القرارات الصادرة بشأن التعويض من اللجان المنصوص عليها في المادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى منتصف فبراير سنة 1971) - صـ 137
(21)
جلسة 9 من يناير سنة 1971
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق المستشارين.
القضية رقم 718 لسنة 13 القضائية
اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
قرار إداري - القرارات الصادرة بشأن التعويض من اللجان المنصوص عليها في المادة 47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين.
أنه في حالة تنفيذ قرار الاستلام بطريق الجبر يكون لذوي الشأن حق الالتجاء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 47 لتقدير التعويض المستحق لهم طبقا للحدود والضوابط التي رسمها المشرع لذلك، ولهم بعد ذلك أن يعارضوا في هذه القرارات أمام المحكمة الابتدائية المختصة ولقد كان نص المادة 48 في هذا الشأن مطلقا بحيث يشمل أي قرار يصدر عن اللجنة في شأن التعويض، ودون أن يخصصه بنوع معين من القرارات، أو يقصره على القرارات الصادرة بتقدير التعويض فقط، وعلى ذلك فإذا أصدرت اللجنة قرارا برفض طلب التعويض، أو الامتناع عن الفصل فيه، أو بتقدير التعويض عن جزء من المال المستولى عليه دون الباقي، أو غير ذلك من القرارات، التي لا يمكن جمعها تحت حصر معين، فإن هذه القرارات جميعها إنما يطعن فيها بطريق المعارضة أمام المحكمة الابتدائية المختصة، وذلك طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الذي جعل الاختصاص لتلك المحكمة، وقد قضى بنهائية حكمها، وجعله بمنجاة من أي طعن، ومقتضى ذلك أن المحكمة الابتدائية المختصة هي وحدها دون غيرها صاحبة الولاية في الفصل في مثل هذا النوع من النزاع، استنادا إلى أن ذلك نص خاص ورد بشأن نوع بذاته من الأقضية في حالة معينة، هي حالة الاستيلاء المنصوص عليها في المرسوم بقانون سالف الذكر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن يمتلك مصنع زجاج مقام على قطعة أرض يمتلكها ورثة ابراهيم بسيم جركس، تقع بشارع قنال المحمودية بمحافظة الاسكندرية، بجوار شركة مضارب الأرز ومطاحن الغلال المصرية - وقد صدر قرار وزير التموين رقم 188 لسنة 1963 بالاستيلاء فورا على الأرض المقام عليه المصنع المذكور وتسليمها إلى المؤسسة المصرية العامة للمطاحن والمضارب والمخابز، وعندما أعلن المدعي بهذا القرار في 28 من نوفمبر سنة 1963، وأقام الدعوى رقم 1195 لسنة 1964 مدني مستعجل الاسكندرية بإثبات حالة المصنع ومنشآته، وأودع الخبير تقديره، وصادقت عليه المؤسسة المذكورة ومن ثم قضت المحكمة المستعجلة بانتهاء الخصومة بجلسة 10 من أكتوبر سنة 1964، وبلغ مقدار ما تستحقه الشركة جميعه مبلغ 11245 جنيه - وقال المدعي أنه لما كانت المادة 44 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، وترتب الحق في التعويض عن الاستيلاء حال وقوعه، وأن المادة 48 منه ناطت بلجنة تقدير التعويض ببلدية الاسكندرية أمر تقدير التعويض المشار إليه، فقد لجأ إليها لتحدد التعويض المستحق عن مصنعه طبقا لتقرير الخبير المقدم في دعوى اثبات الحالة، إلا أن اللجنة سكتت عن اجابة طلبه سواء بالقبول أو الرفض بالمخالفة للقانون - وانتهى المدعى إلى طلب الحكم بالغاء القرار السلبي الصادر عن اللجنة فيما تضمنه من الالتفات عن طلب تقدير التعويض المقدم إليها منه، مع الزامها بنظر الطلب المذكور وتقدير التعويض المستحق مع الزام المدعى عليهم المصروفات.
وردت الحكومة على الدعوى دافعة بعدم اختصاص محكمة القضاء الادارى بنظر الدعوى استنادا إلى ما تقضى به المادة 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المشار إليه، التى ناطت بالمحكمة الابتدائية المختصة الفصل في المعارضات المقدمة عن قرارات لجنة تقدير التعويض، وإنه بذلك يخرج عن اختصاص القضاء الإداري نظر الدعوى - وقالت عن الموضوع أنه قد تبين للجنة تقدير التعويض أن قرار الاستيلاء لم يتم تنفيذه، على ما يبين من محضر إثبات الحالة المؤرخ في 26 من أكتوبر سنة 1963، وأنها لذلك قررت في 21 من مايو سنة 1964 شطب الموضوع من أعمالها، وإعادة الأوراق إلى مصدرها، لعدم اكتمال عناصر التعويض، ومن ثم يكون قرار اللجنة صحيحا.
