موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

طلب إلغاء المرسوم الصادر بقبولها. تأسيس هذا الطلب على أن الاستقالة تمت تحت تأثير الإكراه. ثبوت أن الطاعن أسس طلبه الاستقالة على أسباب صحية. الثابت من ملف الطاعن يؤيد صحة قيام هذه الأسباب. الطعن على غير أساس.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 5 - صـ 385

جلسة 23 من يناير سنة 1954
(11)
الطلب رقم 21 سنة 22 القضائية

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وإسماعيل مجدي، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، وأنيس غالي، ومصطفى كامل - المستشارين.
استقالة. طلب إلغاء المرسوم الصادر بقبولها. تأسيس هذا الطلب على أن الاستقالة تمت تحت تأثير الإكراه. ثبوت أن الطاعن أسس طلبه الاستقالة على أسباب صحية. الثابت من ملف الطاعن يؤيد صحة قيام هذه الأسباب. الطعن على غير أساس.
لما كان الطاعن قد أسس طعنه في المرسوم الصادر بقبول استقالته على أن هذه الاستقالة لم تصدر منه عن إرادة صحيحة وإنما تمت تحت إكراه من لجنة تنظيم القضاء المشكلة طبقاً للمرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 إذ توعدته إن هو لم يقدم استقالته فإنها ستقضي في أمره بالعزل من وظيفته، وكان يبين من ملفه أنه بنى طلبه الاستقالة على ظروفه الصحية التي لا تساعده على الاستمرار في مزاولة وظيفة القضاء، ولما كان قد ثبت من ملف الطاعن ما يؤيد صحة قيام السبب الذي بني عليه الاستقالة، وكانت المادة 127 من القانون المدني تقضي بأن يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه، وكان الطاعن هو القاضي الذي ولي القضاء بين الناس زمناً طويلاً يفرق فيه بين الحق والباطل فإن مثله لا تأخذه رهبة من قول يلقى إليه خصوصاً وأنه يبين من تصويره للوقائع أنه فسح له في الوقت ليتفكر ويتدبر ويجري القرآن والميزان ومن ثم تكون إرادته صحيحة إذ رجع تقديم استقالته مقرونة بشرائط لأسباب صحية بعد إذ ثبت من ملفه قيام دواعيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطاعن يطلب إلغاء المرسوم الصادر في 13/ 10/ 1952 بقبول استقالته والقرار الوزاري الصادر في 16/ 10/ 1952 برفع اسمه من سجل رجال القضاء فيما تضمناه من حرمانه من وظيفته ناعياً عليهما مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتعسف في استعمال السلطة لأنه وإن كان قدم استقالته إلى السيد وزير العدل لإعفائه من وظيفته إلا أنه لا يمكن الاحتجاج عليه بذلك لما لابس هذه الاستقالة من ظروف وما سبقها من تصرفات تتسم بسمة الإقالة ذلك لأنه في 4/ 10/ 1952 استدعاه وزير العدل وطلب منه تقديم الاستقالة وقد رفض الطالب تنفيذ هذا العرض ثم في 9/ 10/ 1952 استدعته لجنة تنظيم القضاء المشكلة طبقاً لأحكام الباب الثالث من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 بشأن قانون استقلال القضاء واستجوبته تفصيلاً عن سبب عدم إجابة ما عرضه عليه وزير العدل من تقديم استقالته ثم عن أمور رأت استيضاحه فيها وقد فند الطالب هذه الأمور وأوضح للجنة أن هذه الأمور كانت منذ عشر سنوات محل نظر اللجنة التي شكلت في وزارة العدل قبل إصدار قانون استقلال القضاء في سنة 1943 وكان السيد رئيس لجنة تنظيم القضاء عضواً باللجنة السابقة وقد ظل الطالب يقوم بأعباء وظيفته دون أن يؤخذ عليه ما يشين سمعته أو نزاهته أو يمس عمله حتى رقي من قاض من الدرجة الثانية إلى رئيس محكمة فئة "ب" إلا أن اللجنة أصرت على موقفها من إرغام الطالب على الاستقالة وإلا فصلته. وقد رأى إزاء هذا التعنت أن أمره ليس اختياراً بل إنه مكره على أمرين كل منهما أشق على نفسه من الآخر وهما الاستقالة أو الفصل، وحاول عبثاً أن تعدل اللجنة عن هذا الأمر إلا أن اللجنة أصرت وأبت إلا الخضوع لأمرها فأخذ الطالب يدبر ويفكر فاختار أخف الأمرين وهو الاستقالة. ويبين مما تقدم أن عنصر الرضا والاختيار كان منعدماً عند تقديم الطالب لاستقالته فلم تصدر منه عن إرادة صحيحة بل عن إرادة مكرهة مرغمة فقد دفع إليها دفعاً عن رهبة حقيقية وإكراه أدبي بتعريض سمعته بفصله من وظيفته إذا ما رفض تقديم استقالته وليس من المنطق السليم أن قاضياً كرس حياته لخدمة القضاء أن يستقيل طواعية واختياراً في وقت تناثرت فيه الإشاعات عن المستبعدين من الحكومة وتناولتهم الألسنة بالريب والشكوك لكثرة ما قيل عن الرغبة في تطهير الأداة الحكومية وأضاف الطاعن في مذكرته الشارحة بأنه دفعاً لكل اعتراض يمكن إبداؤه بشأن الأحكام الوقتية التي تضمنها الفصل الثالث من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 من إنشاء لجنة وقتية وتخويلها حق العزل بغير الطريق التأديبي وكذلك المادة 89 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 206 سنة 1952 بشأن الطعن بعدم جواز الطعن بإلغاء المراسيم الصادرة تطبيقاً للمادة 88 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 فالطالب يدفع ببطلان هذين القانونين.
وقد ردت وزارة العدل بأنه إذا أخذ الطاعن بأقواله التي ساقها بتقرير الطعن يبين أنه قابل الوزير يوم 4 أكتوبر ثم ذهب إلى لجنة التنظيم يوم 9 أكتوبر في حين أنه قدم استقالته يوم 11 أكتوبر فلو أن الوزير عرض عليه استقالته لكان لديه الوقت الكافي لكي يفكر في هذا الطلب على أنه يقرر في تقريره أنه قدم الاستقالة بعد أن دبر وفكر واختار وليس في أوراق الدعوى ما يدل على أن لجنة التنظيم قد لوحت للطاعن بالفصل وأفصحت عن إصرارها عليه إذا لم يقدم استقالته فضلاً عن ذلك فإن هذه الوقائع على فرض صحتها لا يتحقق بها الإكراه المبطل للرضا فشرط الإكراه المبطل للرضا أن يكون بوسائل غير مشروعة فهذا الشرط غير متوفر بالنسبة لما يرويه الطاعن من أن اللجنة هددته بالفصل ذلك أن اللجنة منوط بها النظر في أمر القضاة فيما يتصل بهم وبأعمالهم وعزل من يتضح لها أنه فقد أسباب صلاحيته لوظيفته فالفصل من حق اللجنة وسلطتها ولا وجه للتهديد به والواقع أن استقالة الطالب ترجع لأسباب صحية إذ ثابت في ملفه السري أنه قد لازمته حالة مرضية تؤدي إلى نومه في أثناء انعقاد الجلسة نوماً مصحوباً بتنفس عميق وقد أقر الطاعن بذلك إذ استشهد تقرير مدير التفتيش الأسبق بأن تلك الحالة المرضية قد زالت الآن ولكن قد عاودته هذه الحالة الآن مع الأسف كما هو ثابت من تقرير رئيس محكمة الإسكندرية في 18/ 12/ 1950 وقد كانت أهليته لا تؤهله للترقي إذ حكمت هذه المحكمة برفض طعنه في المراسيم التي تخطته في 12/ 6/ 1952 أما طعنه في تشكيل لجنة تنظيم القضاء في مذكرته الشارحة فإنه دفاع جديد لم يضمنه تقرير طعنه فضلاً عن أن اللجنة لم تصدر أي قرار بشأن الطاعن وترى النيابة أن الطاعن علل استقالته بسببها الصحيح وهي أن ظروفه الصحية لا تساعده على الاستمرار في وظيفة القضاء وأشارت إلى ما يثبت ذلك بملفه على أنه لا إكراه حيث تكون الوسيلة مشروعة في ذاتها ويراد بها الوصول إلى غرض مشروع. وترى النيابة أنه غير مجد الطعن في دستورية القوانين لأنه فضلاً عن أن الطاعن لم يتمسك بهذا النعي في تقرير طعنه فإن القانون الجديد قد صدر من الشارع صاحب السلطة الشرعية في وضع القوانين وليس للمحاكم أن تخوض في صميم أعمال المشرع في سلطة سن القوانين ومن ثم يكون الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه يبين من ملف الطاعن أنه في 11/ 10/ 1952 قدم إلى وزير العدل طلباً قال فيه أنه لظروفه الصحية التي لا تساعده على الاستمرار في مزاولة وظيفة القضاء يعرب عن رغبته في الاستقالة من وظيفته راجياً التفضل بقبولها مع ضم سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش وصرف الفرق بين المرتب مضافاً إليه علاوة الغلاء والمعاش مضافاً إليه علاوة الغلاء عن المدة المضافة وتسوية حالته على هذا الأساس وقد أبلغه رؤساؤه المختصون قبول الاستقالة بما قرن بها من شرائط وبذلك تم الاتفاق بمطابقة القبول الإيجاب إلا أنه ينعى على هذه الاستقالة أنها تمت تحت إكراه من لجنة تنظيم القضاء المشكلة طبقاً لأحكام الباب الثالث من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 بشأن استقلال القضاء إذا استدعته في 4/ 10/ 1952 على ما يقول وتوعدته إن هو لم يقدم استقالته فإنها ستقضي في أمره بالعزل من وظيفته ولما أن رأى الطالب أنه مكره على أمرين كليهما أشق على نفسه من الآخر أخذ يدبر ويفكر، واختار أخف الأمرين وهو الاستقالة فقدم طلباً بها في 11 أكتوبر فلم يصدر طلب الاستقالة والحالة هذه منه عن إرادة صحيحة وإنما دفع إليها دفعاً عن رهبة حقيقية وإكراه بتهديده بفصله. ولما كان يبين من ملف الطاعن أن اللجنة المشكلة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 5/ 8/ 1942 للنظر في حالة رجال القضاء قبل تقرير مبدأ قابليتهم للعزل قد رأت بإجماع الآراء نقله إلى منصب غير قضائي ولما كان قد عرف عنه أن النعاس يتغشاه وهو بمجلس القضاء حتى كتب في ذلك بعض رؤسائه إلى الوزارة إلا أن تقريراً من أحد رؤساء التفتيش أصدره في 25/ 1/ 1948 قد جاء به تردد في بعض الأوقات أن حضرة القاضي الطالب يغفو في الجلسات ولكن هذه الحالة قد انتهت تماماً فيما أعلم وبصرف النظر عما في هذا التقرير من ترديد لما قيل عن الطالب من قبل وما لابسه من حيطة فقد قدمت بعد ذلك شكاوى من بعض المتقاضين في هذا الشأن وقد كتب رئيس محكمة الإسكندرية إلى وزارة العدل في 18/ 12/ 1950 بعد فحصها أن الداء يسير في ازدياد وأن حالة الطالب الصحية قد فقد بها أهليته للوظيفة وقد شكا منها زملاؤه الذين يجلسون معه في مجلس القضاء والمحامون وجمهور من المتقاضين، واقترح تسوية حالة الطالب على أساس ما جاء باقتراحه. وهذا الذي ثبت من ملف الطالب يؤيد صحة قيام السبب الذي بنى عليه استقالته ولما كانت المادة 127 مدني جديد تقضي بأن يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه وجب إذاً النظر في حالة مدعي الإكراه لتعرف إلى أي حد هو يتأثر بالرهبة والخوف ولما كان هو القاضي الذي ولي القضاء بين الناس زمناً طويلاً يفرق فيه بين الحق والباطل فإن مثله لا تأخذه رهبة من قول يلقى إليه مهما كان قائله خصوصاً وإنه يبين من تصويره للوقائع أنه فسح له في الوقت ليتفكر ويتدبر ويجري القران والميزان ومن ثم تكون نية المطالب صحيحة إذ رجع تقديم استقالته مقرونة بشرائط لأسباب صحيحة بعد ثبوت قيام دواعيها من ملفه وعلى ذلك يكون غير منتج ما يثيره بعد ذلك من دفوع وما يقدمه من طلبات ويتعين رفض الطعن.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,126,704

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »