محكمة تأديبية ولايتها واختصاصها وظيفة كبير أخصائيين ليست من وظائف الإدارة العليا التي تبدأ بوظيفة مدير عام إدارة عامة (مدير عام مصلحة أو جهاز أو صندوق)، والتي لا سبيل لشغلها إلا وفقا لأحكام القانون رقم (5) لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية، في حين تندرج وظيفة (كبير)
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2007 إلى آخر مارس سنة 2008 - صـ 503
(70)
جلسة 26 من يناير سنة 2008
الطعن رقم 25941 لسنة 51 القضائية العليا
(الدائرة الرابعة)
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ حسين علي شحاتة السماك وحسين كمال أبو زيد شلال وعطية عماد الدين محمد نجم وأحمد إبراهيم زكى الدسوقي ود/ محمد ماهر أبو العينين ود/ حسني درويش عبد الحميد نواب رئيس مجلس الدولة.
اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية - تأديب شاغلي وظيفة بمسمى (كبير أخصائيين) - أثر صدور الحكم عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا.
وظيفة كبير أخصائيين ليست من وظائف الإدارة العليا التي تبدأ بوظيفة مدير عام إدارة عامة (مدير عام مصلحة أو جهاز أو صندوق)، والتي لا سبيل لشغلها إلا وفقا لأحكام القانون رقم (5) لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية، في حين تندرج وظيفة (كبير) في عداد الوظائف التخصصية التي ينحصر عمل شاغليها في أي من مجالات العمل التخصصي أو البحث، دون أن يوكل إليهم أي من مهام الإدارة العليا - لا يجوز مجازاة العامل الذي يشغل وظيفة (كبير) بأي من الجزاءات المقررة لتوقيعها على شاغلي الوظائف العليا، وإنما يوقع عليه جزاء من الجزاءات الجائز توقيعها على العاملين بالمجموعات النوعية الأدنى من وظائف الإدارة العليا - صدور الحكم عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في دعوى تدخل في اختصاص المحكمة التأديبية لا يتعارض مع المبدأ المقرر بضرورة الالتزام بقاعدة توزيع الاختصاص بين المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا والمحكمة التأديبية؛ لأن ذلك يحقق للعامل ضمانة أقوى ودون أن يضار - تطبيق.
الإجراءات
بتاريخ 17/ 9/ 2005 أودع الأستاذ...... نائبًا عن السيد الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 25941 لسنة 51ق في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 20/ 7/ 2005 في الدعوى رقم 132 لسنة 46ق الذي قضى منطوقة بمجازاة المطعون ضده باللوم.
وطلبت الهيئة الطاعنة بنهاية تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة المحال باللوم عن المخالفتين الأولى والثانية وبراءته من المخالفة الثالثة، وإحالة الدعوى للمحكمة التأديبية للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى بمعاقبة المطعون ضده بالعقوبة المناسبة.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت بنهايته الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضده من المخالفة الثالثة المنسوبة إليه ومجازاته بعقوبة اللوم عن المخالفتين الأولى والثانية، والقضاء مجددًا بمجازاته بالعقوبة المناسبة عن المخالفات الثلاث المنسوبة إليه.
وتم تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/ 5/ 2007 قررت المحكمة إحالة الطعن لدائرة الموضوع لنظره بجلسة 2/ 9/ 2007 وتم تداوله على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/ 11/ 2007 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 20/ 7/ 2005 وقد أقامت الهيئة الطاعنة طعنها الماثل بتاريخ 17/ 9/ 2005 أي خلال المواعيد المقررة قانونًا، وقد استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فيتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن موضوع الطعن الماثل يخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 4/ 5/ 2004 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 132 لسنة 46ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارية العليا بإيداع تقرير اتهام ضد/ ...... رئيس قسم الصحة العامة والأمراض المشتركة بمديرية الطب البيطري ببورسعيد، كبير أخصائيين بدرجة مدير عام؛ لأنه في غضون الفترة من عام 99 حتى 2003 بوصفه السابق وبالجهة المذكورة:
1 - لم يقم اعتبارًا من 24/ 10/ 1999 باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إخطار الأقسام والوحدات البيطرية التابعة للمديرية بصورة من قرار وزير الزراعة رقم 1329/ 1999 الخاص بإجراءات استخدام لقاح × 19 وكان من شأنه قيام الأطباء باستخدامه في تحصين الماشية ضد مرض الإجهاض المعدي دون إتباع الإجراءات الواردة به.
