موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ - نص المادة 17 منه على سلطة رئيس الجمهورية في التفويض في الاختصاصات والتدابير المخولة له عند إعلان حالة الطوارئ - حق المحافظين في مباشرة هذه الاختصاصات بمقتضى الأمر العسكري رقم 2 لسنة 1956 .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 393

(35)
جلسة 4 من يناير 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة/ حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضيتان رقما 1146 لسنة 8 القضائية و382 لسنة 9 القضائية

( أ ) الاستيلاء على العقارات - حالة الطوارئ - قرار إداري - تفويض في الاختصاص - القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ - نص المادة 17 منه على سلطة رئيس الجمهورية في التفويض في الاختصاصات والتدابير المخولة له عند إعلان حالة الطوارئ - حق المحافظين في مباشرة هذه الاختصاصات بمقتضى الأمر العسكري رقم 2 لسنة 1956 الصادر من الحاكم العسكري بمنحهم سلطاته في مناطقهم طبقاً للقانون رقم 533 لسنة 1954 بشأن حالة الطوارئ - لا يغير من ذلك إلغاء القانون رقم 533 لسنة 1954، أو تغير كيفية تحديد شخص الحاكم العسكري - أساس ذلك - مثال: صحة القرار الصادر عام 1961 من محافظ القاهرة بالاستيلاء على عقار لاتخاذه مدرسة.
(ب) مدارس - الاستيلاء على العقارات اللازمة لها - أمن عام - سلطة الاستيلاء على العقارات المخولة بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حال الطوارئ - هي سلطة مطلقة وغير مقيدة ولا تتعارض مع سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها المخولة بمقتضى القانون رقم 521 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 252 لسنة 1960 - مثال: عدم توافر شرط خلو العقار المستولى عليه بالفعل المنصوص عليه في القانون الأخير، لا يمنع من إصدار قرار الاستيلاء على العقار بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 - القول بأن مثل هذا الاستيلاء لا صلة له بالأمن العام - غير صحيح؛ لوجوب فهم الأمن العام في هذا الشأن بمعناه الواسع حتى يشمل سير المرافق العامة بانتظام، ومرفق التعليم من المرافق العامة.
(جـ) قرار إداري - مدارس - الاستيلاء على العقارات - القانون 521 لسنة 1955 المعدل بالقانون 252 لسنة 1960 بشأن سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها - شرط ممارسة هذه السلطة - أن يكون العقار المستولى عليه خالياً - مفهوم الخلو في حكي هذا الشرط - هو ألا يكون أحد مالكاً أو مستأجراً شاغلاً للعقار عند صدور قرار الاستيلاء عليه - صدور قرار من نائب رئيس الجمهورية للخدمات بالاستيلاء على عقار لاتخاذه مدرسة وذلك وفقاً لأحكام القانون سالف الذكر رغم صدور قرار من المحافظ بالاستيلاء على ذات العقار لذات الغرض بمقتضى قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 - يعتبر صحيحاً مؤكداً له، ويحمل على الأخذ بالأحوط في حالة سقوط قرار المحافظ إذا ما ألغي إعلان حالة الطوارئ - أساس ذلك.
1 - إن المادة الأولى من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ تنص على أنه "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمر أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء وتنص المادة الثانية من القانون المذكور على أن "يكون إعلان حالة الطوارئ وإنهاؤها بقرار من رئيس الجمهورية..." كما تنص المادة الثالثة فقرة أولى بند 4 منه على أنه "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية (4) الاستيلاء على أي منقول أو عقار..." كذلك تنص المادة 17 منه على أنه "لرئيس الجمهورية أن ينيب عنه من يقوم مقامه في اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون كلها أو بعضها وفي كل أراضي الجمهورية أو في منطقة أو مناطق معينة منها" وفي 27 من سبتمبر سنة 1958 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1174 لسنة 1958 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 162 سنة 1958 سالف الذكر باستمرار إعلان حالة الطوارئ التي كانت أعلنت بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 1956 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية الذي ألغي بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه.
