القانون رقم 11 لسنة 1910 الخاص بمدارس معلمي الكتاتيب - اشتراطه لإعطاء شهادة الكفاءة للتعليم في الكتاتيب، بعد الحصول عليها، تمضية سنة بطريقة مرضية في التعليم بأحد الكتاتيب الخاضعة لتفتيش وزارة المعارف .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 906
(77)
جلسة 29 من مارس 1964
برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة: محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي المستشارين.
القضية رقم 503 لسنة 6 القضائية
( أ ) قرار إداري - القانون رقم 11 لسنة 1910 الخاص بمدارس معلمي الكتاتيب - اشتراطه لإعطاء شهادة الكفاءة للتعليم في الكتاتيب، بعد الحصول عليها، تمضية سنة بطريقة مرضية في التعليم بأحد الكتاتيب الخاضعة لتفتيش وزارة المعارف - قرار الوزير بحرمان أحد الطلبة من الحصول على هذه الشهادة لسوء سلوكه - هو قرار إداري مستند إلى سلطة تقديرية وليس عملاً مادياً.
(ب) صدور القرار الإداري قبل إنشاء مجلس الدولة يمنع من الطعن فيه.
1) أن المادة الحادية عشرة من القانون رقم 11 لسنة 1910 الخاص بمدارس معلمي الكتاتيب كان يجري نصها بما يأتي: "كل طالب نجح في امتحان شهادة الكفاءة وأمضى سنة في التعليم في أحد الكتاتيب الخاضعة لتفتيش وزارة المعارف بطريقة مرضية يعطي شهادة الكفاءة للتعليم في الكتاتيب". ويبين من هذا النص أن ما قامت به وزارة المعارف في حق المطعون عليه لم يكن في حقيقته عملاً مادياً هو مجرد الامتناع عن تسليم شهادة الكفاءة المطلوبة كما ذهب إلى ذلك بغير حق الحكم المطعون فيه، وإنما هو تصرف إرادي في حدود سلطة الوزير التقديرية أريد به إنشاء مركز قانوني ضار به بعد أن تدبرت الوزارة أمره واطلعت على حالته في التدريس فوجدته غير جدير باستحقاق مؤهل الكفاءة للتعليم الأولي "فقرار الوزير الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1935 لم يكن مجرد تطبيق لقاعدة آمره تنعدم بها سلطته من حيث الحرمان والإعطاء، وإنما هو تصرف إداري لحمته وسداه ما قدره من أن المطعون عليه لم يقض في التدريس السنة التمرينية المشترطة بصورة مرضية يستأهل بموجبها أن يمنح شهادة الكفاءة للتعليم الأولي فقراره المشار إليه إذن يستند إلى هذه السلطة التقديرية التي يملكها بحكم القانون، فهو تطبيق لقاعدة تنظيمية عامة على حالة المطعون عليه بعد تقصي مدى تحقق شروطها في حقه واستخلاص الإدارة من واقع مسلكه في التدريس أمراً ثبت عليه تقديرها وهو أنه لم يمض السنة التمرينية على وجه مرضي يوليه استحقاق هذا المؤهل والقرار الوزاري بحرمان المطعون عليه من المؤهل لا ينطوي على إهدار حق استمده هذا من القانون مباشرة، وإنما يتمخض عن إنشائه لمركز قانوني ضار بالمدعي، وإفصاحاً عن تقدير الإدارة عدم استحقاقه للمؤهل اعتباراً بأنه لم يتحقق فيه شرط يعلق عليه القانون هذا الاستحقاق. فالتصرف يراد به بلا مراء إنشاء مركز قانوني ضار به، وإحداث أثر مقصود لا يستفاد مباشرة من حكم القانون. فهو إن لم يكن قراراً إدارياً صحيحاً لعدم ثبوت أي انحراف في تقدير الإدارة ولعدم قيام الدليل على انتفاء سببه فلا أقل من أن يكون قراراً باطلاً على فرض قيام ذلك الانحراف وانتفاء هذا السبب وهو في الحالين قرار إداري بكل خصائصه وسماته ولا شبهة في أن تجرد القرار من سببه الذي يقوم عليه أو قيام عيب الانحراف به بفرض التسليم جدلاً بتحقق أي من هذين العيبين - ليس من شأن أيهما أن يسلب القرار قوامه وكيانه ويجعله منعدماً.
