تختص المحاكم التأديبية بنظر دعاوى إلغاء القرارات التأديبية وما يرتبط بها أو يتفرع عنها من طلبات - اختصاصها بنظر إلغاء القرارات الصادرة بتحميل العامل بما لحق رب العمل من خسارة .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 1070
(165)
جلسة 18 من مايو سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.
الطعون الرقيمة 761، 762، 763 لسنة 26 القضائية
( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - الجزاءات التأديبية - الوقف عن العمل.
المادة 48 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 حددت الجزاءات التأديبية الجائز توقيعها على العاملين بالقطاع العام ومن بينها جزاء الوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة لا تجاوز ستة شهور - صدور قرار الشركة بوقف العامل دون النص بالقرار على صرف نصف المرتب فقط - لا يؤدي ذلك إلى بطلان القرار لمخالفته للقانون – صرف نصف المرتب فقط في حالة الوقف هو أثر لازم له ولا يترتب على إغفال النص عليه بطلان الجزاء - أساس ذلك: أن تشريعات العاملين بالقطاع العام المتعاقبة قد جرت على النص على صرف نصف المرتب في حالة الوقف عن العمل ومن ثم أصبح هذا الأثر مصدره القانون وليس القرار الصادر بتوقيع العقوبة - تطبيق.
(ب) اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية - قرارات التحميل.
تختص المحاكم التأديبية بنظر دعاوى إلغاء القرارات التأديبية وما يرتبط بها أو يتفرع عنها من طلبات - اختصاصها بنظر إلغاء القرارات الصادرة بتحميل العامل بما لحق رب العمل من خسارة - أساس ذلك: إن هذه الطلبات ترتبط ارتباطاً جوهرياً بالشق الآخر من القرار الصادر بمجازاة العامل تأديبياً ويتفق مع وحدة الهدف الذي تغياه رب العمل بإصدار القرار بشقيه وهو مساءلة العامل عن الإهمال الذي نسب إليه بتوقيع الجزاء التأديبي عنه وتحميله بالأضرار المترتبة على هذا الإهمال - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 2 من إبريل سنة 1980 أودع الأستاذ عبد الرحيم عبد العال محمد المحامي والوكيل عن رئيس مجلس إدارة مصر الوسطى للغزل والنسيج قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 761 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 4 من فبراير سنة 1980 في الدعوى رقم 86 لسنة 5 القضائية المرفوعة من........ ضد شركة مصر الوسطى للغزل والنسيج والقاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع كافة ما يترتب عليه من آثار وألزمت الشركة المطعون ضدها عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم الأربعاء الموافق 2 من إبريل سنة 1980 أودع الأستاذ عبد الرحيم عبد العال محمد المحامي والوكيل عن رئيس مجلس إدارة شركة مصر الوسطى للغزل والنسيج قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 762 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 4 من فبراير سنة 1980 في الدعوى رقم 84 لسنة 5 القضائية المرفوعة من......... ضد شركة مصر الوسطى للغزل والنسيج والقاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع كافة ما يترتب عليه من آثار وألزمت الشركة المطعون ضدها بعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وقد طلبت الشركة الطاعنة للأسباب المبينة في تقارير الطعن المشار إليها إلغاء الأحكام المطعون فيها.
وبعد أن أعلنت تقارير الطعون المشار إليها إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن رقم 761 لسنة 29 القضائية ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى رقم 84 لسنة 5 القضائية.
كما قدمت تقريراً في الطعن رقم 762 لسنة 29 القضائية ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى التأديبية رقم 85 لسنة 5 القضائية.
كما قدمت تقريراً في الطعن رقم 763 لسنة 29 القضائية ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى التأديبية رقم 84 لسنة 5 القضائية.