وبجلسة 28 من فبراير سنة 1967 حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وقد رفضت الأخذ بالدفع المبدي من الحكومة بعدم اختصاصها، مستندة في ذلك إلى أن القرار المطعون عليه لا ينصب على التعويض الذي لم تفصل فيه اللجنة ليكون محلا للاعتراض أمام المحكمة الابتدائية المختصة حسبما تقضي المادة 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، وأنه بذلك يكون القرار الذي يطلب المدعي إلغاءه، هو قرارا إداريا مما تختص محكمة القضاء الإداري بنظره أما عن الموضوع، فقد خلص الحكم إلى أن قرار الاستيلاء قد علق تنفيذه على شرط ايجاد مساكن لشاغلي العقار المستولى عليه حسبما أمر به وزير التموين، وأن المهلة قد طالت دون - اخلاء العقار، وأن هذا التراخي إنما جاء من عمال الشركة المدعية مرده إليها وبفعلها، ومن ثم قبضت لجنة التعويض يدها عن نظر طلب التعويض الذي لا يسوغ أن يسبق تنفيذه قرار الاستيلاء لأن به يتحقق ما يستوجب التعويض، وبذلك يكون قرار اللجنة قد صدر صحيحا مما يتعين معه رفض الدعوى.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله للأسباب الآتية: -
أولا - أن أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 تفرق بين تنفيذ قرار الاستيلاء في ذاته وهو ما تنص عليه المادة (44) من أنه "ينفذ بطريق الاتفاق الودي أو بطريق الأداء جبرا" - وبين تسليم الأشياء المستولى عليها وهو ما يمكن تراخيه إلى ما بعد تنفيذ قرار الاستيلاء على ما يبين من المادة (46) - وقد حرص القرار رقم 188 لسنة 1963 على التفرقة في نصوصه بين الأمرين، كما راعت ذلك جهة التنفيذ حسبما جاء بمحضرها المؤرخ 12 من سبتمبر سنة 1963 والمعنون: "محضر تنفيذ قرار الاستيلاء رقم 188 لسنة 1963" وفيه أثبتت توجيه طلب الأداء الجبري إلى مالكي العقار المستولى عليه، وبالتالي حصول الاستيلاء، مع التنبيه على المالكين بضرورة توجيه انذارات بالاخلاء إلى مستأجرين ومن ثم أحالت الأوراق إلى لجنة التعويض في أول ديسمبر سنة 1963 لتقدير التعويض المستحق. وأن الحكم قد أخطأ عندما خلط بين تنفيذ قرار الاستيلاء الذي تم فعلا وبين تسليم العقار باعتبار أن الاستيلاء لم يتم لعدم حصول التسليم.
ثانيا - أن حق ذوي الشأن في التعويض ينشأ فور تنفيذ قرار الاستيلاء، إذ يترتب على تنفيذ واجب فوري على صاحب أو شاغل الشئ المستولى عليه يلتزم بموجبه التخلي عنه للمستولى لصالحه، ومن ثم تصبح يده مغلولة عن التصرف في الشئ أو إدخال أية تعديلات أو تحسينات، وأن غل يد صاحب الشئ عنه يشكل ضررا يضاف إلى الأضرار الناجمة عن حرمانه من الانتفاع به، ومن ثم يستحق التعويض، إذ أن الحق في التعويض ينشأ منذ تحقيق الضرر فعلا أو من الوقت الذي يصير فيه الضرر المستقبل مؤكد الوقوع وأنه بذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ حينما ذهب إلى أنه لا يسوغ أن يسبق طلب التعويض تنفيذ قرار الاستيلاء لأنه بذلك قد خالف القواعد العامة، بأن منع الحق في التعويض رغم قيام موجبه.
ثالثا - أن الحكم ساير القرار المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن قرار الاستيلاء لم ينفذ رغم أن الثابت من محضر الجهة المختصة بالتنفيذ المؤرخ 12 من سبتمبر سنة 1963 أن القرار نفذ فعلا، وأنه بذلك يكون قد قضى على خلاف ما أثبتته أوراق الدعوى، كما أخطأ كذلك في قوله أن تنفيذ القرار قد علق على شرط إيجاد مساكن لشاغلي العقار، بينما لم يرد في الأوراق ما يفيد ذلك.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بما تثيره الحكومة في مذكرتها - ردا على أوجه هذا الطعن - من الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر هذه المنازعة، استنادا إلى نص المادة 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، تأسيسا على أن عبارة النص المذكور قد وردت بصفة عامة مطلقة بحيث تشمل جميع القرارات التي يمكن أن تصدر من هذه اللجان، وأن قصر هذه القرارات على ما يصدر منها متضمنا تقدير قيمة التعويض فحسب، يكون تقييدا لمطلق النص وتخصيصا لعمومه بغير مخصص.