ويؤكد ما سلف أنه لا ينبغي الهبوط بتصرف الإدارة في تحققها من الشروط التي يعلق عليها القانون الانتفاع بحق من الحقوق إلى مستوى العمل المادي ما دامت قد قدرت بما لها من سلطة تقديرية به أن المدعي لم يستوف شرطاً لازماً لاستحقاق مؤهله هو تمضيته سنة في التدريس بصورة مرضية. ولا مرية في أن هذا القرار الذي انطوى فيه بالتطبيق الفردي لتلكم القاعدة هو قرار إداري لأنه لم ينشأ مباشرة ولزاماً من القاعدة التنظيمية العامة التي أرسلتها المادة الحادية عشرة المشار إليها بل أسهم فيه تقدير الإدارة لمدى توافر شروط استحقاق المؤهل في حق المطعون عليه وهو تقدير انبثق عن إرادة الإدارة وتبلور في قرارها بحرمانه من هذا المؤهل.
2) إذا كان القرار الإداري قد أنشأ مركزاً قانونياً في غير مصلحة المطعون عليه فإنه يمتنع عليه معه طلب إلغائه ما دام قد ثبت صدور هذا القرار قبل إنشاء مجلس الدولة في مصر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
إجراءات الطعن
في 13 من يناير سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 503 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1959 من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في الدعوى رقم 33 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ شاكر السيد سليمان ضد وزارات الصناعة والزراعة والتربية والتعليم والقاضي "برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته عملاً بقواعد الإنصاف مع ما يترتب على ذلك من آثار على أن تصرف الفروق المالية من 23 من يناير سنة 1951 وألزمت جهة الإدارة المصروفات" وطلب السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وبعدم قبول دعوى المطعون ضده وبرفضها موضوعاً مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين" وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 21 من يناير سنة 1960. وقد أعلن الخصوم بجلسة 12 من مارس سنة 1961 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 13 من يناير سنة 1963. وقد تخلل نظر الطعن عدة تأجيلات لاستيفاء بحث بعض النقاط. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1963 سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجأت النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 333 لسنة 3 القضائية (محاكم) ضد وزارات التربية والتعليم والصناعة والزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 21 من مايو 1956 بناء على قرار لجنة المساعدة القضائية الصادر لصالحه بقبول طلب الإعفاء برقم 141 لسنة 3 القضائية (محاكم) المقدم منه في 3 من يناير سنة 1956 وقال شرحاً لدعواه أنه حصل على شهادة الكفاءة للتعليم في عام 1928 والتحق بخدمة وزارة التجارة والصناعة في وظيفة "ملاحظ سلخ" خارج الهيئة اعتباراً من 8 من ديسمبر سنة 1938 وقد طالب الوزارة بتطبيق قواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 عليه ولكنها لم تجبه إلى ملتمسه رغم