طلب صرف المرتب مؤقتاً لحين القضاء بإلغاء القرار الجمهوري بالفصل عن غير الطريق التأديبي في ظل القانون رقم 31 لسنة 1963 المعدل لنص م 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 - رفضه - افتقاره إلى ركن الأسباب الجديدة المرجحة للإلغاء.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1964 إلى آخر يناير سنة 1965) - صـ 138
(16)
جلسة 5 ديسمبر 1964
برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.
القضية رقم 1219 لسنة 8 القضائية
قرار إداري - طلب صرف المرتب مؤقتاً لحين القضاء بإلغاء القرار الجمهوري بالفصل عن غير الطريق التأديبي في ظل القانون رقم 31 لسنة 1963 المعدل لنص م 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 - رفضه - افتقاره إلى ركن الأسباب الجديدة المرجحة للإلغاء.
إن القرار الذي يطعن فيه المدعي طالباً أن يصرف إليه مرتبه مؤقتاً لحين القضاء بإلغائه هو قرار صادر من السيد رئيس الجهورية بفصله عن غير الطريق التأديبي، وقد صدر في 4 من مارس سنة 1963 القانون رقم 31 لسنة 1963 معدلاً نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة إلى ما يأتي "لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة ويعتبر من قبيل إعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي.." وعلى مقتضى هذا الحكم تخرج قرارات رئيس الجمهورية بفصل عن غير الطريق التأديبي عن ولاية القضاء الإداري، كما أنه لما كان القانون رقم 31 لسنة 1963 المشار إليه، والمعمول به من 11 من مارس 1963، هو من القوانين المعدلة للاختصاص فإنه بالتطبيق للأحكام الواردة في المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية يسري بأثره المباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ولم يقفل فيه باب المرافعة قبل تاريخ العمل به، وتخلص المحكمة من هذا الذي استظهرته وهي بسبيل النظر في الطلب المستعجل بصرف الراتب مؤقتاً والذي لا يقيدها عند نظر الموضوع، إلى أن هذا الطلب يفتقر إلى ركن الأسباب الجدية المرجحة للإلغاء مما يجعله حقيقاً بالرفض.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق يونيو سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتارية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير التموين بصفته تقرير طعن في الحكم الصادر في 2 من إبريل سنة 1962 من المحكمة الإدارية لوزارة التموين في الدعوى رقم 155 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ أحمد محمد علي الصياد ضد وزارة التموين والذي قضى برفض الدفعين بعدم اختصاص المحكمة وبعدم قبول الدعوى وبأحقية المدعي في صرف نصف مرتبه بصفة مؤقتة اعتباراً من تاريخ وقف هذا الراتب لحين الفصل في الدعوى الموضوعية وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وللأسباب المبينة بتقرير الطعن طلب الطاعن بصفة مستعجلة أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 11 من إبريل سنة 1964 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 10 من أكتوبر سنة 1964 ثم بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1964 وفيها تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 155 لسنة 9 قضائية ضد السيد وزير التموين أمام المحكمة الإدارية لوزارة التموين بصحيفة مودعة في 14 من يناير سنة 1962 طالباً الحكم:
أولاً - بصرف راتبه بصفة مؤقتة حتى الفصل في دعوى الموضوع.
