الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعادوجوب الفصل فيه قبل الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه عدم جواز رفض طلب وقف التنفيذ استناداً إلى احتمال عدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 14
(5)
جلسة 16 من نوفمبر سنة 1974
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضة، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمد نور الدين العقاد المستشارين.
القضية رقم 851 لسنة 18 القضائية
قرار إداري - وقف تنفيذه - دعوى الإلغاء "عدم قبول".
الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد - وجوب الفصل فيه قبل الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - عدم جواز رفض طلب وقف التنفيذ استناداً إلى احتمال عدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً - أساس ذلك. مثال.
إن الحكم المطعون فيه لم يناقش الدفع الذي أبداه المدعى عليهم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، ولم يبحث دفاع المدعي فيه، بل اكتفى باستظهار الأوراق فيما يتعلق بميعاد رفع الدعوى، واستخلص من ذلك أن المرجح أن تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد، ثم اتخذ من هذا الاستخلاص سبباً للقول بعدم توافر ركن الجدية في موضوع طلب وقف التنفيذ وقضى برفضه - فإن الحكم يكون والحالة هذه قد خالف القانون، بعدم فصله في الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً مع أن الفصل فيه أمر لازم قبل التعرض لموضوع الطلب، كما أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ أقام قضاءه برفض الطلب موضوعاً على سبب مستمد من مسألة شكلية متعلقة بميعاد رفع الدعوى، مع أن الفصل في موضوع طلب وقف التنفيذ يقوم على بحث ركن الاستعجال وركن المشروعية، وهذا الأخير إنما يستمد من مدى جدية المطاعن الموجهة إلى القرار ذاته حسب ظاهر الأوراق ولذلك ما كان يجوز الاستناد في رفض الطلب موضوعاً إلى رجحان احتمال عدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً لرفعها بعد الميعاد بل كان يتعين الفصل في هذا الدفع ابتداء وقبل التصدي لموضوع الطلب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن السيد/ ...... أقام الدعوى رقم 1772 لسنة 25 القضائية ضد كل من السادة وزير الصناعة ومحافظ الإسكندرية ورئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية لتكرير البترول وتجارته، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 12 من سبتمبر سنة 1971، طالبا الحكم، أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الجمهوري رقم 303 لسنة 1970، ثانياً: في الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع إلزام المدعى عليهما المصروفات. وقال بياناً لدعواه أن القرار المطعون فيه يقضي بتقرير المنفعة العامة لمشروع إقامة وحدة التقطير رقم 3 كفاءة مليون طن ومستودعات تخزين منتجاتها، وزيادة كفاءة تخزين شركة الإسكندرية للبترول، كما ينص في مادته الثانية على أن يستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء هذا المشروع والبالغ مساحتها 141700 متر مربع بمنطقة قرية وادي القمر بناحية المكس بمحافظة الإسكندرية. وقد نشر هذا القرار بالعدد رقم 19 لسنة 13 من الجديدة الرسمية الصادر بتاريخ 4 من مارس سنة 1970 وتضمنت المذكرة المرافقة له بيان المبررات التي دعت إلى تخصيص المنطقة المذكورة للمشروع كما أرفقت به قائمة بأسماء الملاك الظاهرين ومساحة ما يملكه كل منهم، ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته القانون لأنه لم يتم نشره بالكيفية وبالإجراءات التي يستلزمها قانون نزع الملكية، كما