وصول إخطار من وزارة التربية والتعليم يفيد سبق حصوله على الشهادة المذكورة آنفا في عام 1928 وقد اضطره هذا الموقف إلى التقدم بطلب إعفائه من رسوم هذه الدعوى وهو الطلب الذي قبلته لجنة المساعدة القضائية حسبما سلف البيان وانتهى إلى طلب الحكم بأحقيته في تطبيق قواعد الإنصاف عليه باعتباره حاصلاً على شهادة كفاءة التعليم الأولي في عام 1928. وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى منوهة بأن المدعي كان قد تقدم إلى الإدارة العامة للامتحانات (قلم التعليم الأولي) طالباً إعطاءه بياناً بنجاحه في امتحان شهادة الكفاءة للتعليم الأولي للمعلمين الأولية سنة 1928 وقد أفادت المراقبة المذكورة بكتابها برقم 637 والمؤرخ 25 من يناير سنة 1954 بأنه بالبحث في نتيجة امتحان الشهادة المذكورة وجد اسم المدعي بزيادة لفظة "أحمد ضمن أسماء الناجحين من مدرسة المعلمين الأولية بأسوان ورقم جلوسه 495 وهذا البيان مقصود به إحاطة المصلحة بأنه كان فعلاً ضمن الناجحين ولكن هذا الأمر لا يخوله الحق في اشتغال بالتدريس ولهذا طلبت عدم تسليمه هذا البيان بأي حال من الأحوال وأضافت أن المراقبة العامة للامتحانات (التعليم الأولي) أبلغت وزارة التجارة بكتابها المؤرخ 21 من أغسطس سنة 1945 رداً على الكتاب رقم 600/ 3/ 1975 في 25 من يوليه سنة 1945 بأن وزارة التربية والتعليم قررت حرمان المدعي من منحه شهادة الكفاءة للتعليم الأولي للأسباب التي من أجلها فصل من خدمة مجلس مديرية أسوان وذلك لما نسب إليه من تهم خلقية ومخالفات إدارية وقد ترتب على ذلك حرمانه من الإفادة من قواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 بناء على كتاب وزارة المالية الصادر في فبراير سنة 1946 وختمت ردها بأن المدعي تظلم إلى السيد مفوض الدولة لوزارتي التجارة والصناعة وقد قامت المصلحة بالرد على ما جاء به بكتابيها المؤرخين 14 من نوفمبر سنة 1955 و26 من نوفمبر سنة 1955 و(26 من نوفمبر سنة 1955) اللذين أرفقت بهما جميع صور المكاتبات المتبادلة بين وزارة الصناعة وبين وزارتي التربية والتعليم ووزارة المالية. وبجلسة 15 من نوفمبر سنة 1959 حكمت المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين "برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته عملاً بقواعد الأنصاف مع ما يترتب على ذلك من آثار على أن تصرف الفروق المالية من 23 من يناير سنة 1951 وألزمت جهة الإدارة المصروفات" وأقامت قضاءها بالنسبة إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن "الجهة الإدارية لم تستطع تقديم الأوراق المثبتة لوجود قرار بحرمان المدعي من الشهادة وملابسات إصداره وأنه على فرض وجوده فمن المسلم به أن الشهادة الدراسية إنما هي تقرير واعتراف من الجهة المشرفة على التعليم بقضاء مرحلة دراسية معينة وبالنجاح في الامتحان الذي يعقد في نهايتها طبقاً للشروط التي يقررها القانون وعلى هذا فإن القرار الصادر بمنح الشهادة لا يعتبر قراراً منشئاً لما ترتبه من حقوق