ثانياً - وفي الموضوع بإلغاء قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 938 لسنة 1960 فيما تضمنه من التقرير بفصله من الخدمة مع إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد شرح المدعي دعواه على نحو مفصل مجملة أنه قدم مع زميليه مفتش التموين كرم عزمي والكاتب محمد رمضان للمحاكمة الجنائية في جناية الرشوة رقم 352 لسنة 1960 كلي الزقازيق وقضي ببرائتهم جميعاً، وكان قد حبس في أعقاب الحادث مباشرة ثم أفرجت عنه النيابة في 16 من مايو سنة 1960 ولكن صدر أمر باعتقاله مع زميليه في 17 من مايو سنة 1960 واستمر في المعتقل حتى قضت المحكمة ببراءته وقبل الإفراج عنه صدر قرار السيد رئيس الجمهورية بفصله من الخدمة وذلك بتاريخ 19 من يونيو سنة 1960 وبديهي أن هذا القرار لم يبلغ إليه أثناء الاعتقال ولما أفرج عنه وحاول العودة إلى عمله بعد الحكم ببراءته أفهمه المختصون أنه لا سبيل إلى التمسك بحكم البراءة إلا بعد التصديق عليه من الحاكم العسكري العام وقد وصل إلى علمه في 20 من يونيو سنة 1961 أن هذا التصديق تم في 8 من يونيه سنة 1961 فتظلم من قرار الفصل في 5 من أغسطس سنة 1961 وما زال التظلم جارياً بحثه إذ طلب منه في 10 من يناير سنة 1962 تقديم صورة تنفيذية من الحكم الصادر ببراءته ومن ثم فإن حقه في رفع دعوى الإلغاء ما زال قائماً وبناء على ذلك رفع هذه الدعوى ملتمساً فيها الحكم بصفة مؤقتة بالاستمرار في صرف راتبه إذ لا مورد رزق له سوى هذا الراتب الذي يقيم أوده هو وأسرته وعياله وملتمساً في الوقت ذاته إلغاء القرار الجمهوري رقم 938 لسنة 1960 فيما تضمنه من الأمر بفصله من الخدمة لأن هذا القرار صدر وهو في المعتقل رهن المحاكمة في جريمة الرشوة التي أسندت إليه زوراً ودون وجه حق على النحو الثابت في حيثيات حكم البراءة وما كان يجوز عدلاً أن تسارع جهة الإدارة إلى استصدار قرار بفصله بمجرد الإدعاء عليه هذا إلى أن تصرفاته قد خلت خلواً تاماً من أية أخطاء إدارية وخلص إلى أن قرار الفصل بغير سند من الحق أو القانون.
وقدمت وزارة التموين مذكرة بدفاعها في طلب صرف الراتب بصفة مؤقتة تضمنت أنه في 4 من مايو سنة 1960 قبض على المدعي بصفته وكيلاً لمكتب تموين كفر صقر لاتهامه بجريمة رشوة في الجناية رقم 8 لسنة 1960 أمن دولة كفر صقر المقيدة جناية رشوة برقم 352 لسنة 1960 كلي الزقازيق، وفي 8 من مايو سنة 1960 صدر القرار رقم 248 لسنة 1960 بإيقافه عن العمل اعتباراً من تاريخ القبض عليه، وفي 16 من مايو سنة 1960 أصدرت النيابة العامة قرارها بالإفراج عنه، وفي 17 من مايو سنة 1960 صدر الأمر باعتقاله، وفي 23 من مايو سنة 1960 صدر القرار الجمهوري رقم 938 لسنة 1960 بفصله من الخدمة، وفي 16 من يونيو سنة 1960 صدر قرار السيد وكيل الوزارة رقم 336 لسنة 1960 بتنفيذ القرار الجمهوري المبلغ للوزارة من رئاسة الجمهورية وبلغ القرار لمراقبة تموين الشرقية في 22 من يونيو سنة 1960 للعمل بموجب ما ورد فيه وعدم تسليم المدعي العمل في حالة الإفراج عنه أو براءته، وفي 19 من يونيو سنة 1960 نشر القرار الجمهوري الصادر بفصل المدعي من الخدمة في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 136 لسنة 1960، وفي 8 من إبريل سنة 1961 صدر حكم محكمة أمن الدولة ببراءته مما نسب إليه في جناية الرشوة، وفي 9 من إبريل سنة 1961 حاول العودة لاستلام عمله بعد الحكم ببراءته (من واقع الصفحة الثانية من عريضة الدعوى) وفي 5 من أغسطس سنة 1961 تقدم إلى السيد الوزير بالتظلم الإداري - وتضمنت مذكرة الوزارة بعد ذلك:
أولاً - الدفع بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة التموين بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وذلك بناء على أن الدعوى الموضوعية تتعلق بطلب إلغاء قرار صدر من السيد رئيس الجمهورية لأمن وزارة التموين التي اقتصر دورها على إصدار قرار من السيد وكيل الوزارة لتنفيذ قرار السيد رئيس الجمهورية.