ترتب على ذلك أن المدعي وغيره من الملاك والحائزين لم يعلموا به إلا يوم 30 من أغسطس سنة 1971 عندما شرع مندوبو الجهة الإدارية والشركة المدعى عليها في اقتحام المنطقة بقصد الاستيلاء عليها بالطريق المباشر فتصدى لهم الأهالي وأبلغ الأمر إلى جهات الأمن والنيابة العامة. وأضاف المدعي أن المستفاد من المذكرة المتضمنة لمبررات القرار أنها انطوت على بيانات غير صحيحة فيما يتعلق بلزوم المنطقة التي حددها المشروع لأغراض الشركة، ذلك أنه توجد مساحات كبيرة من الأراضي المحكرة والمملوكة للحكومة تقع شمال أراضي الشركة وكان يمكن تنفيذ المشروع فيها بدلاً من منطقة قرية وادي القمر الأهلة بالسكان، كما أنه ليس صحيحاً ادعاء الشركة أن وجود مصرف (خندق العرب) على حدودها الشرقية يمنع امتداد المشروع إلى ناحية الشرق، إذ أن هذا المصرف لم يعق الشركة من قبل عن مد أنابيبها عبره، وكان يمكنها والحالة هذه أن تتخذ من الأراضي الواقعة شرق هذا المصرف مجالاً لتوسعاتها، إلا أن كلاً من محافظة الإسكندرية ووزارة الصناعة استجابت دون بحث أو تمحيص للبيانات غير الصحيحة التي قدمتها الشركة، فتم استصدار القرار على مقتضاها، وأردف قائلاً أن الملاك المذكورين بالكشف المرافق للقرار ليسوا هم الملاك الحقيقيون حالياً وأن اسمه لم يرد بالكشف مع أنه يملك جزءاً من أرض المشروع وانتهى إلى أن تنفيذ القرار - على ما شابه - سيؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها إذ سيشرد سكان المنطقة دون مبرر، ومن ثم طلب الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذه إلى أن يفصل في طلب إلغائه موضوعاً.
وقد رد المدعى عليهم على الدعوى بمذكرتين تضمنتا دفعاً بعدم قبول الدعوى بشقيها لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن القرار المطعون فيه نشر بالجريدة الرسمية في 4 من مارس سنة 1970، وأنه فضلاً على ذلك فقد علم به المدعي علماً يقينياً في 7 من يوليه سنة 1971 عندما قامت الشركة المدعى عليها باستلام أرض المشروع من مندوب المساحة وبوضع علامات الحدود حولها، ومع ذلك لم يقم دعواه إلا في 12 من سبتمبر سنة 1971. وعن موضوع القرار فإن تحديد الموقع اللازم لتنفيذ مشروعات توسع الشركة المدعى عليها قد تم بعد دراسة المنطقة المحيطة بالشركة وبناءً على أسباب فنية، ومع التزام المصلحة العامة، وأنه ليس للمدعي أن يعقب على السلطة التقديرية لجهة الإدارة في اختيار الموقع ما دام قد بني على أسباب موضوعية سليمة ولم ينطو على إساءة في استعمال السلطة، وإنه لذلك فإن القرار المطعون قد صدر صحيحاً مطابقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ومن ثم يكون طلب وقف التنفيذ جديراً بالرفض.
وبجلسة 9 من مايو سنة 1972 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضير طلب الإلغاء وتهيئته للمرافعة. وأقامت قضاءها على أن "سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، ومردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فيجب ألا يوقف قراراً إدارياً إلا على ركنين، أولهما قيام الاستعجال بأن يترتب على التنفيذ نتائج يتعذر تداركها، وثانيهما متصل بمبدأ المشروعية أي أن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية تحمل بين طياتها رجحان إلغاء القرار موضوعاً، على أنه يرتبط بهذا الركن أيضاً أن يكون طلب الإلغاء غير متعلق بدفوع شكلية تقوم بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها عدم قبول هذا الطلب عند الفصل فيه، ذلك أن طلب الإلغاء هو الوسيلة الإجرائية لإلغاء القرار موضوعاً، فإذا كانت هذه الوسيلة غير مقبولة امتنع إلغاء القرار موضوعاً، ومن ثم يختل ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ فيقضى برفضه. وغني عن البيان أن الفصل في طلب وقف التنفيذ - بهذه المثابة - كما لا يعتبر فصلاً في طلب الإلغاء موضوعاً فإنه لا يعتبر فصلاً في الدفوع الشكلية المتعلقة به، لأنه إنما يتناول مؤقتاً تقدير مبلغ الجد في هذه الدفوع ابتغاء استظهار قيام ركن الجدية أو عدم قيامه في طلب وقف التنفيذ، ومن ثم فإن طلب الإلغاء بما يتعلق به من دفوع شكلية ومن دلائل موضوعية يبقى سليماً حتى يفصل فيه شكلاً وموضوعاً، ودون أن تتقيد المحكمة عند الفصل فيه شكلاً وموضوعاً بالحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ وبما قام عليه من أسباب". وذهب الحكم بناءً على ذلك إلى أنه لما كان البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قد نشر في العدد 9 مكرراً من الجريدة الرسمية في 4 من مارس سنة 1970 وكان لا يبدو من ظاهر الأوراق أن المدعي تظلم منه خلال الستين يوماً التالية لنشره، وهو لم يرفع الدعوى خلال هذه المدة إذ لم يودع عريضتها قلم كتاب المحكمة إلا في 12 من سبتمبر سنة 1971، فإنه من المرجح حسب ظاهر الأوراق أنه سيقضي بعدم قبول طلب الإلغاء عند الفصل فيه، ومن ثم فقد اختل ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، وتعين الحكم برفضه دون حاجة لاستظهار الركن الآخر. ودون أن يكون في هذا القضاء مساس بأصل طلب الإلغاء بما يتعلق به من دفوع شكلية ودلائل موضوعية تؤيده أو تدحضه حتى يفصل فيه شكلاً وموضوعاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم جاء مخالفاً القانون ومشوباً بالتناقض في أسبابه، ذلك أن المحكمة لم تفصل صراحة وعلى نحو قاطع في الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، مع أنه من الدفوع التي يجب الفصل فيها بقضاء قطعي قبل التصدي لبحث موضوع الدعوى في وقف التنفيذ أو في الإلغاء ولا يكتفي فيه ببحث ظاهر الأوراق، لأن أثر الحكم فيه ينسحب على شقي الدعوى إما بقبولهما معاً وإما بعدم قبولهما شكلاً، يضاف إلى ذلك أن تصدي المحكمة لبحث موضوع طلب وقف التنفيذ بتقصيها لمدى توافر ركنيه إنما يعني أنها رفضت ضمناً الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، الأمر الذي ينطوي على تناقض في أسباب الحكم، فضلاً عن القصور في التسبيب بعدم تعرض الحكم لما أثير من دفاع جدي حول ميعاد رفع الدعوى ومدى صحة طريقة نشر القرار المطعون فيه وأثرها في بدء سريان الميعاد وفي علم المدعي بالقرار علماً يقيناً.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة انتهت في تقريرها إلى قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً، وأقامت رأيها على أن علم المدعي بالقرار المطعون فيه لم يتحقق إلا في 30 من أغسطس سنة 1971، ذلك أن نشره في الجريدة الرسمية لا يعد وسيلة كافية لعلم ذوي الشأن به من الملاك والحائزين الذين مس مراكزهم القانونية ولذا فإن قانون نزع الملكية قد تطلب إلى جانب النشر في الجريدة الرسمية أن يعلن القرار في الأماكن المعدة لذلك والتي عينتها نصوصه، أما محضر استلام الشركة للأرض من مندوبي الجهة الإدارية في 7 من يوليه سنة 1971 فقد تم بعيداً عن علم المدعي وغيره من الحائزين والملاك، ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد. ومضى التقرير قائلاً أن المستفاد من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر مطابقاً للقانون وقائماً على سبب صحيح يبرره وأنه يستهدف الصالح العام في تقريره صفة المنفعة العامة على الأراضي التي حددها، وأنه لا وجه لاعتراض المدعي على اختيار الجهات المختصة للموقع والتصدي لمدى ملاءمته، وخلص من ذلك إلى طلب الحكم برفض طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يناقش