2 - لم يقم في غضون الفترة من أغسطس 2002 حتى نوفمبر 2002 بالإشراف على إجراءات قيام أطباء من الأقسام والوحدات البيطرية باستخدام لقاح × 19 في تحصين إناث الماشية ضد مرض الإجهاض المعدي، وترتب على ذلك قيامهم باستخدامه دون إتباع التعليمات الواردة بقرار وزير الزراعة رقم 1329/ 99.
3 - لم يقم باتخاذ إجراءات توزيع عدد 24 زجاجة لقاح × 19 عهدته على الأقسام والوحدات البيطرية لاستخدامها في تحصين إناث الماشية ضد مرض الإجهاض المعدي، وترتب على ذلك انتهاء صلاحيتها دون الاستفادة منها والبالغ قيمتها 600 جنيه مما أضر بأموال الدولة.
وطلبت النيابة محاكمة المذكور وفقًا للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وتم تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/ 7/ 2005 صدر الحكم المطعون فيه بمجازاة المطعون ضده بعقوبة اللوم.
وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه سالف الذكر على أساس أن المخالفتين الأولى والثانية ثابتتان قبل المطعون ضده، مما يتعين معه مجازاته عنهما بعقوبة اللوم. وفيما يتعلق بالمخالفة الثالثة (مثار الطعن الماثل) فقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى براءة المطعون ضده من هذه المخالفة على أساس أن الأقسام والوحدات البيطرية لم تطلب تسلم زجاجات اللقاح المشار إليها رغم علمها اليقيني بتوافرها بعهدة المطعون ضده، ولا يجوز إجبارها على تسلمها من قبله، ومن ثم لا توجد ثمة مخالفة بشأن عدم توزيع هذه الزجاجات، وقد قامت الجهة الإدارية بتحميله قيمة هذه الزجاجات البالغة 600 جنيه.
وإذ لم ترتض النيابة الإدارية الحكم ببراءة المطعون ضده من المخالفة الثالثة فقد أقامت طعنها الماثل. وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون إذ انتهى إلى مجازاة المطعون ضده بعقوبة اللوم على اعتبار أن المطعون ضده يشغل وظيفة مدير عام وهي إحدى الوظائف العليا، في حين أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده يشغل وظيفة كبير أخصائيين وهي وظيفة لا يعتبر شاغلها من شاغلي الوظائف العليا ويتعين مجازاته بإحدى العقوبات المقررة للوظائف الأدنى من شاغلي الوظائف العليا.
كما أن الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال إذ أن المخالفة الثالثة ثابتة قبل المطعون ضده بإقراره ومن واقع الأوراق، ويتعين مجازاته عن هذه المخالفة دون نظر لسداده قيمة الزجاجات المنتهية صلاحيتها؛ إذ لا عبرة بالضرر في تحديد المسئولية التأديبية.
