اخطار اللجنة الطبيةالحكمة من اخطار اللجنة الطبية حسب المفهوم الصحيح للمادة الثالثة من قرار وزير الصحة رقم 773 لسنة 1960 هو اخبارها بحالة المرض الذى يصيب الموظف وبمكان وجوده هذه الحكمة تتحقق سواء تم اخطار هذه اللجنة من الموظف نفسه أو من جهة الادارة.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 30
(5)
جلسة 22 من نوفمبر سنة 1969
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.
القضية رقم 1156 لسنة 11 القضائية
موظف - أجازة مرضية "اخطار اللجنة الطبية".
الحكمة من اخطار اللجنة الطبية حسب المفهوم الصحيح للمادة الثالثة من قرار وزير الصحة رقم 773 لسنة 1960 هو اخبارها بحالة المرض الذى يصيب الموظف وبمكان وجوده - هذه الحكمة تتحقق سواء تم اخطار هذه اللجنة من الموظف نفسه أو من جهة الادارة.
الحكمة من اخطار اللجنة الطبية حسب المفهوم الصحيح للمادة الثالثة من قرار وزير الصحة المشار إليه، هو اخبار اللجنة الطبية بحالة المرض الذى يصيب الموظف، وبمكان وجوده، حتى تتمكن اللجنة الطبية من الكشف عليه في محل وجوده واثبات حالته الصحية وليس من شك أن هذه الحكمة تتحقق إذا تم اخطار اللجنة الطبية سواء من الموظف نفسه أو من جهة الادارة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتخلص، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعى أقام الدعوى رقم 249 لسنة 18 القضائية ضد وزير الداخلية ومدير أمن اسيوط بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1963، وانتهى في طلباته المعدلة إلى طلب الغاء القرار الصادر من مدير أمن أسيوط بتاريخ 12 من فبراير سنة 1963 بخصم ما يوازى أجر ثلاثة أيام من ماهيته وخصم أيام الغياب ومدتها 34 يوما من راتبه واعتباره كان لم يكن مع الزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحا لدعواه انه بتاريخ 9 من مارس سنة 1962 منح أجازة مرضيه مدتها عشرة أيام، ونظرا لأنه لم يشف نهائيا فقد أخطر مديرية أمن أسيوط بأنه ما زال مريضا وملازما الفراش ببلدته، فأرسلت إليه مديرية الأمن أشارة عن طريق مديرية الجيزة بأنه تحرر لقومسيون طبى الجبزة للكشف عليه. ولما لم يعوده القومسيون حتى 14 من أبريل سنة 1962 فقد أرسل شقيقه إلى هناك للتبليغ عن مرضه وعدم قدرته على مغادرة الفراش، فندب القومسيون الطبى الدكتور خالد ابراهيم جمعه مفتش صحة سقاره للكشف عليه، وفعلا انتقل إليه مفتش الصحة واتضح له أنه مريض وحرارته مرتفعة، فأفاد القومسيون الطبى بذلك، ثم زاره مرة أخرى في 19 من ابريل سنة 1962، وفى هذا التاريخ رأى القومسيون بعد الكشف عليه أنه لم يجد به علامات اكلينيكية ظاهرة تجزم بسابقة مرضه ورأى عدم حساب مدة الغياب أجازة مرضية، وعلى أثر تحقيق نسبت إليه فيه جهة الادارة الغياب بدون أذن من 16 من مارس إلى 21 من أبريل سنة 1962، وانه تراخى في تنفيذ أوامر المديرية بالتوجه إلى الكشف الطبى، أوقعت عليه جهة الادارة عقوبة الخصم من المرتب لمدة ثلاثة أيام، مع خصم مدة الغياب بدون أذن. ونص المدعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك لأنه بنى على القرار الصادر من القومسيون الطبى بالجيزة، وهو قرار خاطىء بدوره لأن اللجنة الطبية أقامته على أنها لم تجد به علامات اكلينيكية ظاهرة تدل على سابقة مرضه مع أن الثابت من الأوراق أنه سبق الترخيص له باجازة مرضية لمدة عشرة أيام أنتهت فى يوم 19 من مارس سنة 1962، كما وجده مفتش صحة سقاره مريضا عندما زاره في منزله بعد أن ندبه القومسيون الطبى للكشف عليه، وأما القول بأنه "المدعى" تراخى في تنفيذ أمر مدير أسيوط بعرض نفسه على القومسيون الطبي، فانه أمر يكذبه الواقع، ذلك لأن الاشارة التى أبلغت إليه عن طريق مديرية أمن الجيزة لم تتضمن هذا التكليف، كما أنه لم يواجه بهذه الواقعة ليدلى بدفاعه بشأنها بالمخالفة لأحكام قانون هيئات البوليس التى توجب سماع أقوال الضابط قبل ايقاع الجزاء به.
