تتقيد المحكمة التأديبية بالمخالفات الواردة في قرار الاتهام ولكنها لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة الإدارية على الوقائع التي وردت في قرار الاتهام - يجب على المحكمة أن تمحص الوقائع المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوضاعها لتنزل عليها حكم القانون.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1161
(177)
جلسة 21 من إبريل سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ شفيق محمد سليم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.
الطعن رقم 3531 على 3534 لسنة 32 القضائية
أ ) قضاء إداري - اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية - تكييف. تتقيد المحكمة التأديبية بالمخالفات الواردة في قرار الاتهام ولكنها لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة الإدارية على الوقائع التي وردت في قرار الاتهام - يجب على المحكمة أن تمحص الوقائع المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوضاعها لتنزل عليها حكم القانون - لا تثريب على المحكمة إن أجرت تعديلاً في الوصف القانوني للوقائع دون إسناد وقائع أخرى أو إضافة عناصر جديدة إلى ما تضمنه قرار الإحالة - تطبيق [(1)].
ب) مناقصات ومزايدات - إلغاء المناقصة.
اللائحة المالية للشركة المصرية للحوم والدواجن المعتمدة في 4/ 3/ 1978 - الأصل أن تتم كافة المشتريات عن طريق مناقصة يعلن عنها - يجوز في حالة الضرورة والاستعجال اللجوء إلى طريق الممارسة كما يجوز أن يتم الشراء في هذه الحالات بالأمر المباشر - المادة 55 من اللائحة المالية للشركة تجيز إلغاء المناقصة بعد النشر عليها وقبل البت فيها إذا اقترنت العطاءات كلها أو بعضها بتحفظات ولم تسفر المفاوضات مع مقدمي هذه العطاءات عن التنازل عن تلك التحفظات - لا تثريب على الشركة في إلغائها للمناقصة بعد أن تبين لها أن بعض العطاءات تقدمت بأسعار تقل كثيراً عن أسعار السوق نتيجة للمضاربة بين المقاولين مما يدل على عدم الجدية ويهدد بتوقف العمل إذا ما أسند لأي من مقدمي هذه العطاءات - إذا قرر مجلس الإدارة في ضوء هذه الظروف إلغاء المناقصة المعلن عنها فإنه يكون قد استعمل حقاً تجيزه اللائحة المالية للشركة - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ السبت 30/ 8/ 1986 أودع الأستاذ السيد الجوهري المحامي تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة بصفته وكيلاً عن السادة/ .....، .....، .....، .....، ....، ..... ضد النيابة الإدارية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بمستوى الإدارة العليا بجلسة 2/ 7/ 1986 في الدعوى التأديبية رقم 19 لسنة 28 ق ع المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنين وآخرين وذلك فيما قضى به من مجازاة بغرامة تعادل ثلث الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه عند تركه الخدمة، ومن مجازاة كل من....، ....، .....، ..... بخصم عشرة أيام من راتبه. وطلب الطاعنون في تقرير الطعن الحكم بقبول شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعنين مما أسند إليهم مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن للنيابة الإدارية بتاريخ 10/ 9/ 1986 وأحيل إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعنين.
وبذات التاريخ 30/ 8/ 1986 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامي تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ ضد النيابة الإدارية في ذات الحكم المشار إليه وذلك فيما قضى به من مجازاة الطاعن........ بعقوبة اللوم. وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه. وأعلن تقرير الطعن للنيابة الإدارية بتاريخ 10/ 9/ 1986 وأحيل إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيما قضى به من مجازاة الطاعن.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من يناير سنة 1987 وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعنين للمرافعة أمام الدائرة الثالثة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظر الطعن الأول أمامها جلسة 3/ 2/ 1987 وحددت لنظر الطعن الثاني جلسة 10/ 2/ 1987 ونظرت المحكمة الطعنين بهاتين الجلستين وقررت تأجيلهما لجلسة 10/ 3/ 1987 لنظرهما معاً للارتباط، ثم قررت حجز الطعنين للحكم لجلسة 21/ 4/ 87 وقررت في ذات الجلسة إعادة الطعنين للمرافعة لذات الجلسة لضم الطعن رقم 3531 لسنة 32 ق إلى الطعن رقم 3534 لسنة 32 ق للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ثم أصدرت المحكمة في الجلسة ذاتها حكمها في الطعنين وأودعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنيين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة في الطعنين تتحصل - كما هو ثابت من الأوراق - في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 19 لسنة 28 ق أمام المحكمة التأديبية للعاملين بمستوى الإدارة العليا وذلك بإيداع أوراقها بقلم الكتاب متضمنة تقريراً باتهام
(1) - ....... رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية بالفئة الممتازة.
