إصدار قرار الفصل في نطاق التحقيق الذي أجري مع المدعية وبسبب ما نسب إليها من مخالفات اعتباره قرار تأديبي - اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعن فيه.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 48
(17)
جلسة 7 من ديسمبر سنة 1974
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضه، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي المستشارين.
القضية رقم 518 لسنة 19 القضائية
أ - عاملون مدنيون بالدولة "تعيين بمكافأة شاملة" - "عامل مؤقت".
القانون 46 لسنة 1964 حظره التعيين بمكافأة شاملة - صدور القانون رقم 3 لسنة 1970 أثناء الدعوى - تصحيح قرارات التعيين بمكافأة السابقة على صدوره - تطبيق.
ب - عاملون مدنيون بالدولة "تأديب" "فصل" "محاكم تأديبية" "اختصاص".
إصدار قرار الفصل في نطاق التحقيق الذي أجري مع المدعية وبسبب ما نسب إليها من مخالفات اعتباره قرار تأديبي - اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعن فيه - مثال.
جـ - دعوى الإلغاء "ميعادها" "تظلم".
تقديم كتاب يفيد تظلم المدعية في المواعيد - ثبوت التظلم ولو ادعت الإدارة أنه لا أثر لهذا الكتاب في ملف الخدمة - بيان ذلك.
د - عاملون مدنيون بالدولة "تأديب".
قيام الممثل بتمثيل أحد شخصيات المجتمع السيئة لا يصمه بسوء السمعة - التدخين واحتساء القهوة بمقر العمل أمر مألوف في مكاتب الحكومة وليس محظوراً على أحد - انتفاء المخالفة في الحالتين - بيان ذلك.
هـ - عاملون مدنيون بالدولة "تأديب" - "تقدير الجزاء".
عقوبة الفصل - تقديرها على أساس ثبوت جميع المخالفات في حق المدعية - عدم ثبوت الجانب الأهم من المخالفات - إلغاء القرار - أساس ذلك وتطبيق.
1 - إنه ولئن كان قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1964 كان لا يجيز التعيين بربط ثابت أو بمكافأة، إلا أنه أثناء السير في الدعوى صدر القانون رقم 3 لسنة 1970 بإضافة فقرة أخيرة إلى المادة 87 من نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه نصها "كما يجوز تعيين وطنيين من ذوي التخصصات والخبرات الخاصة بمكافآت شاملة ويصدر بقواعد توظيفهم قرار من رئيس الجمهورية" ونص القانون المشار إليه في المادة (2) على أن "تعتبر صحيحة القرارات الصادرة بالتعيين بمكافآت شاملة في الفترة من أول يوليه سنة 1964 حتى تاريخ صدور هذا القانون". ومفهوم القانون المشار إليه على ما تضمنته نصوصه ومذكرته الإيضاحية أن المشرع استقراراً للأوضاع التي ترتبت على تعيين بعض العاملين بمكافآت شاملة، تدخل لعلاج هذا الأمر واعتبر القرارات الصادرة بالتعيين بمكافآت شاملة في الفترة من أول يوليه سنة 1964 حتى 14 من يناير سنة 1970 (تاريخ صدور القانون رقم 3 لسنة 1970) صحيحة، وهذا التصحيح ينطوي بحكم اللزوم على اعتبار الشروط التي قامت عليها هذه القرارات والتي جرى عليها العمل وفقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، وقرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 صحيحة أيضاً وتحكم أوضاع هؤلاء العاملين.
ومن حيث إن المدعية، وقد عينت في "هيئة التليفزيون" في 15 من مايو سنة 1967 بأجر ثابت قدره 9 جنيه شهرياً فإن تعيينها على هذا النحو يكون قد اعتبر صحيحاً بالتطبيق للقانون رقم 3 لسنة 1970 المشار إليه وبالتالي تعتبر من العاملين بمكافأة شاملة الذي يحكم وضعهم الوظيفي قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 ديسمبر سنة 1952 الذي ناط بالسلطات الرئاسية إنهاء عمل هؤلاء وكذلك توقيع العقوبات التأديبية عدا عقوبة الفصل التي يختص بتوقيعها الوزير.
