إن القرارات الفردية التي تصدر من وزير التموين تنفيذاً لحكم المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 هي قرارات إدارية يختص القضاء الإداري بمراقبة مشروعيتها ولا تعتبر من أعمال السيادة - أساس ذلك.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1971 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 167
(25)
جلسة 20 من فبراير سنة 1971
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق - المستشارين.
القضية رقم 718 لسنة 15 القضائية
اختصاص. "ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري". قرار إداري. قرار وزير التموين بالاستيلاء طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
إن القرارات الفردية التي تصدر من وزير التموين تنفيذاً لحكم المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 هي قرارات إدارية يختص القضاء الإداري بمراقبة مشروعيتها ولا تعتبر من أعمال السيادة - أساس ذلك.
إن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 قد خول في المادة الأولى منه وزير التموين، لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع، أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل أو بعض التدابير المشار إليها في هذه المادة ومنها الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل. وإذ حدد النص المشار إليه جهة الإدارة المختصة بالاستيلاء، ورسم لها ما يجب اتخاذه من إجراءات وما يلزم توافره من الشروط لإتمام الاستيلاء باعتباره عملاً من أعمال الإدارة، فإن القرارات الفردية التي تصدر بالاستيلاء تنفيذاً للنص المشار إليه، تكون من القرارات الإدارية التي يجب أن تتخذ في حدود القانون والتي يتعين خضوعها إعمالاً لمبدأ سيادة القانون لرقابة القضاء، وتنأى بذلك هذه القرارات الإدارية عن أعمال السيادة تلك الأعمال التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة. ويكون قرار السيد وزير التموين المطعون فيه بالاستيلاء على السيارات المملوكة للمدعين تنفيذاً لحكم المرسوم بقانون المشار إليه قراراً إدارياً يختص القضاء الإداري بمراقبة مشروعيته. ولا يغير من طبيعة هذا القرار صدوره قبيل العدوان الإسرائيلي، ذلك أن مواجهة هذا الظرف الاستثنائي وما يتطلبه من ضرورة اتخاذ تدابير سريعة وحاسمة لضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، من شأنه أن يمنح السلطة المختصة القائمة، على تموين البلاد حرية واسعة في تقدير ما يجب اتخاذه من التدابير والإجراءات بمقتضى سلطة تقديرية تختلف في مداها، لا في وجوب بسط الرقابة عليها، عن السلطة التقديرية التي تتمتع بها الحكومة في الظروف العادية المألوفة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعين أقاموا الدعوى رقم 1631 لسنة 21 القضائية ضد السيدين وزير التموين ووزير الداخلية بصفتيهما بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من أغسطس سنة 1967، طلبوا فيها أولاً - وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار الصادر من السيد وزير التموين رقم 115 لسنة 1967 وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً - وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة "وقال المدعون بياناً لدعواهم إن السيد وزير التموين أصدر في 3 من يونيه سنة 1967 القرار رقم 115 لسنة 1967 بالاستيلاء فوراً على السيارات المملوكة لهم لمصلحة السيد وزير الداخلية. ونعى المدعون على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والانحراف بالسلطة تأسيساً على أن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين قد خول السيد وزير التموين بموافقة لجنة التموين العليا سلطة الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء، وإذ أصدر السيد وزير التموين القرار المطعون فيه بالاستيلاء على سيارات المدعين لمصلحة وزير الداخلية بدعوى استعمال السيارات في التهريب، ولم يكن الاستيلاء والحالة هذه لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها، فإن القرار المطعون فيه يكون قد خالف حكم القانون. وأضاف المدعون نعياً على القرار المطعون فيه أنه صدر بأرقام السيارات المستولى عليها على أنها مملوكة أو في حيازة أشخاص معينين ثم ثبت فيما بعد غير ذلك وأنها مملوكة للمدعين وأن أحداً منهم لم يُتهم أو يُحكم عليه في أية جريمة من جرائم التهريب. وأردف المدعون أن هذا الاستيلاء الباطل قد أضر بمصلحتهم الجوهرية المستعملة كما أنه يصيب السيارات بأبلغ الضرر مما يخشى عليه من فوات الوقت. وخلص المدعون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم.