(2) ........ رئيس القطاع التجاري بالشركة وعضو مجلس الإدارة بالفئة العالية.
(3) ....... رئيس قطاع الإداري بالشركة وعضو مجلس الإدارة بالفئة العالية - حالياً بالمعاش.
(4) - .......... مدير إدارة التوظيف بالشركة وعضو مجلس الإدارة درجة أولى.
(5) - ......... أخصائي شئون عاملين وعضو مجلس إدارة درجة ثانية.
(6) - ......... مدير إدارة التنظيم والتدريب بالشركة وعضو مجلس الإدارة درجة أولى.
7....، 8، 9....، 10..... لأنهم خلال المدة من 14/ 6/ 1983 حتى 14/ 6/ 1984 بالشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة ولم يحافظوا على أموال الشركة التي يعملون بها وذلك بأن وافقوا على إلغاء المناقصة العامة بشأن نقل الماشية والأغنام الحية من مناطق الاستلام إلى حظائر الشركة بالقاهرة والجيزة والمنصورة والزقازيق والمعلن عنها بتاريخ 14، 15/ 6/ 1983 دون مسوغ أو مبرر مقبول وقرروا طرحها من جديد إلا أنهم لم يتخذوا هذا الإجراء ووافقوا على التعامل مع ثلاثة من المقاولين بالأمر المباشر والذين تقدموا بعروض في هذه المناقصة الملغاة، وبأسعار أعلى من تلك التي انتهت إليها ممارسة هؤلاء المقاولين مما كبد الشركة فروق أسعار دون وجه حق، وأيضاً وافقوا على التعاقد بالأمر المباشر مع شركة الدلتا للسكر لاستئجار سيارتها بأسعار تزيد عما انتهت إليه المناقصة الملغاة مما أضر بأموال الشركة، وبناء عليه يكون المحالون قد ارتكبوا المخالفات المالية المنصوص عليها بالمادتين 78/ 1، 80/ 1 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وطلبت لذلك محاكمتهم تأديبياً بمواد الاتهام.
ونظرت المحكمة التأديبية الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 2/ 7/ 1986.
حكمت المحكمة بمجازاة المحالين الأول والثاني (الطاعن في الطعن الثاني) بعقوبة اللوم، وبمجازاة المحال الثالث بغرامة تعادل ثلث الأجر الإجمالي، وبمجازاة الرابع والخامس والسادس بخصم عشرة أيام من راتب كل منهم، وذلك بعد أن عدلت وصف المخالفة المنسوبة للأول والثاني إلى "الإخلال بواجب المحافظة على كرامة الوظيفة، فضلاً عما ينطوي عليه من إخلال بواجب القيام بأعمال الوظيفة بدقة وأمانة وإخلال بواجب المحافظة على المال العام، والإضلال بأحكام اللائحة المالية للشركة ومقتضاها ترسيه الأعمال على أصحاب أقل الأسعار وعدم جواز إلغاء المناقصة لقلة الأسعار مما يشكل مخالفة تأديبية كما غيرت وصف المخالفة بالنسبة لباقي المخالفين إلى مساءلتهم باقي أعضاء مجلس الإدارة. بجلسة 30/ 8/ 1983 في ارتكاب هذه المخالفات.