ومتى كانت حالة الطوارئ باقية كما سلف البيان فإن قرار محافظ القاهرة الصادر في أول أكتوبر سنة 1961 بالاستيلاء على المبنى موضوع النزاع يكون قراراً صادراً ممن يملكه إذ هو يستند إلى السلطة المخولة لرئيس الجمهورية في الاستيلاء على أي عقار بالتطبيق لنص المادة الثالثة فقرة أولى بند 4 من القانون رقم 162 لسنة 1958 سالف البيان كما يستند إلى التفويض الصادر للمحافظين والمديرين أو من يقومون بأعمالهم من الحاكم العسكري بمباشرة سلطاته في مناطقهم وذلك بمقتضى الأمر رقم 2 لسنة 1956. وإنه ولئن كان هذا الأمر قد صدر من الحاكم العسكري العام في حدود اختصاصه المبين في القانون رقم 533 لسنة 1954 الملغى بالقانون رقم 162 لسنة 1958، إلا أنه لا يترتب على مجرد إلغاء القانون رقم 533 لسنة 1954 وحلول القانون رقم 162 لسنة 1958 محله سقوط الأمر المذكور ما دامت حالة الطوارئ باقية وما دامت نصوص هذا القانون الأخير لا تتعارض مع ذلك الأمر الذي صدر في الأصل صحيحاً. ذلك أن القانون الأخير رقم 162 لسنة 1958 قد ردد في المادة 17 منه نص المادة 17 من القانون رقم 533 لسنة 1954 التي كانت تخول الحاكم العسكري أن يعهد ببعض الاختصاصات المخولة لمن يندبه لذلك في مناطق معينة. ومن المقرر أن القرارات التي صدرت صحيحة في ظل نظام معين تظل نافذة ومنتجة لآثارها طالما بقي هذا النظام ولم يرد نص صرح في قانون بإلغائها. وكذلك ليس بذي أثر على نفاذ الأمر المشار إليه أن الحاكم العسكري العام بعد أن كان في القانون رقم 533 لسنة 1954 معيناً بالشخص أصبح بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 رئيس الجمهورية أي معيناً بالوظيفة، ما دام تغيير شخص الحاكم العسكري العام لا يستتبع سقوط الأوامر الصادرة من سلفه.
2 - إن سلطة الاستيلاء على أي عقار المخولة بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 هي سلطة مطلقة وغير مقيدة بأي قيد من القيود ولا تتعارض مع سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها المخولة بمقتضى القانون رقم 521 لسنة 1955 معدلاً بالقانون 252 لسنة 1960 والتي اشترط المشرع لممارستها أن يكون العقار خالياً. بل إنها تعتبر مكملة لها ويمكن الالتجاء إليها لمعالجة الحالة التي تعجز السلطة المخولة بمقتضى القانون رقم 521 لسنة 1955 عن مواجهتها بسبب عدم خلو العقار المستولى عليه بالفعل. وفي هذه الحالة لا يجوز الاحتجاج بأن مثل هذا الاستيلاء لا صلة له بالأمن العام لأنه ينبغي أن يفهم الأمن العام في هذا الخصوص بمعناه الواسع حتى يشمل استمرار سير المرافق العامة بانتظام وغير خاف ما لذلك الانتظام في استمرار سير المرافق العامة من أثر في استتباب الأمن العام وتوفير الشعور بالطمأنينة لدى الناس وما من شك في أن مرفق التعليم هو من المرافق العامة ذات الأهمية الكبرى التي يجب العمل على سيرها باطراد وانتظام.
فإنه متى كان الثابت من الأوراق أن حاجة منطقة شرق القاهرة التعليمية إلى مبان تستوعب طلبة المرحلة الأولى كانت حاجة ملحة وأن المبنى المستولى عليه يصلح لشغله بمدرسة مرحلة أولى. فإن قرار الاستيلاء الصادر من المحافظ يكون قد قام على سببه المبرر له قانوناً وتغيا وجه الصالح العام فبرئ من عيب الانحراف في استعمال السلطة. فضلاً عما سلف بيانه من أنه صدر ممن يملكه.
3 - إنه عن قرار الاستيلاء الصادر من السيد/ نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 1722 لسنة 1961 بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1961 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 252 لسنة 1960 بشأن سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها. فواضح أنه قرار صدر مؤكداً لزوم المبنى المستولى عليه لوزارة التربية والتعليم بيد أن ذلك لا ينفي عنه أنه قرار صحيح مطابق للقانون. فهو صادر ممن يملكه ذلك أن قرار رئيس الجمهورية رقم 1658 لسنة 1961 قد فوض نائب رئيس الجمهورية للخدمات في مباشرة سلطة رئيس الجمهورية في الاستيلاء المنصوص عليها في القانون رقم 252 لسنة 1960 وهو قد استوفى شرط خلو العقار المنصوص عليه في القانون رقم 521 لسنة 1955 ذلك أن مفهوم الخلو في حكم هذا الشرط - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - هو ألا يكون أحد - مالكاً أو مستأجراً - شاغلاً للعقار عند صدور قرار الاستيلاء عليه حتى لا يترتب على هذا القرار إخراج شاغله جبراً عنه. وهذا هو المحظور الذي أراد الشارع أن يتقيه. ولكن العقار كان مشغولاً وقت صدور القرار المشار إليه بحيازة وزارة التربية والتعليم التي صدر لمصلحتها القرار المذكور وهي حيازة مشروعة بحكم قرار الاستيلاء الصحيح الصادر من السيد المحافظ. ومن ثم فقد تحقق الشرط الذي أوجبه القانون للاستيلاء وهو خلو العقار وكون القرار سالف الذكر قد صدر تأكيداً لقرار الاستيلاء الصادر من المحافظ بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1959 بشأن حالة الطوارئ لا يعني أنه لغو لا يعتد به. وإنما هو يحمل على الأخذ بالأحوط في حالة ما إذا ألغي إعلان حالة الطوارئ وسقط بالتالي قرار الاستيلاء الصادر من المحافظ.


