اختصاصها المحلي - تحديده - يكون بمراعاة مقر وظيفة المتهم، فإذا كان مقر الوظيفة هو محافظة الإسكندرية أو الصحراء الغربية أو البحيرة كانت المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية هي المختصة محلياً - تعدد الموظفين التابعين لوزارة واحدة، المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 773
(68)
جلسة 23 من فبراير سنة 1963
برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.
القضيتان رقما 208 و387 لسنة 8 القضائية
( أ ) محاكم تأديبية - اختصاص وإحالة - قرار رئيس مجلس الدولة بإنشاء المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية، المنشور في الوقائع المصرية في 13/ 6/ 1960 - نص المادة الثانية منه على إحالة جميع القضايا التأديبية التي أصبحت بمقتضى هذا القرار من اختصاص هذه المحكمة بقرار من رئيس المحكمة التأديبية المنظورة أمامها الدعوى ما لم تكن مهيأة للفصل فيها - قصر هذه الإحالة على الدعاوى التي كانت منظورة عند العمل بالقرار سالف الذكر - وجوب صدور حكم من المحكمة في الدعاوى المستجدة (المقامة بعد العمل بهذا القرار) التي يتبين لها عدم اختصاصها بالفصل فيها - أساس ذلك - هو أن الإحالة بقرار من رئيس المحكمة وفقاً لقرار رئيس مجلس الدولة سالف الذكر إنما هي استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بعدم خروج الدعوى قانوناً من حوزة المحكمة المنظورة أمامها إلا بقضائها فيها بحكم تنتهي به الخصومة - القرار الصادر من المحكمة التأديبية بالإحالة بالمخالفة للحكم المتقدم يعتبر قراراً عديم الأثر ولا يعتد به قانوناً، فلا تعتبر الدعوى التأديبية قد خرجت قانوناً من يدها، كما يكون الحكم الصادر من المحكمة التأديبية (بمدينة الإسكندرية) المحال إليها مجرد فعل مادي عديم الأثر ولا يعتد به قانوناً.
(ب) محاكم تأديبية - اختصاصها المحلي - تحديده - يكون بمراعاة مقر وظيفة المتهم، فإذا كان مقر الوظيفة هو محافظة الإسكندرية أو الصحراء الغربية أو البحيرة كانت المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية هي المختصة محلياً - تعدد الموظفين التابعين لوزارة واحدة، المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها، ولكن يقع مقر وظيفة البعض في دائرة محكمة الإسكندرية - يجعل الاختصاص بمحاكمتهم جمعياً أمام محكمة أحدهم التي تختارها النيابة الإدارية - أساس ذلك - تطبيق حكم المادة 55 فقرة أولى مرافعات الخاص بحالة تعدد المدعى عليهم مع اختلاف موطنهم، وذلك لعدم وجود نص خاص بحكم هذه الحالة - عدم تعارض هذا الحكم مع الحكم المنصوص عليه في المادة 24 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
1 - أصدر السيد رئيس مجلس الدولة بالاستناد إلى المادتين 18، 19 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية قراراً بإنشاء محكمة تأديبية بمدينة الإسكندرية، نصت المادة الأولى منه على أن تنشأ محكمة تأديبية بمدينة الإسكندرية للموظفين من الدرجة الثانية فما دونها يشمل اختصاصها محافظة الإسكندرية والصحراء الغربية ومديرية البحيرة ويكون مقرها بمبنى المحكمة الإدارية للمصالح العامة بمدينة الإسكندرية. ونصت المادة الثانية على أن جميع القضايا التأديبية التي أصبحت بمقتضى هذا القرار من اختصاص المحكمة المشار إليها تحال بحالتها إلى هذه المحكمة بقرار من رئيس المحكمة التأديبية المنظورة أمامها الدعوى ما لم تكن مهيأة للفصل فيها. ويبلغ ذوو الشأن جميعاً بقرار الإحالة. ونصت المادة الثالثة على نشر هذا القرار في الوقائع المصرية وعلى أن يعمل به من تاريخ نشره. وقد نشر هذا القرار في الوقائع المصرية في 13 من يونيه سنة 1960.
