انقطاع القاضي عن عمله ثلاثين يوماً قرينة على الاستقالة الضمنية - الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 77 من قانون السلطة القضائية. عدم وجوب إنذاره قبل اعتبار خدمته منتهية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 5
جلسة 29 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ محمد مختار محمد منصور وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد سليمان، محمد عبد القادر سمير نائبي رئيس المحكمة، كمال مراد نصيب وسعيد غرياني.
(1)
الطلب رقم 40 لسنة 57 ق "رجال القضاء"
(1، 2، 3) إجراءات. استقالة. اختصاص.
(1) وزير العدل هو الرئيس الأعلى المسئول عن أعمال وزارته وإدارتها وصاحب الصفة في أية خصومة تتعلق بأي شأن من شئونها. اختصام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى. أثره. عدم قبول الطلب.
(2) انقطاع القاضي عن عمله ثلاثين يوماً قرينة على الاستقالة الضمنية - الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 77 من قانون السلطة القضائية. عدم وجوب إنذاره قبل اعتبار خدمته منتهية. علة ذلك. ارتفاع هذه القرينة إذا قدم القاضي أعذاراً جدية يخضع تقديرها للمجلس الأعلى للقضاء. عدم قبول المجلس لها. أثره. اعتبار خدمة القاضي منتهية بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ انقطاعه عن العمل. علة ذلك.
(3) اختصاص الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية. مناطه. صدور القرار المطلوب إلغاؤه في شأن من شئون رجال القضاء والنيابة العامة دون الشئون السابقة على تعيينهم فيها أو اللاحقة على انتهاء خدمتهم بها. م 83 من قانون السلطة القضائية.
(1) المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزير العدل هو الرئيس الأعلى المسئول عن أعمال وزارته و إدارتها وهو صاحب الصفة في أي خصومة تتعلق بأي شأن من شئونها ولا شأن لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى بخصومة الطلب مما يتعين معه عدم قبوله بالنسبة لهما.
(2) المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 77 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 أن خدمة القاضي تنتهي بما يعتبر استقالة ضمنية إذا انقطع عن عمله لمدة تستطيل إلى ثلاثين يوماً كاملة، وأنه لا مجال للاحتجاج بنظام العاملين المدنيين بالدولة من وجود إنذار الموظف قبل اعتبار خدمته منتهية ما دام أن قانون السلطة القضائية قد عالج الحالة بنص صريح إذ الانقطاع عن العمل دون إذن يقيم قرينة ترك العمل للاستقالة، ولا ترتفع هذه القرينة إلا إذا انتفى الافتراض القائم عليه بعودة القاضي وتقديمه أعذاراً جدية تخضع لتقدير المجلس الأعلى للقضاء. فإذا لم يعد القاضي أو عاد ولم يقدم أعذاراً أو قدم أعذاراً تبين عدم جديتها اعتبرت خدمته منتهية بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ انقطاعه عن العمل. وأن القرار الصادر من جهة الإدارة باعتباره مستقيلاً يعتبر من القرارات الإدارية الكاشفة التي يرتد أثرها إلى تاريخ الواقعة المسببة لصدورها.
