مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس مارسته نشاطاً إدارياً قراراته تعتبر قرارات إدارية يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة أساس ذلك.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 119
(43)
جلسة 18 من يناير سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضه، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمد نور الدين العقاد المستشارين.
القضية رقم 441 لسنة 16 القضائية
مجلس الدولة - اختصاص - قرار إداري.
مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس - ممارسته نشاطاً إدارياً - قراراته تعتبر قرارات إدارية يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة أساس ذلك.
إن مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس، وقد ناط به القانون الاختصاص بتعيين وعزل القائمين على إدارة الأوقاف الخيرية للأقباط الأرثوذكس، وهو الاختصاص الذي كان معقوداً من قبل للمحاكم الشرعية، إنما يمارس في هذا الخصوص نشاطاً إدارياً دعت إليه اعتبارات الصالح العام، ومن ثم تكون القرارات الصادرة منه قرارات إدارية يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - تطبيقاً لنص المادة 10 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه أنه لا ينبني على كون الهيئة المذكورة هيئة عامة أن تعتبر قراراتها دائماً وبحكم اللزوم قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري بمقولة أنه ينبغي لتحقق وصف القرار الإداري أن يكون كذلك بحكم موضوعه - لا وجه لذلك إذ المرد في خلع صفة القرار الإداري على القرارات التي تصدرها الجهات الإدارية والتي يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص القضاء الإداري أن ينطوي القرار على إفصاح الجهة الإدارية أثناء قيامها بوظائفها وبناءً على ما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني يكون جائزاً وممكناً قانوناً وبباعث من المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لا شبهة في أن القرار محل الطعن هو قرار إداري، إذ هو إفصاح من هيئة الأوقاف الأرثوذكس - وهي جهة إدارية مختصة - بمقتضى القانون رقم 264 لسنة 1960 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 إفصاحاً له أثر قانوني تمثل في تعيين الطاعن ناظراً للوقف الخيري، وبذلك يتوفر لهذا القرار مقومات القرار الإداري وبهذه المثابة يختص القضاء الإداري بطلب إلغائه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من الأوراق - في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 13 من يوليه سنة 1967 (أقام المدعيان الدعوى رقم 1444 لسنة 21 القضائية ضد السيد/.....، طالبين إلغاء القرار الصادر في 16 من مايو سنة 1967 من مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس، والقاضي بتعيين المهندس الزراعي عادل نصري سرور ناظراً على وقف المرحوم تادرس عريان الخيري بدلاً من والده المرحوم نصري سرور الناظر السابق" وقالا - في بيان دعواهما - أن المرحوم تادرس عريان توفى عن وقف خيري انحصر في مساحة قدرها مائة وعشرين فداناً وواحد وعشرين قيراطاً وستة عشر سهماً بمركز كفر الشيخ وكان المرحوم نصري سرور ناظراً على هذا الوقف حتى وافته المنية في 8 من مايو سنة 1967 فسارع ولده السيد/ عادل نصري إلى تقديم طلب إلى مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس المشكلة بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 264 لسنة 1960 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 بتعيينه ناظراً على هذا الوقف خلفاً لوالده، فأصدر مجلس الإدارة القرار المطعون فيه بالرغم من أن المدعيين أحق منه بالنظر، ذلك أن شرط الواقف في حجة الوقف أن يكون النظر للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف وأولاد أولاده ونسلهم طبقة بعد طبقة بحيث تحجب الطبقة العليا الطبقة التي تليها، وأنه لما كان المدعى عليه من الطبقة الرابعة بالنسبة إلى مقدمي الطعن واللذين يعتبران من الطبقة الثالثة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفاً لنص حجة الوقف والأمر الذي يتعين معه إلغاء القرار المذكور وتعيين المدعيين ناظرين على الوقف.