إجراءات الطعن

في 12 من مايو سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السادة/ نائب رئيس الجمهورية للخدمات ووزير التربية والتعليم ووزير التخطيط ومحافظ القاهرة ومدير المنطقة الشمالية التعليمية تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 20 من مارس سنة 1962 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في طلبي وقف التنفيذ المقدمين في الدعويين رقمي 88، 208 لسنة 16 القضائية المقامتين من السيد/ الملازم محمود أحمد حمدي والسيدات/ نانيس وروكيه ونيللي أحمد حمدي أولاد المهندس/ أحمد محمد حمدي ضد الطاعنين والذي قضى بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما. وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتقضي بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في الطعن من المحكمة العليا ثم إحالته إلى المحكمة العليا لتقضي قبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المدعين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد قيد هذا الطعن تحت رقم 1146 لسنة 8 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهم في 2 من يونيه سنة 1962.
وفي 7 من مارس سنة 1963 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن الطاعنين سالفي الذكر تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 15 من يناير سنة 1963 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في موضوع الدعويين المشار إليهما آنفاً. والذي قضى بإلغاء القرارين المطعون فيهما، وإلزام الحكومة بمصاريف الدعويين ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض دعوى المطعون عليهم مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد قيد هذا الطعن تحت رقم 382 لسنة 9 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهم في 31 من مارس سنة 1963.
وقد عين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 31 من أغسطس سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 22 من أغسطس سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة. وفيها قررت الدائرة وقف تنفيذ الحكم القاضي بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما وإحالة الطعنين إلى المحكمة العليا حيث عين لنظرهما جلسة 30 من نوفمبر سنة 1963 وقد أبلغ الطرفان في 28 من أكتوبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع إيضاحات ذوي الشأن، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعنين - تتحصل في أن المدعين أقاموا الدعوى رقم 88 لسنة 16 القضائية ضد السادة/ وزير التربية والتعليم ووزير التخطيط ومحافظ القاهرة ومدير المنطقة الشمالية التعليمية بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1961. وقالوا بياناً للدعوى إنه بمقتضى عقد بيع رسمي صادر في 15 من أغسطس سنة 1961 ومشهر بتاريخ 17 من أغسطس سنة 1961 تحت رقم 7247 القاهرة اشتروا من السادة/ طه محمد الحسيني وعبد اللطيف الحسيني وعبد الرحمن الحسيني كامل أرض ومباني المنزل رقم 5 شارع سليم عبده قسم الوايلي مقابل ثمن قدره ستة عشر ألف جنيه مصري وقد تعهد البائعون بالبند الخامس من عقد البيع بأن يسلموا المشترين المنزل المبيع خالياً فور التوقيع على عقد البيع كما قرروا بأن المنزل ليس متعلقاً به أي حق لأي مستأجر. ولكن البائعين لم يوفوا بهذا الالتزام مما اضطر معه المدعون إلى إخطارهم برقياً بتسليم المنزل وإلى إعلانهم بالصورة التنفيذية لعقد البيع مع التنبيه عليهم بتسليم المنزل في المدة القانونية وإلا لجأ المشترون إلى التنفيذ الجبري ومع ذلك لم يقم البائعون بالتسليم فقدم المدعون عقد البيع الرسمي إلى قلم المحضرين لتنفيذه واستلام العقار المبيع وحدد يوم 24 من سبتمبر سنة 1961 للتنفيذ. وفي هذا اليوم استشكلت في التنفيذ السيدة/ زهرة أحمد عمرو زوجة أحد البائعين بمقولة أنها مستأجرة للمنزل المبيع وقد رفع الإشكال إلى المحكمة فقضت في 12 من أكتوبر سنة 1961 برفضه وقبل أن يتسرع المدعون في إعادة التنفيذ تبين لهم أن البائعين قد أخلوا العقار وسلموه لمنطقة القاهرة الشمالية التعليمية كما تبين لهم أن استيلاء المنطقة على هذا المنزل قد تم بناء على قرار استيلاء صادر من محافظ القاهرة وأن صدور هذا القرار كان بناء على محضر موقع عليه من شيخ الحارة ومن عضو الاتحاد القومي قررا فيه أن المنزل خال وأنه مملوك للسيد/ طه الحسيني وأنه لما كان لهذه المعلومات الخاطئة المغرضة المخالفة للواقع أثرها في صدور قرار الاستيلاء بالسيد/ طه الحسيني لم يكن مالكاً للمنزل إذ قد تصرف فيه هو وأخواه بالمبيع للمدعين وتعهدوا بتسليمه لهم فور التوقيع على عقد البيع. ولما كانت المنطقة الشمالية التعليمية لم تتخذ الإجراء المعتاد الواجب اتخاذه وهو معاينة المنزل وإثبات حالته وتقرير صلاحيته وخلوه من السكان ولما كان وزير التربية والتعليم لم يوافق على قرار الاستيلاء ولم يصدق عليه ولم ينشر بالجريدة الرسمية ولم يبلغ للمدعين. ولما كان يشوب قرار الاستيلاء مخالفته لنص المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 55 التي تشترط خلو العقار المطلوب الاستيلاء عليه فالمنزل كان مشغولاً حكماً بسكن المدعين بمقتضى عقد البيع لذلك انتهى المدعون إلى طلب الحكم: -
أولاً - بوقف تنفيذ قرار الاستيلاء.