وما نصت عليه المادة الثانية من القرار المبين آنفاً من إحالة الدعاوى التي أصبحت بمقتضى هذا القرار من اختصاص المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية إلى هذه المحكمة بقرار من رئيس المحكمة التأديبية المنظورة أمامها الدعوى، إنما هو مقصور بحسب النص الصريح على الدعاوى التي كانت منظورة عند العمل بالقرار المذكور - فلا يسري النص - وهو استثناء من القاعدة العامة - على الدعاوى التي تقام بعد تاريخ بدء العمل بالقرار المشار إليه، وإنما تسري على الدعاوى المستجدة القاعدة العامة التي تتطلب إذا تبينت المحكمة عدم اختصاصها، صدور حكم بذلك. إذ المقرر أصلاً أن الدعوى لا تخرج قانوناً من يد المحكمة المنظورة أمامها إلا إذا فصلت فيها بحكم تنتهي به الخصومة كلها.
ويبين مما سلف سرده من الوقائع أن الدعوى التأديبية الراهنة عندما أقيمت أول مرة، أقامتها النيابة الإدارية أمام المحكمة التأديبية لوزارة الحربية وكانت أقامتها في 16 من يونيه سنة 1960 أي بعد تاريخ بدء العمل بقرار السيد رئيس مجلس الدولة بإنشاء محكمة تأديبية بمدينة الإسكندرية. وعلى مقتضى ما تقدم لا تعتبر الدعوى المذكورة قد خرجت قانوناً من يد المحكمة التأديبية لوزارة الحربية، فقد حصلت إحالتها في 19 من أكتوبر سنة 1960 إلى المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية بقرار عديم الأثر ولا يعتد به قانوناً وبالتالي لا تعتبر قانوناً أنها طرحت على المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية. ومن ثم فإن حكم عدم الاختصاص الصادر بجلسة 8 من إبريل سنة 1961 من المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية ليس إلا مجرد فعل مادي عديم الأثر ولا يعتد به قانوناً.
2 - إنه لتحديد الاختصاص المحلي للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية والتمييز بينه وبين الاختصاص المحلي للمحاكم التأديبية التي يوجد مقرها بالمبنى الرئيسي لمجلس الدولة بالجيزة ينبغي الاستهداء بالحكمة التي أملت إصدار القرار بإنشاء محكمة الإسكندرية والواضح أن القرار المذكور قد استهدف مصلحة الموظفين المحالين على المحاكمة التأديبية الذين توجد مقار وظائفهم بمحافظات الإسكندرية والصحراء الغربية والبحيرة، بتقريب القضاء التأديبي إلى مقار وظائفهم فمصلحة هؤلاء الموظفين دائماً في الوجود على مقربة من مقار وظائفهم وعلى اتصال بها حتى تتهيأ لهم وسائل الدفاع في أكمل صورة. وغني عن البيان أنه لا يجوز حرمان هؤلاء الموظفين من هذه الميزة، خصوصاً إذا كان المشرع قد قصد تحقيقها لهم. وما من شك في أن تحديد الاختصاص المحلي على أساس مكان وقوع المخالفة يحرمهم من تلك الميزة لاحتمال وقوع المخالفة في مكان آخر في غير دائرة اختصاص المحكمة؛ ومن ثم فالعبرة في تحديد الاختصاص المحلي للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية هي بمقر الوظيفة. فإذا كان مقر الوظيفة محافظة الإسكندرية أو الصحراء الغربية أو البحيرة كان الاختصاص للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية. فإذا تعدد الموظفون التابعون لوزارة واحدة المتهمون بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها. ولكن يقع مقر وظيفة البعض في دائرة محكمة الإسكندرية. كما هو الحال في الدعوى الراهنة فإزاء عدم وجود النص تستعار القاعدة التي نصت عليها المادة (55 فقرة 1) من قانون المرافعات في حالة تعدد المدعى عليهم مع اختلاف مواطنهم وهي جواز اختصامهم جمعياً أمام محكمة أحدهم، وجعل الخيار في ذلك للمدعي، وهو في الدعوى التأديبية النيابة الإدارية على اعتبار أن هذه القاعدة هي الأكثر ملاءمة في هذا المجال. وليس في هذا التحديد على هذا الوجه بأكمله، أدنى تعارض مع المادة 24 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية التي تنص على أن تكون محاكمة الموظف أو الموظفين المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ومجازاتهم على أساس اعتبارهم تابعين للجهة أو الوزارة التي وقعت فيها المخالفة أو المخالفات المذكورة... إلخ، وذلك لاختلاف المجالين. وإذ نصت المادة المذكورة على الجهة أو الوزارة التي وقعت فيها المخالفة فإنما قصدت اتصال المخالفة موضوعاً بالجهة أو الوزارة ولم تقصد المكان المادي الذي وقعت فيه المخالفة.