ردت جهة الادارة على الدعوى، بانه ثابت من قرار اللجنة الطبية الصادر بجلسة 23 من أبريل سنة 1962 أنه بالكشف على المدعى لم توجد به علامات اكلينيكية تجزم بسابقة مرضه، ولذلك فلا يجوز احتساب مدة الانقطاع أجازة مرضية، وعلى ذلك فان المدعى يكون قد انقطع عن عمله بدون اذن مدة 34 يوما، وأما بالنسبة إلى التهمة الثانية فان المدعى لم يقم باتباع الاجراءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من قرار وزير الصحة رقم 733 لسنة 1960 التى أوجبت على الموظف أن يخطر الجهة الرئاسية التى يتبعها وكذا اللجنة الطبية المختصة إذا كانت حالته المرضية لا تسمح له بالانتقال إليها، والذى حصل هو أن المدعى تراخى في عرض نفسه على اللجنة الطبية حتى يوم 14 من أبريل سنة 1962، ومن ثم تكون التهمتان ثابتتين في حقه ويكون القرار المطعون فيه قائم على سببه وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث أنه بجلسة 30 من يونية سنة 1965 حكمت محكمة القضاء الادارى بالغاء القرار المطعون فيه، واقامت قضاءها على أن قرار الجزاء بنى على مخالفتين أولاهما هي التغيب بدون أذن لمدة 34 يوما والثانية هي التراخى في تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من مديرية أمن أسيوط، أما بالنسبة إلى المخالفة الأولى، فان الثابت من الأوراق أن مفتش صحة سقارة توجه إلى منزل المدعى منتدبا من قبل القومسيون الطبى، واتضح له فحصه أن حالته لا تمكنه من الانتقال فأخطر القومسيون الطبى بذلك، وقد اعترف رئيس القومسيون بهذه الواقعة في مذكرته المؤرخة في 11 من يونية سنة 1962، وفي هذا ما يدل على أن المدعى تغيب عن عمله لمرض أخطر عنه عقب أجازته المرضية المرخص بها، ومن ثم يكون ما نسب إليه من التغيب بغير أذن، غير مستخلص من وقائع تنتجه، وأما بالنسبة إلى المخالفة الثانية، فإن مديرية أمن أسيوط لم توجه إلى المدعى أية أوامر امتنع أو تراخى في تنفيذها، كما أنه لا اعتداد بما أثارته جهة الادارة من أنه كان على المدعى واجب اخطار اللجنة الطبية المختصة طبقا لقرار وزير الصحة رقم 733 لسنة 1960، ذلك لأنه ثابت من الأوراق أن مديرية الأمن بادرت إلى أخطار القومسيون الطبي بمرض المدعى وطلبت الكشف عليه بمنزله، ومن ثم فلا محل لمساءلة المدعى عن عدم الاخطار، وانتهت المحكمة إلى أن المخالفتين المنسوبتين إلى المدعى لم يستخلصا استخلاصا سائغا من الأوراق ويكون قرار الجزاء مخالفا للقانون. وإذ تضمن القرار إلى جانب توقيع الجزاء، خصم مدة الغياب من مرتب المدعى، وقد اتضح أنه كان معذورا في غيابه، فان القرار بشقيه يكون مخالفا للقانون وحقيقا بالالغاء.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن اللجنة الطبية هي الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل في الكشف على الموظفين ومنحهم الاجازات المرضية وقرارها في كل ذلك يتعلق بأمور طبية فنية لا رقابة للقضاء عليها ما دام قرارها خلال من اساءة استعمال السلطة، وهو ما لم يثبته المطعون ضده، وأما ما استند إليه الحكم المطعون فيه من أقوال مفتش صحة سقارة الذى ندبته اللجنة لبيان حالة المطعون ضده، فانه لا يجوز التعويل عليه، لأن تقرير مفتش الصحة كان تحت نظر اللجنة عن قيامها بالكشف على المطعون ضده، وقد أهدرته اللجنة، لأنها لم تجد به أى علامات تدل على سابقة