وثانياً - بإلغاء القرار المذكور وإلغاء جميع ما ترتب عليه. وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1961 أقام المدعون الدعوى رقم 208 لسنة 16 القضائية ضد السادة/ نائب رئيس الجمهورية للخدمات ووزير التربية والتعليم ومحافظ القاهرة ومدير المنطقة الشمالية وقالوا بياناً لهذه الدعوى إنهم لما قرروا في الدعوى رقم 88 لسنة 16 القضائية أن قرار الاستيلاء إذ صدر من محافظ القاهرة يكون باطلاً قامت الجهة الإدارية المختصة بتصحيح هذا الاستيلاء فاستصدرت من نائب رئيس الجمهورية للخدمات القرار رقم 1722 في 12 من نوفمبر سنة 1961 بالاستيلاء على العقار المذكور. وقالوا أنهم يطعنون على هذا القرار الجديد بمثل ما طعنوا به على القرار الأول. ويضيفون أن استصدار هذا القرار الجديد ينهض دليلاً على سوء استعمال السلطة. فلم يكن الاستيلاء الأول وليد المصلحة العامة إنما كان مقصوداً به الأضرار بهم والكيد لهم بحرمانه من الانتفاع بملكهم هذا الحرمان الذي عمد إليه البائعون بامتناعهم عن التسليم بالطريق الودي والجبري على السواء. ثم أكد المدعون أن المنزل المشار إليه لم يكن خالياً وقت الاستيلاء وإنما كان مشغولاً بهم بمقتضى عقد البيع الرسمي ومن تاريخه أي من 15 من أغسطس سنة 1961. فإذا انتهزت الجهة الإدارية باتفاقها مع المالكين السابقين فرصه تغيير وضع إليه واستولت على المنزل دون أن تتبع الإجراءات القانونية السليمة فإن هذا الاستيلاء يعتبر من قبيل الغصب ولا يصححه صدور قرار جديد بالاستيلاء وانتهى المدعون إلى طلب الحكم: -
أولاً: بوقف تنفيذ قرار الاستيلاء رقم 1722 لسنة 1961 الصادر من نائب رئيس الجمهورية بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1961.
ثانياً: بإلغاء قرار الاستيلاء المذكور وإلغاء جميع ما ترتب عليه.
وقد أجابت الحكومة عن الدعويين بأن المنطقة التعليمية كانت في حاجة ملحة لي مبان لاستعمالها مدارس للمرحلة الأولى. وقد اتضح أن المبنى رقم 5 شارع سليم عبده بالعباسية المملوك للمدعين خال فقامت بمعاينته وتبين لها أنه يتكون من مبنيين أحدهما رئيسي والآخر تبعي وأنه يصلح لاستعماله مدرسة ابتدائية بعد القيام ببعض الإنشاءات البسيطة ثم عرضت الأمر على لجنة التربية والتعليم فوافقت في 30 من سبتمبر سنة 1961 على الاستيلاء على العقار المذكور للعرض السابق كما وافق المحافظ في أول أكتوبر سنة 1961 ثم عرض أمر الاستيلاء على المبنى على السيد/ نائب رئيس الجمهورية فأصدر قراراً في 12 من نوفمبر سنة 1961 بالاستيلاء عليه لشغله بمدرسة مرحلة أولى. ثم مضت الحكومة تقول إن الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 كانت تخول وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء ثم عدلت هذه الفقرة بالمادة 3 من القانون رقم 252 لسنة 1960 فأصبح إصدار قرارات الاستيلاء من اختصاص السيد/ رئيس الجمهورية الذي منح نوابه سلطة إصدار هذه القرارات وذلك بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1658 لسنة 1961 وقد صدر القرار المطعون فيه من السيد/ نائب رئيس الجمهورية وذلك بناء على ما جاء بمذكرة وزارة التربية والتعليم من حاجتها إلى العقار سالف الذكر ومن أنه خال وقد اعترف المدعون في صحيفة الدعوى رقم 88 لسنة 16 القضائية بأن المبنى كان خالياً ولم يكن مؤجراً. وإنه على فرض أن البائعين قد أخلوا هذا المبنى وسلموه للوزارة إضراراً بالمدعين وإخلالاً بشروط عقد البيع، فإن ذلك لا يعيب قرار الاستيلاء لأن هذا الادعاء خاص بالعلاقة بين المدعين والبائعين ولا شأن لجهة الإدارة بهذه العلاقة.
