موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

authentication required

مناط تحديد تدابير الضبط الإداري - هو استظهار سببها والغاية منها من الظروف والملابسات التي أحاطت بصدور القرار الذي يتضمنها - صدور قرار إداري قصد به تحقيق غرض رئيسي من أغراض تدابير الضبط الإداري مما يختص القضاء الإداري بالنظر في الطعن عليه.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 179

(27)
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 465 لسنة 11 القضائية

( أ ) ضبط إداري. "تدابير الضبط الإداري". اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. قرار إداري.
مناط تحديد تدابير الضبط الإداري - هو استظهار سببها والغاية منها من الظروف والملابسات التي أحاطت بصدور القرار الذي يتضمنها - صدور قرار إداري قصد به تحقيق غرض رئيسي من أغراض تدابير الضبط الإداري مما يختص القضاء الإداري بالنظر في الطعن عليه.
(ب) إدارة محلية. اختصاص المحافظة على الأمن. "محافظ". ضبط إداري. "تدابير الضبط الإداري" تطور اختصاص المحافظين فيما يتعلق بالمحافظة على الأمن - انتقال هذا الاختصاص بعد صدور قانون نظام الإدارة المحلية إلى مديري الأمن بالمحافظات - ليس للمحافظة تأسيساً على ذلك سلطة إصدار تدابير الضبط الفردية في مجال المحافظة على الأمن العام.
1 - أنه يبين مما تقدم سرده في معرض تحصيل وقائع النزاع واستظهار الظروف والملابسات التي أحاطت به أن السبب الدافع لإصدار القرار المطعون فيه هو ما كشفت عنه تحريات رجال الأمن من أنه قد يترتب على نزع ملكية الأرض المحجوز عليها من ورثة المدين وتسليمها للمدعين الراسي عليهما مزادها، إخلال بالأمن لما بين عائلتيهما من ضغائن قديمة بناء على ما كشفت عنه التحريات، أصدر السيد المحافظ قراره بإلغاء إجراءات البيع مفصحاً عن الغاية التي تغياها من اتخاذه وهي صيانة الأمن، ومن ثم يكون واضحاً أن هذا التصرف يحسب سببه الذي قام عليه والغاية التي استهدفها، هو قرار إداري قصد به إلى تحقيق غرض رئيسي من أغراض تدابير الضبط الإداري مما يختص القضاء الإداري بالنظر في الطعن عليه.
2 - أنه طبقاً لنص المادة السادسة من قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 يكون المحافظ بوصفه ممثل السلطة التنفيذية للدولة في نطاق المحافظة المسئول الأول عن تنفيذ السياسة العامة للدولة في دائرة المحافظة وعن تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات الوزارية فيها، واستناد إلى ذلك أصبح المحافظ في نطاق ولاية الضبط الإداري الوارث الطبيعي لاختصاصات المديرين والمحافظين المنصوص عليها في القوانين ما دام قد نيط به تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات الوزارية، وإذ كان من أهم واجبات هؤلاء المحافظين في هذا المجال اختصاصهم بالمحافظة على الأمن بوصفهم من أعضاء هيئة الشرطة طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة والتي تنص على أن "تختص هيئة البوليس بالمحافظة على النظام والأمن العام وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين اللوائح من تكاليف". غير أنه سرعان ما انتقل هذا الاختصاص بعد صدور قانون الإدارة