وأقامت المحكمة قضاءها بإدانة المحال الثاني....... على أسباب محصلها أنه وهو المختص بالتعاقدات بصفته رئيساً للقطاع التجاري بالشركة قام بعرض الموضوع على مجلس الإدارة بتاريخ 30/ 8/ 1983 وبالحصول على عرض شركة الدلتا للسكر وبإسناد عمليات النقل إلى ثلاثة من المقاولين بالأمر المباشر بأسعار أكبر مما قبلوا بها في الممارسة النهائية التي ألغاها بنفسه مما يلقي ظلالاً من الريب والشبهات حوله كما حضر اجتماع مجلس الإدارة بتاريخ 30/ 8/ 1983 ووقع على محضره مع الآخرين الأمر الذي يسوغ مساءلته تأديبياً. وبالنسبة لباقي الطاعنين أقامت المحكمة قضاءها على أنهم بوصفهم من أعضاء مجلس إدارة الشركة المنتجين حضروا اجتماع مجلس الإدارة بتاريخ 30/ 8/ 1983 والذي تجاهل فيه المجلس ما عرض عليه من توصيات لجنة الممارسة بمذكرة المحال الثاني المؤرخة 15/ 8/ 1983 والتي تضمنت اقتراح ترسية عمليات نقل الأغنام والمواشي على المقاولين الأربعة المشار إليهم بالتوصيات وبالأسعار التي قبلوها وهي الأغنام والمواشي التي كانت سترد بمناسبة عيد الأضحى من السويس إلى مراكز التجمع، ولم يصدر أي قرار في شأنها من المجلس ولم يتم إثبات المناقشة التي تمت في محضر الاجتماع، وقام مجلس الإدارة في ذات الجلسة بقبول العرض المقدم من شركة الدلتا للسكر بتأجير سيارات لنقل الأغنام والمواشي بمبلغ 95 جنيهاً يومياً للسيارة الواحدة وتم التعاقد معها بتاريخ 28/ 8/ 1983، ولما لم تكف سيارات هذه الشركة للقيام بالمهمة قام المحال الثاني بإسناد عملية النقل إلى ثلاث من المقاولين من أصحاب العروض المذكورة بأسعار تزيد عن الأسعار التي قبلوا بها في الممارسة النهائية، وأن القدر المتيقن في حق المحالين من الثالث حتى السادس (الطاعنين هو مسايرة المحالين الأول والثاني والخضوع لإرادتهما في ارتكاب المخالفة المذكورة وهو ما يجب مراعاته في تقدير الجزاء المناسب لكل منهم.
ومن حيث إن الطعن الأول رقم 3531 لسنة 32 ق يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون للأسباب الآتية: -
أولاً: أن الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن النيابة الإدارية قد قدمت الطاعنين للمحاكمة التأديبية بالتهمة الواردة بتقرير الاتهام وأن الحكم المطعون فيه قد عدل وصف الاتهام على النحو الثابت في الصفحة الرابعة منه هي مسايرة المحالين الأول والثاني في إقرار التعاقدات، ونعى على الطاعنين التواطؤ وسوء النية وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بعيد عن الواقع لأن الطاعنين لم يكن لهم دخل في تعاقد تم بناء على تواطؤ المحالين الأول والثاني، وأنهم اعتدوا باعتبارات عديدة عندما أقروا ما تم من تعاقدات قام بها المحالين الأول والثاني لأن إجراءات الممارسة طويلة ومعقدة وكان يخشى على كميات الأغنام المستوردة التي تبلغ 52 ألف رأس ضأن حية، بإقرار الطاعنين الذي تم 30/ 8/ 1983 كان في وقت يسبق عيد الأضحى بمدة أسبوعين وبالنظر لضخامة الصفقة وأن الشركة هي الوحيدة المنوط بها استلام وتوزيع وتنفيذ خطة الدولة بالنسبة للحوم وتخفيض الأسعار كما أن الإقرار الصادر من الطاعنين قد راعى قرب وصول هذا الحجم الكبير من الأغنام التي يجب إغراق السوق بها على مستوى الجمهورية قبل وقفة عيد الأضحى فضلاً عن مراعاة الأضرار التي قد تترتب على التأخير في نقل الأغنام. ومراعاة من الطاعنين لكل هذه الاعتبارات فقد وافقوا على التعاقدات المبرمة بمعرفة المحالين الأول والثاني خاصة وأن الطاعنين كلهم من الإداريين غير المتخصصين في النواحي التجارية والتعاقدات.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه معيب بالقصور في التسبيب والفساد في الاستلال. لأنه أثبت في أسبابه أن الطاعنين وقعوا تحت سطوة وتأثير المحالين الأول والثاني اللذين تدل قرائن الأموال على قيام التواطؤ بينهما في ارتكاب المخالفة، رغم هذا السبب الأجنبي واقتناع محكمة أول درجة بوجوده إلا أن المحكمة انتهت إلى نتيجة تناقض ذلك وأدانت الطاعنين الأمر الذي يصمه بالفساد في الاستدلال المتمثل في التناقض بين المقدمات التي أثبتها الحكم والنتيجة التي انتهت إليها ولذلك يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعنين مما نسب إليهم.