2 - إن الثابت من الأوراق أن ثمة شكايات قدمت إلى هيئة التليفزيون "أسند فيها إلى المدعية الخروج على مقتضيات واجبات الوظيفة وكرامتها، وقد قامت المدعى عليها بتحقيق تلك الشكايات وسمع في التحقيق أقوال ذوي الشأن كما سمع فيه أقوال المدعية ووجهت بما أسند إليها من مخالفات، ثم أعد المحقق مذكرة بنتيجة التحقيق انتهى فيها إلى ثبوت ما أسند إلى المدعية من خروج على واجبات الوظيفة ثم اقترح - في ذات المذكرة إنهاء التعامل معها، وقد وافق السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة على هذه المذكرة وصدر القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبدو واضحاً مما تقدم أن الجهة الإدارية إنما تحركت بإصدار القرار المطعون فيه في نطاق التحقيق الذي أجري وبسبب ما أسند إلى المدعية من مخالفات مسلكية ووظيفية، فهي في واقع الأمر استهدفت بقرارها فصل المدعية من الخدمة للاتهامات التي نسبت إليها على ما وضح من استقراء الأوراق على السالف بيانه، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يعتبر قراراً تأديبياً وليس قرار إنهاء خدمة، وينعقد الاختصاص في طلب إلغائه للمحاكم التأديبية عملاً بأحكام قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972، ويكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى على غير أساس سليم متعيناً رفضه.
3 - لما كانت المدعية تظلمت من القرار المطعون فيه في 21 من يوليه سنة 1968 وتقرر حفظ هذا التظلم وذلك حسبما هو ثابت من كتاب مراقبة الشئون القانونية والتفتيش رقم 6758 المؤرخ 14 من سبتمبر سنة 1968 - المودع حافظة المدعية - ثم أقامت الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه في 7 من نوفمبر سنة 1968، فإن الدعوى تكون أقيمت في المواعيد المقررة، ولا اعتداد لإنكار الجهة الإدارية التظلم السالف ذكره على أساس أن كتاب مراقبة الشئون القانونية والتفتيش لا أثر له في ملف خدمة المدعية إذ لم تقدم المدعى عليها ما يفيد عدم صحته، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً في غير محله حقيقاً بالرفض.
4 - الواضح من الأوراق والتحقيقات أن سبب القرار المطعون فيه حاصله أن المدعية عملت في فيلم قصر الشوق في دور (معلمة) وهو دور سيئ إلى سمعتها كعاملة بالتليفزيون فضلاً عن عدم حصولها على ترخيص بذلك من المختصين، وكذلك بقاؤها بمبنى التليفزيون بعد مواعيد العمل الرسمية وحتى ساعة متأخرة دون مبرر معقول مما يستدل معه على أن لها أهداف خفية تتعارض مع السلوك الوظيفي، وأنها تقضي وقت العمل في احتساء القهوة والتدخين والتردد على المكاتب المختلفة بالمبنى، بجانب عدم تنفيذها تعليمات الرؤساء وعدم قيامها بالعمل المنوط بها على الوجه المعتاد.
ومن حيث إن قيام المدعية بالتمثيل في أحد الأفلام واحتسائها القهوة أو التدخين بمقر العمل، كلها أمور لا تنطوي في ذاتها على مخالفة تأديبية تصم مرتكبها بسوء السلوك ذلك لأن التمثيل فن أضحى معترفاً به من المجتمع وتشجعه الدولة وافتتحت له المعاهد المختلفة لتدريسه، ولا شك أن قيام الممثل بتمثيل أحد شخصيات المجتمع السيئة لا يصمه بسوء السمعة كذلك فإن التدخين واحتساء القهوة بمقر العمل أمر مألوف في مكاتب الحكومة وليس محظوراً على أحد، كما أن بقاء المدعية بالمبنى بعد مواعيد العمل لا يكفي بذاته لوصفها بسوء السلوك الوظيفي، ولا يبقى بعد ذلك من الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه وثبت في حق المدعية إلا عدم حصولها على ترخيص من المختصين بالتمثيل في فيلم قصر الشوق وكذلك عدم إطاعتها لتعليمات رؤسائها.
5 - إنه ولئن كان للإدارة تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني إلا أن مناط ذلك أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بكامل أشطاره، فإذا كان يبين مما تقدم أن عقوبة الفصل التي وقعت على المدعية، قدرت على أساس ثبوت جميع المخالفات المسندة إليها، وكان الواضح مما سلف بيانه أنه لم يقم في حقها المخالفات المتصلة بحسن السيرة والسلوك وهي الجانب الأهم من المخالفات جميعها، فإن الجزاء الموقع والحالة هذه لا يقوم على كامل سببه كما أن الباقي من المخالفات والتي قامت في حق المدعية لا يكفي لحمل القرار ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - فيما انتهى إليه من إلغاء القرار المطعون فيه - قد أصاب وجه الحق، ويكون الطعن على غير أساس سليم يتعين الحكم برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ساحة النقاش