إجراءات الطعن
في 20 من يناير سنة 1962 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1961 من المحكمة التأديبية لوزارة الحربية في الدعوى رقم 34 لسنة 3 القضائية والمقامة من النيابة الإدارية ضد السادة: حسن علي ساعي البحر وجرجس باسيلوس طانيوس ومحمد بدران عبد الهادي والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية والحكم باختصاصها بنظر الدعوى التأديبية وإحالتها إليها للفصل في موضوعها. وقيد الطعن تحت رقم 208 لسنة 8 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في 29 من يناير سنة 1962 وإلى المتهمين في 16 من إبريل سنة 1962 وعين لنظر الطعن جلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وأبلغ الطرفان في 16 من ديسمبر بميعاد هذه الجلسة، وكانت إدارة قضايا الحكومة في 28 من يناير سنة 1962 قد أودعت سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد مدير عام النيابة الإدارية تقرير طعن في الحكم المذكور وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الحربية بنظر الدعوى. وقيد الطعن تحت رقم 387 لسنة 8 القضائية. وعين لنظر الطعن جلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة. وأبلغ الطرفان في 16 من ديسمبر سنة 1962 بميعاد هذه الجلسة.
وفي جلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة العليا وعين لنظرها أمامها جلسة 26 من يناير سنة 1963 وفيها أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين مقدمان في حكم واحد مما يقتضى إصدار حكم واحد فيهما.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعنين - في أن النيابة الإدارية أقامت بتاريخ 16 من يونيه سنة 1960 أمام المحكمة التأديبية لوزارة الحربية الدعوى رقم 50 لسنة 2 القضائية ضد السادة/ حسن علي ساعي البحر الموظف من الدرجة السابعة سابقاً والذي كان منتدباً بسلاح الحدود وجرجس باسيلوس طانيوس رئيس قلم القضايا الحدود سابقاً والموظف من الدرجة الرابعة لسلاح الحدود وبالمعاش الآن. ومحمد بدران عبد الهادي باشكاتب قسم مطروح سابقاً وبالمعاش الآن. لأنهم في خلال المدة من عام 1945 حتى عام 1952 بسلاح الحدود قسم مرسى مطروح - الأول: بصفته مهندس المساحة بسلاح الحدود. خرج على مقتضى الواجب إذ ارتكب المخالفات الآتية: 1 - صرح بتأجير الأراضي بإحدى مناطق الصحراء الغربية بعقود إيجار دون موافقة وزارة الحربية عملاً بقرارها الصادر في 26 من مايو سنة 1938 فيما عدا عقد الإيجار الصادر لأركان حرب السلاح. 2 - صرح بتأجير قطع الأراضي للبناء بمنطقة حددتها وزارة المالية بمرسى مطروح لإنشاء مصيف فيها وأمرت بالتصرف في تقسيماتها وبيعها بالمزاد العلني وبسعر أساسي قدره عشرون جنيهاً وقد تبين للجنة التنظيم من تصرفاته مناوءته لمشروع المصيف. 3 - خالف أصول الهندسة المساحية في تأجير أراضي الحكومة أو بيعها بالتصريح بالتأجير دون التقيد بأي تقسيم معتمد للمناطق التي صار التأجير فيها مما استتبع خطأ في تحديد القطع المؤجرة وتعيين أبعادها وفقاً لما تكشف بتقرير اللجنة الهندسية. 