الدفع الذي أبداه المدعى عليهم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، ولم يبحث دفاع المدعي فيه، بل اكتفى باستظهار الأوراق فيما يتعلق بميعاد رفع الدعوى، واستخلص من ذلك أن المرجح أن تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد، ثم اتخذ من هذا الاستخلاص سبباً للقول بعدم توفر ركن الجدية في موضوع طلب وقف التنفيذ، وقضى برفضه - فإن الحكم يكون والحالة هذه قد خالف القانون، بعدم فصله في الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً مع أن الفصل فيه أمر لازم قبل التعرض لموضوع الطلب، كما أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذا أقام قضاءه برفض الطلب موضوعاً على سبب مستمد من مسألة شكلية متعلقة بميعاد رفع الدعوى، مع أن الفصل في موضوع طلب وقف التنفيذ يقوم على بحث ركن الاستعجال وركن المشروعية، وهذا الأخير إنما يستمد من مدى جدية المطاعن الموجهة إلى القرار ذاته حسب ظاهر الأوراق، ولذلك ما كان يجوز الاستناد في رفض الطلب موضوعاً إلى رجحان احتمال عدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً لرفعها بعد الميعاد بل كان يتعين الفصل في هذا الدفع ابتداء وقبل التصدي لموضوع الطلب.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه نشر بالعدد 9 مكرر من الجريدة الرسمية الصادر في 4 من مارس سنة 1970، ونص على تقرير المنفعة العامة "لمشروع إقامة وحدة التقطير رقم 3 كفاءة مليون طن ومستودعات تخزين منتجاتها وزيادة كفاءة التخزين بشركة الإسكندرية للبترول" كما نص على أن يستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأراضي اللازمة لهذا المشروع والبالغ مساحتها 141700 متر مربع بمنطقة عزبة وادي القمر بناحية المكس بمحافظة الإسكندرية، وأرفقت بالقرار مذكرة إيضاحية ببيان مبررات إصداره، كما أرفق به كشف بأسماء الملاك الظاهرين لأرض المشروع ومساحة ما يملكه كل منهم. ولما كان القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة يقضي في المادة الثالثة منه بأن ينشر القرار المقرر للمنفعة العامة ومذكرته في الجريدة الرسمية، "ويلصق في المكان المعد للإعلانات بالمديرية أو المحافظة بحسب الأحوال وفي مقر العمدة أو مقر الشرطة أو في المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار"، فإنه يستفاد من ذلك أن مجرد نشر قرار المنفعة العامة في الجريدة الرسمية لا يكفي في نظر المشرع لوصوله إلى علم الكافة، وعلى وجه الخصوص إلى علم ذوي الشأن من الملاك والحائزين للعقارات التي ورد عليها القرار، والمدرجة أسماؤهم بالكشف المرافق له، ولذلك تطلب القانون أن يستكمل هذا النشر بلصق القرار وإعلانه في المنطقة التي يقع في دائرتها العقار محل القرار، حتى يتمكن ذوو الشأن من العلم بمحتواه ومن تقديم اعتراضاتهم وطلباتهم عنه في المواعيد وبالإجراءات التي رسمها القانون المشار إليه، ومما يؤكد هذا النظر أن قرار تقرير المنفعة العامة لمشروع معين بما يصاحبه ويترتب عليه من نزع ملكية الأفراد المالكين أو الحائزين ليس في طبيعته القانونية قراراً تنظيمياً عاماً بحيث يكفي نشره في الجريدة الرسمية لتوفر القرينة القانونية على العلم به، وإنما هو أقرب إلى القرار الفردي لأنه يمس المركز القانوني الذاتي لكل مالك أو حائز لجزء من العقارات التي ستنزع ملكيتها، كما يمس كذلك مراكز من لم ترد أسماؤهم بالكشف المرافق للقرار من الملاك الحقيقيين الذين يكون لهم بعد الاطلاع على الكشف المذكور حق إبداء اعتراضهم عليه إلى الجهة المختصة التي عينها القانون. وعلى ذلك فإن علم ذوي الشأن بأثر القرار المذكور على مراكزهم القانونية لا يتحقق بمجرد نشره في الجريدة الرسمية.