وبجلسة 13من فبراير سنة 1963 قررت محكمة القضاء الإداري ضم الدعويين للأخرى ليصدر فيهما معاً حكم واحد. وبجلسة 20 من مارس سنة 1962 قضت بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما. وأقامت قضاءها على أن المبنى خلافاً لما تضمنته المذكرات المرفوعة بشأن الاستيلاء عليه لم يكن خالياً بل الثابت من محاضر المعاينة والاستلام والإشكال في التنفيذ أنه كان مشغولاً وأنه لم يصبح خالياً إلا بعد تسليمه من شاغليه تنفيذاً للقرار الصادر من المحافظ وأن شاغلي المبنى لم يسارعوا إلى إخلائه إلا رغبة في الكيد للملاك الجدد رداً على إجراءات التنفيذ التي اتخذوها قبلهم. وإنه بهذه المثابة لا يمكن اعتبار هذا المبنى خالياً وقت استصدار قرار السيد/ نائب رئيس الجمهورية ويقع الاستيلاء عليه في هذه الحالة مخالفاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 التي تجيز الاستيلاء فقط على العقارات الخالية. وبعد تحضير موضوع الدعويين قدمت الحكومة مذكرة ختامية قررت فيها أن قرار المحافظ بالاستيلاء على العقار صدر صحيحاً ومن مختص بالاستناد إلى القانون الصادر بشأن حالة الطوارئ. وأنه ما دام قد ثبتت صحة هذا القرار فلا محل للدفاع عن القرار الصادر من السيد نائب رئيس الجمهورية بالاستيلاء، وعلى ذلك فإنه بصرف النظر عن صحة قرار المحافظ فإن القرار الصادر من السيد/ نائب رئيس الجمهورية صحيح أيضاً لأنه بصدور الحكم برفض الإشكال في 16 من أكتوبر سنة 1961. أصبح العقار منذ ذلك التاريخ خالياً خلواً قانونياً فضلاً عما ثبت في المعاينات من أن شاغلي العقار قد قاموا بإخلائه في شهر أكتوبر سنة 1961 عقب صدور الحكم في الإشكال. وكل ذلك قبل صدور قرار السيد نائب رئيس الجمهورية بالاستيلاء الذي صدر في 12 من نوفمبر سنة 1961. وبجلسة 15 من يناير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري في موضوع الدعويين بإلغاء القرارين المطعون فيهما وإلزام الحكومة بمصاريف الدعويين ومقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على الأسباب ذاتها التي أقامت عليها قضاءها في طلبي وقف التنفيذ.
ومن حيث إن الطعنين يقومان على أنه برفض الإشكال أصبح العقار خالياً خلواً قانونياً وأن الثابت من المعاينات أن شاغلي العقار قاموا بإخلائه في شهر أكتوبر سنة 1961 فور صدور الحكم في الإشكال على حين صدر القرار المطعون فيه في 12 من نوفمبر سنة 1961. أي في تاريخ لاحق على الإخلاء المادي، وأنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن شاغلي العقار قاموا بتسليمه للوزارة إضراراً بالمطعون عليهم لأن ذلك بفرض صحته لا يعيب القرار المطعون فيه وإنما ينصب على العلاقة بين المطعون عليهم والملاك السابقين للعقار وأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ أغفل إغفالاً تاماً الصالح العام وما يجب له من ترجيح على عنصر الصالح الشخصي.
