اعتبار القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن. هو رخصة لجهة الإدارة. إفصاحها عن نيتها في التنازل عن حقها في استخدام هذه الرخصة. أثره. عدم جواز الرجوع عن ذلك.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 58
جلسة 4 من مارس سنة 1976
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني عبد العال السيد، محمدي الخولي.
(16)
الطلبان رقما 66، 109 لسنة 44 ق "رجال القضاء"
(1) استقالة "الاستقالة الاعتبارية".
اعتبار القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن. هو رخصة لجهة الإدارة. إفصاحها عن نيتها في التنازل عن حقها في استخدام هذه الرخصة. أثره. عدم جواز الرجوع عن ذلك.
(2، 3) ترقية "التخطي في الترقية". تعويض.
(2) ثبوت أهلية الطالب للترقية إلى درجة قضائية معينة رقي إليها من كانوا يلونه في الأقدمية. اعتبار أهليته باقية على وضعها بالنسبة لهؤلاء الزملاء ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يمنع من ذلك.
(3) إلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية. اعتبار ذلك تعويضاً جابراً للضرر الذي لحقه بسبب هذا التخطي.
1 - نص الفقرة الثالثة من المادة 77 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن (يعتبر القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن) هو رخصة لجهة الإدارة إذا شاءت أعملتها وإذا شاءت أهملتها ومتى أفصحت عن نيتها في التنازل عن حقها في استخدام هذه الرخصة، فإنه لا يجوز لها العودة والتمسك بما استقطعت الحق فيه. وإذ كان يبين من الأوراق أنه بعد انتهاء مدة إعارة الطالب لدولة الكويت في 30/ 9/ 1973 أرسل وزير العدل في 7/ 1/ 1974 كتاباً إلى رئيس ديوان رئاسة الجمهورية يستطلعه الرأي في طلب حكومة تلك الدولة استمرار إعارة الطالب لديها استثناء من أحكام تحديد مدة الإعارة، ولما لم تنته وزارة العدل إلى نتيجة في هذا الشأن، أرسلت في 25/ 7/ 1974 كتاباً إلى الطالب لتكليفه بالعودة لاستلام عمله بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، وتلبية لهذا الطلب تقدم الطالب إلى المحكمة المذكورة فقامت لجنة الشئون الوقتية بها في 28/ 7/ 1974 بتوزيع العمل عليه، ووافق وزير العدل على قرار اللجنة، وباشر الطالب العمل القضائي الذي أنيط به، ثم تقدم بطلب للمحكمة للتصريح له بإجازة خارج البلاد، فوافقت عليه المحكمة، كما وافقت عليه الوزارة، ولما تقدم الطالب باستقالته في 1/ 10/ 1974 أشر عليها وزير العدل بادئ الأمر باعتبارها مقبولة من تاريخ تقديمها. لما كان ذلك فإن وزارة العدل تكون قد تنازلت عن حقها في استعمال الرخصة المخولة لها بالفقرة السالف الإشارة إليها، ولا يجوز لها بعد ذلك استخدامها، ويكون قرار وزير العدل الصادر في 30/ 10/ 1974 باعتبار الطالب مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة إعارته بالرغم من ثبوت موافقة الوزارة على عودته لعمله بعد هذا التاريخ ومباشرته إياه قد خالف القانون، ويتعين لذلك إلغاؤه، والقضاء بأن تاريخ استقالة الطالب من وظيفته هو تاريخ تقديمها في 1/ 10/ 1974.
2 - متى كانت المحكمة قد انتهت إلى أن الطالب ظل يعمل بالقضاء إلى أن قدم استقالته في 1/ 10/ 1974 التي احتفظ فيها بحقه في طعنه على القرار الجمهوري رقم 1353 الصادر في 3/ 9/ 1974 فيما تضمنه من إغفال ترقيته إلى وظيفة المستشار وكان الأصل أنه متى ثبتت أهلية الطالب للترقية إلى درجات قضائية معينة رقي إليها من كان يليه في الأقدمية، فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زملائه الذين كانوا يلونه في الأقدمية وسبقت ترقيتهم، ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجات القضائية العليا أسوة بزملائه الذين كانوا تالين له في الأقدمية وكانت الوزارة لم تدع وجود هذا المسوغ، فإنه يتعين إلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية لدرجة مستشار.