المحلية المشار إليه إلى مديري الأمن بالمحافظات حيث عدلت في 19/ 7/ 1960 المادة الثالثة من قانون نظام الشرطة آنف الذكر بالقانون رقم 257 لسنة 1960 إذ نص القانون في مادته الأولى على أن يستبدل بلفظي المحافظين والمديرين "الوارد ذكره بالقانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة القوانين المعدلة له لفظ "مديرو أمن بالمحافظات". وعلى ذلك أصبحت.. تدابير الضبط الفردية في مجال المحافظة على النظام والأمن العام من اختصاص مديري الأمن بالمحافظات بصفة أصلية يتخذونها تحت إشراف وزير الداخلية المباشر، ومن ثم لم يعد للمحافظ بعد إذ سلب المشرع اختصاصه على الوجه المتقدم سلطة إصدار تدابير الضبط الفردية في هذا المجال وذلك اعتباراً من مهلة الأمن حسبما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون الإدارة المحلية مهمة قومية آثر القانون أن يعهد بها كلها إلى الإدارة المركزية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 346 لسنة 15 ق بعريضة أودعت سكرتيرية تلك المحكمة في 19/ 1/ 1961 وذكر فيها أنه بتاريخ 5/ 10/ 1960 انعقدت جلسة مزاد بديوان محافظة المنيا، بناء على الحجز الذي توقع بمعرفة صراف الناصرية بموجب المحضر المؤرخ 31/ 8/ 1958 على فدان و12 قيراطاً بما عليها من مبان ملك ديوش حسن حمدي ومكلفه باسمه برقم 106 لسنة 1960 بناحية الناصرية مركز دير مواس في مقابل المستحق عليه من ضريبة للحكومة حتى أكتوبر سنة 1960 بلغ مقدارها 338 جنيهاً و90 مليماً وذلك بعد الإعلان المنشور.. بالوقائع المصرية بالعدد الصادر في 22 من سبتمبر سنة 1960 رقم 74 - تنفيذاً لما نص عليه في قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 - عن بيع العقار المذكور في التاريخ الذي انعقدت فيه تلك الجلسة وقد فتح المزاد بالثمن الأساسي وهو مبلغ 303 جنيهات و750 مليماً من المقدار المحجوز عليه، وقد قبل المدعيان مشتري الأطيان المحجوز عليها مناصفة بينهما بهذا الثمن الأساسي ثم مضت الفترة على آخر عطاء مقدم منهما دون أن يتقدم خلافهما بزيادة عليه، فرسا عليهما المزاد بالثمن المذكور تنفيذاً لنص المادة 56 من قانون الحجز الإداري المشار إليه، وتحرر ببيان جميع الإجراءات السابقة محضر مرسى مزاد إداري بتاريخ 17/ 10/ 1960 واستلزم المدعيان الصورة الرسمية لمحضر رسو المزاد عليهما بعد أن ثبت فيها أن البيع أصبح نهائياً، ولكن حدث بعد ذلك أن الجهة الإدارية المختصة التي يمثلها السيد المحافظ المدعى عليه لم تقم بتمكين المدعيين من وضع يدهما على العقار محل المزاد بصفتهما المالكين له رغم شكاويهم العديدة في هذا الخصوص، وأصدر السيد المحافظ قراراً إدارياً في 18/ 12/ 1960 نصه "تلغى إجراءات البيع صيانة للأمن بعد قيام المدين بسداد الدين ومصروفاته" ولما كان هذا القرار الصادر بإلغاء إجراءات البيع بزعم صيانة الأمن قد صدر باطلاً لمخالفته للقانون، وإذا كان من شأن تنفيذه إصابة المدعيين بأضرار يتعذر تداركها، إذ ربما يقوم المالك الأصلي (المدين) بالتصرف في العقار الذي أصبح مملوكاً بوجه نهائي للمدعيين، يطالب المدعيان من أجل ذلك الحكم.
أولاً - وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار.