ومن حيث إن المطعون عليهم عقبوا على الطعنين بأن رددوا دفاعهم السابق أمام محكمة القضاء الإداري وأضافوا إليه أن قرار الاستيلاء الأول الصادر من السيد المحافظ قد صدر ممن لا يملك إصداره فهو منعدم الوجود قانوناً ويكون وضع يد الوزارة على العقار بمقتضى هذا القرار وضع يد غير قانوني وبطريق الغصب وإن قرار الاستيلاء الثاني الصادر من السيد/ نائب رئيس الجمهورية قرار مخالف للقانون لأن العقار لا يمكن اعتباره خالياً جائزاً الاستيلاء عليه بمقتضى القانون إذ كان ثمة مانع قانوني من ذلك وأن هناك مانعاً قانونياً من اعتبار هذا العقار خالياً وهو الإشكال المدفوع من شاغليه ضد مالكيه للحيلولة دون وضع يدهم عليه وشغله بأنفسهم إعمالاً لنص عقد البيع الذي قضى بتسليمه إليهم فهو والحالة هذه في وضع يدهم حكماً وقد حيل بينهم وبين وضع يدهم الفعلي عليه بمانع قانوني هو الإشكال. ولو لم يرفع هذا الإشكال لوضع المدعون يدهم عليه بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1961 وهو تاريخ محضر الإشكال قبل أن تتفاهم المنطقة التعليمية مع شاغلي العقار على منع المدعين من شغله بالقوة عن طريق صدور قرار الاستيلاء المنعدم الوجود.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه في يوم 24 من سبتمبر سنة 1961 انتقل محضر محكمة الوايلي إلى المنزل رقم 5 شارع سليم عبده بالعباسية قسم الوايلي بناء على طلب المدعين وبموجب عقد البيع الرسمي رقم 7247 لسنة 1961 المشهر بمأمورية الوايلي. مشروع رقم 1080 لسنة 1961 الصادر إليهم من السادة/ طه محمد الحسيني وعبد الرحمن الحسيني وعبد اللطيف الحسيني وذلك لتنفيذ الإخلاء بحسب البند الخامس من عقد البيع المذكور. وهناك قابل السيدة/ زهرة أحمد عمرو حرم السيد/ طه محمد الحسيني فأفهمها مأموريته فأجابت بالاستشكال في هذا التنفيذ. فحدد المحضر جلسة 2 من أكتوبر سنة 1961 أمام قاضي الأمور المستعجلة بالقاهرة لنظر الإشكال. كلف كلاً من المستشكلة والمستشكل ضدهم الحضور لهذه الجلسة لسماع الحكم في الإشكال المرفوع. وأرجأ التنفيذ لحين الفصل في الإشكال. وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1961 قضت محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة برفض الإشكال. وكان مدير التعليم الابتدائي بمنطقة شرق القاهرة التعليمية قد كلف مفتش قسم العباسية التعليمي ومهندس مباني المنطقة بمعاينة المبنى المذكور فقاما بمعاينته في 30 من سبتمبر سنة 1961 وحررا محضراً بهذه المعاينة وقررا أن المبنى بصفة عامة يصلح لشغله بأحد معاهد التعليم حيث إنه بحالة مرضية بعد إنشاء دورة مياه بالعقار وبعض الترميمات البسيطة وقد علماً من السيد/ طه محمد الحسيني الشاغل للمبنى حالياً بأن مالك المبنى الحالي هو السيد/ محمود حمدي وأخوته وعنوانه 10 شارع عبد العظيم بالعباسية "فقدم المدير العام للمنطقة مذكرة في نفس اليوم للعرض على السيد محافظ القاهرة لإصدار قرار بالاستيلاء على المبنى المذكور وقد جاء في هذه المذكرة أن المنزل المذكور خال من السكان وقيمة الإيجار زهيدة ويرفضها المالك ولشدة حاجة المنطقة إلى هذا المنزل لشغله بمدرسة ابتدائية فقد عاينته المنطقة ووجدته صالحاً لهذا الغرض طبقاً للمعاينة الهندسية المرفقة وخوفاً أن يسارع إلى تأجيره نرجو التكرم بالموافقة على الاستيلاء على هذا المبنى مرفقاً عاماً علماً بأن المالك هو السيد/ محمود حمدي وأخوته 10 شارع عبد العظيم بالعباسية. ونرجو أن يصدر قرار الاستيلاء بصفة عاجلة حتى تتمكن المنطقة من شغله قبل أن يؤجر لجهة أو أشخاص آخرين". "وقد عرضت هذه المذكرة في نفس اليوم أيضاً على لجنة التربية والتعليم فوافقت على الطلب وعلى العرض على السيد محافظ القاهرة. وفي أول أكتوبر سنة 1961 وافق محافظ القاهرة على الاستيلاء.