وقد دفع المدعى عليه أمام هيئة مفوضي الدولة وأثناء تحضير الدعوى بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى وبعدم قبولها شكلاً، وطلب الحاضر عن المدعي بجلسة التحضير المنعقدة في 8 من نوفمبر سنة 1967 تأجيل نظر الدعوى لإدخال هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس. وبعريضة أودعت في قلم كتاب المحكمة في 23 من نوفمبر سنة 1967 تم إعلان الهيئة المذكورة لجلسة 6 من ديسمبر سنة 1967، وفيها دفعت الهيئة المذكورة بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد استناداً على أن القرار المطعون فيه صدر في 16 من مايو سنة 1967 وقد علم المدعيان به فور صدوره - على ما هو مستفاد من كتاب كانا قد توجها به إلى غبطة البطريرك مؤرخ 3 من يوليه سنة 1967 - (قدمت الهيئة نسخة منه موقعاً عليه من أحد المدعيين) في حين أن إدخال أوقاف الأقباط الأرثوذكس لم يتم إلا بصحيفة أودعت في 23 من نوفمبر سنة 1967، وبذلك تكون الدعوى قد رفعت بالنسبة إلى هذه الهيئة بعد الميعاد، وقدمت هيئة مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني أشارت فيه إلى اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى ورأت أن الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى على أنه ولئن كانت هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس تعد من الهيئات العامة، إلا أنه لا ينبني على ذلك دائماً وبحكم اللزوم أن ما تصدره من قرارات تعتبر قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري إذ يجب لتحقق وصف القرار الإداري أن يكون كذلك بحكم موضوعه، فإذا دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإدارة مال شخص معنوي خاص أو صدر لحسم موضوع في غير المجال الإداري، فإن هذا القرار لا يعتبر من القرارات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، وأنه لما كان القرار المطعون فيه إنما يتناول تعيين من يدير الوقف محل المنازعة الماثلة وكان الوقف من أشخاص القانون الخاص فإن المنازعة التي حسمها القرار المطعون فيه تكون طبقاً للواقع أو حتى حسب تصوير المدعيين من مسائل القانون الخاص ولا علاقة لها بالسلطة العامة مما ينبني عليه أن القرار المطعون فيه لا يعد قرار إدارياً مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشابه القصور والتناقض، فعلى الرغم من تسليمه بأن هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس تعد من الهيئات العامة إلا أنه انتهى إلى أن القرار المطعون فيه الصادر منها ليس قراراً إدارياً مما يختص مجلس الدولة بالفصل فيه، متجاهلاً أن مناط الاختصاص هو للجهة التي أصدرت القرار باعتبارها جهة إدارية طبقاً لقانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 ذلك أن هيئة الأوقاف المذكورة تعد هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي، إذ هي تختص بموجب القرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 بالفصل في تعيين وعزل القائمين على إدارة هذه الأوقاف، وفصلها في ذلك يعتبر قضاء خلفت فيه المحاكم الشرعية التي كانت تمارسه من قبل وترتيباً على ذلك يكون الطعن في قرار الهيئة إنما هو طعن في قرار إداري نهائي صادر من هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي مما يختص مجلس الدولة بالفصل في طلب إلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما ذهب إليه من اعتبار هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس هيئة عامة، وذلك للأسباب التي استند إليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة والتي - استمدها الحكم المطعون فيه من استظهار أحكام القانون رقم 264 لسنة 1960 في شأن استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العامة للأقباط الأرثوذكس وأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة هذه الأوقاف.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 264 لسنة 1960 المشار إليه تنص على أن تنشأ هيئة تسمى هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لها الشخصية الاعتبارية، وتنص المادة الثالثة على أن يدير الهيئة مجلس إدارة يشكل من بطريرك الأقباط الأرثوذكس رئيساً ومن عدد من المطارنة وعدد مماثل من الأقباط الأرثوذكس من ذوي الخبرة يعينون بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على اختصاصات الهيئة المذكورة ومنها الإشراف على إدارة جميع الأوقاف من أطيان وعقارات ومحاسبة القائمين على إدارتها عن إيرادتها ومصروفاتها، ولها في هذا السبيل أن نضع النظم التي تراها كفيلة بحسن إدارة - الأوقاف وضبط حساباتها وصيانة أموالها واستغلالها في أفضل الوجوه وحصر أملاكها وموجوداتها وتوزيع ريع الأعيان الموقوفة على الجهات الموقوفة عليها بحسب احتياجاتها الحقيقية وما يكفل المحافظة على تحقيق أغراضها الأصلية وتوجيه الفائض نحو مرافق الإصلاح أو وجوه الاستغلال التي تراها، وتعيين وعزل القائمين على إدارة الأوقاف. ونصت المادة الرابعة من هذا القرار على أن مجلس الإدارة ينعقد بدعوة من الرئيس أو بناءً على طلب ثلاثة من الأعضاء على الأقل ولا يصح انعقاده إلا بحضور خمسة من الأعضاء على الأقل، وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين، وإذا تساوت الأصوات رجح رأي الجانب الذي منه الرئيس.
إن مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس، وقد ناط به القانون الاختصاص بتعيين وعزل القائمين على إدارة الأوقاف الخيرية للأقباط الأرثوذكس، وهو الاختصاص الذي كان معقوداً من قبل للمحاكم الشرعية، إنما يمارس في هذا الخصوص نشاطاً إدارياً دعت إليه اعتبارات الصالح العام، ومن ثم تكون القرارات الصادرة منه قرارات إدارية يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري تطبيقاً لنص المادة 10 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لا ينبني على كون الهيئة المذكورة هيئة عامة أن تعتبر قراراتها دائماً وبحكم اللزوم قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري بمقولة أنه ينبغي لتحقق وصف القرار الإداري أن يكون كذلك بحكم موضوعه - ولا وجه لذلك إذ الرد في خلع صفة القرار الإداري على القرارات التي تصدرها الجهات الإدارية والتي يدخل النظر في طلب إلغائها في اختصاص القضاء الإداري أن ينطوي القرار على إفصاح الجهة الإدارية أثناء قيامها بوظائفها وبناءً على ما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح من إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني يكون جائزاً وممكناً قانوناً وبباعث من المصلحة العامة.
ومن حيث إنه لا شبهة في أن القرار محل الطعن هو القرار الإداري، إذ هو إفصاح من هيئة الأوقاف الأرثوذكس - وهي جهة إدارية مختصة - بمقتضى القانون رقم 264 لسنة 1960 وقرار رئيس الجمهورية، وبذلك يتوفر لهذا القرار مقومات القرار الإداري وبهذه المثابة يختص القضاء الإداري - بطلب إلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب وقضى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى الراهنة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وإعادة الأوراق إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدهما بمصروفات الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها وألزمت المطعون ضدهما مصروفات الطعن.
ساحة النقاش