كما يقوم الطعن رقم 3534 لسنة 32 ق المقام من.... على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وإهدار حق الدفاع على نحو يبطله للأسباب الآتية:
أولاً: أهدر الحكم المطعون فيه حق الدفاع بتعديل وصف التهمة الموجهة إلى الطاعن على نحو يشدد من مسئوليته باعتباره والمحال الأول فاعلين أصليين لهذه المخالفات ونسب لهما وصف التواطؤ والاتفاق على ارتكاب المخالفة وما يترتب على ذلك من تغيير موقفه بين المتهمين بما يقتضي تشديد المساءلة وتغليظ الجزاء، كل ذلك دون أن يواجه الطاعن بذلك ويفسح له الفرصة للدفاع عن نفسه، وإذ جرى الحكم المطعون فيه ذلك في غفلة من الطاعن وبعد حجز الدعوى للحكم وأثناء كفاية أسبابه وذلك بالمخالفة لنص المادة 40 من قانون مجلس الدولة.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه أهدر حق الدفاع بعدم الرد على دفاع جوهري للطاعن فقد أشار الحكم إلى أن الطاعن تقدم بحافظة مستندات ومذكرة بدفاعه دون أن يثبت في مدونته أي إشارة تفيد اطلاع المحكمة على مذكرة الدفاع أو الإحاطة بها، وقد ورد في مذكرة دفاع الطاعن أن عملية نقل المواشي والأغنام الحية قد أسندت للشركة في عام 1983 بتكليف من الهيئة العامة للسلع التموينية ولحسابها وعلى نفقتها وكانت الشركة تحيط الهيئة علماً بكافة الإجراءات التي تتخذ في هذا الخصوص وكانت الهيئة - بعد اعتمادها لجميع الإجراءات تؤدي للشركة ما كانت تدفعه لحساب عملية نقل المواشي والأغنام وذلك كما هو ثابت من المستند رقم 3 بحافظة المستندات المقدمة من الطاعن ولم يكن للهيئة أي اعتراض على هذه الأسعار وقد وقعتها للشركة بالكامل آنذاك.
