أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن راتب بدل السفر هو مزية من مزايا الوظيفة العامة يخضع فى أحكامه وشروط استحقاقه لما تقرره القوانين واللوائح فى هذا الخصوص.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 697
(72)
جلسة 21 من فبراير 1965
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة السادة الاساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
القضية رقم 2497 لسنة 6 القضائية
موظف - بدل سفر - ماهيته - المادة 55 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة - قرار مجلس الوزراء فى 25/ 10/ 1925 - شروط منح بدل السفر.
أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن راتب بدل السفر هو مزية من مزايا الوظيفة العامة يخضع فى أحكامه وشروط استحقاقه لما تقرره القوانين واللوائح فى هذا الخصوص.
ولما كان القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة وهو القانون العام فى شئون التوظف كان ينص فى المادة 55 منه على ان "للموظف الحق فى استرداد المصروفات التى يتكبدها فى سبيل الانتقال لتأدية مهمة حكومية وله الحق فى راتب "بدل سفر" مقابل النفقات الضرورية التى يتحملها بسبب تغيبه عن الجهة التى يوجد بها مقر عمله الرسمى وذلك على الوجه وبالشروط والاوضاع التى يصدر بها قرار مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد، وكان قد صدر قرار مجلس الوزراء فى 25 من أكتوبر 1925 والقرارات المعدلة له وتتضمن قواعد منح راتب بدل السفر وهى المعروفة بلائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال وهى التى تحكم الحالة موضع النزاع - ومفاد نصوص هذه اللائحة ان منح راتب بدل السفر منوط بتوافر شروط ثلاثة أولها مستمد من الحكمة من تقرير هذا الراتب وهى أن يقف عند حد استرداد المصروفات الفعلية والضرورية التى ينفقها الموظف فى سبيل خدمة الحكومة علاوة على مصاريف معيشته الاعتيادية وذلك اعمالا لمبدأ أساسى هو الا يكون هذا الراتب مصدر ربح للموظف والشرط الثانى يتصل بالمدة التى يستحق عنها بدل السفر اذ يجب أن تكون هذه المدة مؤقتة بحيث تنتفى مظنة النقل والشرط الثالث خاص بالاجراءات التى يجب اتخاذها لاستحقاق بدل السفر وهى تقديم اقرار الى الرئيس المباشر فى ميعاد لا يجاوز نهاية الشهر التالى للشهر الذى يعود فيه الموظف الى محل اقامته المعتاد على أن يتضمن بيانات تخضع لرقابة الرئيس المباشر للتحقق من صحتها - حتى لا يمنح هذا المرتب فى غير وجهه الذى عينه القانون واللائحة.
________________________________________
اجراءات الطعن
بتاريخ 18/ 8/ 1960 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة عريضة طعن فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة الصحة بجلسة 3/ 7/ 1960 فى الدعوى رقم 508 لسنة 6 القضائية المرفوعة من نعيمة عطية الشافعى ضد وزارة الصحة القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار وزارة الصحة بخصم مبلغ 238 جنيها و389 مليما من راتب المدعية بواقع الربع شهريا مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليها المصروفات ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة - وطلبت ادارة قضايا الحكومة للاسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكومية بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع الزام المدعية بالمصروفات وقد أعلن الطعن الى المدعية فى 3/ 11/ 1960 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 5/ 1964 وأخطرت الحكومة والمدعية فى 18/ 4/ 1964 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة احالة الدعوى الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة.
وبعد ان سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ملاحظات ذوى الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.