ومن حيث إن مثار النزاع في الطعن الماثل أنه قد ورد إلى النيابة الإدارية ببورسعيد بلاغ الشئون القانونية بمديرية الطب البيطري ببورسعيد رقم 334 المؤرخ 24/ 3/ 2003 في شأن طلب التحقيق وتحديد المسئولية بشأن انتهاء صلاحية لقاح × 19 الخاص بالتحصين ضد مرض الإجهاض المعدي لإناث الماشية الوارد للمديرية المذكورة من الهيئة العامة للخدمات البيطرية دون استخدامه، مما ترتب على ذلك من عدم توريد قيمته للخزينة. وتولت النيابة الإدارية التحقيقات بالقضية رقم 326 لسنة 2003 وانتهت بمذكرتها المؤرخة 15/ 3/ 2004 إلى قيد الواقعة مخالفة مالية وإدارية قبل المطعون ضده وإحالته للمحاكمة التأديبية وبناء على ذلك صدر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثالثة (محل الطعن الماثل) المنسوبة للمطعون ضده... من أنه بوصفه رئيس قسم الصحة العامة والأمراض المشتركة بمديرية الطب البيطري ببورسعيد لم يقم باتخاذ إجراءات توزيع عدد 24 زجاجة لقاح × 19 عهدته على الأقسام والوحدات البيطرية لاستخدامها في تحصين إناث الماشية ضد مرض الإجهاض المعدي، وترتب على ذلك انتهاء صلاحيتها دون الاستفادة من قيمتها البالغة 600 جنيه، فإن الثابت من الأوراق والتحقيقات وبإقرار المطعون ضده بتحقيقات النيابة الإدارية أنه بوصفه السابق قد تسلم بتاريخ 4/ 8/ 2002 بموجب الإذن رقم 2 من الهيئة العامة للخدمات البيطرية عدد 54 زجاجة لقاح × 19 ينتهي مفعولها في 5/ 11/ 2002 لتوزيعها على الوحدات والأقسام البيطرية التابعة للمديرية، إلا أنه لم يقم بتوزيعها جميعا، إذ تبقى بعهدته عدد 24 زجاجة قيمتها 600 جنيه، ولم يقم بإعادتها إلى الهيئة مما ترتب عليه إعدامها دون الاستفادة منها، وقام المذكور بسداد قيمتها، ورغم قيام المطعون ضده بسداد قيمة هذه العبوات، إلا أن ذلك لا ينفي المسئولية التأديبية وما بدر منه من إهمال في أداء واجبات وظيفته، مما ترتب عليه فساد هذه العبوات وإعدامها دون الاستفادة منها، بما يستوجب مساءلته ومجازاته عن هذه المخالفة. ولا يغير من ذلك سداده لقيمتها إذ لا ينفي ذلك خطأه ولا ترتبط مسئوليته بما ترتب من ضرر من عدمه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى براءته من هذه المخالفة فإنه يكون قد صدر غير قائم على أسبابه الصحيحة مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الشق.
ومن حيث إنه وفي مجال تحديد العقوبة المناسبة التي يجوز توقيعها على المطعون ضده فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن وظيفة كبير أخصائيين ليست من وظائف الإدارة العليا التي تبدأ بوظيفة مدير عام إدارة عامة (مدير عام مصلحة أو جهاز أو صندوق) والتي لا سبيل لشغلها إلا وفقا لأحكام القانون رقم 5 لسنة 91 في شأن الوظائف الحديثة القيادية، في حين تندرج وظيفة كبير في عداد الوظائف التخصصية التي ينحصر عمل شاغليها في أي من مجالات العمل التخصصي أو البحث، دون أن يوكل إليهم أي من مهام الإدارة العليا. ولا يجوز مجازاة العامل الذي يشغل وظيفة كبير بأي من الجزاءات المقررة لتوقيعها على شاغلي الوظائف العليا، وإنما يوقع عليه جزاء من الجزاءات الجائز توقيعها على العاملين بالمجموعات النوعية الأدنى من وظائف الإدارة العليا، مع الأخذ في الاعتبار أن صدور الحكم المطعون فيه عن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا لا يتعارض مع المبدأ المقرر بضرورة الالتزام بقاعدة توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية والمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا؛ لأن ذلك بلا شك يحقق للطاعن ضمانة أقوى ودون أن يضار بها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده يشغل وظيفة كبير أخصائيين بالقرار رقم 408 لسنة 2003 اعتبارًا من 1/ 8/ 2003 مع استمراره في ممارسة ذات الأعمال التي كان يمارسها وفق القرارات واللوائح والقواعد المنظمة لها قبل رفع درجته، فإنه يتعين مجازاته بإحدى العقوبات المقررة للدرجات الأدنى من الوظائف العليا، والذي تقدره المحكمة بمجازاته بخصم أجر شهر واحد من راتبه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده باللوم والقضاء مجددًا بمجازاته بخصم أجر شهر من راتبه.
ساحة النقاش