وعين لنظر الطعون أمام دائرة فحص الطعن بالدائرة الثالثة جلسة 16/ 11/ 1983 وبتلك الجلسات قررت الدائرة إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظرها بجلسة 21/ 12/ 1983 وقد قررت إصدار الحكم فيها بجلسة 20/ 3/ 1984 ثم قررت إعادة كل طعن فيها للمراجعة بجلسة 8/ 5/ 1984 لنظره مع الطعنين المماثلين وبجلسة 9/ 10/ 1984 قررت المحكمة إحالة هذه الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظرها بجلسة 24/ 11/ 1984 وبتلك الجلسة قررت المحكمة ضم هذه الطعون ليصدر فيها حكم واحد وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات أصحاب الطعون قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتلخص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 9 من أغسطس سنة 1978 أقام السيد........... الطعن رقم 86 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة التأديبية بأسيوط ضد شركة مصر الوسطى للغزل والنسيج طالباً إلغاء القرار الصادر بوقفه عن العمل لمدة شهر اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1978 واعتباره كأن لم يكن مع إلغاء كافة ما يترتب عليه من آثار وقال شرحاً لطعنه أن الجريمة المنسوبة إليه هي جريمة وهمية ليس لها أصل ثابت في الإبلاغ عنها وقت وقوعها ولا يبين في أي موقع من مواقع الحراسة وقعت أو ارتكبت كما أن فقد كمية الأقطان المدعي باختفائها يمكن أن تقع في وزن الأقطان التي تدخل إلى المصنع بكميات هائلة تبلغ آلاف القناطير سنوياً لغزلها ويمكن أن يحدث الفقد أيضاً بطريق تسرب القطن مع البال المحترق في شونة المصنع ويختلط بالأتربة كميات تزيد عن الكمية التي فقدت كما أن الشركة لم تبلغ النيابة العامة عن هذه الجريمة كما جرت العادة مما يدل على أنها جريمة وهمية.
وبجلسة 4 من فبراير سنة 1980 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه مع كافة ما يترتب عليه من آثار واستندت في حكمها إلى أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد نص على وقف الطاعن عن العمل مدة شهر دون أن ينص على أن يكون ذلك الإيقاف مع صرف نصف المرتب ولما كانت الجزاءات التي يجوز توقيعها على العاملين بالقطاع العام قد وردت على سبيل الحصر في نص المادة 48 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام وليس من بينها جزاء الوقف عن العمل دون صرف نصف الأجر ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون بتوقيعه جزاء لم يرد به نص في القانون وهذه المخالفة من شأنها أن تصم القرار بالبطلان.
وبتاريخ 12 من يوليه سنة 1978 أقام السيد/............. الطعن رقم 85 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة التأديبية بأسيوط طالباً إلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة شركة مصر الوسطى للغزل والنسيج والمتضمن وقفه عن العمل لمدة شهر مع خصم مبلغ سبعة عشر جنيهاً من مرتبه الشهري وقال شرحاً لطعنه أنه يعمل عاملاً بقسم المطافي من 4 من يناير سنة 1969 حتى تاريخ إقامة الدعوى ومن ثم يتحدد عمله وفقاً لوصف الوظيفة الوارد بهيكل وظائف الشركة في مكافحة الحرائق من ناحية الأمن الصناعي دون أن يتعداها إلى عمل آخر وفي نطاق المنطقة المخصصة له داخل الشركة، ومن ثم فإن مجازاته في جريمة سرقة تمت في شونة الشركة يكون على غير أساس وإذ إنه غير مكلف بالحراسة وعمله ينحصر فقط في أعمال الحريق وأجهزة المطافي.
وبجلسة 4 من فبراير سنة 1980 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه واستندت في قضائها إلى ذات الأسباب التي أوردتها في حكمها الصادر بذات الجلسة في الطعن رقم 86 لسنة 5 القضائية وبتاريخ 9 من أغسطس سنة 1978 أقام السيد/........... الدعوى رقم 84 لسنة 5 القضائية ضد شركة مصر الوسطى للغزل والنسيج بالمنيا طالباً إلغاء القرار الصادر من الشركة بوقفه عن العمل مدة شهر.
وقال شرحاً لطعنه أن الجريمة التي أدين من أجلها هي جريمة وهمية ليس لها أصل ثابت في الإبلاغ عنها وقت وقوعها ولا يبين في أي موقع من مواقع الحراسة وقعت أو ارتكبت وما هي الوسيلة التي خرجت بها الكمية الخاصة أن كمية القطن التي فقدت يمكن أن تكون فاقد وزن أو فاقد نقل كما أن الشركة لم تبلغ النيابة العامة كما جرى عليه العمل.
وبجلسة 4 من فبراير سنة 1980 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار استناداً إلى ذات الأسباب التي أوردتها في الحكم الصادر منها في ذات الجلسة في الدعوى رقم 86 لسنة 5 القضائية.
ومن حيث إن مبنى الطعون الثلاثة المقامة من الشركة الطاعنة أن الأحكام الثلاثة المطعون فيها والسالف الإشارة إليها قد صدرت مخالفة للقانون للأسباب الآتية:
1 - أن التشريعات المتعاقبة قد تواترت على اعتبار الوقف عن العمل سواء أكان احتياطياً أو جزائياً يقتضي صرف نصف الأجر خلال مدة الوقف من ثم فقد أصبحت هذه القاعدة أصولية لا خلاف عليها ومن ثم لم يبق هناك حاجة إلى إضافة عبارة مع صرف نصف الأجر إلى أي قرار.