________________________________________
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى ان المدعية أقامت دعواها طالبة الحكم (أولا) بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزارة الصحة والقاضى بخصم مبلغ 238 جنيها و389 مليما من راتب المدعية بواقع الربع شهريا (ثانيا) فى الموضوع بالغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن (ثالثا) الزام المدعى عليها المصروفات وأتعاب المحاماه وقالت فى بيان ذلك أنها كانت تعمل حكيمة فى قسم رعاية الطفل بوزارة الصحة وفى أكتوبر سنة 1951 تقرر ندبها لوزارة الاوقاف للعمل بتكية مصر فى مكة وقد ظلت تقوم بهذا العمل منذ أن انتدبت له حتى يوليو سنة 1952 حيث ألغى انتدابها وفى أواخر مارس سنة 1959 عرض عليها كتاب مضمونه أن هناك مبلغ 238 جنيها و389 مليما قيمة ماهيات استولت عليها بدون وجه حق من وزارة الأوقاف وانه يراد خصم هذا المبلغ من راتبها بواقع الربع شهريا حتى يتم السداد وعلمت المدعية ان هذا المبلغ هو بدل سفر صرف لها عن المدة من 8/ 1/ 1952 الى 23/ 5/ 1952 وسبب الخصم أنها لم تكن تعمل فى هذه الفترة وقد تظلمت المدعية من هذا القرار مستندة الى أنها كانت تؤدى عملها يوميا فى القسم الطبى بتكية مصر بمكة وانها لم تتخلف يوما واحدا عن مباشرة عملها فى تلك الفترة وبالتالى يكون المبلغ الذى صرف لها كبدل سفر قد صرف على أساس سليم من القانون. واجابت وزارة الصحة على الدعوى بأن المدعية عندما تقرر الغاء ندبها للعمل بالعيادة الطبية بمكة المكرمة فى 27/ 11/ 1951 واخلى طرفها فى 7/ 1/ 1952 تقدمت فى 22/ 1/ 1952 بطلب منحها اجازة لمدة 15 يوما وعلى أن تعتبر هذه الاجازة ممتدة الى أن يصدر أمر الوزارة باعادة ندبها ولما كانت وزارة الأوقاف قد أصدرت قرارا باستمرار ندب المدعية الى آخر يوليو سنة 1952 وقد ثبت أنها لم تقم بأى عمل فى الفترة من 18 من يناير سنة 1952 الى 23 من مايو سنة 1952 وان المدعية تقدمت فى 22 من يناير سنة 1952 بطلب حساب هذه الفترة اجازة اعتيادية والعمل على استرداد المبلغ المنصرف اليها كبدل سفر عن تلك المدة خاصة وانها لم تؤد أية خدمة للحكومة خلال هذه الفترة وأنه كان يمكنها العودة الى محل اقامتها المعتاد حتى يتقرر استمرار ندبها وانتهت المدعى عليها الى طلب رفض الدعوى والزام المدعية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 3 من يوليو سنة 1960 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار وزارة الصحة الخاص بخصم مبلغ 238 جنيها و389 مليما من راتب المدعية بواقع الربع شهريا مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المدعى عليها المصروفات ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة - وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعية الغى ندبها للعمل بالتكية واخلى طرفها ولكن التكية لم تقم بمنحها استمارة سفر للعودة الى القاهرة حيث مقر عملها الاصلى فعرضت الحكيمة على العيادة أن تستأنف عملها فرفضت الدكتورة الحاقها بالعمل فقدمت طلبا لمنحها أجازة خمسة عشر يوما على أن تعتبر الاجازة ممتدة حتى يصدر قرار باستمرار ندبها وكان هذا الاجراء من جانبها محاولة لاصلاح وضعها الشاذ الذى وجدت نفسها فيه بعد الغاء ندبها فلا هى سهلت اجراءات عودتها الى مقرها الاصلى ولا هى استأنفت عملها بالعيادة وظلت رغم ذلك فى انتظار ما يصدر اليها من أوامر وقد صدر الامر فعلا باستمرار ندبها لنهاية السنة المالية 1951/ 1952 كما اقرت الوزارة اعتبار مدة انقطاعها عن العمل أجازة اعتيادية ومن ثم فان المدعية تكون قد استمرت اقامتها بمكة المكرمة خلال الفترة المشار اليها وكانت فى انتظار ما يصدر اليها من أوامر مصلحية خاصة باستمرار ندبها أو بعودتها الى عملها الاصلى فى القاهرة وقد تحملت ولا شك مصاريف باهظة نتيجة أقامتها - ولما كانت المدعية لم تقم بعمل خلال الفترة المشار اليها الا أن الجهة الادارية قدرت الظروف والملابسات التى أحاطت بها فاعتبرت مدة انقطاعها عن العمل أجازة اعتيادية - ومن ثم فانه وان كانت تأدية الخدمة الضرورية المنتدبة من أجلها الحكيمة شرطا لاستحقاقها لبدل السفر الا أن الظروف التى سبقت الاشارة اليها تجعلها مستحقة لتعويض عما تحملته من نفقات باهظة خلال بقائها بدون عمل فى مكة رغم استعدادها لاستئناف العمل ودون أن يتيسر لها سبيل العودة الى بلدها الأصلى وخير تعويض هو ما يعادل بدل السفر المستحق لها عن هذه المدة - وأن بدل السفر الذى صرف لها يكون قد صرف لها بحق ومن ثم فلا وجه لمطالبتها به واسترداده منها خصما من راتبها.