ثالثاً: الخطأ في تحصيل الوقائع وفساد الاستدلال وقصور التسبيب، لأن المسئولية عن كل عمليات النقل في الشركة وكل ما يتعلق بها تقع على الإدارة العامة للنقل وهي إحدى الإدارات التابعة لقطاع التسويق وليس القطاع التجاري الذي يرأسه الطاعن فاختصاصات ومسئوليات وظيفة الطاعن تنحصر في الإشراف على أعمال المشتريات والمبيعات للشركة وما يتعلق بها من توريدات، وكان دور الطاعن يقتصر على الإعلان عن المناقصة وإعداد عقودها على أن يتولى قطاع النقل تنفيذها وعموماً ما اتخذه القطاع التابع للطاعن بناء على مذكرة قطاع التسويق فقد أعد الطاعن مذكرة بما اتخذ من إجراءات في هذا الخصوص عرضت في اجتماع مجلس الإدارة يومي 27، 30/ 8/ 1983 واكتفى المجلس بإصدار قرار في أحد جوانب الموضوع وهو نقل الأغنام الحية من السويس إلى داخل البلاد. كما أن تحقيقات النيابة الإدارية أظهرت أن رئيس مجلس الإدارة هو الذي قام بالتعاقد مع شركة الدلتا للسكر وانتقل إليها عندما تكشف له أن توقف النقل خطير ويحتاج إلى تدعيم لأن إمكانيات المقاولين مجتمعه لا تفي بمتطلبات النقل وكما انفرد رئيس قطاع التسويق باعتباره ممثلاً للشركة في إبرام عقد في 4/ 9/ 1983 مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع للمشاركة في نقل الأغنام المستوردة بمناسبة عيد الأضحى ولم يحط به القطاع التجاري في حينه مما يدل على أن كل ارتباطات النقل خارج إجراءات طرح المناقصة كانت تتم بواسطة قطاع التسويق الذي تتبعه الإدارة العامة للنقل وحده، وقد حصل الطاعن على إجازة للحج امتدت من 10/ 9 حتى 10/ 10/ 1983 وأثر عودته طلب إعادة النظر في اعتماد نتائج المناقصة التي طرحت على مجلس الإدارة مشيراً إلى ما تم من انفراد قطاع التسويق بإسناد بعض الأعمال بالأمر المباشر وتنفيذاً لقرار مجلس الإدارة رقم 129 في 2/ 11/ 1983 بإعادة المناقصة الملغاة تقدم الطاعن بمذكرة لرئيس مجلس الإدارة في 30/ 11/ 1983 يطلب فيها الإذن بإعادة الإعلان عن المناقصة واستصدار القرارات اللازمة لتشكيل لجنتي فتح المظاريف والبت في العطاءات فأشر رئيس مجلس الإدارة على المذكرة في 10/ 12/ 1983 حيث أقر ما تم للاعتبارات التي ارتآها كما أن الأسعار التي قد تم التعاقد عليها مع شركة الدلتا للسكر هي عين الأسعار التي كان يتم التعاقد بها بين تلك الشركة وشركة اللحوم والألبان التي كانت تتولى تلك المهمة قبل إسنادها للشركة التي يعمل بها الطاعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعنين والتعلق بالنعي على الحكم المطعون فيه إهدار حق الدفاع بتعديل وصف التهمة الموجهة للطاعنين دون أن تواجههم المحكمة بذلك التعديل وتمنحهم فرصة للدفاع عن أنفسهم، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كانت المحكمة التأديبية مقيدة بالمخالفات الواردة في قرار الاتهام إلا أنها مع ذلك لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة الإدارية على الوقائع التي وردت في قرار الاتهام بل أن عليها أن تمحص الوقائع المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تنزل عليها حكم القانون، وأنه متى كان مرد التعديل الذي أجرته المحكمة التأديبية في وصف الوقائع المسندة إلى العامل لا يتضمن إسناد وقائع أخرى أو إضافة عناصر جديدة إلى ما تضمنه قرار الإحالة فإن هذا الوصف لا يعتبر مجافياً للتطبيق القانوني السليم. ولما كان التعديل الذي أجرته المحكمة التأديبية على وصف المخالفات المنسوبة للطاعنين لا يتضمن إسناد وقائع جديدة إليهم خلاف تلك التي وردت بقرار الاتهام كما لم يضف وقائع أو عناصر أخرى إلى قرار الإحالة، فمن ثم يكون الوصف الجديد الذي أطلقته المحكمة التأديبية على الوقائع الواردة بقرار الاتهام متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن باقي أوجه الطعنين فإن المستفاد من نصوص اللائحة المالية للشركة المعتمدة في 4/ 3/ 1978 أن الأصل أن تتم كافة المشتريات عن طريق مناقصة يعلن عنها، إلا أنه يجوز في حالات الضرورة والاستعجال اللجوء إلى طريق الممارسة كما يجوز أن يتم الشراء في هذه الحالات بالأمر المباشر، ويجوز أيضاً إلغاء المناقصة في الحالات المنصوص عليها في المادة 55 من اللائحة المذكورة. ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 14، 15/ 6/ 1983 أعلنت الشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية عن مناقصة عامة لنقل المواشي والأغنام الحية من مناطق الاستلام إلى حظائر الشركة بالقاهرة والجيزة والمنصورة والزقازيق خلال عام 83/ 1984، وقدم للشركة خمسة عروض، وبعد فتح المظاريف باشرت لجنة البت عملها وحررت محضراً بتاريخ 10/ 6/ 1983 رأت فيه أن الأسعار المقدمة تقل عن الأسعار المتعامل بها "حالياً" في بعض العروض وتبين من المقارنة بين العروض أن معظم أصحابها قبلوا الممارسة خاصة شركة النيل العامة للنقل الثقيل والجمعية التعاونية الإنتاجية لنقل البضائع إلا أن عرض شركة النيل العامة قدم على أساس الكيلو/ نولون مما خلق صعوبة في المقارنة بين العرض المقدم منها مع العروض الأخرى فضلاً عن احتفاظ الشركة ببعض التحفظات كما أن مقدموا العطاءات الأخرى لم يسددوا التأمين الابتدائي كاملاً، وأضافت اللجنة بأن إعادة طرح المناقصة غير مجد لاحتمال ورود عطاءات بنفس الشكل، ورأت اللجنة استدعاء جميع مقدمي العطاءات وممارساتهم على أساس شروط الشركة مع استيفاء التأمينات الابتدائية الناقصة، وقد وافق رئيس مجلس الإدارة على إجراء الممارسة.
وبتاريخ 28/ 7/ 1983 رأت لجنة الممارسة النهائية بالشركة العرض على مجلس الإدارة لإقرار العروض التي وافقت عليها والموافقة على مفاوضة شركة النيل العامة للنقل الثقيل..
وقد وافق رئيس مجلس الإدارة على مقترحات اللجنة، ثم أعد رئيس القطاع التجاري بالشركة مذكرة مؤرخة 15/ 8/ 1983 للعرض على مجلس الإدارة ضمنهما ما ورد بمحضري لجنتي البت والممارسة المشار إليهما بشأن المناقصة العامة وما تم بشأن إجراءات الممارسة. كما تضمنت المذكرة عرضاً لموضوع الأغنام المستوردة بمناسبة عيد الأضحى والتي سترد لميناء السويس، كما أعد مذكرة الحاقية بشأن العرض المقدم من شركة النيل العامة للنقل الثقيل لنقل المواشي الحية ونقل الأغنام المستوردة بمناسبة عيد الأضحى ورأى في ختام المذكرة عرض الموضوعين على مجلس الإدارة للنظر في الموافقة على هذه العروض من عدمه في ضوء المصلحة العامة للشركة خاصة وأن العروض التي رأت اللجنة الموافقة عليها بمحضرها المؤرخ 28/ 7/ 1983 لنقل الأغنام من السويس إلى مراكز التجمع تبلغ طاقتها الكلية في النقل - طبقاً للعروض - أربعة آلاف وثلاثمائة رأس يومياً فقط. وبتاريخ 22/ 8/ 1983 وافق رئيس مجلس الإدارة على عرض هذه المذكرة على مجلس الإدارة وأدرجت المذكرتان ضمن جدول أعمال الإدارة التي انعقدت يومي 27، 30/ 8/ 1983 وحضره الطاعنون وقد أصدر مجلس الإدارة القرار رقم 104 لسنة 1983 بشأن نقل الأغنام الحية من ميناء السويس إلى داخل البلاد فقط، وقد تضمن هذا القرار الموافقة على العرض المقدم من شركة الدلتا للسكر وكذلك الموافقة على العرض المقدم من شركة النيل العامة للنقل الثقيل ورأى المجلس تأجيل باقي الموضوعات إلى اجتماع لاحق، وفي ضوء ما أسفر عنه اجتماع مجلس الإدارة من قرارات أعد رئيس القطاع التجاري مذكرة مؤرخة 16/ 10/ 1983 مرفوعة لرئيس مجلس الإدارة ضمنها أنه أعيدت