بطلان الحكم لصدوره بعد قبول استقالة أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته مما تزول به ولايته. النعي على الحكم بذلك مع عدم تقديم حكم الجمعية العمومية لمحكمة النقض الذي يستدل على صحة هذا السبب, يكون عارياً من الدليل.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 14 - صـ 162
جلسة 24 من يناير سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي.
(20)
الطعن رقم 250 لسنة 27 القضائية
( أ ) نقض "أسباب الطعن". "السبب المتعلق بالنظام العام". "إجراءات الطعن". "إيداع المستندات". قاض "ولايته في الحكم". "أثر قبول استقالته". نظام عام.
جواز إبداء السبب المتعلق بالنظام العام في أي وقت. التمسك به بعد فوات ميعاد الطعن بالنقض لا يجدي ما لم تكن عناصر الفصل في الطعن المطروح بناء على هذا السبب مستكملة من واقع المستندات المقدمة بملف الطعن تقديماً صحيحاً وفي المواعيد التي حددها القانون.
بطلان الحكم لصدوره بعد قبول استقالة أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته مما تزول به ولايته. النعي على الحكم بذلك مع عدم تقديم حكم الجمعية العمومية لمحكمة النقض الذي يستدل على صحة هذا السبب, يكون عارياً من الدليل.
(ب) وكالة. أجر الوكيل. "تقدير أتعاب المحامي". محاماة. نقض. أسباب الطعن. "الأسباب الواقعية".
يراعى في تقدير أتعاب المحامين أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذي بذله الوكيل. مراعاة الحكم هذه العناصر مضيفاً إليها كعنصر من عناصر التقدير مركز الوكيل. تقدير الأتعاب مما تستقل به محكمة الموضوع. المحكمة الاستئنافية ليست ملزمة ببيان سبب تعديلها تقدير محكمة أول درجة لمبلغ الأتعاب.
1 - لئن كان من الجائز إبداء السبب المتعلق بالنظام العام في أي وقت إلا أن التمسك بمثل هذا السبب بعد فوات ميعاد الطعن بالنقض لا يكون مجدياً - على ما جري به قضاء محكمة النقض - ما لم تكن عناصر الفصل في الطعن المطروح بناء على هذا السبب مستكملة من واقع المستندات المقدمة بملف الطعن تقديماً صحيحاً وفي المواعيد التي حددها القانون. فإذا كان الطاعن قد تمسك في طعنه - وبعد أن انقضت مواعيد الطعن - ببطلان الحكم المطعون فيه بمقولة صدوره بعد قبول استقالة أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته مما تزول به ولايته، دون أن يودع الطاعن حكم الجمعية العمومية لمحكمة النقض الذي يستدل به على صحة السبب الذي أبداه، وذلك في الميعاد المحدد بالمادة 429 من قانون المرافعات لإيداع المستندات وهو وقت التقرير بالطعن فإن ذلك السبب، يكون عارياً عن الدليل بما يتعين إطراحه.
2 - متى كان الحكم قد أحاط بوقائع المنازعة حول تقدير أتعاب المحامي (الطاعن) وما أبداه الطرفان فيها واستظهر مقدار الجهد الذي بذله المحامي في الدفاع ومركز الموكلين (المطعون عليهم) وثروتهم فإنه يكون قد راعي في تقدير أتعاب الطاعن جميع العناصر التي يوجب قانون المحاماة مراعاتها في تقدير أتعاب المحامين وهي أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذي بذله الوكيل وأضاف إليها كعنصر من عناصر التقرير كذلك مركز الوكيل. وإذ كان تقدير الأتعاب مما يستقل به قاضي الموضوع