إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1967 إلى آخر سبتمبر سنة 1967) - صـ 758
(81)
جلسة 18 من مارس سنة 1967
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.
القضية رقم 1242 لسنة 8 القضائية
( أ ) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" دعوى إلغاء - ميعاد.
طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها - تقيده بالمواعيد المقررة لإقامة دعوى الإلغاء.
(ب) موظف. "انتهاء الخدمة. استقالة" الإفصاح عن الدافع على تقديم الاستقالة - ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.
(جـ) موظف. "مدة خدمة سابقة" قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 - وجوب أن يتقدم الموظف لطلب الضم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار - قرار رئيس الجمهورية 942 لسنة 1962 بفتح ميعاد جديد لطلب حساب مدد الخدمة السابقة - إقامة المدعي دعواه قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ العمل بالقرار المذكور - تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.
1 - إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم تكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء.
2 - إن مجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط.
3 - نص قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها من تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 259 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في 29 من أكتوبر سنة 1960 أقام السيد/ عبد الله محمد عبد الله المصري الدعوى رقم 21 لسنة 8 القضائية ضد وزير الشئون البلدية والقروية ومدير عام بلدية القاهرة طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه في 11 من أغسطس سنة 1956 كأن لم تكن وباعتبار مدة الخدمة متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف والأتعاب وقال شرحاً لدعواه أنه موظف بإدارة المرور بالقاهرة وبسبب إجراء الانتخاب في سنة 1956 وصدور الأوامر بعدم جواز قبول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة بالنسبة إلى موظفي الحكومة - تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 باستقالته لكي يتمكن من إدراج اسمه ضمن قائمة المرشحين لمجلس الأمة وتقبل أوراقه ويعتمد ترشيحه - ولكن بسبب العدوان لم تتم الانتخابات وصدرت الأوامر بإعادة الأحوال إلى ما كانت عليه - فكتب إلى بلدية القاهرة طالباً سحب استقالته واعتبارها كأن لم تكن وكانت البلدية قد استصدرت القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفيها اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 - والتمس هو إعادته إلى الخدمة بطلب مؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 فصدر قرار البلدية رقم 99 لسنة 1957 بإعادته إلى العمل اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 - وكان قبول إعادته يستتبع حتماً ضم مدة الخدمة السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها - ولذلك تظلم من عدم اعتبار مدة خدمته متصلة ولكنه أعلن في 30 من أغسطس سنة 1960 بعدم قبول التماسه.
وبصحيفة أعلنت في 19 من يناير سنة 1961 وجه المدعي دعواه إلى رئيس مجلس بلدية القاهرة.
وأجابت محافظة القاهرة على الدعوى قائلة أن المدعي تقدم في 11 من أغسطس سنة 1956 بطلب استقالة من الخدمة لكي يرشح نفسه لعضوية مجلس الأمة وانقطع عن العمل منذ ذلك التاريخ وصدر قرار مدير عام بلدية القاهرة رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 بالموافقة على استقالته ورفع اسمه من عداد موظفي البلدية اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 ولم تتخذ أية إجراءات في شأن الانتخابات بسبب العدوان الثلاثي - فتقدم في 25 من أكتوبر سنة 1956 بطلب لإعادته إلى الخدمة بوضعه السابق ووافقت البلدية على ذلك وصدر قرار المدير العام رقم 99 في 30 من يناير سنة 1957 بإعادته إلى الخدمة في ذات درجته وبماهيته السابقة طبقاً للمادة 18 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ثم تقدم بعد ذلك بعدة طلبات لاعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة وذلك في 16 من مايو و25 من يوليو سنة 1957 و27 من مايو سنة 1959 و11 من يناير سنة 1960 و12 من مارس سنة 1960 وذكرت البلدية أن التكييف القانوني لدعوى المدعي هو أنها دعوى إلغاء قرار مدير عام البلدية رقم 99 