3 - إذ كان في إلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه، وتقرير أهلية الطالب للترقية التعويض الكافي عن الضرر الذي لحقه بسبب تخطيه في الترقية فإنه لا محل للقضاء له بالتعويض الذي طلبه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ...... تقدم في 9/ 9/ 1974 بطلب إلى هذه المحكمة قيد برقم 66 سنة 44 ق "رجال القضاء"، للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 1353 الصادر في 3/ 9/ 1974 فيما تضمنه من إغفال ترقيته إلى درجة المستشار، مع إلزام وزارة العدل بأن تدفع له مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض، وقال بياناً لطلبه أنه أعير للعمل بمحاكم دولة الكويت لمدة تنتهي في 30/ 9/ 1973، وقبل انتهاء مدة إعارته كتبت حكومة تلك الدولة إلى وزارة العدل المصرية تطلب تجديد إعارته، ولما لم تنته وزارة العدل إلى رأي في هذا الخصوص قدم الطالب في 30/ 9/ 1973 طلباً إلى وزير العدل لمنحه إجازة بدون مرتب أو إمهاله إلى نهاية العام الدراسي تقديراً لظروف أبنائه، وفي 15/ 10/ 1973 وخلال معارك أكتوبر تلقى سفير مصر بالكويت برقية لإخطار الطالب بالعودة إلى مصر، إلا أن السفير رد في 16/ 10/ 1973 بأنه رأى تأجيل الإخطار نظراً لظروف المعركة وتعذر السفر واستحالة شحن الأمتعة، واقترح تأجيل الإخطار، ولما عرض الأمر على وزير العدل كتب في 7/ 1/ 1974 إلى رئيس ديوان رئيس الجمهورية للنظر في طلب حكومة الكويت مد إعارة الطالب. وفي 25/ 7/ 1974 تلقى الطالب كتاباً من وزارة العدل تخطره فيه بانتهاء إعارته في 30/ 9/ 1973 وباستلام العمل بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، وتنفيذاً لهذا الكتاب تقدم الطالب إلى المحكمة المذكورة، وأسندت إليه الجمعية العمومية العمل فباشره وتولى الفصل في عدد من القضايا، ثم قدم في 20/ 8/ 1974 طلباً إلى رئيس تلك المحكمة للتصريح له بإجازة خارج البلاد في المدة من 24/ 8/ 1974 إلى 30/ 9/ 1974 لإنهاء علاقته بدولة الكويت، ووافقت لجنة الشئون الوقتية بالمحكمة على الطلب كما وافقت عليه الوزارة، وأعطته إذناً ليتمكن من مغادرة البلاد، وأثناء وجوده بالكويت فوجئ بصدور القرار الجمهوري المطعون فيه متضمناً تخطيه في الترقية إلى درجة المستشار التي حل دوره للترقية إليها، ثم علم بعد ذلك أن وزارة العدل اقترحت في مشروع الحركة القضائية الذي أعدته تخطيه في الترقية لامتناعه عن العودة بعد انتهاء مدة إعارته بالكويت، بيد أن اللجنة الخماسية لم تأخذ بهذا الاقتراح وقررت إدراج اسمه في كشف المرشحين للترقية إلى تلك الدرجة لجدية الأعذار التي أبداها، ولكن المجلس الأعلى للهيئات القضائية لم يوافق على قرار اللجنة ورأى إرجاء النظر في أمر ترقيته حتى يعود لمصر ويمارس عمله فعلاً مع حجز درجة له في أقدميته. وإذ لم يكن لتخطيه في الترقية ما يبرره فضلاً عن مخالفته للقانون لأن وزارة العدل لم تخطره بالتخطي قبل عرض مشروع الحركة القضائية على المجلس الأعلى للهيئات القضائية فقد طلب الحكم بطلباته - وفي 2/ 12/ 1974 تقدم الطالب بطلب قيد برقم 109 سنة 44 ق رجال القضاء، سرد فيه الوقائع المتقدمة، وأضاف إليها أنه لما علم بتركه في الترقية قدم في 1/ 10/ 1974 طلباً إلى وزير العدل بالاستقالة من وظيفته احتجاجاً على حرمانه من الترقية مع احتفاظه بحقه في الطعن المرفوع منه، ثم فوجئ في 27/ 11/ 1974 بكتاب وزارة العدل رداً على الاستقالة المقدمة منه بأن وزير العدل أصدر في 30/ 10/ 1974 قراراً باعتباره مستقيلاً من الوظيفة اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل بعد إنهاء مدة إعارته في 20/ 9/ 1973 في حين أنه لم ينقطع عن العمل وكان بقاؤه للعمل بدولة الكويت بعلم وزارة العدل ورضائها، ولما كلفته الوزارة في 27/ 7/ 1974 بالعودة لاستلام عمله، بادر بالاستجابة لهذا الطلب وتسلم العمل فعلاً، وانتهى إلى طلب إلغاء قرار وزير العدل باعتباره مستقيلاً في تاريخ سابق على تاريخ تقديم الاستقالة وهو 1/ 10/ 1974 وطلب الحاضر عن الحكومة رفض الطلبين استناداً إلى أن الطالب بعد انتهاء مدة الإعارة في 30/ 9/ 1973 انقطع عن العمل بدون إذن مدة تزيد عن ثلاثين يوماً متصلة، ومن ثم تتوافر في حقه قرينة ترك العمل بالاستقالة وفقاً لنص المادة 77 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، ولا ترتفع هذه القرينة إلا إذا عاد وقدم أعذاراً يتبين المجلس الأعلى للهيئات القضائية جديتها، وإذ يعتبر الطالب مستقيلاً من 1/ 10/ 1973 فإنه لا محل لترقيته بالقرار الصادر في 3/ 9/ 1974 وأبدت النيابة العامة الرأي في المذكرة المقدمة منها بما يتفق مع طلبات الحكومة.