4 - تدخل في تغيير نماذج التأجير المعتمدة من وزارة المالية بإعداده أورنيك رقم 273 الخاص بأراضي الزراعة لتأجير قطع من أراضي البناء بعد إجراء الحذف والإضافة في شروطه بما يوافق هوى المستأجرين وصوالحهم كما وافق على عقد الإيجارات المذكورة بأقل من أجر المثل. 5 - إقراره بتأجير قطعة الأرض رقم 117 إلى القائمقام السيد فرج رغم ما هو ثابت بالسجل من أن القطعة المذكورة قد حصل التنازل عنها نهائياً ليني جورجيادس. 6 - عرقل تأجير القطعة رقم 132 ببلدة مطروح بالقيمة المقررة بالعقد بأجر المثل إلى علي أحمد صالح بأن عطل استيفاء إجراءات التأجير لصالح المستأجر وواضع اليد على حساب الحكومة وحجز الأوراق لديه لهذا الغرض - الثاني: بصفته رئيساً لقلم قضايا الحدود خرج على مقتضى الواجب إذ ارتكب المخالفات الآتية: 1 - صرح بتأجير قطع من أراضي مصلحة الحدود إلى كل من اللواء حسين سري عامر والقائمقام محمد منيب والقائمقام محمد فهمي المليجي والقائمقام جميل عبد الوهاب والقائمقام سيد فرج والمهندس حسين علي صالح خلافاً لقرار مجلس الوزراء في 27 من يونيه سنة 1896 والمادة 142 من قانون المصلحة المالية التي تحظر على موظفي الحكومة ومستخدميها أن يباشروا بأنفسهم أو بواسطة غيرهم أعمالاً خاصة في الدائرة التي يمارسون فيها وظائفهم أو يمتد إليها نفوذهم الإداري. 2 - صرح أيضاً بتأجير الأراضي بإحدى مناطق الصحراء الغربية بعقود إيجار دون موافقة بذلك من وزارة الحربية والبحرية عملاً بقرارها الصادر في 21 من مايو سنة 1938 فيما عدا العقود الصادرة لأركان الحرب. 3 - صرح أيضاً بتأجير الأراضي المذكورة بمنطقة حددتها وزارة المالية بمرسى مطروح لإنشاء مصيف فيها وأمرت بالتصرف في تقسيماتها وبيعها بالمزاد العلني بسعر أساسي 20 جنيهاً للقطعة الواحدة وقد وضع بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1948 مذكرة بإجازة الإيجار مع ما كان من مقتضى التأجير على الوجه الذي تم من عرقلة بيعها بالمزاد وفقاً لمذكرة القسم القضائي نفسه بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1948. 4 - صرح أيضاً باستعمال نموذج رقم 273 حدود الخاص بإيجار الأراضي الزراعية في الإيجارات الخاصة بأراضي معدة للبناء تختلف بذلك من القيود الموضوعة للمباني بمنطقة مرسى مطروح كما أجاز التأجير على مستخرج من النموذج المذكور لبعض ذوي النفوذ من مصلحة الحدود إيثاراً لهم بشروط استثنائية. بل وطلب بالمذكرة المؤرخة 20 من نوفمبر سنة 1949 إقرار العمل بالأورنيك 273 حدود أو وفقاً لنموذج التأجير الحاصل لأركان حرب السلاح وخالف بذلك قواعد التأجير التي فوضت بها وزارة المالية إلى مصلحة الحدود إدارة الأراضي الواقعة تحت إشرافها. 5 - أجاز الإيجارات بأجرة قدرها خمسة مليمات للمتر الواحد سنوياً وهي دون أجر المثل بكثير. 