2 - أنه لم يعرض على المحكمة الأمر التنفيذي الصادر نفاذاً لتأشيرة رئيس مجلس الإدارة كما لم يرد بالأوراق ما يفيد عدم صرف نصف الأجر وهذا أمر مفترض بقوة القانون.
3 - أن الثابت من التحقيق اتجاه نية الشركة الطاعنة إلى مجازاة الطاعنين بسبب إهمالهم في المحافظة على ممتلكات الشركة بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب ومن ثم فلا أساس لما تضمنه الحكم المطعون فيه من أن العقوبة لا سند لها من القانون.
4 - إن إهمال المطعون ضدهم في أعمال الحراسة قد أدى إلى الإضرار بأموال الشركة وسرقة 20 كيلو قطن قيمتها 108 جنيهات ولما كانت علاقة العاملين بشركة القطاع العام هي علاقة تعاقدية وتخضع لأحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فيما لم يرد به نص في القانون رقم 61 لسنة 1971 في شأن العاملين بالقطاع العام وبالتالي فإن المستقر عليه فقهاً وقضاء أن تحميل أحد العاملين بمبالغ نتيجة خطأ ارتكبه ليس من قبيل الجزاءات التي نصت عليها أحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه وإنما هي من قبيل الرجوع على المطعون ضدهم باعتبارهم مسئولين عن هذا الضرر، وتأسيساً على ذلك فلا ينعقد الاختصاص بنظر الدعاوى المرفوعة من المطعون ضدهم أمام المحكمة التأديبية لمحاكم مجلس الدولة وإنما يختص بنظرها القضاء العادي وقد نظم المشرع طريقة التظلم من تقرير هذه المبالغ والمحاكم المختصة بذلك وطرق الطعن فيها بالمادة 54 من قانون العمل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه في يوم 3 من إبريل سنة 1978 أبلغ السيد.......... المعين خفيراً على درك شونة الوسط بشركة مصر الوسطى للغزل والنسيج السيد/............ ضابط الأمن بالشركة أنه لاحظ شخصين يلقون جوال قطن على مسطبة رقم 12 خارج المصنع فأطلق الحارس........... عياراً نارياً عليهما فلم يصب أحداً منهما وقفزاً خارج السور وتركا جوال القطن فوق المصطبة.
وقد باشرت الإدارة القانونية التحقيق في يوم 4 من إبريل سنة 1978 وبسؤال السيد/....... ضابط الأمن قرر أنه حضر إلى العمل الساعة 12.5 صباحاً فأبلغه السيد/.......... بالواقعة السابقة فاستدعى رئيس قسم الأمن وقام بمعاينة مكان الحادث فوجد جوال القطن على المصطبة رقم 12 وتم الاتصال بالسيد مدير عام الشئون الإدارية لإبلاغه وأمر الحارس بإبقاء كل شيء في مكانه إلى الصباح، وقد تمت المعاينة في الصباح بمعرفة محقق من الشئون القانونية ووكيل الشئون الإدارية ورئيس قسم الأمن وأمين شونة القطن وتبين وجود جوال قطن خام على المصطبة رقم 12 كما وجد السلك الشائك أعلى السور الغربي مقطوعاً ومعلقاً على ما يعلوه من أسلاك ولوحظ وجود آثار القطع قديمة ووجود بعض آثار قطن خارج سور المصنع وبالزراعة المجاورة للسور، وقد تمت معاينة البالة التي كانت محل السرقة فتبين أنه لم يبق منها سوى نصفها تقريباً ولوحظ وجود آثار أقدام بجوارها وتم وزن الباقي من بالة القطن فتبين أنه 156 كيلو جراماً وكذلك تم وزن جوال القطن محل السرقة فتبين أنه 66 كيلو جراماً وأن بالة القطن رقم 18 من لوط رقم 42120 وزنها 420 كيلو جراماً صنفها قطن شعر دندرة أي أن المفقود من بالة القطن هو 208 كيلو جرامات.
وبسؤال الحارس.......... المكلف بحراسة السور الغربي بالوردية المسائية قرر أنه حضر الساعة الرابعة مساء وتوجه لحراسة السور الغربي ونفى علمه بالحادث وقرر أنه ترك مكانه في الحراسة قبل أن يحضر زميله وعلل ذلك بأنه إذا تأخر حتى حضور زميله لا يتمكن من التوقيع بدفاتر الانصراف وقد وجه إليه المحقق ارتكابه لمخالفة تركه الدرك قبل استلام زميله مما يعرض الدرك خلال هذه الفترة للخطر، فأقر بارتكاب هذه المخالفة معللاً ذلك باضطراره بالانصراف حتى يتمكن من التوقيع.
وبسؤال........... عامل إطفاء بالشونة المطعون ضده الثاني نفى علمه بالحادث وأنه انصرف من عمله الساعة 11.45 أو الساعة 11.50 تقريباً وذهب إلى دورة المياه وانصرف من المصنع الساعة 12 عند انتهاء الوردية وقد نسب إليه المحقق مخالفة الواجب الوظيفي وإهماله في عمله وتركه مكان العمل مما يعرضه للتخريب والحريق فأجاب بالنفي.
وبسؤال السيد/.......... المختص بحراسة البرج رقم 3 قرر أنه حضر للعمل الساعة الرابعة ظهراً واستمر حتى الساعة 12 مساء ولما لم يحضر زميله الذي يتسلم منه العمل ترك البرج ونفى علمه بالحادث وقد نسب إليه المحقق مخالفة تركه محل العمل قبل أن يتسلم منه زميله المعين بعده الوردية طبقاً للتعليمات فأجاب أنه انصرف في المواعيد الرسمية.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدهم الثلاثة هي انصرافهم من الأماكن المحددة لهم لحراستها قبل أن يتسلم زملاؤهم عملهم في هذه الأماكن بالمخالفة للتعليمات والتي قدمتها الشركة في حافظة المستندات المقدمة منها بجلسة 8 من مايو سنة 1985 وإذ كان المطعون ضدهم تتحدد واجباتهم بحراسة ممتلكات الشركة وتأمينها ضد الحريق وبهذه المثابة فالخروج على هذه الواجبات يبلغ حدا من الجسامة يتعين معه أن تتصدى الإدارة لتوقيع العقوبة المناسبة ومن ثم فلا تثريب عليها إن أصدرت القرار المطعون فيه بوقف المطعون ضدهم عن العمل لمدة شهر ويكون القرار المطعون فيه قد قام على سبب يبرره مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه لا حجة لما يدعيه المطعون ضدهما الأول والثالث من أن واقعة السرقة واقعة وهمية لا أساس لها من الواقع، ذلك أنه فضلاً عن أن هذه الواقعة ثابتة من التحقيق الذي أجرته الإدارة القانونية وبعد معاينة من لجنة من العاملين بالشركة فإن المخالفة المنسوبة إليهما هي الخروج على واجبات الوظيفة بتركهما مقر عملهما قبل تسليم الحراسة لزملائهما كذلك لا حجة لما يدعيه المطعون ضده الثاني من أنه كعامل مطافي لا يلزم بحراسة الأقطان بالشونة ذلك لأن المخالفة المنسوبة إليه أيضاً هي إهماله في أداء واجبات وظيفته بانصرافه قبل المواعيد وقبل أن يحضر زميله.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار الصادر بمجازاة المطعون ضدهم بالوقف عن العمل لمدة شهر قد صدر مخالفاً للقانون باعتبار أن هذا الجزاء لم يرد من بين الجزاءات المنصوص عليها في القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ذلك أن المادة 48 من القانون المشار إليه قد حددت الجزاءات التأديبية الجائز توقيعها على العاملين بالقطاع العام ومن بينها جزاء الوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة لا تجاوز ستة شهور ويقدح في ذلك أن القرار المطعون عليه قد جاء خلواً من النص على صرف نصف المرتب فقط ذلك أن هذا الحكم هو أثر لازم ومحتوم للوقف عن العمل ومن ثم لا يترتب على إغفال النص عليه بطلان الجزاء إذ أن تشريعات العاملين بالقطاع العام المتعاقبة قد جرت على النص على صرف نصف المرتب في حالة الوقف عن العمل كجزاء تأديبي ومن ثم أصبح هذا الأثر مصدره القانون المباشر وليس القرار الصادر بتوقيع العقوبة وهذا ما اتجهت إليه الشركة بالفعل إذ قامت عقب صدور القرار المطعون فيه بوقف المطعون ضدهم عن العمل لمدة شهر اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1978 وخصمت نصف مرتباتهم عن الفترة من 16 من يوليه سنة 1978 حتى 15 من أغسطس سنة 1978 حسبما يبين من حافظة المستندات المقدمة منها.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد تضمن إيقاف المطعون ضدهم وغيرهم عن العمل لمدة شهر اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1978 مع تحميلهم مبلغ 108 جنيهات (مائة وثمانية جنيهات) بضمان أجورهم بواقع جنيهين شهرياً لكل منهم على أن يكون المبلغ بالتساوي بينهم.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر طلبات إلغاء القرار في شقه الخاص بتحميل المطعون ضدهم بما لحق الشركة من خسارة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة وقضاء المحكمة العليا قد استقرا على أن ينعقد اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر دعاوى إلغاء القرارات التأديبية وما يرتبط بها من طلبات ومنها إلغاء القرارات الصادرة بتحميل العامل بما لحق رب العمل من خسارة باعتبار أن هذه الطلبات ترتبط ارتباطاً جوهرياً بالشق الآخر من القرار الصادر بمجازاة العامل تأديبياً ووحدة الهدف الذي تغياه رب العمل بإصداره القرار بشقيه وهو مساءلة العامل عن الإهمال الذي نسب إليه بتوقيع الجزاء التأديبي عنه وتحميله بالأضرار المترتبة على هذا الإهمال.
ومن حيث إنه على هذا الأساس يكون دفع الشركة الطاعنة على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن مسئولية العامل قبل الإدارة قوامها أركان المسئولية الثلاثة وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، إذا ما كان الخطأ قد توافر في حق المطعون ضدهم على نحو ما سبق بيانه وكان الضرر الذي لحق بالشركة ثابتاً حسبما أوردته الأوراق ويتمثل في قيمة العجز في القطن المسروق إلا أنه بالنسبة لعلاقة السببية فحيث إن الثابت من التحقيق الذي أجرى في هذا الشأن أنه في يوم 3 من إبريل سنة 1978 أبلغ السيد......... المعين خفيراً في شونة الشركة الطاعنة السيد/............ ضابط الأمن بالشركة أنه لاحظ شخصين يلقون جوال قطن على مصطبة رقم 12 خارج السور فأطلق الحارس........... عياراً نارياً عليهما فقفزاً خارج السور وتركا جوال القطن فوق المصطبة وعند حضور ضابط الأمن أمر بإبقاء كل شيء بمكانه إلى الصباح وفي الصباح تمت المعاينة ووزن جوال القطن الذي شرع في سرقته وتين وجود عجز به على النحو المبين بالأوراق ومن هذا يبين أنه ليس ثمة دليل مؤكد أن القطن المشار إليه قد سرق قبل الساعة 12 مساء وهو الوقت المحدد لانصراف المطعون ضدهم إذ الثابت كما سلف القول أن السارقين قد فرا بإطلاق النار عليهما ومن ثم "لا يمكن الجزم أن إهمال المطعون ضدهم في الحراسة وانصرافهم قبل الموعد المحدد هو السبب المباشر للضرر الذي حاق بالشركة نتيجة سرقة كمية الأقطان المشار إليها متى لم يثبت على وجه القطع واليقين إن هذه السرقة قد تمت خلال الوقت المحدد لأداء المطعون ضدهم عملهم وهو حراسة الشونة وعلى هذا الوجه يكون القرار المطعون فيه أمام المحكمة التأديبية فيما تضمنه من تحميل المطعون ضدهم جزءاً من قيمة الأقطان المسروقة قد صدر على غير أساس سليم من القانون متعين الإلغاء لعدم توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان المطعون ضدهم قد ثبت في حقهم الإخلال بواجبات وظائفهم ومن ثم فإن القرار المطعون فيه أمام المحكمة التأديبية في شقه الخاص بمجازاة كل منهم بعقوبة الوقف عن العمل لمدة شهر يكون قد صدر سليماً متفقاً مع أحكام القانون ويكون الطعن عليه من المطعون ضدهم على غير أساس سليم متعين الرفض.
أما بالنسبة لما تضمنه هذا القرار من تحميل المطعون ضدهم بجزء من قيمة الأقطان المسروقة فإن هذا الشق لا يجد له سنداً من القانون ومن ثم يتعين إلغاؤه وإذ قضت الأحكام المطعون فيها بغير ما تقدم فإنه يتعين الحكم بإلغائها والحكم بما سبق شأنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعون الثلاثة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الأحكام المطعون فيها وبرفض طلب المدعين إلغاء القرار الصادر بوقف كل منهم عن العمل لمدة شهر وبإلغاء القرار المشار إليه فيما تضمن من تحميلهم بجزء من قيمة الأقطان المسروقة.
ساحة النقاش