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه سلم بأن المدعية لم تقم بعمل خلال المدة من 8/ 1/ 1952 حتى 23/ 5/ 1952 وأن تأدية الخدمة الضرورية المنتدبة من أجلها شرط لاستحقاق بدل السفر فكان يتحتم أن يرفض الدعوى تأسيسا على هذا القول أما ما سرده الحكم من أن الظروف المحيطة التى أوجبت عليها الانتظار هو فى الواقع خروج على ما تقضى به لوائح بدل السفر اذ أن الواجب يحتم عليها أن تعود الى محل عملها المعتاد تنفيذا للقرار الصادر بالغاء ندبها فاذا ما تقرر العودة الى ندبها كان هذا نافذا من تاريخ اقراره وليس من تاريخ سابق ومن ثم فان ما تقاضته من مرتب نتيجة لتصرفها انما كان مصدر ربح لها فيما ينهى عنه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18/ 9/ 1949 فى بنده الثانى - وكما أن القضاء بالتعويض هو خروج عن موضوع النزاع اذ لم يرد بطلبات المدعية فى عريضة دعواها من جانب ومن جانب آخر لم يحقق دفاع الادارة مما يجعل الحكم به مخالفا للقانون.
ومن حيث أنه بان للمحكمة مما استظهرته من أوراق الدعوى وملف خدمة المدعية أن وزارة الاوقاف طلبت بتاريخ 2/ 9/ 1951 من وزارة الصحة ندب الحكيمة السيدة المدعية التى كانت رئيسة لرعاية الطفل بالعباسية للعمل بعيادة الأوقاف بمكة المكرمة وقد وافقت وزارة الصحة فى 24/ 9/ 1951 على الندب الى آخر نوفمبر سنة 1951 توطئة للنقل لوزارة الأوقاف خلال مدة الندب، وبتاريخ 27/ 11/ 1951 طلبت ادارة المستخدمين بالأوقاف الغاء ندب المدعية لعدم وجود وظيفة خالية بميزانية الأقطار الحجازية - وأخطرت التكية المصرية بذلك عن طريق قسم الحسابات بالكتاب المؤرخ 22/ 12/ 1951 واستعجلت مراقبة المستخدمين القسم الطبى فى 15/ 1/ 1952 للرد على الكتاب وبتاريخ 13/ 1/ 1952 طلبت مراقبة المستخدمين من وكيل وزارة الصحة الموافقة على استمرار ندبها لمدة ثلاثة شهور أخرى تنتهى فى آخر فبراير سنة 1952 وبتاريخ 27/ 1/ 1952 أرسل القسم الطبى رده على الاستعجال الوارد من مراقبة المستخدمين فى 5/ 1/ 1952 بالافادة بأن المدعية انقطعت عن العمل اعتبارا من يوم 8/ 1/ 1952 وهى خالية الطرف وبتاريخ 10/ 1/ 1952 طلبت المدعية اعطاءها أجازة 15 يوما حتى تبت الوزارة فى أمر استمرار ندبها حيث أنها قد انقطعت عن العمل من يوم 8 يناير سنة 1952 حسب أمر الوزارة - وبتاريخ 6/ 2/ 1952 أرسلت مراقبة المستخدمين الى القسم الطبى كتابا تستعجل أمر الموافقة على استمرار الندب لمدة ثلاثة شهور تنتهى فى آخر فبراير سنة 1952 وبتاريخ 12/ 3/ 1952 ورد خطاب من وزارة الصحة الى وكيل وزارة الأوقاف بالموافقة على استمرار الندب لمدة ثلاثة شهور تنتهى فى آخر فبراير سنة 1952 تمهيدا للنظر فى أمر النقل نهائيا لوزارة الأوقاف - وبتاريخ 21/ 4/ 1952 ووفق على استمرار الندب حتى آخر السنة المالية (آخر يونيه سنة 1952) وأخطرت المدعية بذلك فى 24/ 5/ 1952 وقد أصدر وكيل وزارة الأوقاف بتاريخ 8/ 5/ 1958 قرارا باعتبار المدة من 8/ 1/ 1952 الى 23/ 5/ 1952 أجازة اعتيادية للحكيمة نعيمة عطية الشافعى والعمل على استرداد المبلغ المنصرف اليها بغير حق كبدل سفر عن تلك المدة وقد صدر هذا القرار بناء على التقرير المقدم من المراقبة القضائية بديوان المحاسبة الى السيد الدكتور رئيس الديوان فى شأن المخالفات التى شابت ندب السيدة المدعية للعمل بعيادة الأوقاف بمكة المكرمة وكان التقرير قد انتهى الى اقتراح استرداد المبلغ سالف الذكر.