ومن حيث إن المدعى عليهم قد أقروا في مذكرات دفاعهم بأنه لم تتخذ إجراءات نشر القرار المطعون فيه بطريق اللصق في أماكن الإعلانات المعدة لذلك طبقاً لقانون نزع الملكية، فلا يجوز والحالة هذه أن يعتبر تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وحدها بدءاً لسريان ميعاد التظلم الإداري أو رفع دعوى الإلغاء ووقف التنفيذ، كما أنه لا سند لقول المدعى عليهم أن علم المدعي بالقرار قد تحقق في 7 من يوليه سنة 1971 تاريخ محضر تسليم الأرض إلى الشركة من مندوبي الجهات المختصة إذ الثابت من مطالعة هذا المحضر أنه تم بين مندوبي الشركة المدعى عليها الثالثة وبين مندوبي الجهات الرسمية التي قامت بتسليمها الأرض تسليماً حكمياً، وليس ثمة دليل على ثبوت علم المدعي بهذه الواقعة في حينها، ولما كان ذلك وكان المدعي قد قرر في دفاعه أنه لم يعلم بالقرار المطعون فيه إلا يوم 30 من أغسطس سنة 1971 عندما دخل مندوبو الشركة أرض المنطقة وأعلنوا عزمهم على الاستيلاء عليها ولم يقدم المدعى عليهم ما ينافي هذا القول وإذ قام المدعي دعواه بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة في 12 من سبتمبر سنة 1971 فإن الدعوى تكون والحال كذلك مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه عن موضوع طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يبين من مطالعة مذكرته الإيضاحية أن سبب صدوره هو ما أبداه وزير الصناعة والبترول والثروة المعدنية من أن شركة الإسكندرية للبترول (المدعى عليها الأخيرة) أوشكت على الانتهاء من تركيب وحدة التقطير الجديدة كفاءة مليون طن وينتظر أن تبدأ الإنتاج في أوائل شهر أبريل سنة 1970، وأنها تتطلب مستودعات لتخزين منتجاتها مع وجوب زيادة كفاءة التخزين طبقاً للخطة الموضوعة. وأنه لما كانت أراضي الشركة يحدها شمالاً البحر وأرض وادي القمر، وجنوباً الملاحات، وشرقاً ترعة خندق باب العرب، وغرباً شركة الأسمنت، فإن التوسع لا يتأتى إلا في الجزء من منطقة عزبة وادي القمر السابق صدور قرار تخصيص عنه للشركة من مجلس محافظة الإسكندرية في 31 من أغسطس سنة 1964.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار صدر ممن يملكه قانوناً وأنه جاء موافقاً لأحكام قانون نزع الملكية فيما قضى به من إجارة تقرير المنفعة العامة للمشروعات التي يحددها القرار الصادر بذلك، ومن إجازة الاستيلاء على الأراضي والعقارات بالطريق المباشر في حالة الاستعجال، وكل ذلك مقابل التعويض الذي نص عليه القانون، وأنه قام على سببه المبرر له وهو حاجة المنفعة العامة إلى نزع ملكية العقارات التي خصصت للمشروع. كما أنه لا سند من ظاهر الأوراق لقول المدعي أن القرار قد انحرف عن غايته المشروعة، بأن اختار مكاناً كان يمكن الاستعاضة عنه بغيره، هذا إلى أنه من المسلم أن للجهة الإدارية حرية اختيار الموقع الملائم للمشروع دون معقب عليها في ذلك ما دام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة، فإنه لذلك كله يكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه غير قائم على سند من القانون لتخلف ركن الجدية فيه وذلك دون حاجة لبحث ركنه الآخر القائم على الاستعجال.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى هذه النتيجة وقضى برفض طلب وقف التنفيذ وإنما بناء على أسباب أخرى غير التي أخذت بها هذه المحكمة على ما سلف البيان، فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين المضمومين شكلاً ورفضهما موضوعاً مع إلزام الطاعن...... مصروفات طعنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعن ..... مصروفات طعنه.
ساحة النقاش