إليه رفق كتاب سكرتارية مجلس الإدارة مذكرة القطاع التجاري المؤرخة 15/ 8/ 1983 مرفقاً بها محاضر لجنة البت في المناقصة العامة لنقل المواشي الحية من مناطق الاستلام إلى حظائر الشركة بالقاهرة والجيزة والمنصورة والزقازيق وكذلك نقل الأغنام الخاصة بعيد الأضحى مؤشراً عليها من رئيس مجلس الإدارة للقطاع التجاري في ضوء المناقشة التي تمت، وقد تضمن كتاب السكرتير موافقة المجلس على العرض المقدم من شركة الدلتا للسكر والعرض المقدم من شركة النيل العامة على نقل الأغنام، وأن تأشيرة رئيس مجلس الإدارة تضمنت الاكتفاء بسيارات شركة الدلتا للسكر والسيارات التابعة للجيش وسيارات الشركة، وأوضح رئيس القطاع التجاري بأن نظراً لعدم وصول عربات الجيش ولعدم كفاية سيارات الدلتا للسكر وسيارات الشركة لإنجاز عمليات نقل الأغنام البالغ عددها اثنان وخمسون ألف رأس بالسرعة الكافية فقد قام قطاع التسويق بتكليف بعض المقاولين بالنقل بالأمر المباشر بأسعار 500 مليم لنقل رأس الضأن الحية من المركب إلى القطار أو المجزر، 1.500 من المركب إلى القاهرة أو قليوب، وطلب في ختام مذكرته إعادة عرض محاضر لجنة البت في المناقصة العامة والممارسة التي تمت مع مقدمي العطاءات ومذكرة العرض المؤرخة 15/ 8/ 1983 على مجلس الإدارة للنظر في الآتي: -
(1) إقرار ما تم بالنسبة لما تم نقله من أغنام عيد الأضحى بالأمر المباشر بهذه الأسعار.
(2) الموافقة على ما انتهى إليه رأي لجنة البت بمحاضرها بالنسبة لعمليات نقل العجول من مناطق الاستلام من المحافظات إلى حظائر الشركة بالقاهرة والمنصورة والزقازيق عن عام 83/ 1984 أو إلغاء المناقصة على ضوء ما يراه المجلس بالنسبة للاتفاق الذي تم مع شركة الدلتا للسكر. وبجلسة 25/ 11/ 1983 أصدر مجلس الإدارة القرار رقم 129 لسنة 1983 متضمناً.
(1) - اعتماد ما تم من إجراءات الإسناد بالأمر المباشر فيما يتعلق بنقل الأغنام الحية المستوردة بمناسبة عيد الأضحى.
(2) إلغاء المناقصة حيث تبين من الواقع العملي أن الأسعار التي انتهت إليها تقل كثيراً عن الأسعار السائدة في السوق وأن التنافس بين المقاولين وصل إلى حد المضاربة مما يخشى معه توقفهم عن العمل أثناء التنفيذ وأثر ذلك على تحقيق أهداف الشركة والوفاء بالحصص التموينية للعملاء. (3) - إعادة المناقصة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بموضوع إلغاء المناقصة العامة المعلن عنها لنقل المواشي والأغنام الحية من مناطق الاستلام إلى حظائر الشركة بالقاهرة والجيزة والمنصورة والزقازيق، فإن المبين من العرض السابق لوقائع الموضوع أن ما اتخذه مجلس الإدارة في شأنها يتفق وصحيح أحكام اللائحة المالية للشركة المعتمدة في 4/ 3/ 1978 التي تقضي في المادة 55 منها على جواز إلغاء المناقصة بعد النشر وقبل البت فيها إذا اقترنت العطاءات أو أكثرها بتحفظات ولم تسفر مفاوضات لجنة البت مع مقدمي العطاءات عن قبولهم التنازل عن تلك التحفظات خاصة إذا ما أخذ في الاعتبار أن العطاءات التي قدمت على المناقصة الملغاة قد اقترن بعضها بشروط وتحفظات وبطرق يصعب معها مقارنتها بالعطاءات الأخرى، كما أن بعضها كان أقل من القيمة السوقية بكثير وذلك نتيجة للمضاربة بين المقاولين مما يضفي عليها ظلالاً من عدم الجدية الأمر الذي كان يخشى معه - إذا ما أسندت إليهم الأعمال - أن يتوقفوا عن العمل أثناء التنفيذ وما قد يترتب على ذلك من الأضرار التي تلحق بالشركة وخطتها ومشروعاتها وأهدافها في تغيير الحصص من اللحوم للسوق المحلية، وإذ قرر مجلس الإدارة في ضوء هذه الظروف إلغاء المناقصة المعلن عنها فإنه يكون قد استعمل حقاً خوله له القانون في اللائحة المالية للشركة.