المرض، ويضاف إلى ذلك أن حضور المطعون ضده أمام القومسيون في 22 من أبريل سنة 1962 وثبوت عدم اصابته بأى مرض يتنافى مع ما جاء في تقرير مفتش الصحة من أنه من كان مريضا طوال مدة الانقطاع. ويضاف إلى ذلك كله أن المادة الثالثة من القرار 773 سنة 1960 أوجبت على الموظف الذى يريد مد أجازته المرضية، وهو غير قادر على الانتقال إلى مقر اللجنة الطبية، أن يخطرها بهذه الواقعة لتقوم بالكشف عليه في منزله، والثابت من الأوراق أن المدعى لم يقم بهذا الواجب إلا بتاريخ 14 من أبريل سنة 1962 أى بعد مضى 26 يوما من تاريخ الانقطاع، ولا يغنى عن ذلك قيام مديرية الأمن باخطار القومسيون بذلك، أو ثبوت أن الموظف غير قادر فعلا على الانتقال لأن ذلك لا يصبح عذرا للاعفاء من واجب الاخطار، ويتضح من ذلك كله أن واقعة غياب المطعون ضده عن عمله بغير أذن ولا مبرر ثابتة في حقه، ومن ثم يكون قرار الجزاء وخصم ما يقابل أيام الغياب من مرتبه مطابقا القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا فانه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه في محله للأسباب التى بنى عليها، والتى تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسبابا لحكمها، ويضاف إليها أن المادة الثالثة من قرار وزير الصحة رقم 773 لسنة 1960 بشأن لائحة اللجان الطبيعة تنص على ما يأتى "في حالة طلب الموظف أو العامل أمتدادا لأجازته المرضية وجب عليه في نهاية أجازته أن يخطر رئاسته المباشرة بخطاب موصى عليه أو باشارة تليفونية، وان يتقدم للجنة الطبيعة المختصة لتوقيع الكشف عليه لمنحه الامتداد اللازم إذا كان قادرا على الانتقال - أما إذا كان غير قادر على الانتقال فعليه أن يخطر رئاسته المباشرة واللجنة الطبية المختصة بخطاب موصى عليه أو تلغرافيا أو باشارة تليفونية مع أيضاح عنوانه بالدقة - وعلى رئيس اللجنة الطبيعة انتداب طبيبين حكوميين للكشف عليه ومنحه الامتداد اللازم لمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما، ولا تصبح هذه الأجازة نهائية إلا بعد اعتمادها من اللجنة الطبيعة المختصة". ومفاد هذا النص أنه يقع على الموظف المريض الذى يريد مد أجازته المرضية ولا تمكنه حالته الصحية من الانتقال إلى مقر اللجنة الطبية، أن يبلغ الأمر إلى رئاسته المباشرة والى اللجنة الطبية بأى طريق من الطرق المنصوص عليها في المادة الثالثة، ويقع على اللجنة الطبية، بمجرد ورود الاخطار إليها، واجب المبادرة إلى زيارة الموظف المريض في محل وجوده، أو ندب من تختاره لمنح الأجازة المرضية أن كان لذلك وجه، حتى لا تفوت على الموظف فرصة أثبات حالته الصحية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف التحقيقات المرفق بملف الطعن، أنه على أثر ورود تقرير اللجنة الطبيعة المختصة بالجيزة الذى أنتهى إلى عدم احتساب مدة انقطاع المطعون ضده أجازة مرضية، حرر قلم الشرطة بمديرية أمن أسيوط مذكرة بتاريخ أول مايو سنة 1962 جاء فيها، أنه تصرح للمطعون ضده بأجازة مرضية لمدة عشرة أيام اعتبارا من 9 من مارس سنة 1962 إلى 18 من مارس سنة 1962 بمعرفة قومسيون طبى أسيوط العام، لا صابته بنزلة بردية حادة، وتصرح له بالسفر إلى بلدته وصرفت إليه الاستمارات اللازمة، وبتاريخ 19 من مارس سنة 1962 ورد منه اخطار يفيد أنه مريض وملازم للفراش ببلدته