وحيث إن نص الفقرة الثالثة من المادة 77 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن يعتبر القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن وهو رخصة لجهة الإدارة إذا شاءت أعملتها وإذا شاءت أهملتها، ومتى أوضحت عن نيتها في التنازل عن حقها في استخدام هذه الرخصة، فإنه لا يجوز لها العودة والتمسك بما استقطعت الحق فيه. وإذ كان ذلك وكان يبين من الأوراق أنه بعد انتهاء مدة إعارة الطالب لدولة الكويت في 30/ 9/ 1973 أرسل وزير العدل في 7/ 1/ 1974 بكتاب إلى رئيس ديوان رئاسة الجمهورية يستطلعه الرأي في طلب حكومة تلك الدولة استمرار إعارة الطالب لديها استثناء من أحكام تحديد مدة الإعارة، ولما لم تنته وزارة العدل إلى نتيجة في هذا الشأن أرسلت في 25/ 7/ 1974 كتاباً إلى الطالب لتكليفه بالعودة لاستلام عمله بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، وتلبية لهذا الطلب تقدم الطالب إلى المحكمة المذكورة فقامت لجنة الشئون الوقتية بها في 28/ 7/ 1974 بتوزيع العمل عليه، ووافق وزير العدل على قرار اللجنة، وباشر الطالب العمل القضائي الذي أنيط به، ثم تقدم بطلب للمحكمة للتصريح له بإجازة خارج البلاد فوافقت عليه المحكمة كما وافقت عليه الوزارة، ولما تقدم الطالب باستقالته في 1/ 10/ 1974 أشر عليها وزير العدل بادئ الأمر باعتبارها مقبولة من تاريخ تقديمها، لما كان ذلك فإن وزارة العدل تكون قد تنازلت عن حقها في استعمال الرخصة المخولة لها بالفقرة السالف الإشارة إليها، ولا يجوز لها بعد ذلك استخدامها، ويكون قرار وزير العدل الصادر في 30/ 10/ 1974 باعتبار الطالب مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة إعارته بالرغم من ثبوت موافقة الوزارة على عودته لعمله بعد هذا التاريخ ومباشرته إياه، قد خالف القانون، ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء بأن تاريخ استقالة الطالب من وظيفته هو تاريخ تقديمها في 1/ 10/ 1974.
وحيث إنه عن طلب إلغاء القرار الجمهوري رقم 1353 الصادر في 3/ 9/ 1974 فيما تضمنه من إغفال ترقية الطالب إلى وظيفة المستشار، فإنه لما كان المحكمة قد انتهت إلى أنه ظل يعمل بالقضاء إلى أن قدم استقالة في 1/ 10/ 1974 التي احتفظ فيها بحقه في طعنه على القرار المذكور، وكان الأصل أنه متى ثبتت أهلية الطالب للترقية إلى درجات قضائية معينة رقي إليها من كان يليه في الأقدمية فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زملائه الذين كانوا يلونه في الأقدمية وسبقت ترقيتهم ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجات القضائية العليا أسوة بزملائه الذين كانوا تالين له في الأقدمية وكانت الوزارة لم تدع وجود هذا المسوغ، فإنه يتعين إلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية لدرجة مستشار.
وحيث إنه عن طلب التعويض عن التخطي، فإن في إلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه وتقدير أهلية الطالب للترقية، التعويض الكافي عن الضرر الذي لحقه بسبب تخطيه في الترقية ومن ثم فلا محل للقضاء له بالتعويض الذي طلبه.
ساحة النقاش