(3) المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 83 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن "تختص الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متى كان مبنى الطعن عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.." مفاده أنه يشترط لاختصاص تلك الدوائر بإلغاء القرارات الإدارية النهائية أن تكون متعلقة بشأن من شئون رجال القضاء أو النيابة العامة. والمقصود بشئون هؤلاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي تلك التي تتعلق بصفاتهم أثناء مزاولتهم وظائفهم القضائية دون الشئون السابقة على تعيينهم فيها أو اللاحقة على انتهاء خدمتهم بها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بتاريخ 12/ 7/ 1987 تقدم الطالب بهذا الطلب للحكم - وفقاً لطلباته الختامية - أصلياً بإلغاء قرار وزير العدل رقم 166 لسنة 1982 الصادر بتاريخ 11/ 1/ 1982 باعتباره مستقيلاً اعتباراً من 1/ 10/ 1981 لانقطاعه عن العمل وبإلغاء قراري مجلس القضاء الأعلى الصادرين بتاريخ 21/ 6/ 1982، 12/ 12/ 1988 برفض طلبه إلغاء قرار وزير العدل آنف الذكر واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار. واحتياطياً بإلغاء قراري مجلس القضاء الأعلى آنفي الذكر في شقهما الخاص برفض إعادة تعيينه مستشاراً بمحاكم الاستئناف حسب أقدميته مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً لذلك أنه أعير للعمل بالمملكة العربية السعودية لمدة سنة اعتباراً من 19/ 12/ 1975 ثم تجددت إعارته لمدة تنتهي في30/ 9/ 1977 ثم توالى تجديد الإعارة سنوياً اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الإعارة السابقة حتى السنة السادسة. وبتاريخ 26/ 10/ 1981 تقدم بطلب لوزارة العدل لتحديد موعد انتهاء إعارته للسنة السادسة ليكون 18/ 12/ 1981 تاريخ انقضاء ست سنوات على بدء إعارته للسنة الأولى أو إصدار قرار بمد إعارته حتى هذا التاريخ إلا أن وزير العدل أصدر القرار المطعون فيه اعتباره مستقيلاً اعتباراً من 1/ 10/ 1981. وإذ صدر هذا القرار بالمخالفة لأحكام القانون لأن الوزارة لم تخطره بانتهاء مدة إعارته في 30/ 9/ 1981 ولأنه اعتبره منقطعاً عن العمل اعتباراً من 1/ 10/ 1981 مع أن مدة إعارته للسنة السادسة تنتهي في 18/ 12/ 1981 قبل مضي مدة الثلاثين يوماً التالية لتاريخ انقطاعه عن العمل فقد قدم لوزارة العدل طلبين أبدى فيهما الأعذار التي حالت دون عودته بعد انتهاء مدة إعارته وطلب قبولها وإلغاء القرار الصادر باعتباره مستقيلاً وإعادة تعيينه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ رفض مجلس القضاء الأعلى طلبه الأول بتاريخ 21/ 6/ 1987 ورفض تظلمه منه. كما رفض فيما بعد طلبه الثاني بتاريخ 12/ 12/ 1988 فقد قدم هذا الطلب.
قدمت الحكومة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطلب بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث لرفعه على غير ذي صفه. وبعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد وطلبت رفض الطلب وقدمت النيابة مذكرات ثلاثة انتهت فيها إلى عدم قبول الطلب بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث أيضاً لرفعه على غير ذي صفه وقبوله شكلاً فيما عدا ذلك وفي الموضوع برفض وبعدم قبول الطلب الاحتياطي.
وحيث إن الدفع بعدم قبول الطلب بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثاني في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وزير العدل هو الرئيس الأعلى المسئول عن أعمال وزارته وإدارتها وهو صاحب الصفة في أي خصومة تتعلق بأي شأن من شئونها ولا شأن لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى بخصومة الطلب مما يتعين معه عدم قبوله بالنسبة لهما.