سقارة، فارسلت المديرية في ذات التاريخ أشارة تليفونية لقومسيون طبى مديرية أمن الجيزة لتوقيع الكشف الطبى على بمنزله وأخطر المطعون ضده بذلك، وبتاريخ 28 من أبريل سنة 1962 وردت نتيجة الكشف من قومسيون طبى الجيزة وتضمنت أنه لم يوجد بالمطعون ضده علامات اكلينيكية ظاهره تجزم بسابقة مرضه، وقد تأشر على هذه المذكور بتاريخ أو مايو سنة 1962 باحالة الموضوع إلى مفتش التحقيقات لاجراء التحقيق اللازم، وقد قام المحقق بسؤال المطعون ضده فذكر أنه كان مريضا وملازما فراشه منذ أخطر مديرية الأمن بذلك، يوم 19 من مارس سنة 1962، وان مفتش صحة سقارة تردد عليه منتدبا من اللجنة الطبية ووجده مريضا، ولما تحسنت حالته، نبه عليه بعرض تفسه على اللجنة الطبية، وسئل مفتش صحة سقارة، فشهد أنه بتاريخ 14 من أبريل سنة 1962 وردت إليه اشارة من اللجنة الطبية بالجيزة بتوقيع الكشف الطبى على المطعون ضده في منزله والتنبيه عليه بعرض نفسه على اللجنة في اليوم التالى، وأخذ اقرار عليه بذلك، ولما عاد المريض في ذات اليوم وجده مصابا بنزلة بردية حادة مع ارتفاع في درجة الحرارة (39 درجة) وحالته لا تمكنه من الانتقال إلى مقر اللجنة، فارسل اشارة بهذا المعنى إلى اللجنة الطبية في ذات اليوم، وبتاريخ 19 من أبريل سنة 1962 ورد إليه كتاب سرى من اللجنة الطبية لارسال تقرير تفصيلى عن حالة المطعون ضده، وعما إذا كانت حالته تستدعى انقطاعه عن العمل، وتمنعه من المثول أمام اللجنة الطبية، فزار المطعون ضده في هذا اليوم ووجد أن حالته تحسنت نوعا فأخذ عليه تعهدا بالذهاب إلى اللجنة الطبية في يوم 22 من أبريل سنة 1962 وهو الميعاد المحدد لانعقاد اللجنة الطبية، وأخطرها بذلك، وقد طلب المحقق من رئيس اللجنة الطبية مذكرة بمعلوماته، فقدم مذكرة بتاريخ 11 من يونية سنة 1962 جاء فيها أنه بتاريخ 14 من أبريل سنة 1962 حضر السيد/ فتحى فرج الحمزاوى شقيق المطعون ضده واخطار بمرض شقيقه، وبعدم قدرته على الانتقال إلى مقر اللجنة الطبية، فارسلت أشارة في ذات اليوم إلى الوحدة المجمعة لتكليف المطعون ضده بالمثول أمام اللجنة، وفى حالة عدم قدرته على ذلك، يرسل تقرير مستوفى للنظر، ثم ورد رد الوحدة بأن المطعون ضده مصاب بنزلة بردية مع ارتفاع في درجة الحرارة، فاعيدت الأوراق إلى الوحدة للكشف على المطعون ضده، وكتابة تقرير عن حالته، وبعد ذلك وردت الأوراق ومرفق بها أقرار من المطعون ضده بانه سيمثل أمام اللجنة في يوم 22 من أبريل سنة 1962، وفى هذا التاريخ تم الكشف عليه ووجدت صحته طبيعية ولم توجد به علامة اكلينيكية ظاهرة تجزم بسابقة مرضة، ثم عرضت أوراق التحقيق على مفتش الضبط الذى رأى سؤال رئيس اللجنة الطبية عما جاء في تقرير مفتش الصحة من أن المطعون ضده كان مريضا عندما زاره، ولما توجه المحقق بتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1962 لسؤاله، أفاد سيادته بأن الموضوع لا يقبل المناقشة لأن قرارات اللجنة الطبية نهائية ولا تقبل التغيير، وبناء على ذلك أصدر السيد مدير أمن أسيوط قرارا في 12 من فبراير سنة 1963 بمجازاة النقيب رياض فرج الحمزاوى بخصم ما يوازى أجرة ثلاثة أيام من ماهيته مع خصم أيام الغياب ومدتها 34 يوما، واقيم الجزاء على تهمتين أولهما الغياب بدون أذن لمدة 34 يوما، والثانى التراخى في تنفيذ أمر المديرية بالاتصال باللجنة الطبية.