وفي 20 من أكتوبر سنة 1961 قامت لجنة بتنفيذ قرار الاستيلاء المشار إليه. وأثبتت في محضرها أن المبنى المذكور "قد تمت معاينته واستلامه من السيدة/ زهرة أحمد عمرو المستأجرة التي أخلته وسلمته للجنة حالياً وكذلك مفاتيح الأبواب الخارجية.. ثم قدر وزير التربية والتعليم مذكرة للعرض على السيد/ رئيس الجمهورية بشأن الاستيلاء على المبنى سالف الذكر لشغله بمدرسة ابتدائية. وجاء في هذه المذكرة "تعاني منطقة شرق القاهرة التعليمية من عدم وجود مبان كافية تستوعب طلبة المرحلة الأولى وقد وجدت أن المبنى رقم 5 شارع سليم عبده بالعباسية خال فألفت لجنة لمعاينته واتضح من المعاينة أن المبنى الأصلي يتكون من بدروم ودورين وسطح ويحتوي كل دور وكذلك البدروم على خمس حجرات وصالة وطرقتين وأما ملحق المبنى فيتكون من دور أرضي به 2 جراج ومطبخ ودور علوي به حجرتان وصالة وطرقة وأن المبنى على العموم صالح تماماً لاستعماله مدرسة بعد إضافة إنشاءات بسيطة. وقد عرض الموضوع طلب الاستيلاء على هذا المبنى على لجنة التربية والتعليم فوافقت بجلستها المنعقدة بتاريخ 30 من سبتمبر سنة 1961 وكذلك وافق السيد/ المحافظ بتاريخ أول أكتوبر سنة 1961 وتكونت لجنة وتسلمت المبنى من مستأجرته التي أخلته وعمل محضر بحالته وذلك بتاريخ 2 من أكتوبر سنة 1961. وحيث إن المالك لم يوافق على التعاقد ولشدة حاجة التعليم إلى المبنى فإن الأمر يقتضي الاستيلاء عليه خصوصاً وأن المبنى كان مؤجر من قبل" وبناء على هذه المذكرة صدر قرار السيد/ نائب رئيس الجمهورية رقم 1722 لسنة 1961 بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1961 بالاستيلاء على المبنى سالف الذكر لشغله بمدرسة مرحلة أولى وبإلزام ملاك العقار وحائزيه بتسليمه إلى وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إنه عن قرار الاستيلاء الصادر من محافظ القاهرة بتاريخ أول أكتوبر سنة 1961 فإن المادة الأولى من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ تنص على أنه "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء" وتنص المادة الثانية من القانون المذكور على أنه "يكون إعلان حالة الطوارئ وإنهاؤها بقرار من رئيس الجمهورية.." كما تنص المادة الثالثة فقرة أولى بند 4 منه على أنه: "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوياً التدابير الآتية (4) الاستيلاء على أي منقول أو عقار.." كذلك تنص المادة 17 منه على أنه "لرئيس الجمهورية أن ينيب عنه من يقوم مقامه في اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون كلها أو بعضها وفي كل أراضي الجمهورية أو في منطقة أو مناطق معينة منها" وفي 27 من سبتمبر سنة 1958 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1174 لسنة 1958 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 سالف الذكر باستمرار إعلان حالة الطوارئ التي كانت قد أعلنت بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 1956 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية الذي ألغي بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه.
ومتى كانت حالة الطوارئ باقية كما سلف البيان فإن قرار محافظ القاهرة الصادر في أول أكتوبر سنة 1961 بالاستيلاء على المبنى موضوع النزاع يكون قراراً صادراً ممن يملكه إذ هو يستند إلى السلطة المخولة لرئيس الجمهورية في الاستيلاء على أي عقار بالتطبيق لنص المادة الثالثة فقرة أولى بند 4 من القانون رقم 162 لسنة 1958 سالف البيان كما يستند إلى التفويض الصادر للمحافظين والمديرين أو من يقومون بأعمالهم من الحاكم العسكري العام بمباشرة سلطاته في مناطقهم وذلك بمقتضى الأمر رقم 2 لسنة 1956. وإنه ولئن كان هذا الأمر قد صدر من الحاكم العسكري العام في حدود اختصاصه المبين في القانون رقم 533 لسنة 1954 الملغي بالقانون رقم 162 لسنة 1958. إلا أنه لا يترتب على مجرد إلغاء للقانون رقم 533 لسنة 1954 وحلول القانون رقم 162 لسنة 1958 محله سقوط الأمر المذكور ما دامت حالة الطوارئ باقية وما دامت نصوص هذا القانون الأخير لا تتعارض مع ذلك الأمر الذي صدر في الأصل صحيحاً. ذلك أن القانون الأخير رقم 162 لسنة 1958 قد ردد في المادة 17 منه. نص المادة 17 من القانون رقم 533 لسنة 1954 التي كانت تخول الحاكم العسكري أن يعهد ببعض الاختصاصات المخولة له لمن يندبه لذلك في مناطق معينة. ومن المقرر أن القرارات التي صدرت صحيحة في ظل نظام معين تظل نافذة ومنتجة لآثارها طالما بقي هذا النظام ولم يرد نص صريح في قانون بإلغائها وكذلك ليس بذي أثر على نفاذ الأمر المشار إليه أن الحاكم العسكري العام بعد أن كان في القانون رقم 533 لسنة 1954 معيناً بالشخص أصبح بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 رئيس الجمهورية أي معيناً بالوظيفة ما دام تغيير شخص الحاكم العسكري العام لا يستتبع سقوط الأوامر الصادرة من سلفه.