وثانياً - بإلغائه واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المدعى عليه في الحالين بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وقد أودعت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها في الدعوى استهلتها بموجز بموضوع الدعوى في أن محافظة المنيا حددت ويوم 5/ 10/ 1960 لبيع مساحة فدان واثني عشر قيراطاً مملوكة لدويش حسن حمدين بناحية الناصرية مركز دير مواس محافظة المنيا والمحجوز عليها إدارياً وفاء لمستحقات الحكومة وتقدم المدعيان للمزايدة ورسا المزاد عليهما بثمن قدره 302 جنيهات و750 مليماً وقد تقدمت شكاوى من المدعيين يطلبان فيها تمكينهما من وضع يدهما على الأطيان الراسي عليهما مزادها ومنع تعرض ورثة ديوش حسن حمدين - الملاك الذين بيعت أرضهم بالمزاد - لهما كما تقدمت شكاوى مماثلة من هؤلاء الأخيرين يطلبون فيها سداد الدين ومصروفاته وإلغاء إجراءات البيع التي تمت نظراً لأن بينهم وبين المدعيين خصومات سابقة وضغائن قديمة أدت إلى عديد من حوادث القتل من أفراد العائلتين وأكد الشاكون أن في تسليم أرضهم للمدعيين تحريكاً للضغائن القديمة مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، وقد دلت التحريات التي أجراها رجال الأمن بالمحافظة أن بين العائلتين خصومة ترجع جذورها إلى سنة 1952 وقعت بسببها عدة حوادث قتل راح ضحيتها عدد من أفراد العائلتين كما قتل فيها بعض رجال الأمن كما أكدت التحريات أن المدعيين لا يعملان بالزراعة وأنهما لا يبغيان من شراء قطعة الأرض هذه غير النكاية بالفريق الثاني صاحب الأرض مما قد يعرض أمن المنطقة للخطر، وعندما عرض الأمر على السيد محافظ المنيا باعتباره ممثل السلطة التنفيذية في المحافظة والمنوط به المحافظة على الأمن بها أمر بإلغاء إجراءات البيع صيانة للأمن بعد قيام المدين بسداد الدين ومصروفاته، وبعد أن استعرضت إدارة قضايا الحكومة وقائع النزاع على النحو السابق، وأضحت أن المادة السادسة من القانون رقم 124 لسنة 1960 في شأن نظام الإدارة المحلية تنص على أن يكون المحافظ ممثلاً للسلطة التنفيذية في دائرة اختصاصه وعلى أن يتولى الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة وعلى فروع الوزارات في المحافظة، ويعد المحافظ وفقاً لهذا النص من رجال الضبط العام وبه بحكم وظيفته هذه أن يتخذ من القرارات ما يراه لازماً لكفالة الأمن والنظام وضرورياً لصون الصحة العامة ذلك أن وظيفة الضبط العام تخلع على السلطة العامة حقاً يسوغ لها أن تصدر من تلقاء نفسها وبحافز من المصلحة العامة ودون أن يستنهضها أحد من القرارات ما يكفي لتحقيق الأغراض السابقة وللسلطة الضابطة في أحوال الضرورة الملجئة أن تصدر من القرارات ما يؤدي إلى المحافظة على الأمن والنظام وإعمالاً لهذه المبادئ عرض الأمر بشأن البيع الذي رسا مزاده على المدعيين على السيد محافظ المنيا كما عرضت عليه نتيجة التحريات التي أجريت بمعرة الجهات المختصة والتي استبان منها أن في تسليم الأرض التي بيعت إلى المدعيين خطراً جسيماً يهدد أمن المنطقة ويؤدي إلى إخلال جسيم بالنظام، وإزاء هذه الضرورة والرغبة الأكيدة في صون الأمن وحقن دماء