وبالتالي فإن ما نسب إلى الطاعنين في هذا الخصوص لا يشكل مخالفة في حق أي منهم ويكون الاتهام في هذا الخصوص غير قائم على أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع نقل الأغنام الواردة بمناسبة عيد الأضحى من السويس إلى حظائر الشركة ببعض المحافظات، فالثابت أن مجلس الإدارة قد أصدر القرار رقم 104 لسنة 1983 بإسناد عملية النقل إلى شركتي النيل العامة للنقل الثقيل والدلتا للسكر، بالإضافة إلى سيارات الشركة وسيارات الجيش المؤجرة بمعرفة قطاع التسويق بالشركة للمساهمة في إنجاز عملية نقل اثنين وخمسين ألف رأس من الأغنام الحية، وبالنظر إلى اعتذار شركة النيل العامة للنقل الثقيل وعدم وصول سيارات الجيش، فلم يبقى إلا سيارات شركة الدلتا للسكر وسيارات الشركة، وإزاء ضخامة عدد الأغنام المطلوب نقلها ولضيق الفترة المحددة لذلك وهي من 10/ 1/ 1983 تاريخ وصولها إلى ميناء السويس حتى 16/ 9/ 1983 تاريخ وقفة عيد الأضحى وهي المناسبة التي استوردت من أجلها الأغنام الإضافية، ولقلة إمكانيات الشركتين ولحالة الضرورة والاستعجال وتجنباً لغرامات التأخير من تفريغ البواخر التي يمكن أن تتحملها الدولة وخشية نفوق بعض هذه الأغنام إذا تأخر نقلها ولاعتبارات المصلحة العامة اضطر قطاع التسويق بالشركة إلى التعاقد بالأمر المباشر مع بعض لمقاولين وعرض ذلك على مجلس الإدارة بمذكرة رئيس القطاع التجاري المؤرخة 16/ 10/ 1983 بعد انتهاء عملية النقل، الذي أصدر قراره باعتماد ما تم من إجراءات الإسناد بالأمر المباشر، وهذا القرار يتفق وأحكام اللائحة المالية التي تجيز في المادة 49 منها اللجوء إلى طريق التعاقد المباشر في حالات الضرورة والاستعجال ويكون ما نسب إلى الطاعنين في هذا الشأن لا يقوم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه تكون الاتهامات المنسوبة إلى الطاعنين جميعهم غير قائمة على أساس من القانون مما يتعين براءتهم مما نسب إليهم، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب وقضى بإدانتهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وببراءة الطاعنين مما نسب إليهم.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعنين مما نسب إليهم.
[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 263 لسنة 32 قضائية الصادر بجلسة 17/ 3/ 1987 والمنشور بهذه المجموعة والذي يقضي بأن للمحكمة التأديبية أن تضفي على وقائع الدعوى وصفها القانوني الصحيح وأنه يشترط أن يخطر المتهم بالتعديل الذي أجرته المحكمة متى كان من شأنه التأثير على دفاعه.
ساحة النقاش