انقطاع العامل عن العمل زمناً طويلاً غير كافٍ وحده للقطع بأنه لا يرغب فى وظيفته ولا يكشف عن نيته فى هجرها بما يصبح معه التمسك بإنذار العامل المنقطع عن وظيفة أمرًا ضروريًا وإجراءً جوهريًا يمثل ضمانة للعامل حتى يكون على بينه بما تنوى جهة الإدارة اتخاذه حياله من إجراء وأن إغفاله يعد إهدارًا لهذه الضمانة
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والخمسون - من أول أكتوبر سنة 2006 إلى آخر سبتمبر سنة 2007 - صــ237
(35)
جلسة 13 من يناير سنة 2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد أحمد عطية إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، وبلال أحمد محمد نصار، وفوزى على حسين شلبي، ود. حسين عبد الله قايد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الوهاب السيد عبد الوهاب مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3439 لسنة 46 قضائية. عليا:
موظف - إنهاء خدمة للانقطاع - الإنذار كإجراء جوهري
المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978.
انقطاع العامل عن العمل زمناً طويلاً غير كافٍ وحده للقطع بأنه لا يرغب فى وظيفته ولا يكشف عن نيته فى هجرها بما يصبح معه التمسك بإنذار العامل المنقطع عن وظيفة أمرًا ضروريًا وإجراءً جوهريًا يمثل ضمانة للعامل حتى يكون على بينه بما تنوى جهة الإدارة اتخاذه حياله من إجراء وأن إغفاله يعد إهدارًا لهذه الضمانة ومخالفًا لصريح نص المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 - تطبيق.
الإجراءات
فى يوم الخميس الموافق 24/ 2/ 2000 أودعت المستشارة/ ...... المستشار بهيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 29/ 12/ 1999 فى الدعوى رقم 710 لسنة 7 ق القاضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا:
أصليًا: عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
واحتياطيًا: برفض الدعوى, مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى فى أى من الحالتين
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 28/ 2/ 2005 وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحضر الجلسة؛ حيث قررت بجلسة 26/ 12/ 2005 إحالة الطعن الى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 4/ 3/ 2006 وفيها نظر أمام هذه المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها, وبجلسة 18/ 11/ 2006 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 15/ 2/ 1993 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 350 لسنه 20 ق أمام المحكمة الإدارية بأسيوط بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مديرية الزراعة بأسيوط باعتباره مستقيلاً لانقطاعه عن العمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر - شرحًا للدعوى - أنه يعمل بوظيفة فنى زراعى رابع بالإدارة الزراعية بديروط التابعة لمديرية الزراعة بأسيوط وقد حصل على إجازة بدوم مرتب للعمل بدولة الكويت، واستمر فى العمل بها حتى قيام حرب الخليج وإثر عودته لأرض الوطن وما نُشر عن دعوة العائدين من دولة الكويت للتقدم الى مديريات التنظيم والإدارة بالمحافظات لإستلام عملهم فقد تقدم الى مديرية التنظيم والإدارة بأسيوط بطلب لتسليمه العمل التى احالته الى مديرية الزراعة بأسيوط التى قامت بتسليمه الكتاب رقم 288 بتاريخ 9/ 1/ 1991 للتوجه به للإدارة الزراعية بديروط لتعيينه بصفة مؤقته لحين بحث حالته ولم يعلم بأن جهة الإدارة قد أصدرت قرارًا باعتباره مستقيلاً لانقطاعه عن العمل رغم عدم انذاره قبل إصدار هذا القرار بالمخالفة لحكم المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
وبجلسة 25/ 12/ 1995 حكمت المحكمة الإدارية بأسيوط بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها الى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.
وبجلسة 29/ 12/ 1991 حكمت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر دون إنذار للمدعى بإنهاء خدمته إعمالاً لأحكام المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فقد أقام عليه طعنه الماثل على سند مما نعاه على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك للأسباب الآتية:
أولا: أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله حين قضى بقبول الدعوى شكلاً رغم إقامتها بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وذلك لصدور القرار المطعون فيه بتاريخ 16/ 11/ 1986 وإقامة الدعوى بشأنه بتاريخ 15/ 2/ 1993 وبعد مرور ما يقارب سبع سنوات.
ثانيًا: أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حين قضى بالغاء القرار المطعون فيه وذلك لصدور هذا القرار متفقًا مع صحيح حكم القانون، وذلك لأن المطعون ضده حصل على إجازة مرضية لمدة سبعة وأربعون يومًا من 17/ 7/ 1986 حتى 1/ 9/ 1986، ولم يعد عقب انتهاء إجازته فقامت جهة الإدارة بتوجيه إنذارين إليه إلا أنه لم يعد الى العمل فأصدرت جهة الإدارة القرار المطعون فيه بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل, ولا ينال من ذلك ما ورد بالحكم المطعون فيه من عدم قيام جهة الإدارة بإنذار المطعون ضده قبل إنهاء خدمته فذلك مردود عليه بما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من أن الانقطاع عن العمل زمنًا طويلاً كافٍ وحده للقطع بأن العامل لا يرغب فى وظيفته ويكشف عن نيته فى هجرها خاصة وأنه لم يحاول الإتصال بجهة عمله خلال مدة انقطاعه الطويلة بما يصبح معه التمسك بالإنذار نوعًا من الإغراق فى الشكليات ولا مبرر له ولا جدوى منه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن، فقد نصت المادة (24) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على أن "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يومًا من تاريخ تقديمه, وإذ صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببًا ويعتبر مضى ستين يومًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يومًا من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة".
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 1467 لسنة 1986 بإنهاء خدمة المطعون ضده صدر بتاريخ 5/ 11/ 1986 وقد خلت الأوراق تمامًا كما لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد علم المطعون ضده بهذا القرار فى تاريخ سابق على تاريخ تظلمه منه فى 11/ 2/ 1993 وإذ أقام دعواه بالطعن على هذا القرار بتاريخ 15/ 3/ 1993 فإن الدعوى تكون قد أقيمت خلال الميعاد المقرر فى المادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ولا يغير من ذلك القول بأن استطالة الأمد بين تاريخ صدور القرار وتاريخ رفع الدعوى يتحقق به العلم بالقرار ذلك لأن استطالة الأمد وحده لا يكفى للقول بتوافر العلم اليقينى بالقرار وفق ما انتهى إليه حكم دائرة توحيد المبادىء الصادر بجلسة 8/ 5/ 2003 فى الطعن رقم 11225 لسنة 46 قضائية عليا.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد أخذ بذات النظر المتقدم، وانتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد قام على سند صحيح من الواقع والقانون، ومن ثم يكون الطعن عليه فى هذا الشق غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون جديرًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من أوجه الطعن فقد نصت المادة (98) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أن "يعتبر العامل مقدمًا استقالته فى الحالات الآتية:
1) إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يومًا متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يومًا التالية ما يثبت أن انقطاعه عن عمله كان بعذر مقبول ....... فإذا لم يقدم العامل أسبابًا تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2) إذ انقطع عن العمل بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يومًا غير متصلة.
وفى الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام فى الحالة الأولى وعشرة أيام فى الحالة الثانية.
3) إذا التحق بخدمة أية جهة أجنبية بغير ترخيص.
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً فى جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالى لانقطاعه عن العمل أو لإلتحاقة بالخدمة فى جهة أجنبية ...".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يشترط لإعمال حكم المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 سالفة الذكر واعتبار العامل مستقيلاً حكما بسبب الانقطاع الذى اعتبره قرينة على العزوف عن الوظيفة العامة إنذار العامل كتابة بعد خمسة أيام فى حالة الانقطاع المتصل وعشرة أيام فى حالة الانقطاع غير المتصل وذلك حتى تتبين الإدارة مدى إصراره على ترك الوظيفة وحتى يكون العامل على بينة بالإجراء الذى تنوى الإدارة اتخاذه فى مواجهته أما بإنهاء الخدمة أو بالمساءلة التأديبية, الأمر الذى يقتضى حتمًا أن يكون الإنذار المكتوب صريحًا فى الدلالة على اختيار الإدارة أيًا من الإجراءين، وأن يصل إلى العامل إما لشخصه مباشرة وتوقيعه بما يفيد استلامه أو بإرساله على العنوان الثابت بملف خدمة العامل أو بأوراق الإدارة بطرق الإيصال المعروفة فى إرسال الخطابات.
ومن حيث إن إنذار العامل كتابة هو إجراء جوهرى يمثل ضمانة للعامل وإن إغفاله يعد إهدارًا لهذه الضمانة ويكون قرار إنهاء الخدمة الصادر دون مراعاة هذا الإجراء مخالفًا للقانون.
ومن حيث إنه تأسيسًا على ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده انقطع عن عمله اعتبارًا من 1/ 9/ 1986عقب الإجازة المرضية التى حصل عليها، وقد أصدرت جهة الإدارة القرار رقم 1467 لسنة 1986 بتاريخ 5/ 11/ 1986 بإنهاء خدمته اعتبارا من 1/ 9/ 1986 تاريخ انقطاعه عن العمل دون أن يسبقه انذار كتابى موجه إليه؛ حيث لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد إنذار المطعون ضده قبل إنهاء خدمته، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر دون مراعاة الإجراء الجوهرى وهو الإنذار على النحو الذى تطلبه القانون، ومن ثمَّ يغدو هذا القرار مخالفًا للقانون جديرًا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث انه لا ينال مما تقدم ما قررته الجهة الإدارية الطاعنة من أن انقطاع المطعون ضده عن العمل زمنًا طويلاً كافٍ وحده للقطع بأنه لا يرغب فى وظيفته، ويكشف عن نيته فى هجرها بما يصبح معه التمسك بالإنذار نوعًا من الإغراق فى الشكليات ولا مبرر له ولا جدوى منه, ذلك أن انذار العامل هو إجراء جوهرى يمثل ضمانة للعامل حتى يكون على بينة بما تنوى جهة الإدارة اتخاذه حياله من إجراء وإن إغفاله يعد إهدارًا لهذه الضمانة ومخالفًا لصريح نص المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 سالفة الذكر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بذات النظر المتقدم وانتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح أحكام القانون، ومن ثم يكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من أحكام القانون جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ساحة النقاش