العائلتين صدر القرار المطعون فيه مستهدفاً المصلحة العامة. وقد استقرت أحكام مجلس الدولة الفرنسي على حق السلطات العامة في اتخاذ مثل هذه القرارات لاستقرار الأمن وسارت المحكمة الإدارية العليا في ذات الاتجاه وأجازت في أحوال الضرورة للجهات الإدارية أن تتخذ من القرارات ما هو لازم لحفظ الأمن والنظام العام وعلى ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر صحيحاً مبرءاً من عيوب عدم المشروعية إذ اقتضته ظروف الأمن بالمحافظة ودعت إليه الرغبة في تلافي ما قد يحدث بين العائلتين من حوادث. وانتهت إدارة قضايا الحكومة من أجل ذلك إلى طلب الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وفي موضوع الدعوى برفضها وإلزام المدعيين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 25/ 4/ 1961 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف التنفيذ تأسيساً على ما استبان لها من ظاهر الأوراق وبصرف النظر عن صحة إجراءات الحجز العقاري الإداري وسلامة إجراءات المزاد ورسوه فإن آثار القرار المطعون فيه انحصرت في نقطتين الأولى أن ورثة المحجوز عليه دفعوا الدين كاملاً حتى يحتفظوا بملكهم واستوفت بذلك الحكومة دينها كاملاً غير منقوص والثانية عدم استلام المدعيين الأطيان من الراسي عليهما مزادها ليس فيه ثمة خطر يحول دون تنفيذ القرار المطعون فيه لأن كل ما قد يترتب على تنفيذه يتمثل في ريع الأطيان مما ينتفي معه ركن الاستعجال ومن ثم فإن طلب وقف التنفيذ يكون قد فقد أحد أركانه وبالتالي يتعين رفضه.
وبعد نظر الموضوع على النحو الموضح بمحاضر الجلسات أصدرت بجلستها المنعقدة في 16/ 2/ 1965 فيه حكمها قاضياً بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من السيد محافظ المنيا في 18 ديسمبر سنة 1960 بإلغاء البيع الإداري الخاص بالأرض موضوع النزاع وألزمت الحكومة بمصروفات طلب الإلغاء والمدعيين بمصروفات وقف التنفيذ. وجاء في أسباب هذا الحكم أن الحكومة في حالة الضرورة سلطة اتخاذ الإجراءات التي يتطلبها الموقف ولو خالفت في ذلك القانون في مدلوله اللفظي ما دامت تبغي الصالح العام ويشترط لتوافر الضرورة أن تكون هناك حالة واقعية أو قانونية تدعوا إلى التدخل وأن يكون تصرف الحكومة لازماً بوصفه الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الحالة وأن يكون رائدها ابتغاء مصلحة عامة، ولما كانت الواقعة التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه لا تتوافر فيها حالة الضرورة إذ أنه فضلاً عن التحريات التي قامت بها الجهة الإدارية تحريات غامضة مبهمة لم تثبت صلة المدعيين بالجرائم المقول بارتكابها، فإن من قام بهذه التحريات لم يوضح أرقام الجنايات المشار إليها للتحقق من وجود صلة للمدعيين بها أو بمرتكبيها، وأضافت المحكمة أنه حتى على فرض صحة هذه التحريات فإنها لا تنهض سبباً جدياً يبرر عدم تنفيذ القرار الصادر برسو المزاد على المدعيين أو الرجوع في هذا القرار، ذلك أنه ليس من المصلحة العامة أو من حسن سير المرافق العامة في شيء إلغاء القرار الصادر برسو المزاد على المدعيين وهو بمثابة حكم قضائي برسو المزاد وإن اختلف عنه في