لسنة 57 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً والامتناع عن اعتبار استقالته كأن لم تكن - وقد استلم العمل في 4 من فبراير سنة 1957 ولم يتظلم من القرار سالف الذكر إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد مضي أكثر من تسعين يوماً على تاريخ علمه علماً يقينياً وذلك فضلاً أنه أبلغ عن طريق إدارة المرور بالكتاب المؤرخ في 5 من يونيو سنة 1957 بعدم إمكان إجابته إلى ملتمسه فلم يطعن في هذا القرار السلبي في المواعيد القانونية فتكون دعواه غير مقبولة من الناحية الشكلية أما من الناحية الموضوعية فلا أساس لما يحتج به من أن قرار قبول استقالته ورفع اسمه كان في 18 من نوفمبر سنة 1956 أي في تاريخ تال لتقديمه طلب إعادته إلى الخدمة المؤرخ في 25 من أكتوبر سنة 1956 إذ صدر قرار قبول استقالته رقم 555 لسنة 1956 في أول سبتمبر سنة 1956 ولئن كان قد ورد خطأ في قرار إعادته إلى الخدمة أن استقالته قبلت اعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1956 إلا أن الصحيح أنها اعتبرت مقبولة من 11 من أغسطس سنة 1956 وانتهت المحافظة إلى طلب الحكم:
أولاً: وأصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
وثانياً: واحتياطياً برفض الدعوى موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى أنه يصمم على طلباته الأصلية وهي اعتبار استقالته كأن لم تكن وضم مدة الخدمة السابقة على تقديمها للمدة اللاحقة على الرجوع عنها مع كافة ما يترتب على ذلك مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات وقال إن دعواه هي مطالبة بتسوية حالته واعتبار مدة اشتغاله متصلة من تاريخ تعيينه الحاصل في يوليو سنة 1942 وأضاف إلى ما تضمنته صحيفة الدعوى أنه من المسلم أن جميع من تركوا أعمالهم بسبب تقدمهم للترشيح قد أعيدوا إلى حالتهم وأوضاعهم الأصلية بعد تقرير عدم إجراء الانتخابات وأنه لا يصح القول بأن ذلك كان مقصوراً على موظفين بالذات أو على نوع معين من الموظفين - وقد أغفلت البلدية إخطاره بأن ترشيحه لم يكن يستلزم الاستقالة ولم تخطره بقبول الاستقالة فتعتبر كأن لم تكن لرجوعه عنها قبل قبولها.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قد أقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن ما يطلبه المدعي هو اعتبار استقالته كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة فهو لم يطعن بالإلغاء في قرار صادر بقبول استقالته - كما أقامت قضاءها باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن على أنه قد قدم استقالته مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة التي أوقفت لقيام حالة قهرية هي العدوان الثلاثي وعلى أنه ولئن كانت هذه الاستقالة قد قدمت في 11 من أغسطس سنة 1956 وقبلت في أول سبتمبر سنة 1956 أي خلال مدة الشهر التي حددها قانون نظام موظفي الدولة للبت في الاستقالة إلا أن المادة 110 من ذلك القانون لا تنطبق في حالة الاستقالة للترشيح لانتخابات مجلس الأمة إلا إذا قامت حالة الترشيح - وصف المرشح - في الموظف المستقيل لأنه يبين من المادة 292 من دستور سنة 1956 والمادة 4 من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن هذا الترشيح لا يتم دستورياً إلا بموافقة الاتحاد القومي على الترشيح - فإذا قام مانع من الترشيح كقوة قاهرة خارجة عن إرادة الموظف المستقيل لهذا الغرض أدت إلى توقف الانتخابات فإنه يتعين عدم ترتيب أثر الاستقالة المقدمة منه ولو لم يقدم طلباً لإعادته إلى الخدمة فتكون الدعوى على أساس سليم لوجوب اعتبار خدمته متصلة وعدم توليد نتائج قانونية لهذه الاستقالة التي لم تتحقق حكمتها بقيام الترشيح.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين:
الأول: أن دعوى المدعي بحسب تكييفها السليم هي دعوى إلغاء القرار 555 لسنة 1956 الصادر بقبول استقالته أو إلغاء القرار رقم 99 لسنة 1957 الصادر في 30 من يناير سنة 1957 فيما تضمنه من اعتباره معيناً تعييناً جديداً وامتناع المحافظة عن تضمين ذلك القرار ما يفيد إلغاء قرارها الأول بقبول الاستقالة ولم يتظلم المدعي إلا في 16 من مايو سنة 1957 أي بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ علمه بالقرار المطعون عليه بل ومن تاريخ تسلمه العمل فعلاً بناء على قرار إعادة تعيينه وأبلغ برفض تظلمه في 5 من يونيو سنة 1957 ولم يرفع دعواه إلا في 29 من أكتوبر سنة 1960 فتكون قد رفعت بعد الميعاد ولا عبرة بتكرار تظلماته.