وبجلسة 8 من إبريل سنة 1969 قضت المحكمة "أولاً: بإثبات تنازل المدعين الثلاثة 1 - حسن عبد ربه 2 - حسن عبد الجليل خوير 3 - جويدة الأزرق بدر وألزمتهم المصروفات ثانياً: وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب. ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 115 لسنة 1967 والصادر من وزير التموين في 3 من يونيه سنة 1967 بالاستيلاء على السيارات المملوكة لباقي المدعين الستة وألزمت الجهة الإدارية المصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها على أن الحكومة قدمت إقرارات بالتنازل عن الدعوى من كل من المدعين الأول والثاني والسابع وهم حسن عبد ربه عبد الرازق وحسن عبد الجليل خوير وجويدة الأزرق بدر، مما يتعين معه إثبات تنازلهم طبقاً للمادة 141 مرافعات وتحميلهم مصروفات الدعوى طبقاً للمادة 143 مرافعات. واستطردت المحكمة قائلة أن الواضح من الاطلاع على قرار وزير التموين المطعون فيه والصادر بالاستيلاء على السيارات محل المنازعة أنه قد استند إلى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 والذي يهدف إلى تحقيق ضمانات تتعلق بتموين البلاد بما تحتاجه من مواد وخامات وضمان عدالة توزيعها في حين أن الثابت أن الأسباب التي دعت إلى إصدار القرار المطعون فيه هو ما استبان لوزارة الداخلية من استخدام السيارات المستولى عليها في أعمال التهريب بناء على تحريات أجهزتها المختصة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر لتحقيق غاية تخرج عما قصد إليه الشارع من تخويل وزير التموين سلطة الاستيلاء على أدوات النقل استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون سالف الذكر، ومن ثم يكون هذا القرار باطلاً ومخالفاً للقانون، وتكون الدعوى المرفوعة بطلب إلغائه قد قامت على أساس سليم من القانون، ولا يخل ذلك بحق الإدارة في أن تتخذ من الإجراءات ما تراه مناسباً للقضاء على التهريب، على أن تكون تلك الإجراءات غير مخالفة للقانون. وأضافت
المحكمة بالنسبة لطلب وقف التنفيذ إلى أنها وقد انتهت إلى عدم مشروعية القرار المطعون فيه، وكان الاستيلاء على السيارات المملوكة للمدعين قد أصابهم ولا شك بأضرار تتمثل في حرمانهم من استعمالها وبالتالي الانتفاع بالعائد منها، وأصبح استمرار احتفاظ الإدارة بهذه السيارات عملاً غير مشروع وحائلاً دون المدعين وموارد أرزاقهم، ومن ثم يكون للمدعين مصلحة أكيدة في وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم أولاً على أن قرار السيد وزير التموين بالاستيلاء على السيارات المملوكة للمدعين صدر بناء على موافقة لجنة التموين العليا في 3 من يونيه سنة 1967 في وقت كانت البلاد فيه على أهبة الاستعداد والترقب للحرب التي شنتها إسرائيل بعد صدور القرار بثلاثة أيام وقد اقتضت المصلحة العليا في هذه الظروف إصدار القرار المطعون فيه ضماناً لتموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها وبهذه المثابة يعتبر القرار المطعون فيه من أعمال السيادة التي لا يختص القضاء الإداري بطلب إلغائه ويقوم الطعن ثانياً، حسبما ورد في مذكرة الحكومة الختامية، على أن الدعوى مثار الطعن قد أقيمت بعد الميعاد القانوني مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد. وعن الموضوع طلب الطعن. 1 - إثبات تنازل كل من السيدين حميدة متموح حفيظ وعبد المنعم سليمان جبريل. 2- رفض الدعوى بكافة عناصرها في شقيها المستعجل والموضوعي بالنسبة لباقي المطعون ضدهم واستند الطعن في طلب رفض الدعوى إلى أنه وإن كانت وزارة الداخلية قد طلبت من وزارة التموين إصدار القرار المطعون فيه فليس معنى ذلك أن جوهر القرار كان بقصد الاستيلاء عليها لأن أصحابها يستغلونها في أعمال التهريب، وإنما جوهر القرار هو ضمان توزيع تموين البلاد توزيعاً عادلاً في ظروف الحرب سالفة البيان، كما أن تسليم السيارات إلى وزارة الداخلية لا ينال من صحة القرار المطعون فيه ذلك أن هذه الوزارة منوط بها مهام وواجبات متصلة بمرفق التموين وتوفير حاجيات البلاد وهي من الأجهزة الرئيسية المعاونة لوزارة التموين في هذا الخصوص، وواجبات وزارة الداخلية في هذا المجال تزداد في تلك الظروف الاستثنائية التي لابست واقعة الحال سواء بالنظر إلى وقت صدور القرار أو بالنظر إلى ظروف محافظة مطروح باعتبارها من المحافظات النائية التي يحتاج ضمان سير مرفق التموين في نطاقها إلى مجهودات وأعباء استثنائية خاصة فيما يتعلق بتوفير وسائل المواصلات على النحو الذي يضمن حسن سير مرفق التموين في هذه الجهات في مثل هذه الظروف ومدها باحتياجاتها تحقيقاً للصالح العام.