ثانياً - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني لأن قرار السيد رئيس الجمهورية صدر في 23 من مايو سنة 1960 ونشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 136 لسنة 1960 الصادر في 19 من يونيو سنة 1960 وكان يتعين على المدعي أن يتظلم من القرار خلال الستين يوماً التالية لهذا التاريخ وعلى أحسن الفروض بالنسبة له فإنه بمجرد صدور الحكم ببراءته حيث أخلي سبيله فوراً في 8 من إبريل سنة 1961 وصار حراً لا عائق له في سبيل التوجه إلى عمله وكان يتعين عليه أن يتظلم خلال الميعاد القانوني عندما فوجئ بعلمه بكنه القرار الصادر بفصله من الخدمة وقد تم له هذا العلم فعلاً من واقع ما ورد في صحيفة دعواه من أنه "لما أفرج عنه وحاول العودة إلى عمله بعد الحكم ببراءته أفهمه المختصون أنه... إلخ". ولكنه تظلم في 5 من أغسطس سنة 1961.
ثالثاً - وبالنسبة إلى الموضوع تضمنت المذكرة أنه ليس لوزارة التموين أن تتصدى لبحث القرار الجمهوري رقم 938 لسنة 1960 إذ يخرج من اختصاصها البحث في أسباب القرارات الجمهورية ودواعيها فضلاً عن أن القرار الجمهوري المشار إليه لم يتضمن السبب الذي يستند إليه الأمر الذي يفترض معه أنه صدر منطوياً على سبب صحيح، وقد انتهت مذكرة الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأول (طلب صرف المرتب بصفة مؤقتة) وإحالتها للتحضير بالنسبة للطلب الثاني (إلغاء قرار الفصل) تمهيداً للحكم برفض الدعوى شكلاً وموضوعاً.
وبالجلسة المنعقدة في 2 من إبريل سنة 1962 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين حكمها في الدعوى قاضياً بما يأتي:
أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاصها بناء على أن المدعي رفع دعواه ضد وزارة التموين باعتبارها الجهة التي كان يتبعها قبل صدور قرار الفصل والجهة المتصلة بالنزاع الموضوعي وباعتبارها الجهة التي أصدرت القرار التنفيذي بالفصل والتي ستقوم بصرف المرتب إذا ما قضي بذلك. وقد تضمنت أسباب الحكم رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لذات السبب المتقدم.
ثانياً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وذلك بناء على أن موضوع الدعوى هو صرف راتب وأنها تعتبر من دعاوى التسوية وليست من قبيل دعاوى الإلغاء.
ثالثاً - وفيما يتعلق بطلب استمرار صرف الراتب بصفة مؤقتة قالت المحكمة إنه إذا كانت وهي في سبيل الحكم في هذا الطلب تتناول الموضوع فإن نظرتها له يجب أن تكون نظرة أولية ولا تتعرض له إلا بالقدر الذي يسمح لها بتكوين رأي في خصوص الطلب المستعجل دون أن تسبق قضاء الموضوع وتنتهي إلى تكوين عقيدة فيه يضاف إلى ذلك أن سلطتها في الطلب المستعجل مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التي يمتلكها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية فيجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق أن القرار قد صدر مخالفاً للقانون مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه، وأنه ولئن كان الأصل أن قرار الفصل بغير الطريق التأديبي الغير مسبب (كقرار فصل المدعي) يعتبر أنه قام على سبب صحيح حتى يثبت العكس إلا أنه إذا دلت الظروف وقرائن الأحوال على أن ذلك القرار قد صدر استناداً إلى سبب معين فإنه يحق للقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام ذلك السبب، وأنه يبين من الأوراق أن المدعي قد فصل أثناء سجنه على ذمة الفصل في قضية اتهامه بالرشوة ولم توجه جهة الإدارة إليه اتهامات أو مآخذ أخرى خلاف