والثاني: أن المستفاد من المادتين 4، 23 القانون رقم 246 لسنة 1956 الخاص بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة أن المشرع قد غاير في المعاملة بين رجال القضاء والنيابة والضباط وصف الضباط وبين غيرهم من موظفي الدولة فبينما حرم على الفريق الأول الترشيح لمجلس الأمة إلا بعد تقديم الاستقالة أباح لبقية الموظفين الاحتفاظ بالوظيفة حتى نجاحهم في الانتخابات بحيث لا يعتبر الموظف مختلياً نهائياً عن وظيفته إلا بالفصل في صحة عضويته للمجلس - فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الإسناد حين طبق المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 على المدعي حالة كونه ليس من بين عددتهم تلك المادة - ونظراً إلى أنه لم يكن في حاجة إلى تقديم الاستقالة لترشيح نفسه لمجلس الأمة وقد حصل قبل ذلك على الإجازات التي طلبها القيام بالدعاية الانتخابية اللازمة فإن تقديم استقالته بعد ذلك يكون منتجاً لكافة آثاره القانونية وقد قبلت هذه الاستقالة خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمها فيكون القرار الصادر بقبوله قد صدر صحيحاً وحصيناً من الإلغاء.
ومن حيث إنه بجلسة 18 من فبراير سنة 1967 طلب الحاضر مع المدعي تأييد الحكم المطعون فيه ومن باب الاحتياط ضم المدة السابقة على تاريخ الاستقالة كما أورد بعد ذلك مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم بصفة أصلية برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبصفة احتياطية باستحقاق المدعي لأن تسحب في مدة خدمته المدة التي قضاها في الخدمة قبل استقالته وهي المدة من 2 يوليو سنة 1942 إلى 3 من فبراير سنة 1957 مع جميع الآثار المترتبة عليها سواء في الأقدمية وتحديد الماهية أو في المعاش وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وذكر أن استقالته لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة تعتبر مشروطة الأمر الذي يؤدي إلى القطع بأن عدم قبول الترشيح أو عدم إجراء الانتخابات يجب أن يحول دون قبول الاستقالة لعدم تحقق الحكمة من تقديمها - بحيث إذا قبلت كان القرار الصادر بقبولها باطلاً بطلاناً يرقى إلى حد العدم فلا يتقيد الطعن عليه بميعاد الطعن بالإلغاء كما أن النزاع بين الموظف وبين الجهة الإدارية حول حقه في العودة إلى الوظيفة يعتبر من قبيل منازعات التسوية - وأضاف أن الطلب الاحتياطي الذي أبداه في جلسة المرافعة ليس طلباً جديداً بل هو بعض ما رفعت به الدعوى أصلاً إلى المحكمة الإدارية وأنه محق في طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة لتوافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 فطبيعة العمل والدرجة المالية قبل الاستقالة هي بعينها الدرجة المالية بعد إعادته إلى الخدمة كما أن مدة الخدمة حكومية تضم كلها وقد طلب حسابها فور عودته إلى الوظيفة حين التمس اعتبار الاستقالة كأن لم تكن واعتبار مدة خدمته متصلة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي قد حصل على شهادة إتمام الدارسة الابتدائية في عام 1935 والتحق بالخدمة في 13 من يوليو سنة 1942 موظفاً بالدرجة التاسعة ورقى إلى الدرجة الثامنة الكادر الكتابي اعتباراً من 6 من ديسمبر سنة 1955 بمقتضى القرار رقم 35 الصادر من المدير العام لبلدية القاهرة في 9 من يناير سنة 1956 ثم في 5 من أغسطس سنة 1956 تقدم إلى قائد إدارة المرور بالقاهرة بطلب ذكر فيه أنه نظراً إلى أنه سيقوم بترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة عن دائرة بندر جرجا فإنه يرجو قبول استقالته من الخدمة ورفعها إلى الجهة المختصة للموافقة عليها ووافق المدير العام لبلديه القاهرة على قبول هذه الاستقالة في 11 من أغسطس سنة 1956 وانقطع المدعي عن العمل منذ ذلك التاريخ وفي 9 من سبتمبر سنة 1956 صدر القرار رقم 555 لسنة 1956 برفع اسمه من عداد موظفي إدارة المرور اعتباراً من 11 من أغسطس سنة 1956 وفي 25 من أكتوبر سنة 1956 تقدم المدعي بطلب ذكر فيه أنه سبق أن تقدم بطلب استقالة من الخدمة تمهيداً لترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة وأنه نظراً إلى أنه لم تظهر حتى ذلك التاريخ إجراءات الترشيح والانتخاب ولا يعلم متى ستتم فإنه يرجو الموافقة على إعادته إلى الخدمة بوضعه السابق. وفي 30 من يناير سنة 1957 أصدر المدير العام لبلدية القاهرة القرار رقم 99 لسنة 1957 بإعادة المدعي إلى عمله بنفس درجته السابقة ومرتبه وذلك اعتباراً من تاريخ مباشرته العمل - واستلم المدعي العمل في 4 من فبراير سنة 1957 - وفي 14 من مايو سنة 1957 تقدم بتظلم إلى قائد إدارة المرور اعترض فيه على قرار إعادته إلى العمل بوضعه الأول وذكر أن القرار رقم 555 لسنة 1956 الصادر برفع اسمه من عداد موظفي البلدية باطل ولا يترتب عليه أي أثر وطلب مخابرة البلدية لتصحيح هذا الوضع - وأجابت إدارة المستخدمين على هذا التظلم بكتابها المرسل إلى إدارة المرور في 4 من يونيو سنة 1957 بأنه لا يجوز اعتبار طلب الاستقالة كأن لم يكن - وفي 25 من يوليو سنة 1957 تقدم المدعي بتظلم آخر عقب فيه على عدم موافقة البلدية على طلبه الأول الخاص باعتبار تقديم استقالته كأن لم يكن. وطلب معاملته على هذا الأساس وذلك بصرف مرتبه من تاريخ طلب إعادته إلى الخدمة ومنحه العلاوة الدورية المستحقة له - ثم في 27 من مايو سنة 1959 تقدم المدعي بطلب التمس فيه اعتبار رجوعه إلى الخدمة استمراراً لوضعه السابق مع ما يترتب على ذلك من حقوق وفروق ثم في 11 من مارس سنة 1960 تقدم بطلب آخر ذكر فيه أنه فوجئ بأن البلدية اعتبرت إعادته تعييناً جديداً وأسقطت المدة السابقة وهي أربعة عشر عاماً من خدمته وأن في ذلك مخالفة للقرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة للموظفين - ثم أقام هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية في 29 من أكتوبر سنة 1960 طالباً الحكم باعتبار الاستقالة المقدمة منه كأن لم تكن وباعتبار مدة خدمته متصلة مع ما يترتب على ذلك من آثار مستنداً إلى أن قبول البلدية إعادته إلى الخدمة يستتبع حتماً ضم مدة خدمته السابقة واعتبار فترة الانقطاع لا وجود لها.
ومن حيث إنه لا شك في أن المدعي بتحديده طلباته على هذا الوجه قد استهدف أمرين:
الأول: اعتبار استقالته كأن لم تكن.
والثاني: ضم مدة خدمته السابقة على قبول الاستقالة.
ومن حيث إن طلب اعتبار الاستقالة كأن لم يكن لا يعدو في حقيقته أن يكون طلب إلغاء للقرار الصادر بقبولها يتقيد بالمواعيد المقررة لإقامة دعاوى الإلغاء - وقد صدر هذا القرار في 11 من أغسطس سنة 1956 - ورغم أن المدعي قد انقطع عن عمله منذ ذلك التاريخ ثم أعيد بعد ذلك بناء على طلبه اعتباراً من 4 من فبراير سنة 1957 تاريخ استلامه العمل على أساس أن استقالته المقبولة قد أنتجت أثرها من حيث إنهاء خدمته بمجلس بلدي مدينة القاهرة - ورغم علمه اليقيني بذلك وتقدمه بعدة تظلمات في هذا الشأن كان أولها في 14 من مايو سنة 1957 فإنه لم يقم دعواه إلا بعد ذلك بمدة طويلة في 29 من أكتوبر سنة 1960 ولذلك تكون هذه الدعوى في شكلها الخاص باعتبار الاستقالة كأن لم تكن غير مقبولة شكلاً لإقامتها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أن الدعوى ليست طعناً في القرار الصادر بقبول الاستقالة تأسيساً على أن المدعي قدم استقالة مستهدفاً الترشيح لانتخابات مجلس الأمة وأن الاستقالة لهذا السبب لا ترتب أثرها إلا إذا قام وصف المرشح بالموظف المستقيل - واستند في ذلك إلى المادة الرابعة من القانون رقم 246 لسنة 1956 بإصدار قانون عضوية مجلس الأمة التي تقضي بأنه (لا يجوز ترشيح رجال القضاء والنيابة وضباط البوليس قبل تقديم استقالاتهم من وظائفهم وتعتبر الاستقالة مقبولة من تاريخ تقديمها - كما لا يجوز ترشيح ضباط وصف ضباط القوات المسلحة قبل قبول استقالاتهم).
ومن حيث إن المدعي ليس من الموظفين المنصوص عليهم في المادة المذكورة فلم يكن ترشيحه لعضوية مجلس الأمة يتطلب تقدمه باستقالته أو قبول هذه الاستقالة وإنما كان يخضع لحكم المادة 23 من القانون رقم 246 لسنة 1956 المشار إليها تضمنت النص على أن الموظف الذي يصبح عضواً في مجلس الأمة عليه أن يتخلى مؤقتاً عن أعمال وظيفته ويعتبر متخلياً عنها نهائياً بمجرد الفصل في صحة عضويته بالمجلس - ومجرد إفصاح المدعي في استقالته عن الدافع له على تقديمها وهو رغبته في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة ليس من شأنه اعتبارها مقترنة بأي قيد أو شرط وإذ قبلها المدير العام لبلدية القاهرة بقراره الصادر في 11 من أغسطس سنة 1956 فإن طلب اعتبارها بعد ذلك كأن لم تكن هو بمثابة طلب إلغاء للقرار المذكور حسبما سبق البيان - وليس فيما استند إليه الحكم المطعون فيه ما يصلح أساساً لتكييف الطلب المذكور على غير هذا الوجه.
ومن حيث إن الدعوى قد انطوت على طلب آخر هو ضم مدة الخدمة السابقة وقد تضمنت المذكرة التي قدمها المدعي بدفاعه في هذا الطعن بياناً لهذا الطلب بقوله أن من حقه طلب حساب مدة خدمته السابقة على الاستقالة استناداً إلى ادعائه توافر جميع الشروط التي نص عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإلى أن طبيعة العمل لم تتغير وإلى أنه أعيد إلى العمل في ذات الدرجة وطلب ضم تلك المدة عقب إعادته إلى وظيفته.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الطلبات التي تقدم بها المدعي عقب إعادته إلى الخدمة يبين أن أول طلب تضمن المطالبة بضم مدة خدمته السابقة هو طلبه المؤرخ في 27 من مايو سنة 1959، ثم ورد ذلك في طلبه المؤرخ في 11 من مارس سنة 1960 ثم في صحيفة دعواه.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة قد صدر في 20 من فبراير سنة 1958 ونشر في 3 من مارس سنة 1958 وتضمن النص في المادة الثانية منه على أن (مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أو منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر) كما نص في المادة الثالثة منه على أن (يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وألا سقط حقه في حساب هذه المدة..) - وأنه ولئن كان طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة قد قدم بعد الميعاد المحدد في هذه المادة إلا أنه في 5 من مارس سنة 1962 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 متضمناً النص في مادته الأولى على أنه (يجوز لمن لم يطلب الانتفاع بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 المشار إليه في الموعد المحدد أن يطلب حساب مدد العمل السابقة بالتطبيق لتلك الأحكام ووفقاً للشروط والأوضاع الواردة به وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد) وبذلك فتح هذا القرار ميعاداً جديداً لطلب حساب مدد الخدمة السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به - ولما كان المدعي قد أقام دعواه فعلاً قبل 5 من مارس سنة 1962 تاريخ صدور ونشر القرار المذكور - فإن هذه الدعوى فيما تضمنته من طلب ضم مدة خدمته السابقة على قبول استقالته تغنى عن تقديم طلب جديد بضم هذه المدة وتقوم مقامة ومن ثم يستفيد المدعي من الميعاد الجديد الذي فتحه القرار سالف الذكر وذلك مع مراعاة ما تقضي به المادة الثالثة من أنه لا يترتب على تطبيقه صرف فروق مالية عن الفترة السابقة لتاريخ العمل به.
ومن حيث إن مدة الخدمة السابقة التي يحق للمدعي طلب حسابها وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 هي التي قضاها قبل استقالته في درجة معادلة للدرجة التي أعيد تعيينه فيها وهي الدرجة الثامنة بالكادر الكتابي أي المدة من 6 من ديسمبر سنة 1955 تاريخ حصوله على الدرجة المذكورة إلى 10 من أغسطس سنة 1956 التاريخ السابق على قبول استقالته وذلك مع مراعاة حكم المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدمية الدرجة الثامنة وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه السابق بيانه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وذلك مع إلزام محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء قبول الاستقالة وبحساب مدة خدمة المدعي السابقة من 6 من ديسمبر سنة 1955 حتى 10 من أغسطس سنة 1956 في أقدميته في الدرجة الثامنة بالتطبيق لقراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت محافظة القاهرة بالمصروفات المناسبة.
ساحة النقاش