إجراءاته المبسطة إذ أنه يرتب حقوقاً للراسي عليه المزاد ومن شأنه أن ينقل الملكية فور شهره ولا يسوغ المساس بهذه الحقوق بقرار إداري بدون سند قانوني إذ من شأن القرار المطعون فيه إضعاف الثقة بتصرفات الجهة الإدارية وزعزعة الاطمئنان إليها وإحجام الأفراد عن التقدم للشراء في البيوع الإدارية التي تباشرها الإدارة للوفاء بمطلوباتها وتشجيع المدين المماطل على عدم الوفاء بمطلوبات الحكومة ومن شأن ذلك كله الإضرار بحسن سير المرافق العامة ولا يجوز بعد ذلك التذرع بأن تنفيذ قرار البيع الذي تم بالفعل من شأنه تهديد الأمن لأن الواقعة وموضوعها نزع ملكية فدان ونصف من مدين مماطل من الهوان بحيث لا يمكن أن تنال من أجهزة الأمن والقول بغير ذلك ينطوي على معنى إضعاف الثقة بأجهزة الأمن والقائمين عليها مع أن المفروض بداهة في هذه الأجهزة هو القدرة على تنفيذ قرار رسو المزاد الذي هو بمثابة حكم ضد مدين مماطل أو ورثته دون أن يمس الأمن بأي سوء، وانتهت المحكمة إلى أنه وقد تبين لها أن القرار القاضي برسو المزاد على المدعيين قد صدر مطابقاً للقانون وفقاً لإجراءات سليمة مستهدفاً الصالح العام حتى تتمكن الجهة الإدارية من الحصول على مطلوباتها من المدينين المماطلين ضماناً لحسن سير المرافق العامة، فإنه تأسيساً على ما تقدم يكون القرار الصادر من السيد محافظ المنيا في 18 من ديسمبر سنة 1960 بإلغاء إجراءات البيع الإداري الذي تم صحيحاً وفقاً للقانون قد وقع مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء، وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وأقامت طعنها على أن الجهة الإدارية هي وحدها التي تقدر بكامل حريتها بما يتجمع لديها من معلومات مناسبة الإجراء الذي تراه كفيلاً بحماية الأمن في المنطقة وأن كل الشواهد وما تبين من أن المطعون ضدهما لا يحترفان الزراعة وأنهما يقيمان بديروط بعيداً عن قطعة الأرض موضوع النزاع إنما يؤكد أنهما لم يتقدما لشراء قطعة الأرض هذه إلا نكاية بالفريق الثاني وهو ما قد يعرض أمن المنطقة للخطر، وقد أهمل الحكم المطعون فيه جميع هذه الاعتبارات وما تمليه على الإدارة من ضرورة اتخاذ الإجراءات التي تراها لازمة لكفالة الأمن وحمايته، وأثناء نظر الطعن أمام هيئة فحص الطعون تقدمت الحكومة بمذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن الإجراء الذي اتخذه السيد المحافظ لا يعدو كونه إجراء من إجراءات الحجز الإداري كما دفعت بعدم قبول الدعوى بمقولة أن المدعيين تقدما بطلب لاسترداد المبالغ المدفوعة منهما ثمناً للعقار موضوع النزاع وهذا يفيد تنازلهما عن الحق ذاته ويعتبر تسليماً من جانبهما بصحة القرار المطعون فيه، وفي الموضوع ذكرت أن ملكية الأرض لا تثبت للراسي عليه المزاد ما لم يتم تسجيل حكم مرسى المزاد وهو ما لم يتحقق فلا محل إذن للزعم بأن ثمة اعتداء على حق الملكية ولذلك ولما تبين أن تسليم الأرض إليهما سيهدد بانفجار دموي بين العائلات لما بينهم من ضغائن قديمة صدر قرار السيد المحافظ المطعون فيه بإلغاء إجراءات البيع وقبول طلب ورثة المدين سداد الدين المحجوز من أجله وذلك تصحيحاً للإجراءات وتحقيقاً للمصلحة العامة.