ومن حيث إن سلطة الاستيلاء على أي عقار المخولة بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 هي سلطة مطلقة وغير مقيدة بأي قيد من القيود ولا تتعارض مع سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها المخولة بمقتضى القانون رقم 521 لسنة 1955 معدلاً بالقانون 252 لسنة 1960 والتي اشترط المشرع لممارستها أن يكون العقار خالياً. بل أنها تعتبر مكملة لها ويمكن الالتجاء إليها لمعالجة الحالة التي تعجز السلطة المخولة بمقتضى القانون رقم 521 لسنة 1955 عن مواجهتها بسبب عدم خلو العقار المستولى عليه بالفعل. وفي هذه الحالة لا يجوز الاحتجاج بأن مثل هذا الاستيلاء لا صلة له بالأمن العام لأنه ينبغي أن يفهم الأمن العام في هذا الخصوص بمعناه الواسع حتى يشمل استمرار سير المرافق العامة بانتظام. وغير خاف ما لذلك الانتظام في استمرار سير المرافق العامة من أثر في استتباب الأمن العام وتوفير الشعور بالطمأنينة لدى الناس، وما من شك في أن مرفق التعليم هو من المرافق العامة ذات الأهمية الكبرى التي يجب العمل على سيرها باطراد وانتظام.
فإنه متى كان الثابت من الأوراق أن حاجة منطقة شرق القاهرة التعليمية إلى مبان تستوعب طلبة المرحلة الأولى كانت حاجة ملحة. وأن المبنى المستولى عليه يصلح لشغله بمدرسة مرحلة أولى. فإن قرار الاستيلاء الصادر من المحافظ يكون قد قام على سببه المبرر له قانوناً وتغيا وجه الصالح العام فبرئ من عيب الانحراف في استعمال السلطة. فضلاً عما سلف بيانه من أنه صدر ممن يملكه.
ومن حيث إنه عن قرار الاستيلاء الصادر من السيد/ نائب رئيس الجمهورية للخدمات رقم 1722 لسنة 1961 بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1961 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 252 لسنة 1960 بشأن سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها. فواضح أنه قرار صدر مؤكداً لزوم المبنى المستولى عليه لوزارة التربية والتعليم. بيد أن ذلك لا ينفي عنه أنه قرار صحيح مطابق للقانون. فهو صادر ممن يملكه ذلك أن قرار رئيس الجمهورية رقم 1658 لسنة 1961 قد فوض نائب رئيس الجمهورية للخدمات في مباشرة سلطة رئيس الجمهورية في الاستيلاء المنصوص عليها في القانون رقم 252 لسنة 1960 وهو قد استوفى شرط خلو العقار المنصوص عليه في القانون رقم 521 لسنة 1955 ذلك أن مفهوم الخلو في حكم هذا الشرط - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - هو ألا يكون أحد - مالكاً أو مستأجراً - شاغلاً للعقار عند صدور قرار الاستيلاء عليه حتى لا يترتب على هذا القرار إخراج شاغله جبراً عنه. وهذا هو المحظور الذي أراد الشارع أن يتقيه. ولكن العقار كان مشغولاً وقت صدور القرار المشار إليه بحيازة وزارة التربية والتعليم التي صدر لمصلحتها القرار المذكور وهي حيازة مشروعة بحكم قرار الاستيلاء الصحيح الصادر من السيد المحافظ. ومن ثم فقد تحقق الشرط الذي أوجبه القانون للاستيلاء وهو خلو العقار. وكون القرار سالف الذكر قد صدر تأكيداً لقرار الاستيلاء الصادر من المحافظ بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ. لا يعني أنه لغو لا يعتد به. وإنما هو يحمل على الأخذ بالأحوط في حالة ما إذا ألغي إعلان حالة الطوارئ وسقط بالتالي قرار الاستيلاء الصادر من المحافظ.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يبين أن الدعويين على غير أساس سليم من القانون وإذ أخذ الحكمان المطعون فيهما بغير هذا النظر فقد خالفا القانون ويتعين القضاء بإلغائهما ورفض الدعويين بشقيهما وإلزام المدعين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المطعون فيهما، وبرفض الدعويين بشقيهما، وألزمت المدعين بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,118,325

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »