يتعين لاستظهار حقيقته تقصي قصد مصدر القرار في ضوء الظروف التي لابست إصداره، وحدود السلطة التي يملكها، ومدى توافر الشروط اللازمة لإصداره .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 1105
(100)
جلسة 31 من مايو 1964
برئاسة السيد/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: علي محسن مصطفى وعادل عزيز زخاري وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.
القضية رقم 556 لسنة 7 القضائية
( أ ) قرار إداري - مضمونه - يتعين لاستظهار حقيقته تقصي قصد مصدر القرار في ضوء الظروف التي لابست إصداره، وحدود السلطة التي يملكها، ومدى توافر الشروط اللازمة لإصداره - مثال: قرار التعيين في وظيفة ملاحظ.
(ب) كادر عمال - تعيين - ترقية - لا تجوز إلا إلى الدرجة التالية مباشرة في الفئة ذاتها وبعد انقضاء الفترة المحددة لجواز الترقية - نقل العامل من فئة من الوظائف إلى فئة أخرى دون تقيد بشرط المدة - يعتبر تعييناً جديداً يجب أن يسبقه امتحان أمام اللجنة الفنية المختصة - الترقية إلى درجة ملاحظ لا تكون إلا من بين الأسطوات - إذا كان تعيين الملاحظ من الخارج فيشترط أن يتم بموافقة الوزير المختص وفي حدود النسبة المقررة للتعيين من الخارج - أساس ذلك ومثال: نقل عامل كتابي إلى وظيفة ملاحظ دون امتحان أو وجود درجة خالية - يدل على انصراف نية الإدارة إلى بقائه عاملاً كتابياً.
1 - يتعين لاستظهار حقيقة ما تضمنه القرار تقصي قصد مصدره في ضوء الظروف التي لابست إصداره وحدود السلطة التي يملكها وتوافر أو عدم توافر الشروط اللازمة للتعيين في وظيفة (ملاحظ).
2 - وفقاً لأحكام كادر العمال لا تجوز الترقية من درجة إلا إلى الدرجة التالية لها مباشرة في الفئة ذاتها وبعد انقضاء الفترة المحددة لجواز الترقية بعدها، أما نقل العامل من فئة من الوظائف إلى فئة أخرى دون تقيد بشرط المدة فإنه يعتبر تعييناً جديداً ويجب أن يسبقه امتحان العامل أمام اللجنة الفنية المختصة للاستيثاق من قدرته ودرجة كفايته ولتحديد الدرجة والأجر اللذين يستحقهما. كما أنه وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 لا يرقى إلى درجة ملاحظ إلا من بين الأسطوات فإذا كان تعيينه من الخارج فيشترط أن يكون ذلك بموافقة الوزير المختص وفي حدود النسبة المقررة للتعيين من الخارج وهي 20% من الخلوات.
وترتيباً على ما تقدم فإنه لو قصد بنقل المدعي وهو عامل كتابي، تعيينه في وظيفة (ملاحظ) بقسم الكهرباء لوجب أن يسبق هذا التعيين امتحانه أمام اللجنة الفنية للاستيثاق من قدرته وكفايته - والتحق من وجود درجة ملاحظ خالية في حدود النسبة المقررة للتعيين من الخارج.
وبما أن شيئاً من ذلك لم يراع في نقل المدعي إلى قسم الكهرباء إذ اقترح نقله هو وآخرين في 24 من يناير سنة 1956 وتم اعتماد النقل في ذات هذا التاريخ دون أن يسبقه التحقق من وجود درجات خالية أو إجراء امتحان - مما لا يدع مجالاً للشك في أنه لم يقصد بنقله تعيينه في وظيفة ملاحظ بل مجرد الاستعانة به لمواجهة ضغط العمل في مد الكابلات وسد العجز في الفنيين القائمين بهذا العمل - ومما يؤكد أن نية الإدارة قد انصرفت إلى بقائه عاملاً كتابياً دون تعديل في مركزه القانوني أن نقله لم يقترن بأية آثار مالية إذ ظل بعد نقله شاغلاً لدرجة عامل كتابي ويتقاضى أجرها والعلاوات المقررة لها.
إجراءات الطعن
في 8 من يناير سنة 1961 أودع الأستاذ لويس ويصا المحامي نيابة عن السيد حسن محمود محمد سيد أحمد تقرير طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 في الدعوى رقم 253 لسنة 7 القضائية المقامة من: السيد/ حسن محمود محمد سيد أحمد ضد السيد/ وزير الأشغال والسيد/ مدير إدارة الكهرباء والغاز برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن في تسوية حالته باعتباره في درجة ملاحظ فني (400/ 900 مليم) التي يشغلها ابتداء من 24 من يناير سنة 1956 طبقاً للقرار الصادر بوضعه في هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضدهما في 11 من يناير سنة 1961 - وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18 من مايو سنة 1963 وأبلغ الخصوم بموعد هذه الجلسة في 7 من إبريل سنة 1963 - وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 19 من إبريل سنة 1964 التي أبلغ بها الخصوم في 2 من إبريل سنة 1964 - وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه قد صدر في 16 من أكتوبر سنة 1960 وأن الطاعن قد تقدم بطلب لإعفائه من رسوم الطعن أودع سكرتيرية لجنة المساعدة القضائية في 15 من نوفمبر سنة 1960 وتقرر قبول هذا الطلب في 11 من ديسمبر سنة 1960 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في 8 من يناير سنة 1961.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 5 من يوليو سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 459 لسنة 6 القضائية ضد السيد مدير إدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة طالباً الحكم بتسوية حالته بمنحه درجة الوظيفة التي يشغلها وهي وظيفة مساعد مهندس فني اعتباراً من 24 من يناير سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وقال بياناً لدعواه أنه حصل على دبلوم المدارس الصناعية قسم ثانوي حديث دور أول سنة 1952 وأنه في 28 من مايو سنة 1953 عين بوظيفة مساعد كهربائي بقسم التركيبات بالإدارة بأجر يومي قدره 140 مليماً ثم نقل في 16 من أكتوبر سنة 1953 إلى قسم مراجعة الإيصالات بعد أن أدى اختباراً باعتبار أنه من حاملي شهادة إتمام الدراسة الابتدائية لحاجة الإدارة إلى كتبة وذلك بأجر يومي قدره 200 مليم - وفي 24 من يناير سنة 1956 صدر قرار بنقله من وظيفة كاتب إلى وظيفة ملاحظ فني وتضمن خطاب النقل اقتراح تكوين ثلاث فرق لأعمال الكابلات يرأس كل منها مهندس ومساعد مهندس حاصل على دبلوم مدارس صناعية ثانوي كما تضمن الخطاب - نظراً إلى عدم توافر مساعدي المهندسين اقتراح نقل الفنيين حملة دبلوم المدارس الصناعية (قسم ثانوي) الذين يعملون كتبة - وصدر القرار بنقله إلى الوظيفة المذكورة بالفرقة الثانية لمد الكابلات 10.5 ك. ف واستلم العمل فعلاً في 5 من فبراير سنة 1956 وذكر أنه تقدم بعدة تظلمات إلى الإدارة أحدها في 23 من مايو سنة 1956 والثاني في 12 من أكتوبر سنة 1956 ومضى الميعاد القانوني دون جدوى - وقد أجابت إدارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أن المدعي قد التحق بخدمتها في 28 من مايو سنة 1953 بمهنة عامل مؤقت بقسم التركيبات الكهربائية بأجر يومي قدره 140 مليماً على أساس أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية سنة 1947 ثم عدل أجره إلى مائتي مليم من 14 من أكتوبر سنة 1953 في وظيفة كاتب بقسم مراجعة الإيصالات وفي 23 من يناير سنة 1955 تقدم بطلب أوضح فيه أنه حاصل على دبلوم المدارس الصناعية قسم العمارة عام 1952 والتمس نقله إلى قسم التركيبات الكهربائية لمزاولة مهنته بها واختبر محلياً بمعرفة مكتب الرسم ووجد أنه يمكنه العمل بالمكتب المذكور بعد فترة تموين ثم نقل إلى قسم مشروعات الشبكة اعتباراً من 5 من فبراير سنة 1956 وذكرت الإدارة أن الأمر الإداري الذي يدعى أنه صدر في 24 من يناير سنة 1959 بتعيينه في وظيفة مساعد مهندس غير موجود بملف خدمته وإن وظائف مساعدي المهندسين من الوظائف الدائمة التي يعين فيها عن طريق ديوان الموظفين طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة وأن المدعي لا يزال بمهنة عالم كتابي لأنه لم يؤد للآن اختباراً لمهنة رسام أمام لجنة الاختبار الدائمة المنصوص عليها بكادر العمال - وبجلسة 23 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال للاختصاص وذلك تأسيساً على أن القرار الجمهوري رقم 1361 لسنة 1959 الصادر في 4 من أغسطس سنة 1959 قضى بضم إدارة الكهرباء والغاز بمدينة القاهرة إلى وزارة الأشغال نقلاً من وزارة الصناعة وقيدت الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال الحربية برقم 253 لسنة 7 القضائية - وتقدم المدعي بمذكرة بدفاعه أضاف فيها إلى ما تضمنته صحيفة الدعوى أن القرار الصادر في 24 من يناير سنة 1956 بوضعه في وظيفة ملاحظ موجود بملف زميله السيد/ عبد العزيز أحمد محمد الذي ضم ملف خدمته وذكر أنه استلم فعلاً أعمال ملاحظ فني استناداً إلى قرار إداري سليم قانوناً صادر بناء على احتياج الإدارة لحمله المدارس الصناعية (قسم ثانوي) لشغل وظائف الملاحظين ومساعدي المهندسين في تفتيش الكهرباء وأن هذا القرار قد أصبح نهائياً وغير قابل لأي طعن وحصيناً من السحب أو الإلغاء أو التعديل بعد أن رتب له مركزاً ذاتياً - وأن هذا القرار هو بمثابة تعيين جديد في وظيفة مسماة في قرار التعيين وهذه التسمية هي التي تحدد نوع عمله ودرجته وأجره ودرجة الملاحظ الفني المستحقة له هي (400/ 900) فيكون أجره 400 مليم من بدء التعيين أي من 24 من يناير سنة 1956 وطلب الحكم بأحقيته في تسوية حالته باعتباره في درجة ملاحظ فني (400/ 900) التي يشغلها ابتداء من 24 من يناير سنة 1956 طبقاً للقرار الصادر بوضعه في هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار - وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها بذلك على أنه لم يصدر أي قرار صريح من جهة الإدارة بتعين المدعي سواء في وظيفة مساعد مهندس أو في وظيفة ملاحظ فني حتى تحق له المطالبة بالدرجة المقررة قانوناً لأي من هاتين الوظيفتين وأن كل ما في الأمر في خصوصية النزاع أنه نظراً إلى أن حاجة العمل قد مشت في وقت من الأوقات إلى الاستعانة بالمدعي بالنظر إلى مؤهله الفني للقيام بأعمال فنية عاجلة طرأت بسبب ضغط العمل في مد كابلات الضغط المتوسط فقد عهد إليه بالقيام بعمل ملاحظ فني في قسم مشروعات الشبكة دون أن تكون جهة الإدارة قد انصرفت إلى تعيينه في هذه الوظيفة - وأنه ولم يصدر قرار صريح بتعيينه في وظيفة ملاحظ فني أو في وظيفة مساعد مهندس فإنه يبقى على حالته الوظيفية التي هو عليها فعلاً أي عاملاً كتابياً إلى أن يصدر قرار جهة الإدارة بتعيينه في تلك الوظيفة وتكون دعواه على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن حاصل ما يقوم عليه الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن التعيين لا يقتصر على من لم تسبق له خدمة أصلاً أو من سبق أن انقطعت خدمته وأعيد إليها فقط بل يصدق على كل نقل تعتبره القواعد التنظيمية العامة بمثابة تعيين جديد منبت الصلة بالوظيفة والدرجة السابقة عليه وينشأ المركز القانوني الذاتي على هذا الأساس وأن المدعي كان يشغل قبل نقله وظيفة كتابية ثم عين في وظيفة فنية بالنظر لمؤهله الفني وهي وظيفة منبتة الصلة بالوظيفة والدرجة السابقتين كما أن عنصر الاستقرار والاستمرار يكشفان عن قيام ذلك التعيين إذ ظل شاغلاً وظيفته الفنية منذ 5 من فبراير سنة 1956 حتى الآن فلا يمكن أن يقال أن قرار التعيين قد شابه غموض إلا أنه غير صريح أو أن جهة الإدارة انصرفت نيتها إلى غير تعيينه في تلك الوظيفة وإفصاح الإدارة إنما يستمد من مجرد أن الطاعن لم يكن قد أمضى بعد في الدرجة التي تقل منها المدة القانونية المقررة للترقية وفقاً لقواعد كادر العمال فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد قدمت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات والأتعاب استناداً إلى أن شروط تعيين الطاعن في وظيفة ملاحظ بقسم الكهرباء لم تكن متوفرة إذ لا يبين من الأوراق وجود درجة خالية لملاحظ بالميزانية فضلاً عن أن كادر العمال اشترط لنقل العامل من وظيفة إلى أخرى غير التالية لها مباشرة ضرورة اجتياز امتحان أمام لجنة فنية تحدد وظيفته ودرجته وذلك علاوة على ما أشار إليه الحكم المطعون فيه من أن نية الإدارة لم تنصرف أصلاً إلى تعيينه في الوظيفة والدرجة التي يطلب تسوية حالته على أساسها.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعي أنه قد عين في 28 من مايو سنة 1953 عاملاً مؤقتاً بقسم التركيبات الكهربائية بأجر يومي قدره 140 مليماً على أساس أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية ثم عدل أجره إلى 300 مليم اعتباراً من 14 من أكتوبر في وظيفة كاتب بقسم مراجعة الإيصالات وبعد أن تقدم بطلب في 23 من يناير سنة 1955 لنقله إلى قسم التركيبات الكهربائية أجرى له اختبار كلي بمكتب الرسم تبين منه أنه يمكنه العمل بالمكتب المذكور بعد فترة تمرين - كما أنه مرفق بملف خدمة زميله عبد العزيز أحمد محمد مذكرة رفعها وكيل مفتش عام الكهرباء في 24 من يناير سنة 1956 إلى المفتش العام أشار فيها إلى ضغط العمل في مد كابلات الضغط المتوسط واقترح تكوين ثلاث فرق يرأس كل منها مهندس ومساعد مهندس (دبلوم مدارس صناعية ثانوي) ورئيس عمال وذكر أنه نظراً إلى أن مساعدي المهندسين غير متوفرين بالتفتيش فإنه يطلب الموافقة على نقل الفنيين حملة دبلوم المدارس الصناعية (قسم ثانوي) الذين يعملون كتبة إلى تفتيش الكهرباء وأرفق بالمذكرة كشوفاً بأسماء كل فرقة وقد ورد اسم المدعي في كشف الفرقة الثانية تالياً لاسم المهندس الذي يرأسها وذكر أمام اسمه أنه (ملاحظ) - وفي ذات التاريخ طلب المفتش العام من مدير عام الإدارة الموافقة على نقل حملة دبلوم المدارس الصناعية المذكورة أسماؤهم والذين يشتغلون كتبة إلى قسم الكهرباء للانتفاع بهم في الأعمال الفنية وأشر المدير العام على المذكرة بما يفيد اعتماده لها في ذات التاريخ أيضاً - وفي 25 من يناير سنة 1956 أخطرت إدارة المستخدمين بالتنقلات المعتمدة من المدير العام - وفي 5 من فبراير سنة 1956 وقع المدعي إقراراً يتضمن أنه استلم أعمال وظيفة ملاحظ فني مشروعات الشبكة ولكن وضعه الوظيفي وأجره لم يتأثر بهذا النقل إذ ظل عاملاً كتابياً بأجر يومي قدره 200 مليم ثم منح علاوة قدرها 20 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1956 بمقتضى الأمر الإداري الصادر في 27 من سبتمبر سنة 1956 (صفحتا 107، 108 من ملف خدمته).