وإنما هو قرار تنفيذي تلتزم الجهة الإدارية بإصداره متى تحققت في الطالب الشروط التي يستلزمها القانون" وعلى أن "واقعة تسليم الشهادة تعتبر عملاً مادياً وليس في طبيعتها ما يرقى بها إلى مرتبة القرار الإداري فإن عدم تسليم الشهادة لصاحبها لا يحول بينه وبين حقوقه التي اكتسبها بقوة القانون فليس صك الشهادة إلا وسيلة من وسائل إثباتها وإن كانت الوسيلة المعدة لذلك، فليس الوسيلة الوحيدة، بل إنه يمكن إثبات النجاح في الامتحان الذي أعدت الشهادة أصلاً لإثباته بأنه وسيلة أخرى من وسائل الإثبات ما دام لا يتطرق إليها الشك" وعلى أن الوزارة لم تستطع أن تقيم لحرمانها المدعي من الشهادة سنداً من القانون فضلاً عن أنها لم تتمكن من تقديم القرار المذكور وأنه على فرض وجود قرار بهذا المعنى، فإنه قرار قد ولد ميتاً، لأن الإدارة لا اختصاص لها أصلاً في إصداره كما أنه قد صدر مخالفاً للقانون إلى حد يصعب معه إسناده لنص من نصوصه فيكون والحال هذه عملاً معدوماً منقطع الصلة بالوظيفة الإدارية وعلى هذا فإن طلبات المدعي تستقيم على هذا النحو طبقاً لما جاءت بعريضة الدعوى تسوية لحالته عملاً بقواعد الإنصاف دون حاجة لإثارة طعن بالإلغاء لقرار صادر بالحرمان من المؤهل الدراسي" أما بالنسبة إلى الموضوع فقد أسست المحكمة الإدارية قضاءها على أن "الوزارة لم تنكر على المدعي نجاحه في امتحان شهادة الكفاءة للتعليم الأولي سنة 1928 إذ أفادت إدارة المحفوظات بكتابها المؤرخ 21 من مايو سنة 1959 أنه بالبحث في سجل الناجحين وجد المدعي ناجحاً من مدرسة المعلمين بأسوان أما قبول الوزارة بأن المدعي لم يحصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولي بصفة فعلية لأنه لم يمض سنة في التعليم بأحد الكتاتيب الخاضعة لتفتيش وزارة المعارف بصفة مرضية كما تقضي بذلك المادة الحادية عشرة من القانون رقم 11 لسنة 1910 فمردود عليه بأن المدعي قد قدم شهادة من مجلس مديرية أسوان تفيد أن له مدة خدمة بمدارس لجنة التعليم الإلزامي بمجلس المديرية في المدة ما بين تاريخي 12 من ديسمبر سنة 1928 و23 من مايو سنة 1932 وبذلك تحققت الشروط التي يستلزمها القانون لتمتعه بالحقوق لتي يرتبها له المؤهل الدراسي) وعلى أن قواعد الإنصاف تقضي بمنح حملة شهادة الكفاءة للتعليم الأولي الدرجة الثامنة بمرتب ستة جنيهات شهرياً يزاد بمقدار خمسمائة مليم كل سنتين مع مراعاة ما يوالي إلى أن يبلغ المرتب عشرة جنيهات، فيزاد بالعلاوات المقررة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "حقيقة الأمر هو أن المطعون ضده لم يمنح شهادة التعليم الأولي وإذا كان امتناع الوزارة أو رفضها القيام بعمل يلزمها به القانون يعتبر قراراً إدارياً فإنه مما لا شك فيه أنه كان يتعين على المطعون ضده أن يرفع الدعوى في خلال المواعيد اللازمة فيما يتصل بقضاء الإلغاء إذ أن ولاية القضاء في هذه الحالة هي قضاء إلغاء بالتطبيق للفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 165 لسنة 1955، إذا كان