فإن محكمة الاستئناف عند تعديلها تقدير محكمة أول درجة لمبلغ الأتعاب لا تكون ملزمة ببيان سبب هذا التعديل باعتبار أنه يدخل في سلطتها التقديرية ومن ثم فالمجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً لا تصح إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن طلب إلى نقابة المحامين تقدير مبلغ 9000 جنيه أتعاباً له ضد المطعون عليهم وقال في بيان طلبه إن مورث المطعون عليهم المرحوم فوزي ناشد خلف لهم تركة تشمل أطياناً زراعية مقدارها 1530 ف و9 ط و14 س وقد عهد إليه المطعون عليهم المذكورين بقسمة هذه الأطيان فقام ببحث أسس التقسيم وبالإجراءات اللازمة لإنهاء حالة الشيوع وحرر عقد القسمة المؤرخ في 18 نوفمبر سنة 1952 وقدر أتعابه عن ذلك مبلغ 3000 جنيه - كما ذكر الطاعن أن المرحوم عزيز ناشد أخ فوزي ناشد مورث المطعون عليهم توفى في سنة 1935 من غير عقب عن تركة مقدارها 816 فداناً آلت كلها بالميراث إلى مورث المطعون عليهم المذكور، وكان قد توقع الحجر على عزيز ناشد وأقيم أخوة فوزي ناشد قيماً عليه فادعت السيدة أدبل بازنتي أنها زوج لعزيز ناشد وقد أنجبت منه ابنتها فيوليت ورفعت دعوى المحكمة الشرعية بطلب تقرير نفقة لها ولابنتها فدفعها القيم بإنكار الزوجية مستنداً إلى إقرار مؤرخ في 25/ 7/ 1933 صادر من أخيه المحجور عليه ومن السيدة المذكورة بأن علاقتهما كانت علاقة غير شرعية فقضت المحكمة بعدم سماع الدعوى للتناقض، وبعد وفاة عزيز ناشد رفعت السيدة أديل وابنتها فيوليت دعوى شرعية أخرى بطلب نصيبهما الشرعي في تركته فدفعها فوزي ناشد بالاستناد إلى الإقرار المشار إليه فقضى نهائياً في سنة 1947 بعدم سماعها للتناقض، وأخيراً أقامت السيدتان على المطعون عليهم الدعوى رقم 2198 سنة 1953 كلي مصر بطلب إلزامهم بتقديم أصل ورقة الإقرار المؤرخ في 25/ 7/ 1933 للطعن عليها بالتزوير وذكر الطاعن أن المطعون عليهم قد كلفوه بمباشرة هذه الدعوى فقام بالدفاع عنهم حتى قضت محكمة القاهرة الابتدائية بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها، ولما استأنفت السيدتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 490/ 849 سنة 71 ق القاهرة اضطلع أيضاً بالدفاع فيه عن المطعون عليهم وقضي نهائياً بتأييد الحكم الابتدائي بالنسبة إلى فيوليت وبرفض الدعوى بالنسبة إلى السيدة أدبل بازنتى وذكر الطاعن أنه يقدر أتعابه في هذه الدعوى بمرحلتيها بمبلغ 6000 ج على أن يلزم بها المطعون عليهم من تركة مورثهم المرحوم فوزي ناشد وبالامتياز على الجزء الموروث أصلاً عن المرحوم عزيز ناشد وفي 23 من فبراير سنة 1956 قرر مجلس النقابة تقدير أتعاب الطاعن بمبلغ 5000 ج منه 1000 ج أتعاباً عن إجراء عقد القسمة وينفذ بها بطريق التضامن بين المطعون عليهم والباقي ومقداره 4000 ج أتعاباً عن الدعوى رقم 2198 سنة 1953 كلي مصر بمرحلتي التقاضي وينفذ بها على المطعون عليهم من تركة مورثهم المرحوم فوزي ناشد. وعارض الطاعن هذا القرار إلى محكمة القاهرة الابتدائية بالمعارضة رقم 1121 سنة 1956 كما عرض فيه كل من المطعون عليهم وقررت المحكمة ضم معارضتهم إلى معارضة الطاعن ثم قضت في 20 من يونيو سنة 1956 بتعديل أمر التقدير المعارض فيه وبإلزام المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 4000 ج وقدرت المحكمة أسباب حكمها الأتعاب عن إجراء عقد القسمة بمبلغ 1000 جنيه وقدرت الأتعاب عن القضية في درجتي التقاضي بمبلغ 3000 ج مراعية في ذلك مجهود الطاعن في الدفاع وقيمة التركة المتنازع عليها وما عاد على المطعون عليهم من القضاء لصالحهم نهائياً في الدعوى، واستأنف كل من الطاعن والمطعون عليهم ذلك الحكم إلى محكمة الاستئناف القاهرة بالاستئنافات رقم 767 و760 و789 و919 سنة 73 ق وقررت المحكمة ضم الاستئنافات إلى بعضها ثم قضت في 8 يناير سنة 1958 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 800 جنيه وقدرت بأسباب حكمها مبلغ 300 جنيه أتعاباً للطاعن عن إجراء عقد القسمة ومبلغ 500 جنيه أتعاباً عن مباشرة القضية في درجتي التقاضي. وفي 30 مايو سنة 1957 و4 و17 يونيه سنة 1957 أعلن الطاعن ذلك الحكم على المطعون عليهم، وفي 26 يونيو سنة 1957 قرر بالطعن في الحكم المذكور بطريق النقض وبني طعنه على السببين الواردين في تقرير الطعن، وفي 16 أكتوبر سنة 1958 تحرر بقلم كتاب المحكمة "محضر بعدم قبول أوراق" وثبت فيه أن الطاعن أبدى سبباً ثالثاً للطعن قال إنه يتعلق بالنظام العام وهو بطلان الحكم المطعون فيه لعدم ولاية أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته، ولم يقبل قلم الكتاب من الطاعن إيداع تقرير تكميلي يتضمن هذا السبب أو إيداع المستند الذي يستدل به عليه وهو صورة رسمية من حكم الجمعية العمومية لمحكمة النقض في الطعن رقم 56 سنة 24 ق رجال القضاء وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 يناير سنة 1961 وبها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذا الدائرة وقد استوفيت الإجراءات التالية لمرحلة الإحالة وأودع الطاعن الصورة الرسمية لحكم الجمعية العمومية لمحكمة النقض المشار إليها مع مذكرته التي رد بها على دفاع المطعون عليهم ثم نظر الطعن بجلسة 6 ديسمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الأخير الذي أبداه - بعد انقضاء ميعاد الطعن - هو بطلان الحكم المطعون فيه بطلاناً يتعلق بالنظام العام بمقولة إن السيد المستشار حسونة الطوير أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بتاريخ 8 يناير سنة 1957 كان قد قدم استقالته وصدر قرار جمهوري بقبولها في 7 يناير سنة 1957 وبذلك تكون ولايته قد زالت قبل صدور الحكم المطعون فيه مما يترتب عليه بطلان ذلك الحكم.
وحيث إن هذا السبب وإن كان من الجائز إبداؤه في أي وقت لتعلقه بالنظام العام إلا أن التمسك بمثل هذا السبب بعد فوات ميعاد الطعن لا يكون مجدياً - على ما جري به قضاء هذه المحكمة - ما لم تكن عناصر الفصل في الطعن بناء على السبب المذكورة مستكملة من واقع المستندات المقدمة بالملف تقديماً صحيحاً وفي المواعيد التي حددها القانون لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يودع حكم الجمعية العمومية لمحكمة النقض الذي يستدل به على صحة السبب الذي أبداه في الميعاد المحدد بالمادة رقم 429 مرافعات لإيداع المستندات وهو وقت التقرير بالطعن فإن ذلك السبب يعتبر عارياً عن الدليل بما يتعين معه إطراحه.
وحيث إن الطعن قد بني في الأصل على سببين حاصل أولهما مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب في خصوص تقدير أتعاب الطاعن في الدعوى رقم 2198 سنة 1953 كلي مصر وفي الاستئناف رقم 490/ 849 سنة 71 ق القاهرة فقد اعتمد الحكم المطعون فيه عناصر تقدير الأتعاب المنصوص عليها في قانون المحاماة والتي قام على أساسها أيضاً تقدير الحكم الابتدائي ومع ذلك فقد انتهى إلي تقدير ظاهر البخس بالنسبة إلى تقدير الحكم الابتدائي ولم يورد الحكم المطعون فيه أسباباً يمكن أن تحمل عليها مخالفته لتقدير الحكم الابتدائي كما أن الحكم المطعون فيه قد أبهم في بيان عناصر التقدير ولم يعن بإيضاح مؤداها ولا مدى انعكاسها على القضية فقد أشار إلى أهمية النزاع إشارة موجزة لا تكفي للتعريف بالقضية وما أثير فيها من دفوع وأوجه دفاع أو لبيان قيمتها المادية وأثرها الأدبي على مراكز طرفيها وقد ألمع الحكم إلى ما بذله الطاعن من جهد في الدفاع دون إيضاح لمقدار هذا الجهد بإيراد بيان مفصل للمذكرات الكتابية والمرافعات الشفوية التي اضطلع بها الطاعن في مرحلتي التقاضي في الدعوى مع ما اقتضاه ذلك من وقت وجهود فنية ومادية ومؤدى ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يدخل في حساب تقدير الأتعاب مقدار الفائدة التي عادت على المطعون عليهم من القضاء لصالحهم نهائياً في الدعوى ولا مبلغ ما بذله فيها الطاعن من المجهود، وقد أخطأ الحكم المطعون فيه أيضاً حيث ذكر بمناسبة البحث في تقرير حق امتياز للطاعن بالمبلغ المقضي به على أعيان التركة المخلفة عن مورث المطعون عليهم - أن التركة المذكورة لم تكن موضوع القضية المطلوب تقدير الأتعاب فيها بل كان موضوع هذه القضية هو الإقرار المؤرخ في 25 يوليو سنة 1933 الذي كان مطلوباً إلى المطعون عليهم تقديمه للطعن عليه بالتزوير ومؤدى ما ذكره الحكم المطعون فيه ذلك أنه استبعد عن عناصر التقدير قيمة تركة المرحوم عزيز ناشد التي اعتبرها الحكم الابتدائي ممثلة لقيمة النزاع ولم يورد الحكم المطعون فيه سبباً لاستبعادها من عناصر التقدير مع أنها جوهر المنازعة في القضية. فقد كان هدف السيدة أديل وابنتها فيوليت من طلبهما إلزام المطعون عليهم بتقديم ورقة الإقرار المشار إليها للطعن فيها بالتزوير كان هدفهما بطبيعة الحال الوصول بعد ذلك إلى الطعن في الأحكام الشرعية النهائية وبالتالي على إثبات استحقاقهما في تركة المرحوم عزيز ناشد بما يدل على الارتباط التوثيق بين الدعوى وبين المنازعة على تلك التركة - ويتحصل السبب الثاني في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب فيما يتعلق بتقدير أتعاب الطاعن عن إجراء عقد القسمة فقد أبرز الحكم في عبارات قوية الجهود التي بذلها الطاعن في عمل العقد ودلل على أن ما قام به محام آخر - على ما قاله المطعون عليهم - في إجراءات القسمة لا يقدح في جهد الطاعن ولا يقلل من قيمته ورغم ذلك انتهى الحكم إلى تقدير ضئيل للأتعاب لا يتفق مع هذه الأسباب ولا يتناسب مع التركة التي تناولها عقد القسمة ويكون الحكم بذلك قد خالف ما تنص عليه المادة 42 من قانون المحاماة التي ربطت بين الأتعاب وبين ثروة الموكل وعقدت النسبة بينهما.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بسببي طعنه مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أحاط بوقائع المنازعة وبما أبداه الطرفان فيها من أسباب الادعاء والدفاع وعرض لموضوع الدعوى المطالب بتقدير الأتعاب عنها واستعرض أقوال الجانبين في مقدار ما بذله الطاعن من جهد فيها وفي مدي اتصال موضوعها بالتركة المخلفة عن المرحوم عزيز ناشد ثم انتهي من ذلك إلى القول "بأن الطاعن على حق في المطالبة بتقدير أتعابه عن تلك القضية بمرحلتيها الابتدائية والاستئنافية وتقدر له المحكمة عنها مبلغ 500 جنيه مراعية في ذلك مركز الموكلين والوكيل وأهمية النزاع وما بذله الوكيل من جهد في القضية لا يقدح فيه أنه سلك في مرافعته سبيلاً لا يقره عليه الدفاع عن الورثة في القضية الحالية إذ أن اختلاف وجهات النظر في أساليب الدفاع أمر مقرر وطبيعي وقد بذل الأستاذ طالب التقدير في خدمة القضية بدرجتيها جهداً لا يمكن إنكاره وتشهد به مذكراته ومرافعاته فيها وقد تكلل مجهوده فيها بالحكم لصالح موكليه وترى المحكمة أن يكون الحكم له بهذا المبلغ بطريق التضامن على المطعون عليهم... أما ما طلبه من القضاء عليهم من تركة مورثهم وبالامتياز على أعيان التركة المخلفة عن المرحوم عزيز ناشد فلاً ترى المحكمة له محلاً إلى أن هذه التركة لم تكن موضوع القضية 2198 سنة 1953 بالذات وإنما كان يدور النزاع فيها حول الإقرار المؤرخ في 25 يوليو سنة 1933 الذي أرادت السيدة أديل وابنتها فيوليت أن تطعنا فيه بالتزوير" كما عرض الحكم لدفاع الطرفين في خصوص الأتعاب المناسبة لإجراء عقد القسمة فبين أن موضوع ذلك العقد أطيان زراعية مقدارها 1660 فداناً ثم أورد الحكم عناصر التقدير بقوله "وفي صدد تقدير الأتعاب وبمراعاة مركز كل من الموكلين والوكيل ومقدار التركة التي تضمنها عقد القسمة المطالب عنه بالأجر وما بذله فيه الأستاذ الباز الطاعن من جهد ترى المحكمة أن مبلغ 300 جنيه حد القيمة وفيه الجزاء الكافي لعمله فيتعين تعديل الحكم على هذا الوجه" ولما كان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه يفيد أنه استظهر مقدار الجهد الذي بذله الطاعن في الدفاع في الدعوى رقم 2198 سنة 1953 كلي مصر بمرحلتيها من جميع ما بها من الأوراق فلا يكون به حاجة بعد ذلك إلى سرد بيان مفصل بما قدمه الطاعن في تلك الدعوى من مذكرات كتابية أو اضطلع به من مرافعات شفوية، وكأن الحكم قد أخذ في اعتباره أهمية النزاع في الدعوى المذكورة فجاء على مناضلة الطرفين في مدى اتصالها بحقوق المطعون عليهم في التركة التي آلت إلى مورثهم عن أخيه المرحوم عزيز ناشد مما يدل على تقديره أهمية النزاع ملحوظاً فيه ذلك النضال، وكان ما قرره الحكم من رفض طلب الطاعن إلزام المطعون عليهم بأتعابه عن الدعوى المشار إليها من تركة مورثهم وبالامتياز على الجزء المورث أصلاً عن المرحوم عزيز ناشد وما انتهى إليه قضاء الحكم من إلزام المطعون عليهم بهذه الأتعاب بطريق التضامن فإن ذلك ليس إلا تطبيقاً صحيحاً للقانون لأن المطعون عليهم يلتزمون شخصياً بالأتعاب التي يستحقها الطاعن ما دام أن الدعوى - المطالب بالأتعاب عنها - قد وجهت إلى المطعون عليهم بأشخاصهم لإلزامهم بتقديم ورقة الإقرار المقول بأنها تحت أيديهم ولم توجه إليهم بوصفهم ورثة لمورثهم ولا يفيد ذلك أن الحكم المطعون فيه قدر أهمية ورقة الإقرار موضوع الدعوى تقديراً مجرداً من الاتصال بتركة المرحوم عزيز ناشد أو أنه استبعد من الحساب ما كان يمكن أن يترتب على الحكم في تلك الدعوى لغير صالح المطعون عليه من آثار تتعلق بالتركة المذكورة - ولما كان الحكم المطعون فيه وفي خصوص تقدير أتعاب الطاعن عن إجراء عقد القسمة قد صرح أنه راعى في التقدير مركز الموكلين (المطعون عليهم) ومقدار التركة التي تضمنها العقد وحدد مقدارها المسلم به من الطرفين فإنه بذلك لا يكون قد أغفل ثروة الموكل من عناصر تقدير الأتعاب، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على ما يبين من أسبابه قد راعى في تقدير أتعاب الطاعن جميع العناصر التي يوجب قانون المحاماة مراعاتها في تقدير أتعاب المحامين وهي أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذي بذله الوكيل كما ذكر الحكم أنه أدخل في التقدير أيضاً مركز الوكيل ( الطاعن) وكان تقدير الأتعاب مما يستقل به قاضي الموضوع وكانت محكمة الاستئناف إذا عدلت في تقدير محكمة الدرجة الأول لمبلغ الأتعاب غير ملزمة ببيان سبب هذا التعديل لأنه مما يدخل في سلطتها التقديرية فإن ما ينعاه الطاعن بسببي الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويتعين لذلك رفض الطعن.
ساحة النقاش