6 - لم يعن بالمحافظة على الملفات الخاصة بالأراضي مما كان في عهدة القسم الذي يشرف عليه حتى فقد بعضها - الثالث: بصفته باشكاتب قسم مطروح خرج على مقتضى الواجب إذ قام بتاريخ 27 من سبتمبر سنة 1948 بسلاح الحدود بالموافقة على تأجير القطعة رقم 132 بتقسيمات بلدة مطروح إلى علي أحمد صالح بالعقد المؤرخ 27 من سبتمبر سنة 1948 بأجرة قدرها عشرة مليمات للمتر سنوياً مع وجود بناء لجراج وجراج مقامين عليها مع أن القطعة المذكورة كانت مؤجرة قبل ذلك من غاصبها إلى ذات المستأجر بأجرة قدرها جنيهان شهرياً بالعقد المؤرخ 20 من سبتمبر سنة 1945 موقع عليه من نفس المتهم - وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم طبقاً للمواد 73، 82 مكرر فقرة خامساً، 83، 102 مكرر ثانياً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. غير أنه بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1960 قررت المحكمة التأديبية لوزارة الحربية إحالة الدعوى المذكورة إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للاختصاص. وقيدت الدعوى بالمحكمة التأديبية بالإسكندرية تحت رقم 18 لسنة 3 القضائية. ودفع أمامها المتهمون جميعاً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى تأسيساً على أن المخالفات المنسوبة إليهم وقعت في القاهرة. وبجلسة 28 من إبريل سنة 1961 قضت المحكمة التأديبية بالإسكندرية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة الحربية بالقاهرة للاختصاص. وأقامت قضاءها على نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الدولة الصادر في 13 من يونيه سنة 1960 بإنشاء المحكمة المذكورة واضح الدلالة في أن اختصاصها هو اختصاص إقليمي يشمل ما يقع من جرائم تأديبية في حدود أقاليم محافظات الإسكندرية والصحراء الغربية والبحيرة. والمتهمون من موظفي سلاح الحدود ومقر أعمالهم وقت ارتكابهم المخالفات المنسوبة إليهم مدينة القاهرة وقد وقعت منهم تلك المخالفات أثناء مباشرتهم لأعمالهم بالقاهرة. والعبرة بمكان وقوع المخالفة ذاتها وهي مخالفات تم ارتكابها بالقاهرة. وقيدت الدعوى مرة أخرى بالمحكمة التأديبية لوزارة الحربية تحت رقم 34 لسنة 3 القضائية. وبجلسة 29 من نوفمبر سنة 1961 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وقام على أن الجهة المختصة بالمحاكمة تحدد كأصل عام بالمكان الذي تتم فيه الجريمة، والثابت أن الجريمة تمت في مرسى مطروح والصحراء الغربية ذلك أن الأرض تقع بها وتمت إجراءات تحديدها وتسليمها هناك وسجلاتها بقسم سلاح الحدود بمرسى مطروح والذي كان المتهم الثالث يعمل فيه بوظيفة باشكاتب والعبرة بالإجراءات التي تمت بشأن تحديد الأرض وتسليمها وتوقيعها على الخرائط المساحية وغير ذلك من الإجراءات التي اعتبرت معها الأرض في حيازة المستأجرين أما ما اتخذ من إجراءات مكتبية فإنها تعتبر في الواقع إجراءات تمهيدية وليست تنفيذية.
ومن حيث إن الطعن رقم 208 لسنة 8 القضائية يقوم على أن واقعة التأجير تنصب على أراضي واقعة بمناطق الصحراء الغربية ومرسى مطروح وقد تمت إجراءات تحديدها وتسليمها هناك وسجلاتها موجودة بقسم سلاح الحدود بمرسى مطروح وكان المتهم الثالث يعمل في هذه الجهة وبذلك تكتمل العناصر المكونة والمحددة للمخالفات المذكورة وتكون المحكمة التأديبية المختصة بنظر هذه المخالفات هي المحكمة التأديبية بالإسكندرية وليست المحكمة التأديبية لوزارة الحربية.
ومن حيث إن الطعن رقم 387 لسنة 8 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً لحكم سابق حاز لقوة الشيء المحكوم فيه وهو الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية مخالفاً في ذلك حكم المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن السيد رئيس مجلس الدولة أصدر - بالاستناد إلى المادتين 18 و19 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - قراراً بإنشاء محكمة تأديبية بمدينة الإسكندرية للموظفين من الدرجة الثانية فما دونها يشمل اختصاصها محافظة الإسكندرية والصحراء الغربية ومديرية البحيرة ويكون مقرها بمبنى المحكمة الإدارية للمصالح العامة بمدينة الإسكندرية ونصت المادة الثانية على أن جميع القضايا التأديبية التي أصبحت بمقتضى هذا القرار من اختصاص المحكمة التأديبية المشار إليها تحال بحالتها إلى هذه المحكمة بقرار من رئيس المحكمة التأديبية المنظورة أمامها الدعوى ما لم تكن مهيأة للفصل فيها. ويبلغ ذو الشأن جميعاً بقرار الإحالة. ونصت المادة الثالثة على نشر هذا القرار في الوقائع المصرية وعلى أن يعمل به من تاريخ نشره. وقد نشر هذا القرار في الوقائع المصرية في 13 من يونيه سنة 1960.
ومن حيث إن ما نصت عليه المادة الثانية من القرار المبين آنفاً من إحالة الدعاوى التي أصبحت بمقتضى هذا القرار من اختصاص المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية إلى هذه المحكمة بقرار من رئيس المحكمة التأديبية المنظورة أمامها الدعوى. إنما هو مقصور بحسب النص الصريح على الدعاوى التي كانت منظورة عند العمل بالقرار المذكور. فلا يسري النص - وهو استثناء من القاعدة العامة - على الدعاوى التي تقام بعد تاريخ بدء العمل بالقرار المشار إليه. وإنما تسري على الدعاوى المستجدة القاعدة العامة التي تتطلب، إذا تبينت المحكمة عدم اختصاصها صدور حكم بذلك. إذ المقرر أصلاً أن الدعوى لا تخرج قانوناً من يد المحكمة المنظورة أمامها إلا إذا فصلت فيها بحكم تنتهي به الخصومة كلها.
ومن حيث إنه يبين مما سلف سرده من الوقائع أن الدعوى التأديبية الراهنة عندما أقيمت أول مرة أقامتها النيابة الإدارية أمام المحكمة التأديبية لوزارة الحربية. وكانت أقامتها في 16 من يونيه سنة 1960 أي بعد تاريخ بدء العمل بقرار السيد رئيس مجلس الدولة بإنشاء محكمة تأديبية بمدينة الإسكندرية. وعلى مقتضى ما تقدم لا تعتبر الدعوى المذكورة قد خرجت قانوناً من يد المحكمة التأديبية لوزارة الحربية، فقد حصلت إحالتها في 19 من أكتوبر سنة 1960 إلى المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية بقرار عديم الأثر ولا يعتد به قانوناً. وبالتالي لا تعتبر قانوناً أنها طرحت على المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية. ومن ثم فإن حكم عدم الاختصاص الصادر بجلسة 8 من إبريل سنة 1961 من المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية ليس إلا مجرد فعل مادي عديم الأثر ولا يعتد به قانوناً.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم لا تثير المنازعة الراهنة مسألة تنازع سلبي على الاختصاص بين المحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية والمحكمة التأديبية لوزارة الحربية. وإنما تثير كمسألة صحة أو عدم صحة الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الحربية في 29 من نوفمبر سنة 1961 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه لتحديد الاختصاص المحلي للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية والتمييز بينه وبين الاختصاص المحلي للمحاكم التأديبية التي يوجد مقرها بالمبنى الرئيسي لمجلس الدولة بالجيزة ينبغي الاستهداء بالحكمة التي أملت إصدار القرار بإنشاء محكمة الإسكندرية، والواضح أن القرار المذكور قد استهدف مصلحة الموظفين المحالين على المحاكمة التأديبية الذين توجد مقار وظائفهم بمحافظات الإسكندرية والصحراء الغربية والبحيرة. بتقريب القضاء التأديبي إلى مقار وظائفهم فمصلحة هؤلاء الموظفين دائماً في الوجود على مقربة من مقار وظائفهم وعلى اتصال بها حتى تتهيأ لهم وسائل الدفاع في أكمل صورة. وغني عن البيان أنه لا يجوز حرمان هؤلاء الموظفين من هذه الميزة. خصوصاً إذا كان المشرع قد قصد تحقيقها لهم. وما من شك في أن تحديد الاختصاص المحلي على أساس مكان وقوع المخالفة يحرمهم من تلك الميزة لاحتمال وقوع المخالفة في مكان آخر في غير دائرة اختصاص المحكمة. ومن ثم فالعبرة في تحديد الاختصاص المحلي للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية هي بمقر الوظيفة. فإذا كان مقر الوظيفة محافظة الإسكندرية أو الصحراء الغربية أو البحيرة كان الاختصاص للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية. فإذا تعدد الموظفون التابعون لوزارة واحدة المتهمون بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها. ولكن يقع مقر وظيفة البعض في دائرة محكمة الإسكندرية. كما هو الحال في الدعوى الراهنة فإزاء عدم وجود النص تستعار القاعدة التي نصت عليها المادة 55 فقرة 1 من قانون المرافعات في حالة تعدد المدعى عليهم مع اختلاف مواطنهم وهي جواز اختصامهم جميعاً أمام محكمة أحدهم. وجعل الخيار في ذلك للمدعي، وهو في الدعاوى التأديبية النيابة الإدارية على اعتبار أن هذه القاعدة هي الأكثر ملاءمة في هذا المجال. وليس في هذا التحديد على هذا الوجه بأكمله. أدنى تعارض مع نص المادة 24 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية التي تنص على أن تكون محاكمة الموظف أو الموظفين المتهمين بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ومجازاتهم على أساس اعتبارهم تابعين للجهة أو الوزارة التي وقعت فيها المخالفة أو المخالفات المذكورة... إلخ... وذلك لاختلاف المجالين. وإذ نصت المادة المذكورة على الجهة أو الوزارة التي وقعت فيها المخالفة فإنما قصدت اتصال المخالفة موضوعاً بالجهة أو الوزارة ولم تقصد المكان المادي الذي وقعت فيه المخالفة.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أن مقر وظيفة كل من المتهمين الأول والثاني كان بالقاهرة فإنه تأسيساً على ما تقدم تكون المحكمة التأديبية لوزارة الحربية التي يوجد مقرها بالمبنى الرئيسي بمجلس الدولة بالجيزة مختصة بنظر الدعوى الراهنة ولا يؤثر في ذلك أن مقر وظيفة المتهم الثالث كان بمرسى مطروح ما دامت النيابة الإدارية قد اختارت المحكمة التأديبية لوزارة الحربية. ولها - كما سلف البيان - الخيار في هذه الصورة وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ويتعين القضاء بإلغائه وباختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الحربية بنظر الدعوى التأديبية الراهنة وإعادتها إليها للفصل فيها وإلزام الحكومة بمصروفات طعنها لعدم منازعة المتهمين في جميع المراحل في اختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الحربية بل وتمسكهم بهذا الاختصاص.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الحربية في 29 من نوفمبر سنة 1961 وباختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى التأديبية وإعادتها إليها للفصل فيها وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ساحة النقاش