ومن حيث أن مثار النزاع فى هذه الدعوى هو ما اذا كانت المدعية تستحق صرف بدل السفر عن المهمة التى انتدبت لها بالتكية المصرية بمكة المكرمة عن المدة من 8/ 1/ 1952 الى 23/ 5/ 1952 والتى انقطعت فيها عن العمل واعتبرت هذه المدة أجازة اعتيادية أم أنها لا تستحق هذا البدل لعدم قيامها فعلا بأعمال المهمة المنتدبة من أجلها.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن راتب بدل السفر هو مزية من مزايا الوظيفة العامة يخضع فى أحكامه وشروط استحقاقه لما تقرره القوانين واللوائح فى هذا الخصوص.
ومن حيث أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة وهو القانون العام فى شئون التوظف كان ينص فى المادة 55 منه على أن "للموظف الحق فى استرداد المصروفات التى يتكبدها فى سبيل الانتقال لتأدية مهمة حكومية وله الحق فى راتب "بدل سفر" مقابل النفقات الضرورية التى يتحملها بسبب تغيبه عن الجهة التى يوجد بها مقر عمله الرسمى وذلك على الوجه وبالشروط والأوضاع التى يصدر بها قرار مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد. وكان قد صدر قرار مجلس الوزراء فى 25 من أكتوبر سنة 1925 والقرارات المعدلة له وتتضمن قواعد منح راتب بدل السفر وهى المعروفة بلائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال وهى التى تحكم الحالة موضع النزاع - ومفاد نصوص هذه اللائحة أن منح راتب بدل السفر منوط بتوافر شروط ثلاثة أولها مستمد من الحكمة من تقرير هذا الراتب وهى أن يقف عند حد استرداد المصروفات الفعلية والضرورية التى ينفقها الموظف فى سبيل خدمة الحكومة علاوة على مصاريف معيشته الاعتيادية وذلك أعمالا لمبدأ أساسى هو ألا يكون هذا الراتب مصدر ربح للموظف والشرط الثانى يتصل بالمدة التى يستحق عنها بدل السفر اذ يجب أن تكون هذه المدة مؤقتة بحيث تنتفى مظنة النقل والشرط الثالث خاص بالاجراءات التى يجب اتخاذها لاستحقاق بدل السفر وهى تقديم اقرار الى الرئيس المباشر فى ميعاد لا يجاوز نهاية الشهر التالى للشهر الذى يعود فيه الموظف الى محل اقامته المعتاد على أن يتضمن بيانات تخضع لرقابة الرئيس المباشر للتحقق من صحتها - حتى لا يمنح هذا المرتب فى غير وجهه الذى عينه القانون واللائحة.