ومن حيث إنه باستظهار المراحل التي مر بها هذا النزاع وتقصي الظروف والملابسات التي أحاطت به يتبين أن محافظة المنيا أوقعت حجزاً عقارياً على فدان ونصف للسيد ديوش حسن حمدين بناحية الناصرية مركز دير مواس وفاء لمستحقات بنك التسليف وقدرها 338 جنيهاً و90 مليماً وحددت يوم 5/ 10/ 1960 للبيع بثمن أساسي قدره 303 جنيهات و750 مليماً، فلم يتقدم للمزاد سوى المطعون ضدهما ورسا عليهما بالثمن الأساسي، وبعد ذلك تقدم الراسي عليهما المزاد يشكون من تعرض ورثة المدين المحجوز عليه لهما مطالبين بتمكينهما من وضع يدهما على الأرض وتسليمهما محضر مرسى المزاد المسجل، كما تقدم في الوقت نفسه ورثة المدين بشكاوى عديدة حاصلها أنهم لم يعلنوا بتاريخ الجلسة التي حددت للبيع وأوضحوا أن الراسي عليهما المزاد تربطهما علاقة قرابة بخصومهم في البلدة وأن تسليم الأرض إليهما سيترتب عليه إحياء خصومات قديمة بينهما كانت قد انتهت صلحاً في عام 1954 بعد حوادث دامية قتل فيها بعض أفراد العائلتين وأصيب فيها أحد رجال الشرطة، وبعد أن بحثت المحافظة شكاوى ورثة المحجوز عليه وبناء على ما جاء بتحريات رجال الأمن من أن نزع ملكية هذه الأرض من أصحابها وتسليمها إلى الراسي عليهما المزاد يترتب عليه إخلال بالأمن من الواجب مجانبته وتوقيه، أصدر السيد المحافظ في 18/ 12/ 1960 القرار المطعون فيه "بإلغاء إجراءات البيع صيانة للأمن بعد قيام المدين بسداد الدين".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم سرده في معرض تحصيل وقائع النزاع واستظهار الظروف والملابسات التي أحاطت به أن السبب الدافع لإصدار القرار المطعون فيه هو ما كشفت عنه تحريات رجال الأمن من أنه قد يترتب على نزع ملكية الأرض المحجوز عليها من ورثة المدين وتسليمها للمدعيين الراسي عليهما مزادها، إخلال بالأمن لما بين عائلتيهما من ضغائن قديمة، وبناء على ما كشفت عنه التحريات، أصدر السيد المحافظ قراره بإلغاء إجراءات البيع مفصحاً عن الغاية التي تغياها من اتخاذه وهي صيانة الأمن، ومن ثم يكون واضحاً أن هذا التصرف بحسب سببه الذي قام عليه والغاية التي استهدفها، هو قرار إداري قصد به إلى تحقيق غرض رئيسي من أغراض تدابير الضبط الإداري مما يختص القضاء الإداري بالنظر في الطعن عليه، ويكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم الاختصاص غير قائم والحالة هذه على أساس سليم من القانون مستوجب الرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم القبول فإنه يتضح من الاطلاع على الأوراق أن المدعيين وقد حكم برفض طلبهما وقت تنفيذ القرار المطعون فيه، اعتقدا أن الدعوى قد انتهت في غير صالحهما فتقدما بطلب مؤرخ 9/ 2/ 1963 لاسترداد المبالغ المدفوعة منهما ثمناً للعقد ولما تبينا خطأ هذا الاعتقاد عدلا عن موقفهما وسارا في الخصومة مصممين على طلباتهما، كما أن الجهة الإدارية من جانبها ترافعت في الدعوى أيضاً في جلسات لاحقة لهذا الطلب دون أن تشير إليه مما يقطع بأن المدعيين قد عدلا عن موقفهما قبل أن تتمسك الجهة الإدارية بافتراض تنازلهما عن الدعوى، وقبل أن يتعلق لها أي حق به يحول دون رجوع المدعيين فيه، ومن ثم يكون استناد الحكومة إلى هذا الطلب للدفع بعدم قبول الدعوى، بمقولة انتفاء مصلحة المدعيين في السير فيها غير قائم على أساس سليم من القانون جديراً بالرفض.
عن الموضوع:
ومن حيث إن المادة السادسة من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله تنص على أن يكون المحافظ ممثلاً للسلطة التنفيذية في دائرة اختصاصه، ويتولى الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة - وعلى فروع الوزارات في المحافظة وعلى موظفيها كما يعتبر الرئيس المحلي لهم ويجوز لكل وزير أن يعهد إلى المحافظ ببعض اختصاصاته بقرار منه، وعلى المحافظ أن يبلغ ملاحظاته إلى الوزراء المختصين في كل ما يتعلق بشئون المحافظة. وعلى هذا يكون المحافظ بوصفه ممثل السلطة التنفيذية للدولة في نطاق المحافظة المسئول الأول عن تنفيذ السياسة العامة للدولة في دائرة المحافظة وعن تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات الوزارية فيها، واستناداً إلى ذلك أصبح المحافظ في نطاق ولاية الضبط الإداري الوارث الطبيعي لاختصاصات المديرين والمحافظين المنصوص عليها في القوانين ما دام قد نيط به تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات الوزارية، وإذ كان من أهم واجبات هؤلاء المحافظين في هذا المجال اختصاصهم بالمحافظة على الأمن بوصفهم من أعضاء هيئة الشرطة طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة والتي تنص على أن "تختص هيئة البوليس بالمحافظة على النظام والأمن العام وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه عليها.. القوانين اللوائح من تكاليف". غير أنه سرعان ما انتقل هذا الاختصاص بعد صدور قانون الإدارة المحلية المشار إليه إلى مديري الأمن بالمحافظات حيث عدلت في 19/ 7/ 1960 المادة الثالثة من قانون نظام الشرطة آنف الذكر بالقانون رقم 257 لسنة 1960 إذ نص هذا القانون في مادته الأولى على أن يستبدل بلفظي "المحافظين والمديرين" الواردة ذكره بالقانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة والقوانين المعدلة له لفظ "مديرو أمن بالمحافظات". وعلى ذلك أصبحت تدابير الضبط الضرورية في مجال المحافظة على النظام والأمن العام من اختصاص مديري الأمن بالمحافظات بصفة أصلية يتخذونها تحت إشراف وزير الداخلية المباشر، ومن ثم لم يعد للمحافظ بعد إذ سلب المشرع اختصاصه على الوجه المتقدم سلطة إصدار تدابير الضبط الفردية في هذا المجال وذلك اعتباراً بأن مهمة الأمن حسبما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون الإدارة المحلية مهمة قومية آثر القانون أن يعهد بها كلها إلى الإدارة المركزية.
ومن حيث إنه مما يؤكد هذا النظر التعديل الذي أدخله القانون رقم 151 لسنة 1961 على المادة السادسة من قانون الإدارة المحلية إذ نصت تلك المادة في صورتها المعدلة على أن يعتبر المحافظ مسئولاً عن الأمن والأخلاق العامة في المحافظة ويرتبط في ذلك ارتباطاً مباشراً بوزير الداخلية الذي يصدر القرارات اللازمة في هذا الشأن. وواضح من هذا التعديل أن المشرع قصد إلى أن تكون السلطة في هذا الخصوص وحسبما سلف البيان سلطة مركزية يمارسها وزير الداخلية.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه صدر من السيد محافظ المنيا باطلاً لصدوره مشوباً بعيب عدم الاختصاص، ويتعين لذلك ودون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى - أي دون حاجة للبحث فيما إذا كانت الحالة المعروضة تسمح بالتدخل بقرار ضبطي وتندرج في مجالاته - وما إذا كان القرار الذي اتخذه السيد المحافظ قد توافرت له خصائصه وشروط صحته - دون حاجة لذلك كله يتعين القضاء بإلغائه ما دام قد تبين أنه صدر ممن لا يملك سلطة إصداره، إذ أنه غنى عن البيان أن مراعاة ناحية الاختصاص بالنسبة إلى تدبير الضبط أمر جوهري يتوقف عليه وجوده القانوني، ومن ثم فلا مندوحة من القضاء بإلغائه وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يتعين رفض الطعن عليه وإلزام رافعه بالمصروفات..

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت محافظة المنيا بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,151

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »