل ناعياً عليه بالبطلان وذلك لأسباب خمس. أولها: إن الحكم صدر متضمناً قضاء قطعياً في الشقين المستعجل والموضوعي في الدعوى دون إحالتها لهيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها. ثانياً: بطلان الحكم لأنه حكم بما لم يطلبه الخصوم إذ أن المطعون ضدهم لم يدفعوا بعدم قبول الدعوى الموضوعية وكل ما دفع به الطاعن عن الجامعة هو عدم قبول الطلب المستعجل لانتفاء المصلحة. ثالثاً: بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إيداع مسودته عند النطق به. رابعاً: بطلان الحكم لقصوره في التسبيب وإخلاله بحق الدفاع فالمادة 178 من قانون المرافعات توجب أن يشتمل الحكم على عرض لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري.... والقصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم ولقد استند المدعي - الطاعن - في تأسيس مصلحته في الدعوى على ما جاء في صحيفة دعواه ومذكرتيه المتقدمتين بجلسة 22/ 11/ 1989 وأثناء حجز الدعوى للحكم إلا أنه فوجئ بأن أسباب الحكم تنتهي إلى عدم توافرها بينما قدم الطاعن أحكاماً عديدة لمجلس الدولة الفرنسي وفي مصر يتوافر المصلحة لأعضاء المجالس في الطعن على القرارات الصادرة من السلطة المركزية المتعلقة بعمل هذه المجالس وأنه يلجأ للمحكمة بالشكوى للزود عن المشروعية في كلية الحقوق. إلا أن المحكمة لم تلتفت لهذا الدفاع الذي يوفر للمدعي مصلحة أدبية في إلغاء القرارات المطعون فيها. خامساً: إن الحكم المطعون فيه قد انبنى على خطأ في تطبيق القانون وتأويله وصدر على خلاف ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة في أحكامه ذلك لأن قضاء مجلس الدولة استقر على أن طبيعة قضاء الإلغاء لا يقوم للدفاع عن حقوق شخصية بل لحماية القواعد القانونية ويحمل الإدارة على الالتزام بمبدأ المشروعية في قراراتها، وبالتالي فهو قضاء عيني يختلف بذلك عن القضاء الشخصي الذي لا يلجأ إليه إلا لحماية حق في ذمة المدعي بينما يكون موضوع دعوى الإلغاء في القضاء العيني إلغاء ما يخل بالقواعد القانونية دون أن يكون للمدعي بالضرورة نفع شخصي مباشر. وقد استقر قضاء مجلس الدولة على أن يكفي لتوافر المصلحة في دعوى الإلغاء أن يكون الطاعن في مركز قانوني خاص أو حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله ما دام قائماً مؤثراً في مصلحة ذاتية للطالب تأثيراً مباشراً، وقضى بأن المصلحة في دعوى الإلغاء تتوافر عندما يكون رافعها في حالة قانونية يؤثر فيها القرار المطعون فيه تأثيراً مباشراً وليس من الضروري عندئذ أن يكون هناك حق قدمه فعلاً القرار المطعون فيه. والمركز القانوني للطاعن لكونه عضواً بمجلس الكلية وأستاذاً ورئيساً لقسمها يجعله في حالة قانونية خاصة تؤثر فيها القرارات المطعون فيها تأثيراً مباشراً ومن شأن نفاذها إرساء تقاليد عدم المشروعية في عمل مجلس الكلية والمساس بسمعتها فضلاً عن تحمله بأعباء كبيرة من العمل الجامعي الذي يؤدي على وجه مشترك عملاً بأحكام المادتين 96 و99 من قانون تنظيم الجامعات وإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مخالف لما استقر عليه قضاء الدولة من تعريف للمصلحة في دعوى الإلغاء وينطوي على خلط بين شرط المصلحة في فقه القانون الخاص وشرط المصلحة في دعوى الإلغاء أي خلط بين القضاء الشخصي والقضاء العيني ويخالف الواقع ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مجال القرارات الطعون فيها ضيق محدود وأن المجال الذي صدرت فيه لا يعد مجالاً حيوياً يجوز معه التوسعة في دائرة المصالح التي تؤدي إلى قبول الدعوى إذ إن الحكم بذلك يكون قد أغفل السياق الواقعي الذي صدرت فيه والذي من شأنه أن يجعل آثارها تتعدى دائرة الآثار الفردية التي برزها الحكم المطعون فيه، لتمتد إلى استقامة العمل داخل مرفق كلية الحقوق وإرساء مبدأ المشروعية في القرارات اللاحقة التي يقررها المجلس وقد جرد الحكم المطعون فيه شرط المصلحة في الدعوى من أي معيار موضوعي يمكن الإهداء به للقول يتوافر المصلحة أو انتفائها عندما انتهى إلى أن شرط المصلحة يختلف من دعوى إلى أخرى حسب طبيعة كل قرار ومجال صدوره وهو ما يستخلصه القاضي الإداري من كل دعوى على حده آخذاً بظروفها دون أن ينسحب هذا الاستخلاص على كل الدعاوى ليشكل معيار عاماً لكل هذه الأسباب يقيم الطاعن الطعن الماثل بالطلبات آنفة الذكر.
من حيث إن الحكم صدر في الشق المستعجل من الدعوى دون الشق الموضوعي.
من حيث إن مناط قبول الدعوى كشرط عام - سواء في شقها المستعجل أو الموضوعي وسواء كانت دعوى من دعاوى الإلغاء أو من دعاوى القضاء الكامل - أن تتوافر مصلحة المدعي في إقامتها من وقت رفعها حتى الفصل فيها نهائياً. غير أن نطاق المصلحة في دعاوى الإلغاء - وذلك بتأثير الطبيعة العينية لهذه الدعوى وما تستهدف من إرساء قواعد المشروعية - كشرط لقبول هذه الدعاوى - يتسع لكل دعوى إلغاء يكون رفعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة جدية وهذا الاتساع لا يعني الخلط بينها وبين دعوى الحسبة - ولا يلزم لقبول دعوى الإلغاء أن يكون المدعي ذا حق آثر في القرار المطعون فيه بل يكفي أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة مادية كانت أو أدبية في طلب الإلغاء بأن يكون في حالة قانونية بالنسبة إلى القرار من شأنها أن تجعله يؤثر تأثيراً مباشراً عليه.
ومن حيث إن الكلية الواحدة بجميع أقسامها تكون وحدة واحدة وذلك فيما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذي تقوم به في سبيل تقدم المجتمع والارتقاء به حضارياً وكل ما يتعلق بأداء المهمة الأصلية للجامعات ويمس العملية التعليمية التي تضطلع بها وهم على وجه الخصوص أساتذة وأعضاء هيئة التدريس بها بحسبان أنهم المحور الذي تدور حوله أعمال البحث العلمي والتعليم فالأستاذة وأعضاء هيئة التدريس في مركز قانوني خاص بالنسبة لما عساه أن يصدر عن مجلس الكلية من قرارات تمس هذه المجالات مما يحق معه لهم أن يلتجئوا إلى هذا القضاء المختص لعرض مطاعنهم على ما قد يصدر من هذا المجلس من قرارات في هذا الشأن يرون أنها تعرض العملية التعليمية أو البحث العلمي بصفة عامة لأضرار قد تنتهي بالإساءة إلى سمعة الجامعة كلها أو كلية من كلياتها ومصلحتهم في هذا الشأن وإن كانت أدبية إلا أنها قائمة وحالة. ومن ثم فإذا كان الطاعن وهو أستاذ بكلية حقوق الزقازيق وعضو بمجلس الكلية لما له من صفة الأستاذية بهذه الكلية وكانت القرارات المطعون منها - وإن كانت تخص زملاء بأقسام أخرى بذات الكلية وتتعلق بإعارتهم أو بمنحهم أجازات بدون مرتب - إلا أنها تؤثر على العملية التعليمية بالكلية وعلى ما يجب أن تتمتع به من انتظام في الأداء وما تتصف به من الالتزام بالمشروعية والقانون مما تؤثر في وضع الطاعن بحكم مركزه القانوني كأستاذ للقانون وعضو بمجلس هذه الكلية وما يجب أن تتسم تلك القرارات من مراعاة للقانون التي استندت قواعده لمراعاة العملية التعليمية وحسن أدائها تحقيقاً للصالح العام ومن حيث إنه متى كان ذلك - وكان الفصل في شرط المصلحة كشرط لقبول الطلب المستعجل الصادر فيه الحكم المطعون فيه يأتي في المقام الأول وذلك قبل التطرق لأركان طلب وقف التنفيذ - ومن حيث إن المصلحة الطاعنة وإن كانت أدبية إلا أنها قائمة وحالة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر على النحو آنف الذكر - خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المطلوب إلغائه بدعوى الإلغاء يتطلب توافر ركنين: الأول: قيام حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار الإداري نتائج يتعذر تداركها. ثانياً: وهو يتصل بمبدأ المشروعية، وهو أن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل الحق أو موضوع دعوى الإلغاء - على أسباب جدية ترجح معها إلغاء القرار.
ومن حيث إن القرارات المطعون عليها لا يترتب على تنفيذها نتائج يتعذر تداركها وأية ذلك أفادت به الجامعة في دفاعها من انتظام العملية التعليمية بكلية حقوق الزقازيق على النحو المطلوب لإطلاع زملاء من صدر لهم القرارات المطعون فيها - بمباشرة التدريس عنهم بما لا يخل بالأداء في العملية التعليمية بالكلية المذكورة وعلى وجه مرضي فمن ثم يتخلف ركن الاستعجال عند تطرقها لبحث بطلب وقف تنفيذ القرارات المطعون عليها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للفصل في طلب الإلغاء، وألزم الطاعن وجامعة الزقازيق بالمصروفات مناصفة.
ساحة النقاش