ومن حيث أن الثابت من أوراق الدعوى أن المدعية ندبت للعمل بالعيادة الطبية بمكة المكرمة التابعة لوزارة الأوقاف ندبا مؤقتا تقتضيه الضرورة لمصلحة العمل فى خدمة الحكومة على وجه طارئ يتنافى مع الاستدامة وكان هذا الندب ينتهى فى آخر نوفمبر سنة 1951 إلا أن المدعية ظلت تباشر عملها حتى أخطرت بانتهاء فترة الندب باخلاء طرفها من العمل فى 7/ 1/ 1952 فتقدمت فى 10/ 1/ 1952 بطلب أجازة 15 يوما وأنها ترتيبا على ذلك لم تقم بأى عمل من أعمال المهمة الحكومية المنتدبة بها اعتبارا من 8/ 1/ 1952 حتى تاريخ أخطارها فى 24/ 5/ 1952 بتجديد ندبها لمدة أخرى تنتهى فى آخر يونيو سنة 1952 وقد تحدد هذا الوضع بالقرار الصادر من وكيل وزارة الأوقاف فى 8/ 2/ 1958 باعتبار المدة سالفة الذكر أجازة اعتيادية للمدعية وكان ذلك بناء على ما أسفر عنه التحقيق الذى أجرته المراقبة القضائية بديوان المحاسبة من أن المدعية لم تقم بأى عمل من الأعمال الحكومية المنتدبة لها. ولما كان من شروط استحقاق راتب بدل السفر هو أداء المهمة الحكومية المنتدب لها الموظف فاذا لم يقم الموظف بخدمة الحكومة على الوجه المعين له فان شرط استحقاق البدل يكون متخلفا كما لا يستحق الموظف المنتدب بدل السفر عن مدة الأجازات الاعتيادية أو المرضية الا اذا قررت الجهات الطبية المختصة أن حالته الصحيحة لا تسمح بعودته الى محل عمله الأصلى ولذلك فان المدعية لا تستحق المبالغ التى صرفت لها كراتب بدل السفر عن المدة من 8/ 1/ 1952 الى 23/ 5/ 1952 والتى اعتبرت بقرار وكيل وزارة الأوقاف الصادر فى 8/ 2/ 1958 سالف الذكر أجازة اعتيادية - ولا يشفع لها فى استحقاق هذا الراتب ما قد يفهم خطأ بأن الموافقة الصادرة فى 21/ 4/ 1952 والمبلغة للمدعية فى 24/ 5/ 1952 باستمرار ندبها حتى آخر السنة المالية (آخر يونيو سنة 1952) قد صدرت بنية تغطية جميع المدد السابقة واعتبار هذه المدد السابقة متصلة حكما لم تنقطع، ذلك لأن هذه الموافقة لم تتضمن هذا المعنى صراحة كما أن القرار الصادر بها لا يتصور أن ينطوى على أمر يخالف الحقيقة والواقع فيعتبر أن المدعية قد أدت عملها خلال الفترة المتنازع عليها وهى لم تؤده لا فعلا ولا حكما ولذلك صدر قرار وكيل وزارة الأوقاف فيما بعد باعتبار هذه المدة أجازة اعتيادية مما لا يجوز معه قيام حالة الندب وبالتالى استحقاق راتب بدل السفر. كما أن الندب الأول قد انتهى فعلا وقانونا اعتبارا من يوم 8/ 1/ 1952 وأخلى طرف المدعية اعتبارا من ذلك التاريخ مما اضطرها الى أن تنقطع عن العمل فعلا وتطلب منحها أجازة 15 يوما حتى يصدر قرار جديد بمدة جديدة مبتدأة ولكن هذا القرار الذى تعلقت به أمانى المدعية لم يصدر الا فى 12/ 3/ 1952 لمدة ثلاثة أشهر تنتهى فى آخر فبراير سنة 1952 أى أنه صدر بعد انتهاء المدة المطلوبة للندب ثم صدر القرار الأخير فى 21/ 4/ 1952 لمدة ثالثة تنتهى فى آخر يونية سنة 1952 وهو الذى أخطرت به المدعية فى 24/ 5/ 1952 وهو غير نافذ المفعول الا خلال المدة التالية لهذا الاخطار ومؤدى ذلك أنه لا يجوز سحب آثاره الى ما قبل هذا التاريخ والا أفضى ذلك الى منح المدعية حقوقا لا يجوز منحها طبقا لقواعد لائحة بدل السفر الا لمن قام فعلا باداء العمل الذى ندبت للقيام به.
كما أنه لا حجة فيما يقال من أن المدعية منعت قسرا عن العمل أو أنها لم تمكن من ذلك لأن منعها من العمل بفرض وقوعه انما كان متفقا مع أحكام قرار ندبها الأول الذى حدد ميعادا لانتهاء مدة الندب وهو الذى أخطرت به المدعية وأخلى بموجبه طرفها فى 8 من يناير سنة 1952.
ومن حيث أن الحكم المطعون وقد ذهب على غير سند من الواقع أو القانون الى خلاف ذلك وقضى للمدعية بتعويض لم يرد بين طلباتها الواردة فى صحيفة دعواها يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وفى تطبيقه ومن ثم يتعين القضاء بالغائه وبرفض الدعوى مع الزام المدعية بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعية المصروفات.
ساحة النقاش