ذلك الاتهام مما تستخلص منه المحكمة أن الاتهام بتلك الجريمة كان هو السبب في صدور القرار بالفصل، وأن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة وإن كانت له حجية في نطاق ثبوت أو عدم ثبوت التهمة التي كانت محل المحاكمة الجنائية إلا أنه لا ينهض مانعاً من المؤاخذة الإدارية متى أمكن إسناد عمل إيجابي أو سلبي محدد إلى الموظف يعد منه مساهمة في وقوع مخالفة إدارية، وأنه لم يظهر من الأوراق أن الجهة الإدارية قد نسبت إلى المدعي ارتكابه أية مخالفات إدارية بجانب التهمة التي أبرئ منها وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من الأوراق أن راتب المدعي هو مورد الرزق الوحيد له، وخلصت المحكمة من ذلك إلى أنه يبين من ظاهر الأوراق أن الدعوى لها سند من القانون ومن ثم حكمت بأحقية المدعي في صرف مرتبه بصفة مؤقتة اعتباراً من تاريخ وقف هذا الراتب لحين الفصل في الدعوى الموضوعية مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبصحيفة مودعة بسكرتيرية هذه المحكمة في 2 من يونيو سنة 1962 طعنت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التموين بصفته في ذلك الحكم طالبة بصفة مستعجلة أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد أسس الطعن على ما يأتي:
أولاً - أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن دعوى صرف الراتب تعتبر من دعاوى التسوية وليس من دعاوى الإلغاء ينطوي على خطأ ومخالفة للقانون إذ أن طلب استمرار صرف المرتب هو ضرب من ضروب وقف تنفيذ القرارات الإدارية فلا يعدو أن يكون طعناً في القرار المطلوب إلغاؤه ولا يخرج عن عموم ما رسم لوقف التنفيذ من إجراءات ومواعيد، ومن ثم فإن طلب المطعون ضده في الدعوى الراهنة صرف راتبه مؤقتاً هو بمثابة طعن في القرار الجمهوري الصادر بفصله ويخضع بالتالي للمواعيد المنصوص عليها في المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 والتي تقضي بوجوب تقديم التظلم لجهة الإدارة من القرار المطلوب إلغاؤه في بحر ستين يوماً من تاريخ العلم اليقيني بصدور هذا القرار، وقد أقر المطعون ضده في الصفحة الثانية من عريضة دعواه بعلمه اليقيني بصدور القرار الجمهوري بفصله بتاريخ 8 من إبريل سنة 1961 حينما تقدم لجهة الإدارة طالباً عودته لعمله وذلك إلى جانب علمه الحكمي بالقرار من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، كما أقر بأنه لم يتظلم لجهة الإدارة إلا في 5 من أغسطس سنة 1961 أي بعد مضي ستين يوماً ومن ثم يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني لرفع دعواه الموضوعية بإلغاء القرار المطعون فيه وبالتالي الميعاد القانوني لرفع دعوى صرف الراتب مؤقتاً، وفضلاً عن ذلك فإنه بفرض تظلمه في الميعاد القانوني فإنه مع هذا لم يراع الميعاد القانوني لرفع دعواه بشقيها إذ أن الإدارة لم ترد على تظلمه المقدم في 5 من أغسطس سنة 1961 خلال ستين يوماً مما يعتبر بمثابة رفض للتظلم وكان يتعين عليه أن يرفع دعواه في خلال الستين يوماً التالية أي في ميعاد أقصاه 3 من ديسمبر سنة 1961 ولكنه رفعها في 14 من يناير سنة 1962 - وأضاف الطاعن أنه حتى مع التمشي مع الحكم المطعون فيه في قوله إن طلب صرف المرتب من قبيل دعاوى التسوية فإن هذا الطلب يكون غير مقبول تبعاً لعدم قبول دعوى الموضوع المرفوعة بعد الميعاد وفق ما تقدم وكان على الحكم المطعون فيه أن يأخذ في الاعتبار أنه ما دامت دعوى إلغاء القرار لم ترفع في الميعاد فإن الحق في طلب صرف المرتب يكون قد سقط تبعاً لذلك.