ومن حيث إن مبنى الدفع بعدم الاختصاص المثار، أن القرار المطعون فيه صدر في 3 من يونيه سنة 1967 وكانت البلاد على أهبة الاستعداد والترقب للحرب التي شنتها إسرائيل على البلاد بعد ذلك بثلاثة أيام، وقد اقتضت المصلحة العليا في هذه الظروف إصدار القرار المطعون فيه ضماناً لتموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها، وبهذه المثابة يخرج القرار المطعون فيه بوصفه من أعمال السيادة عن اختصاص القضاء الإداري.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 قد خول في المادة الأولى منه وزير التموين، لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع، أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل أو بعض التدابير المشار إليها في هذه المادة ومنها الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل. وإذ حدد النص المشار إليه جهة الإدارة المختصة بالاستيلاء، ورسم لها ما يجب اتخاذه من إجراءات وما يلزم توافره من الشروط لإتمام الاستيلاء باعتباره عملاً من أعمال الإدارة، فإن القرارات الفردية التي تصدر بالاستيلاء تنفيذاً للنص المشار إليه، تكون من القرارات الإدارية التي يجب أن تتخذ في حدود القانون والتي يتعين خضوعها إعمالاً لمبدأ سيادة القانون لرقابة القضاء، وتنأى بذلك هذه القرارات الإدارية عن أعمال السيادة تلك الأعمال التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة. ويكون قرار السيد وزير التموين المطعون فيه بالاستيلاء على السيارات المملوكة للمدعين تنفيذاً لحكم المرسوم بقانون المشار إليه قراراً إدارياً يختص القضاء الإداري بمراقبة مشروعيته. ولا يغير من طبيعة هذا القرار صدوره قبيل العدوان الإسرائيلي، ذلك أن مواجهة هذا الظرف الاستثنائي وما يتطلبه من ضرورة اتخاذ تدابير سريعة وحاسمة لضمان تموين البلاد وتحقيق العدالة في التوزيع، من شأنه أن يمنح السلطة المختصة القائمة، على تموين البلاد حرية واسعة في تقدير ما يجب اتخاذه من التدابير والإجراءات بمقتضى سلطة تقديرية تختلف في مداها، لا في وجوب بسط الرقابة عليها، عن السلطة التقديرية التي تتمتع بها الحكومة في الظروف العادية المألوفة. ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الدفع المثار بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعة الماثلة غير قائم على أساس من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني، فالثابت من استقراء الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر في 3 من يونيه سنة 1967، وقد تظلم المدعي الرابع منه تلغرافياً إلى السادة رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ومحافظ مطروح في 18 من يونيه سنة 1967. كما تظلم منه الأستاذ حسن أبو هيف المحامي بالنيابة عن جميع المدعين عدا الرابع في 4 من يوليه سنة 1967 إلى السيدين وزير الداخلية ووزير التموين. ولما كان الأمر كذلك وكانت عريضة الدعوى قد أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من أغسطس سنة 1967 فإن الدعوى تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني، ويكون الدفع المثار غير قائم على أساس من الواقع أو القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن الدفاع عن الحكومة قد تقدم في 8 من إبريل سنة 1969 إلى محكمة القضاء الإداري بطلب أرفق به إقرارين موقع عليهما أمام السيد مراقب الحسابات بوزارة الداخلية من المدعيين الرابع حميدة متموح حفيظ والسادس عبد المنعم سليمان جبريل، يتضمنان قبول المدعيين المذكورين الثمن المقدر لسيارتيهما بمعرفة لجنة التعويضات بمحافظة مطروح وقبول تنفيذ القرار المطعون فيه وتعهدهما بعدم الطعن فيه بأية وسيلة من وسائل الطعن مستقبلاً وتنازلهما عن الدعوى مثار هذا الطعن. وإذ قدم هذا الطلب في اليوم المحدد للنطق بالحكم فقد التفتت عنه المحكمة.
