عدم إلتزام المحكمة التأديبية بلائحة جزاءات الجهة الإدارية التابع لها العامل من حيث تقدير العقوبة التأديبية الملائمة للذنب الإدارى الثابت فى حق العامل.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1879
(219)
جلسة 20 من مايو سنة 2001
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 4685 لسنة 43 القضائية
إختصاص - المحكمة التأديبية - صلاحيات المحكمة التأديبية إزاء الدعوى التأديبية - عدم إلتزام المحكمة التأديبية بلائحة جزاءات الجهة الإدارية التابع لها العامل من حيث تقدير العقوبة التأديبية الملائمة للذنب الإدارى الثابت فى حق العامل لأن هذه اللائحة تخاطب السلطات الرئاسية للعامل فقط - أما حيث تباشر المحكمة التأديبية اختصاصها كسلطة تأديب مبتدأة فلا يحدها قيد فى تحديد العقوبة التأديبية الملائمة للذنب الإدارى طالما هذا التحديد لا يخرج عن العقوبات التأديبية المقررة قانونا.
إجراءات الطعن:
فى يوم السبت الموافق 21/ 6/ 1997 أودع الأستاذ ....... المحامى الوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا فى الدعوى رقم 810 لسنة 24 ق والقاضى بجلسة 27/ 4/ 1997 بمجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره.
وطلب الطاعن وللأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق وتقدمت هيئة مفوضى الدولة بتقرير بالرأى القانونى رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره وما يترتب على ذلك من آثار لعدم تقديم المستندات اللازمة للفصل فى الطعن.
نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة عليا الطعن بجلسة 26/ 4/ 1999 والجلسات التالية إلى أن قررت إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الخامسة عليا، ونظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بدورها بجلسة 19/ 11/ 1999 وقررت بجلسة 14/ 12/ 1999 إحالته إلى الدائرة الخامسة عليا موضوع لنظره بجلسة 20/ 2/ 2000، ونظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 18/ 1/ 2001 غير أن تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه فى المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلا.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن النيابة الإدارية أقامت بتاريخ 26/ 9/ 1996 الدعوى التأديبية رقم 810 لسنة 24 ق أمام المحكمة التأديبية بطنطا الدائرة الأولى ضد ...... أمين شونة بلتاج فرع قطور ببنك التنمية والإئتمان الزراعى بالغربية من الدرجة الرابعة إذ اتهمته بأنه خلال الفترة من 2/ 7/ 1995 وحتى 13/ 6/ 1995 بشونة بلتاج فرع قطور التابعة لبنك التنمية والإئتمان الزراعى بالغربية لم يؤد العمل المنوط به بدقة وأمانة ولم يحافظ على ممتلكات وأموال الجهة التى يعمل بها وعلى كرامة الوظيفة والسلوك بالمسلك اللائق بها وذلك بأن:
1 - لم يلتزم بالتسعيرة الرسمية لبيع الأسمدة وذلك ببيع سماد اليوريا 46.5% بمبلغ (35) جنيه للشيكارة على الرغم من التسعيرة الرسمية لها (25.33) وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
2 - قام بصرف عدد (1) شيكارة يوريا 46.5 % باسم ..... عن مساحة (4) أفدنة وصرف عدد (12) شيكارة يوريا 46.5% باسم ...... عن مساحة أربعة أفدنة على الرغم من أن المذكورين تاجرين وغير حائزين على أرض رزاعية وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
3 - قام بصرف عدد (8) شيكارة يوريا 46.5%، (2) شيكارة نترات 33.5% للعميل/ ...... عن مساحة فدانين بتاريخ 2/ 7/ 1995 وتكرر الصرف عن نفس المساحة يوم 4/ 7/ 1995 بكمية (4) شيكارة نترات 33.5% فى حين أن المساحة التى يحوزها المذكور والتى تكرر الصرف عنها هى (12) قيراط، (1) فدان فقط على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
4 - قام بصرف أسمدة لبعض العملاء بكميات لا تتناسب مع حيازتهم وذلك بصرف عدد (15) شيكارة يوريا 46.5% للعميل/ ............ عن مساحة أربعة أفدنه على الرغم من أن حيازته (11) قيراط وصرف عدد (8) شيكارة يوريا 46.5%، (6) شيكارة نترات 33.5% عن مساحة فدانين للعميل/ ..... على الرغم من حيازته (12) قيراطاً وفدان فقط وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
5 - عدم إستيفاء الشكل القانونى لاستمارات الصرف بالمخالفة للتعليمات وذلك لإثباته توقيع بعض العملاء على حوافظ الصرف بالختم دون بصمة وتوقيع البعض الآخر بالإمضاء ودون قيد رقم البطاقة الشخصية للعملاء وكذا عدم توضيح الناحية الموجودة بها حيازة العملاء بالنسبة لبعض القروض.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحال تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الإتهام.
وقد تداولت المحكمة المذكورة نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدرت حكمها المطعون فيه بجلسة 27/ 4/ 1997 وأقامت قضاءها فيما انتهت إليه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من أجره إلى أن المخالفة الأولى ثبتت فى حقه بشهادة كل من السيد/ ...... و.... و....... وثبتت المخالفة الثانية من التحقيقات ودون أن ينال من ذلك ما دفع به المتهم مسئوليته من ضغط العمل نظراً لعدم إعتباره سبباً للإعفاء من هذه المسئولية، وثبتت المخالفة الثالثة فى حقه ثبوتاً يقينياً ودون أن ينال من ذلك ما تعلل به المذكور من أن إحتمال أن تكون البطاقات الزراعية الخاصة به عن أعوام سابقة بالمساحات المقيدة بها وأنه لضغط العمل لم يتنبه إلى تاريخ إصدار البطاقات الزراعية فذلك الدفع ليس إلا تنصلاً من المسئولية، كما ثبتت المخالفة الأخيرة من التحقيقات ومن إعترافه بذلك على ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون للأسباب التالية:
1 - أن الحكم المطعون فيه قد استند إلى أحكام القانون العام فى حين أنه كان ينبغى على المحكمة الإستناد إلى لائحة التأديب والجزاءات للعاملين بالبنك الرئيسى وبنوك التنمية الزراعية بالمحافظات.
2 - استندت المحكمة إلى أوراق التحقيق الذى أجرى مع الطاعن بمعرفة إدارة الرقابة والتفتيش التى أعدت بنتيجته مذكرة مؤرخة 26/ 7/ 1995 فى حين أن المختص بالتحقيق حسب اللائحة المذكورة هو النيابة الإدارية أو الأدارة القانونية بالبنك وبالتالى فقد خالف الحكم القانون لبطلان ذلك التحقيق فضلاً عما شابه من قصور فى التسبيب.
3 - أن الجزاء الموقع عليه بالحكم الطعين قد شابه الغلو خاصة وأن الجهة الإدارية قد قدرت فى البداية الجزاء الموقع عليه بمجازاته بخصم (15) يوم من راتبه والتى تقيدت بلائحة البنك.
4 - التفات الحكم الطعين عن بحث مستندات الطاعن المقدمة منه بالجلسات والرد على أوجه دفاعه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن فلم يحدد الطاعن وجه الخروج على لائحة التأديب والجزاءات لبنك التنمية والإئتمان الزراعى ومن ناحية أخرى فإن المستقر عليه عدم إلتزام المحكمة التأديبية بلائحة جزاءات الجهة الإدارية التابع لها العامل من حيث تقدير العقوبة التأديبية الملائمة للذنب الإدارى الثابت فى حق الطاعن ذلك أن الإلتزام بهذه الائحة لايكون إلا عند ممارسة السلطات الرئاسية للتأديب أما حيث تباشر المحكمة التأديبية اختصاصها كسلطة تأديب مبتدأة فلا يحدها قيد فى تحديد العقوبة التأديبية الملائمة للذنب الإدارى طالما كان هذا التحديد لا يخرج عن العقوبات التأدبية المقررة قانوناً ومن ثم يغدو هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما نعاه الطاعن بالوجه الثانى من الطعن من إستناد المحكمة التأديبية إلى التحقيق الذى أجرته إدارة الرقابة والتفتيش بالبنك رغم خلو الأوراق مما يفيد ندب رئيس مجلس الإدارة لعضو الإدارة المذكورة لإجراء التحقيق بالمخالفة للائحة البنك، فإن الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والإئتمان الزراعى بمحافظة الغربية قد اعتمد مذكرة إدارة الرقابة والتفتيش المؤرخة 26/ 7/ 1995 بمجازاة الطاعن بخصم (15) يوماً من راتبه وهو ما يفيد أجازته ضمناً للتحقيق الذى تم اجراؤه مع الطاعن بمعرفة عضو الرقابة والتفتيش وأصبح بالتالى سليماً دونما شائبة مخالفة لائحة البنك هذا فضلاً عن أن المحكمة التأديبية كما سلف تختلف عن السلطات الرئاسية التى تتقيد بأحكام اللائحة فى هذا الشأن على خلاف المحكمة التى تقيم قناعتها بالإدانة من عدمه على التحقيق الذى يطمئن إليه وجدانها فى تحرى الحقيقة فى هذا الخصوص وعليه يضحى هذا الوجه من الطعن غير قائم على سنده القانونى السليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه عما يتمسك به الطاعن بالوجه الثالث من الطعن من الغلو فى توقيع الجزاء فإن المسلم به أن للسلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية الحرية فى تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من جزاء وأن الغلو فى توقيع الجزاء لا يكون إلا فى حالة عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإدارى ونوع الجزاء ومقداره بما يخرجه من إطار المشروعية إلى نطاق غير المشروعية وهو ما خلت منه الأوراق إذ جاء الجزاء الموقع بالحكم الطعين بخصم شهر من مرتبه بما يتناسب مع الإتهامات الواردة فى تقرير الإتهام والثابتة فى حق الطاعن صدقا وحقا ولا شك أن تقدير المحكمة للجزاء المناسب فى هذا الشأن لا يتقيد بالجزاء السابق توقيعه من البنك فى هذا الشأن بما يضحى هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم من القانون ومتعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما نعاه الطاعن من التفات الحكم الطعين عن بحث مستندات الطاعن المقدمة منه بالجلسات فإن الثابت قيام المخالفات الواردة بتقرير الإتهام فى حق الطاعن طبقاً للأسباب التى استند إليها الحكم الطعين والتى تأخذ بها هذه المحكمة ومن المسلم به أن المحكمة التأديبية ليست ملزمة بتعقيب دفاع الطاعن فى وقائعه وجزئياته ما دامت قد أبرزت إجمالاً الحجج التى كونت منها عقيدتها مطرحة بذلك ضمنا الاسانيد التى قام عليها دفاعه ومن ثم يضحى هذا الوجه من الطعن على غير أساس سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما نعاه الطاعن من بطلان محاكمته تأديبياً لقيام النيابة الإدارية بإحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية دون أن تجرى تحقيقاً فى هذا الشأن فإن الثابت أن النيابة الإدارية قد أحالت الطاعن إلى المحكمة التأديبية بناء على الإعتراض المقدم من الجهاز المركزى للمحاسبات على القرار الصادر من البنك فى 26/ 7/ 95 بخصم (15) يوماً من راتبه وإكتفاءاً بالتحقيق الإدارى الذى تم إجراؤه وأنه ليس هناك ما يلزم النيابة الإدارية بإجراء تحقيق جديد بنفسها خاصة وأن المادة الخامسة من قانون الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144/ 88 تلزم النيابة الإدارية بمباشرة الدعوى التأديبية خلال الثاثين يوماً التالية لطلب الجهاز الإحالة للمحاكمة التأديبية وبالتالى يغدو هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما يتمسك به الطاعن من سابقة الفصل فى الاتهامات المسندة إليه بالدعوى 810/ 24 ق بالقرار الإدارى رقم 82/ 16 بتاريخ 26/ 7/ 1995 بخصم (15) يوماً من راتبه والذى قضى بإلغائه بالحكم الصادر من المحكمة التأديبية فى الطعن رقم653/ 23 ق فذلك مردود بأن الثابت أن الجهاز المركزى للمحاسبات قد إعترض على القرار المشار إليه وطلب إلى النيابة الإدارية بطنطا بكتابه المؤرخ 11/ 9/ 1996 ملف رقم 149 لسنة 1996 باتخاذ اللازم فى مباشرة الدعوى التأديبية ضد الطاعن وهو ما تم على النحو السالف وبالتالى يعد قرار الجزاء السالف فاقدا لأثره القانونى بموجب الاعتراض المقام من الجهاز المركزى للمحاسبات وطلب إحالة المتهم (الطاعن) إلى المحاكمة التأديبية ومن ثم يغدو هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ساحة النقاش