ثانياً - ومن الناحية الموضوعية فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن اتهام المطعون ضده في قضية الرشوة التي برئ منها كان بسبب الفصل، وينطوي على خطأ في الاستخلاص وفساد في الاستدلال لأن قرار الفصل جاء خالياً من الأسباب ولم ترد به أية إشارة إلى جناية الرشوة وبهذا يعتبر أنه قام على سبب صحيح.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وذلك بناء على أنه بتاريخ 4 من مارس سنة 1963 صدر القانون رقم 31 لسنة 1963 بتعديل نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 قاضياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة وبأنه يعتبر من قبيل إعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش والاستيداع وفصلهم بغير الطريق التأديبي، وأن هذا القانون باعتباره من القوانين المعدلة للاختصاص يسري بأثره المباشر على المنازعة الحالية طالما أنه قد عمل به قبل قفل باب المرافعة وذلك استناداً إلى المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقد قدم الطاعن مذكرة ختامية ردد فيها ما تضمنه تقرير هيئة المفوضين في شأن عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى المطعون ضده واحتياطياً بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد ومن باب الاحتياط الكلي برفضها، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن المدعي أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية طالباً الحكم بإلغاء قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 938 لسنة 1960 الصادر بفصله، وطالباً في الوقت ذاته الحكم بصرف راتبه بصفة مؤقتة حتى يفصل في دعوى الموضوع وهذا الشق المستعجل من الدعوى هو المطروح حالياً أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن الطلب المستعجل بصرف المرتب يجب أن يقوم على ركنين الأولى قيام الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني أن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً على أسباب جدية تحمل على ترجيح إلغاء القرار.
ومن حيث إنه إن صح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن راتب المدعي هو مورد رزقه الوحيد بما يفيد توافر الركن الأول أي ركن الاستعجال فإن هذا لا يغني عن وجوب توافر الركن الثاني وهو ما تتعرض له المحكمة بالقدر اللازم لنظر طلب وقف التنفيذ دون أن تستبق في شأنه قضاء الموضوع أو تخلص إلى تكوين رأي نهائي فيه.
ومن حيث إن الحكومة - مظاهرة في هذا هيئة المفوضين - تمسكت أصلياً في مذكرتها الختامية بعدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى المدعي بناء على أن القرار المطلوب إلغاؤه هو قرار فصل عن غير الطريق التأديبي ويعتبر من قبيل إعمال السيادة التي تخرج عن ولاية القضاء بالتطبيق لحكم المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة معدلة بالقانون رقم 31 لسنة 1963، كما تمسكت الحكومة احتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد إذ أن المدعي فوت على نفسه الميعاد القانوني لرفع دعواه الموضوعية بالإلغاء وبالتالي يكون قد فوت على نفسه الميعاد القانوني لرفع دعوى صرف الراتب مؤقتاً التي لا تعتبر من دعاوى التسوية كما ذهب إلى ذلك خطأ الحكم المطعون فيه.
إن القرار الذي يطعن فيه المدعي طالباً أن يصرف إليه مرتبه مؤقتاً لحين القضاء بإلغائه هو قرار صادر من السيد رئيس الجمهورية بفصله عن غير الطريق التأديبي، وقد صدر في 4 من مارس سنة 1963 القانون رقم 31 لسنة 1963 معدلاً نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة إلى ما يأتي "لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة ويعتبر من قبيل إعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي" وعلى مقتضى هذا الحكم تخرج قرارات رئيس الجمهورية بالفصل عن غير الطريق التأديبي عن ولاية القضاء الإداري، كما أنه لما كان القانون رقم 31 لسنة 1963 المشار إليه، والمعمول به من 11 من مارس سنة 1963، هو من القوانين المعدلة للاختصاص فإنه بالتطبيق للأحكام الواردة في المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية يسري بأثره المباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ولم يقفل فيه باب المرافعة قبل تاريخ العمل به، وتخلص المحكمة من هذا الذي استظهرته وهي بسبيل النظر في الطلب المستعجل بصرف الراتب مؤقتاً والذي لا يفيدها عند نظر الموضوع، إلى أن هذا الطلب يفتقر إلى ركن الأسباب الجدية المرجحة للإلغاء مما يجعله حقيقاً بالرفض وذلك دون حاجة لبحث الدفع الآخر الذي تمسكت به الحكومة من قبيل الاحتياط.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه في غير محله قانوناً فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض طلب المدعي صرف مرتبه مؤقتاً مع إلزامه بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب وذلك كله دون المساس بأصل طلب الإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب المدعي صرف راتبه مؤقتاً مع إلزامه بمصاريف هذا الطلب.
ساحة النقاش