ومن حيث إن النقطة القانونية مثار النزاع تنحصر فيما إذا كان القرار الصادر في 24 من يناير سنة 1956 بنقل المدعي إلى قسم الكهرباء للانتفاع به في الأعمال الفنية قد تضمن تعيينه في وظيفة ملاحظ وهي وظيفة منبتة الصلة بوظيفة عامل كتابي التي كان يشغلها في تاريخ نقله أم أن هذا قد قصد به لمجرد الاستعانة به في بعض الأعمال الفنية بقسم الكهرباء في فترة اشتد فيها ضغط العمل بالقسم المذكور دون مساس بوضعه الوظيفي.
ومن حيث إنه يتعين لاستظهار حقيقة ما تضمنه القرار تقصي قصد مصدره في ضوء الظروف التي لابست إصداره وحدود السلطة التي يملكها وتوافر أو عدم توافر الشروط اللازمة للتعيين في وظيفة (ملاحظ).
ومن حيث إنه وفقاً لأحكام كادر العمال لا تجوز الترقية من درجة إلا إلى الدرجة التالية لها مباشرة في الفئة ذاتها وبعد انقضاء الفترة المحددة لجواز الترقية بعدها، أما نقل العامل من فئة من الوظائف إلى فئة أخرى دون تقيد بشرط المدة فإنه يعتبر تعييناً جديداً ويجب أن يسبقه امتحان العامل أمام اللجنة الفنية المختصة للاستيثاق من قدرته ودرجة كفايته ولتحديد الدرجة والأجر اللذين يستحقهما. كما أنه وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 لا يرقى إلى درجة ملاحظ إلا من بين الأسطوات فإذا كان تعيينه من الخارج فيشترط أن يكون ذلك بموافقة الوزير المختص وفي حدود النسبة المقررة للتعيين من الخارج وهي 20% من الخلوات.
وترتيباً على ما تقدم فإنه لو قصد بنقل المدعي وهو عامل كتابي - تعيينه في وظيفة (ملاحظ) بقسم الكهرباء لوجب أن يسبق هذا التعيين امتحانه أمام اللجنة الفنية للاستيثاق من قدرته وكفايته - والتحقق من وجود درجة ملاحظ خالية في حدود النسبة المقررة للتعيين من الخارج.
وبما أن شيئاً من ذلك لم يراع في نقل المدعي إلى قسم الكهرباء إذ اقترح نقله هو وآخرين في 24 من يناير سنة 1956 وتم اعتماد النقل في ذات هذا التاريخ دون أن يسبقه التحقق من وجود درجات خالية أو إجراء امتحان مما لا يدع مجالاً للشك في أنه لم يقصد بنقله تعيينه في وظيفة ملاحظ بل مجرد الاستعانة به لمواجهة ضغط العمل في مد الكابلات وسد العجز في الفنيين القائمين بهذا العمل - ومما يؤكد أن نية الإدارة قد انصرفت إلى بقائه عاملاً كتابياً دون تعديل في مركزه القانوني أن نقله لم يقترن بأية آثار مالية إذ ظل بعد نقله شاغلاً لدرجة عامل كتابي ويتقاضى أجرها والعلاوات المقررة لها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ساحة النقاش