القرار بالرفض أو الامتناع، قد نشأ في ظل العمل بقانون مجلس الدولة أما والقرار قد نشأ منذ عام 1928 أي قبل قانون إنشاء مجلس الدولة، فإنه يمتنع على القضاء الإداري "قضاء الإلغاء" النظر في مثل هذا القرار كما يقوم الطعن كذلك على أن "المادة 11 من القانون رقم 11 لسنة 1910 الخاص بمدارس معلمي الكتاتيب تنص على أن كل طالب ينجح في امتحان شهادة الكفاءة وأمضى سنة في التعليم بأحد الكتاتيب الخاضعة لتفتيش وزارة المعارف العمومية بطريقة مرضية يعطي شهادة الكفاءة للتعليم في الكتاتيب" ونظراً لأن المطعون ضده لم يثبت تمضيته المدة التي قضاها في التدريس بمدارس مجلس مديرية أسوان على وجه مرض بدليل فصله من المجلس فهو بذلك لا يعتبر أنه حاصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولي وإذ كان الأمر كذلك فإن المطعون ضده يظل في نظر الجهة الإدارية المنوط بها تطبيق قواعد الإنصاف غير حاصل على المؤهل ومن ثم غير محق في طلب الإفادة من هذه القواعد وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير هذا النظر قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أنه طبقاً لأحد السجلات المحفوظة بإدارة المحفوظات، يوجد اسم المطعون عليه ضمن من نجحوا في امتحان شهادة الكفاءة للتعليم الأولي عن عام 1928 وقد وردت قرين اسمه المدون في السجل المذكورة عبارة "يحرم من منحه الشهادة كما أثبتت في أسفل الصفحة العبارة الآتية: - "أمر الوزير بحرمانه من منحه شهادة الكفاءة للتعليم الأولي لسوء سلوكه وهو قرار صدر من وزير المعارف في 23 من نوفمبر سنة 1935 ومشار إليه في السجل سالف الذكر وإن لم يعثر على وثيقته الرسمية بإدارة المحفوظات" ويستفاد من المكاتبات المتبادلة بين إدارة الامتحانات لوزارة التربية والتعليم ووزارة التجارة والصناعة أن وزير المعارف كان قد أصدر القرار المشار إليها أثر مدة سلخها المطعون عليه بمدارس لجنة التعليم الإلزامي بمجلس مديرية أسوان في المدة بين عامي 1928 و1932 على اعتبار أنه لم يقض مدة التدريس بصورة مرضية بل ثبت عليه انحراف السلوك بسب اتهامه بجرائم خلقية مما دعا إلى فصله من خدمة مجلس مديرية أسوان وقتذاك وبرر في الوقت ذاته صدور قرار الوزير بحرمانه من استحقاق مؤهله على ما سبق البيان ولفرط حرص الوزارة على الاستمساك بهذا القرار فقد نبهت إدارة الامتحانات في كتابها إلى وزارة التجارة والصناعة بعدم تسليم المطعون عليه بياناً بنجاحه في امتحان شهادة الكفاءة للتعليم الأولي ونوهت بأن حالته لا تخوله الانتقال للتدريس على أساس الحصول على هذا المؤهل كما تبين لهذه المحكمة أيضاً أن المطعون عليه عين بعد فصله ملاحظ سلخ بالدرجة الثانية خارج الهيئة بوزارة التجارة والصناعة في 8 من ديسمبر سنة 1938. ثم سويت بعد ذلك حالته بالتطبيق لأحكام كادر العمال ووضع في درجة صانع دقيق في الدرجة (240 - 400 مليماً) بأجر يومي قدره 300 مليم ومنح علاوة دورية قدرها 20 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1949.
ومن حيث إن المادة الحادية عشرة من القانون رقم 11 لسنة 1910 الخاص بمدارس معلمي الكتاتيب كان يجري نصها بما يأتي: "كل طالب نجح في امتحان شهادة الكفاءة وأمضى سنة في التعليم في أحد الكتاتيب الخاضعة لتفتيش وزارة المعارف بطريقة مرضية يعطي شهادة الكفاءة للتعليم في الكتاتيب" ويبين من هذا النص أن ما قامت به وزارة المعارف في حق المطعون عليه لم يكن في حقيقته عملاً مادياً هو مجرد الامتناع عن تسليم شهادة الكفاءة المطلوبة كما ذهب إلى ذلك بغير حق الحكم المطعون فيه وإنما تصرف إداري في حدود سلطة الوزير التقديرية أريد به إنشاء مركز قانوني ضار به بعد أن تدبرت الوزارة أمره واطلعت على حاله في التدريس فوجدته غير جدير باستحقاق مؤهل الكفاءة للتعليم الأولي "فقرار الوزير الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1935 لم يكن مجرد تطبيق لقاعدة آمره تنعدم بها سلطته من حيث الحرمان والإعطاء، وإنما هو تصرف إداري لحمته وسداه ما قدره من أن المطعون عليه لم يقض في التدريس السنة التمرينية المشترطة بصورة مرضية يستأهل بموجبها أن يمنح شهادة الكفاءة للتعليم الأولي فقراره المشار إليه إذن يستند إلى هذه السلطة التقديرية التي يملكها بحكم القانون، فهو تطبيق لقاعدة تنظيمية عامة على حالة المطعون عليه بعد تقصي مدى تحقق شروطها في حقه واستخلاص الإدارة من واقع مسلكه في التدريس أمراً ثبت عليه تقديرها وهو أنه لم يمض السنة التمرينية على وجه مرض يوليه استحقاق هذا المؤهل والقرار الوزاري بحرمان المطعون عليه من المؤهل لا ينطوي على إهدار حق استمده هذا من القانون مباشرة، وإنما يتمخض عن إنشائه لمركز قانوني ضار بالمدعي، وإفصاح عن تقدير الإدارة عدم استحقاقه للمؤهل اعتباراً بأنه لم يتحقق فيه شرط يعلق عليه القانون هذا الاستحقاق فالتصرف يراد به بلا مراء إنشاء مركز قانوني ضار به، وإحداث أثر مقصود لا يستفاد مباشرة من حكم القانون. فهو إن لم يكن قراراً إدارياً صحيحاً لعدم ثبوت أي انحراف في تقدير الإدارة ولعدم قيام الدليل على انتفاء سببه فلا أقل من أن يكون قراراً باطلاً على فرض قيام ذلك الانحراف وانتفاء هذا السبب وهو في الحالين قرار إداري بكل خصائصه وسماته ولا شبهة في أن تجرد القرار من سببه الذي يقوم عليه أو قيام عيب الانحراف به بفرض التسليم جدلاً بتحقق أي من هذين العيبين - ليس من شأن أيهما أن يسلب القرار قوامه وكيانه ويجعله منعدماً.
ويؤكد ما سلف أنه لا ينبغي الهبوط بتصرف الإدارة في تحققها من الشروط التي يعلق عليها القانون الانتفاع بحق من الحقوق إلى مستوى العمل المادي ما دامت قد قدرت بما لها من سلطة تقديرية به أن المدعي لم يستوف شرطاً لازماً لاستحقاق مؤهله هو تمضيته سنة في التدريس بصورة مرضية. ولا مرية في أن هذا القرار الذي انطوى فيه التطبيق الفردي لتلكم القاعدة هو قرار إداري لأنه لم ينشأ مباشرة ولزاماً من القاعدة التنظيمية العامة التي أرستها المادة الحادية عشرة المشار إليها بل أسهم فيه تقدير الإدارة لمدى توافر شروط استحقاق المؤهل في حق المطعون عليه وهو تقدير انبثق عن إرادة الإدارة وتبلور في قرارها بحرمانه من هذا المؤهل.
ومن حيث إنه إذا كان القرار الإداري قد أنشأ مركزاً قانونياً في غير مصلحة المطعون عليه فإنه يمتنع عليه معه طلب إلغائه ما دام قد ثبت صدور هذا القرار قبل إنشاء مجلس الدولة في مصر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
فإذا كان المدعي قد افترض بغير حق استحقاقه لهذا المؤهل - رغم ثبوت حرمانه منه بقرار إداري حصين - وبني على هذا الاستحقاق نشوء حق له في الإفادة من قواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944، فهي نتيجة متعسفة بناها على مقدمات غير صحيحة ويكون الحكم المطعون فيه إذ سلم له باستحقاقه لراتب حملة شهادة الكفاءة للتعليم الأولي بالتطبيق لقواعد الإنصاف قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ساحة النقاش