ومن حيث إن المدعيين المذكورين وقد أقرا تنازلهما عن دعواهما مثار الطعن على النحو المشار إليه، وقبلت الجهة الإدارية أعمال مقتضى هذين الإقرارين بتقديمهما إلى محكمة القضاء الإداري والتمسك بما جاء بهما، فإن المدعيين بذلك يكونا قد تركا الخصومة في دعواهما، ويتعين من ثم الحكم بإثبات تركهما الخصومة مع إلزام كل منهما بمصروفات دعواه عملاً بحكم المادة 143 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن محافظة مطروح قامت بحصر السيارات التي دلت التحريات على أنها تستعمل كوسيلة للتهريب الجمركي بدائرتها، ومن بينها سيارات المدعين وعرضت الأمر على السيد وزير الداخلية لإصدار الأمر بالاستيلاء عليها ومصادرتها أو وضعها تحت الحراسة أو اتخاذ ما يراه في هذا الشأن. وفي 3 من يونيه سنة 1967 طلب السيد وزير الداخلية من وزارة التموين إصدار قرار بالاستيلاء على هذه السيارات لحساب وزارة الداخلية وبناءً على ذلك وفي ذات اليوم صدر قرار السيد وزير التموين استناداً إلى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين وبموافقة لجنة التموين العليا بالاستيلاء فوراً على هذه السيارات وتسليمها إلى مندوب وزارة الداخلية. وتطبيقاً لأحكام المرسوم بقانون المشار إليه قدرت أثمان هذه السيارات ووافق بعض المدعين على البيع ورفض البعض الآخر التعويض المقرر لسياراتهم وهم المدعون الثالث والخامس والثامن والتاسع الذين أصروا على الاستمرار في دعواهم مثار الطعن الماثل.
ومن حيث إن السيد وزير التموين قد أصدر القرار المطعون فيه بالاستيلاء على سيارات المدعين بالتطبيق لحكم المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين بعد موافقة لجنة التموين العليا، بما ينبئ بأنه قد صدر ضماناً لتموين البلاد وتحقيقاً لعدالة التوزيع تنفيذاً لنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 معدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 سالفة الذكر. ومما يقطع في ذلك أن هذا القرار صدر في 3 من يونيه سنة 1967 قبيل العدوان الإسرائيلي الذي وقع على البلاد في 5 من يونيه سنة 1967، وكانت الحاجة ماسة لاتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية اللازمة لمواجهة هذه الحرب وما تثيره من مشاكل وصعاب في تسيير المرافق العامة وعلى رأسها تموين البلاد بالمواد الغذائية والحاجيات الأساسية باعتباره من المرافق الحيوية التي تمس مصالح كل الشعب. ومن ثم فقد كان حتماً على الجهة الإدارية القائمة على تموين البلاد أن تنشط في هذه الظروف إلى مواجهة هذا الموقف وتضع له الحلول السريعة الحاسمة ضماناً لحسن سير هذا المرفق وعدم اضطرابه. وإذ هي قامت بالاستيلاء على بعض السيارات في هذه الظروف بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 سالف الذكر فإنها تكون ولا شك قد استهدفت الغاية التي حددها هذا التشريع وهي ضمان تموين البلاد ولا حجة والحالة هذه في الإدعاء بأن القرار قد انحرف عن غايته هذه بمقولة إن الاستيلاء تم بناء على طلب وزارة الداخلية بسبب ما استبان لها من استعمال هذه السيارات في التهريب الجمركي ذلك أن وزير التموين حين أصدر قراره في 3 من يونيه سنة 1967 وقت أن كانت البلاد تواجه خطر العدوان الإسرائيلي بين يوم وآخر، واستند إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 كان مدفوعاً وراء تحقيق الغاية التي قصد إليها هذا المرسوم بقانون وهي ضمان تموين البلاد، وإذ كان العمل على تحقيق هذا الضمان يتطلب الاستيلاء على بعض وسائل النقل كالسيارات موضوع القرار المطعون فيه، فقد أتاح طلب وزارة الداخلية - أياً كان الهدف الذي كانت ترمي إليه - الفرصة لوزير التموين لذلك الاستيلاء للأغراض التموينية العاجلة، وحدا به ذلك إلى إصدار قرار الاستيلاء في نفس اليوم الذي تلقى فيه طلب وزارة الداخلية بشأن السيارات المشار إليها. وبناء على ذلك فإن القرار المطعون فيه وقد أصدره السيد وزير التموين - دون وزارة الداخلية - وقد تغيا القرار المطعون فيه ضمان تموين البلاد، فإنه يكون سليماً مبرءاً من عيب الانحراف بالسلطة بغض النظر عما قد يكون لوزارة الداخلية من أهداف أخرى.
ومن حيث إن تسليم السيارات المستولى عليها إلى وزارة الداخلية ليس دليلاً على أن القرار المطعون فيه لم يستهدف ضمان تموين البلاد، ذلك أن نشاط وزارة الداخلية يمتد إلى مراقبة تنفيذ قوانين التموين والتسعيرة، وضبط الجرائم التي تقع بالمخالفة لها بما يكفل احترام هذه القوانين وما يستتبع ذلك من إمكان حصول كل ذي حق على حقه من مواد التموين وبالأسعار المحددة وهو أمر يرتبط كل الارتباط بضمان تموين البلاد وتحقيق عدالة التوزيع، وتسليم وزارة الداخلية سيارات الركوب والنقل المستولى عليها يسهل لها الانتقالات اللازمة لممارسة نشاطها هذا، ويكون التسليم والحالة هذه حجة تؤيد قيام القرار على الغرض المحدد له قانوناً، لا دليلاً على انتفاء قيام هذا الغرض.
ومن حيث إن المستفاد من القرار المطعون فيه أنه اعتمد أساساً في تحديد السيارات المستولى عليها على بيان أرقامها ونوعها والمحافظة التابعة لها، وهو تحديد تنتفي معه كل جهالة، ومن ثم فإنه لا ينال من صحة القرار الإدعاء بالخطأ في بيان أسماء بعض مالكي هذه السيارات.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد توافرت له مقومات سلامته ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذه وبإلغائه قد خالف حكم القانون، ويتعين من ثم الحكم بإلغائه فيما قضى به من وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه، والحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي وبإلزام كل من المدعين الثالث والخامس والثامن والتاسع وهم عبد الجواد رحيل ميخائيل ومفتاح فرج ميلاد وعلي عبد السلام وصبحي إبراهيم شلتوت بمصروفات دعواهم مع إلزامهم بمصروفات الطعن حيث إنهم هم الذين تمسكوا بدعواهم دون غيرهم إلى أن قضي فيها بالحكم المطعون فيه.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه (أولاً) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه (ثانياً) بإثبات ترك المدعيين الرابع والسادس حميدة متموح حفيظ وعبد المنعم سليمان جبريل الخصومة وإلزام كل منهما بمصروفات دعواه (ثالثاً) برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي بالنسبة إلى المدعين الثالث والخامس والثامن والتاسع عبد الجواد رحيل ميخائيل ومفتاح فرج ميلاد وعلي عبد السلام وصبحي إبراهيم شلتوت وإلزام كل منهم بمصروفات دعواه مع إلزامهم بمصروفات الطعن.
ساحة النقاش