وحيث إنه فيما عدا ما تقدم فإن الطلب يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 77 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 أن خدمة القاضي تنتهي بما يعتبر استقالة ضمنية إذا انقطع عن عمله لمدة تستطيل إلى ثلاثين يوماً كاملة، وأنه لا مجال للاحتجاج بنظام العاملين المدنيين بالدولة من وجوب إنذار الموظف قبل اعتبار خدمته منتهية ما دام أن قانون السلطة القضائية قد عالج الحالة بنص صريح إذ الانقطاع عن العمل دون إذن يقيم قرينة ترك العمل للاستقالة، ولا ترتفع هذه القرينة إلا إذا انتفى الافتراض القائم عليه بعودة القاضي وتقديمه أعذاراً جدية تخضع لتقدير المجلس الأعلى للقضاء. فإذا لم يعد القاضي أو عاد ولم يقدم أعذاراً أو قدم أعذاراً تبين عدم جديتها اعتبرت خدمته منتهية بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ انقطاعه عن العمل. وأن القرار الصادر من جهة الإدارة باعتباره مستقيلاً يعتبر من القرارات الإدارية الكاشفة التي يرتد أثرها إلى تاريخ الواقعة المسببة لعودته - وكان الثابت من الأوراق أن إعادة الطالب إلى المملكة العربية السعودية تتجدد سنة ثانية تنتهي في 30/ 9/ 1977 بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1161 لسنة 1976 ثم توالت التجديدات لسنوات تالية تبدأ كل منها من تاريخ انتهاء السنة السابقة وكان آخرها بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 490 لسنة 1980 الصادر في 10/ 5/ 1980 بما يدل على انتهاء إعارة الطالب في 30/ 9/ 1981 وليس في 18/ 12/ 1981 تاريخ انقضاء ست سنوات على بدء إعارته الأمر الذي حدا به إلى تقديم طلب - لم تستجب إليه وزارة العدل - لمد الإعارة إلى هذا التاريخ الأخير، وأن الطالب امتنع عن العودة إلى عمله عقب انتهاء مدة إعارته واستمر منقطعاً عنه ليس فقط إلى التاريخ الذي يدعي أن مدة الإعارة استطالت إليه وإنما حتى 9/ 6/ 1987 عندما تقدم إلى وزارة العدل يطلب إعادته إلى عمله، فإن هذا الانقطاع الذي استمر مدة متصلة جاوزت خمس سنوات ونصف السنة عقب انتهاء إعارة استغرقت نحو ستة أعوام دون أي سند من القانون يعتبر استقالة ضمنية ويكون القرار الوزاري رقم 166 لسنة 1982 الصادر في 11/ 1/ 1982 باعتبار الطالب مستقيلاً من عمله قراراً صحيحاً باعتباره كاشفاً عن هذه الاستقالة يرتد أثره إلى تاريخ بدء الانقطاع عن العمل، ومن ثم فإن طلب الطالب إلغاءه بدعوى صدوره قبل إخطاره بانتهاء مدة إعارته يكون على غير أساس متعيناً رفضه، لما كان ذلك وكانت الأعذار التي أبداها الطالب أمام مجلس القضاء الأعلى لا تبرر انقطاعه عن العمل طيلة هذه السنوات فإن رفض المجلس لها يكون في محله ويكون طلب إلغاء قراريه الصادرين في هذا الشأن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إنه عن الطلب الاحتياطي للطاعن إلغاء قراري مجلس القضاء الأعلى برفض طلب إعادة تعيينه فهو مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 83 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن "تختص الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متى كان مبنى الطعن عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.." مفاده أنه يشترط لاختصاص تلك الدوائر بإلغاء القرارات الإدارية النهائية أن تكون متعلقة بشأن من شئون رجال القضاء أو النيابة العامة. والمقصود بشئون هؤلاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي تلك التي تتعلق بصفاتهم أثناء مزاولتهم وظائفهم القضائية دون الشئون السابقة على تعيينهم فيها أو اللاحقة على انتهاء خدمتهم بها، وإذ ثبت على نحو ما سلف بيانه أن الطالب قد ترك العمل بانقطاعه عنه وصدور قرار وزير العدل باعتباره مستقيلاً من 1/ 10/ 1981 فإنه يترتب على ذلك انتهاء خدمته وانقطاع صلته بالوظائف القضائية منذ هذا التاريخ وينبني عليه أن قراري مجلس القضاء الصادرين برفض تعيين الطالب من جديد يكونان قد صدرا في طلب انتفت عن مقدمه صفة شاغلي الوظائف القضائية فلا تختص هذه المحكمة بنظر طلب إلغائهما.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطلب.
ساحة النقاش