ومن حيث أنه وان كانت اللجنة الطبيعة هى الادارية صاحبة الاختصاص الأصيل في الكشف على العاملين بالدولة ومنحهم الأجازات المرضية، وقراراتها الصادرة في هذا الشأن تتعلق بامور طبية تنأى بطبيعتها عن الرقابة القضائية، ما دامت قد خلت من أساءة استعمال السلطة، غير انه يبين من الاطلاع على قرار اللجنة الطبية الذى بنى عليه القرار المطعون فيه أنه يجرى على النحو الآتى "بالكشف عليه اليوم لم توجد به علامات اكلينيكية ظاهره تجزم بسابقة المرض، فالقرار على هذا النحو لا يفصح بذاته عن حالة المطعون ضده الصحية أبان فترة الانقطاع، وهل كان مريضا حقا فيستحق منحه أجازة مرضية أو أنه كان متمارضا فتحسب المدة انقطاعا بغير أذن، ذلك لأن القرار قد يؤول على أن اللجنة الطبية وجدت بالمطعون ضده، عند الكشف عليه، علامات ولكنها لا تدل دلالة قاطعة على سابقة المرض، أو أن المرض الذى ألم به وشفى منه لم يترك علامات ظاهرة تقطع بسابقة حصوله، على أى حال من الأحوال لم يؤكد القرار أن المطعون ضده لم يكن مريضا خلال فترة الانقطاع، ولم يتضمن من الأسباب ما يدل أو يرجع أن الانقطاع لم يكن سببه المرض، ولم يقدم رئيس اللجنة عند سؤاله في التحقيقات أية أيضاحات تدل على ما قصدته اللجنة من قرارها المشار إليه، وازاء هذا الغموض فلا يكون ثمة سبيل إلى استكناه حقيقة الأمر في شأن سبب انقطاع المطعون ضده عن العمل الا بالرجوع إلى الأوراق الأخرى المتعلقة بالموضوع والمرفقة بملف الطعن، وأولها القرار الصادر من اللجنة الطبية المختصة بأسيوط والذى أثبت أن المطعون ضده كان مريضا في الفترة السابقة على يوم 19 من مارس سنة 1962، وأما بعد هذا التاريخ فقد أثبت مفتش صحة سقارة الذى ندبته اللجنة الطبية بالجيزة للكشف على المطعون ضده واثبات حالته الصحية وبيان مدى قدرته على الانتقال إلى مقر اللجنة الطبية، في تقريرين، أن المطعون ضده كان مريضا في يوم 14 من أبريل سنة 1962 وكانت حرارته مرتفعه لا تمكنه من مغادرة الفراش، وانه لم يبدأ في التحسن إلا في يوم 19 من أبريل سنة 1962، وأنه لذلك نبه على المطعون ضده بالانتقال إلى مقر اللجنة الطبية في أول انعقاد لها أى في يوم 22 من أبريل سنة 1962، ويستخلص من ذلك كله أن المطعون ضده لم يكن متمارضا خلال فترة الانقطاع وانما كان مريضا، ولذلك فان السبب الذى بنى عليه قرار الجزاء والخصم من المرتب يكون غير قائم على أسباب تبرره وغير مستخلص استخلاصا سائغا من وقائع تنتجه، أو بالقليل يكون وجوده مفتقرا إلى الدليل، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق عندما انتهى إلى عدم مشروعية قرار الجزاء والخصم من المرتب.
ومن حيث أنه لا اعتداد في هذا الشأن بما أثارته جهة الادارة في دفاعها من أن عدم قيام المطعون ضده باخطار اللجنة حتى يوم 14 من ابريل سنة 1962 يتضمن مخالفة لاحكام قرار وزير الصحة رقم 773 لسنة 1960 المشار إليه، وانه لا يؤثر على قيام هذه المخالفة في حقه، قيام مديرية أمن أسيوط بالاخطار عن مرض المطعون ضده، لا اعتداد لذلك، لأن الحكمة من اخطار اللجنة الطبية حسب المفهوم الصحيح للمادة الثالثة من قرار وزير الصحة المشار إليه، هو اخبار اللجنة الطبيعة بحالة المرض الذى يصيب الموظف، وبمكان وجوده، حتى تتمكن اللجنة الطبية من الكشف عليه في محل وجوده واثبات حالته الصحية وليس من شك أن هذه الحكمة تتحقق إذا تم اخطار اللجنة الطبية سواء من الموظف نفسه أو من جهة الادارة، وبعبارة أخرى فان قيام جهة الادارة باخطار اللجنة بمرض الموظف وبطلب الكشف عليه في منزله يمكن أن يغنى عن قيام الموظف بهذا الاخطار، ولما كان الثابت من الأوراق، على النحو السالف بيانه، انه في ذات اليوم اخطر فيه المطعون ضده مديرية أمن أسيوط بمرضه وبمكان وجوده، قامت هذه المديرية باخطار اللجنة الطبية المختصة للكشف على المطعون ضده في منزله، ثم اخطرت المطعون ضده بما اتخذته من اجراءات، ومن ثم فقد سقط عن كاهل هذا الأخير واجب اخطار اللجنة الطبية بذات البيانات التى ابلغت إليها فعلا.
ومن حيث أنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه صحيح للأسباب التى بنى عليها فمن ثم يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون، ويتعين لذلك، الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا مع الزام الطاعنة بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ساحة النقاش