ومن حيث أنه يبين من استقراء أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين أنه نص في المادة الأولى منه، بأنه يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية... (5) الاستيلاء على أي عقار أو منقول... وكذلك تكليف أي فرد بتأدية أي عمل من الأعمال - كما نص في المادة 44 بأن ينفذ الاستيلاء المنصوص عليه في المادة الأولى بند (5) من هذا المرسوم بقانون بالاتفاق الودي، فإن تعذر الاتفاق طلب أداؤه بطريق الجبر، ولمن وقع عليهم طلب الأداء جبرا الحق في تعويض أو جزاء يحدد على الوجه الآتي... الخ - ونص في المادة 47 بأن تحدد الأثمان والتعويضات والجزاءات المشار إليها في المادة 44 المشار إليها، بواسطة لجنة تقدير، يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير التموين - كما نص في المادة 48 بأن "تقدم المعارضة في قرارات لجان التقدير إلى المحكمة الابتدائية المختصة بناء على طلب ذوي الشأن خلال أسبوع من تاريخ إخطارهم بخطاب مسجل بتلك القرارات ويجب على قلم الكتاب أن يقدم العريضة في خلال 24 ساعة من استلاما إلى رئيس الدائرة المختصة ويحدد الرئيس جلسة لنظر هذه المعارضة ويخطر قلم الكتاب الخصوم بالموعد بخطاب مسجل بعلم الوصول. وتحكم المحكمة على وجه الاستعجال، ولا يجوز الطعن في حكمها بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية".
ومن حيث أنه يبين من هذه النصوص، أنه في حالة تنفيذ قرار الاستلام بطريق الجبر يكون لذوي الشأن حق الالتجاء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 47 لتقدير التعويض المستحق لهم طبقا للحدود والضوابط التي رسمها المشرع لذلك، ولهم بعد ذلك أن يعارضوا في هذه القرارات أمام المحكمة الابتدائية المختصة، ولقد كان نص المادة 48 في هذا الشأن مطلقا بحيث يشمل أي قرار يصدر عن اللجنة في شأن التعويض، ودون أن يخصصه بنوع معين من القرارات، أو يقصره على القرارات الصادرة بتقدير التعويض فقط، وعلى ذلك فإذا أصدرت اللجنة قرارا برفض طلب التعويض، أو الامتناع عن الفصل فيه، أو بتقدير التعويض عن جزء من المال المستولى عليه دون الباقي، أو غير ذلك من القرارات، التي لا يمكن جمعها تحت حصر معين، فإن هذه القرارات جميعها إنما يطعن فيها بطريق المعارضة أمام المحكمة الابتدائية المختصة، وذلك طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الذي جعل الاختصاص لتلك المحكمة، وقد قضى بنهائية حكمها، وجعله بمنجاة من أي طعن، ومقتضى ذلك أن المحكمة الابتدائية المختصة هي وحدها دون غيرها صاحبة الولاية في الفصل في مثل هذا النوع من النزاع، استنادا إلى أن ذلك نص خاص ورد بشأن نوع بذاته من الأقضية في حالة معينة، هي حالة الاستيلاء المنصوص عليها في المرسوم بقانون سالف الذكر.
ومن حيث أنه لما كان الطاعن يهدف إلى طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة التعويضات ببلدية الإسكندرية فيما تضمنه من الالتفات عن الطلب المقدم من الشركة المدعية، لتقدير التعويض المستحق لها عن القرار الصادر بالاستيلاء على قطعة الأرض المقام عليها المصنع المذكور، وإلزام تلك اللجنة بنظره وتقدير التعويض المستحق لها، بحجة أن طلبه لا ينصب على التعويض الذي لم يفصل فيه اللجنة البته ليكون محلا للاعتراض أمام المحكمة الابتدائية المختصة حسبما تنص بذلك المادة 48 سالفة الذكر، فإنه متى كان يبين أن النص المذكور جاء مطلقا دون أن يخصص بنوع معين من القرارات، كما سلف البيان، فإنه بالتالي تكون المحكمة الابتدائية المختصة هي وحدها صاحبة الولاية في الفصل في المعارضة في قرارات لجان التقدير مهما كانت ماهية القرارات المذكورة، وأن القول بغير ذلك يجعل الاختصاص لجهة من الجهات القضاء في شق من القرارات التي تصدر من لجان التقدير، وفي ذات الوقت تكون الولاية لجهة أخرى من جهات القضاء في شق آخر من تلك القرارات، وهو أمر يخرج عن قصد الشارع ومع ما تقتضيه طبائع الأمور.
ومن حيث أنه ينبني على ما تقدم، أن القرار الضمني الصادر من لجنة التعويضات ببلدية الإسكندرية، مثار هذه المنازعة، فيما تضمنه من الالتفات عن الطلب المقدم من الشركة الطاعنة لتقدير التعويض المستحق لها عن القرار الصادر بالاستيلاء على قطعة الأرض المقامة عليها مصنعها يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة إسكندرية الابتدائية المختصة عملا بنص المادة 110 من قانون المرافعات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص.
ساحة النقاش