أن حق الموظف في الأجازة العارضة ليس حقا مطلقا بل هو حق يخضع في وجوده أو عدمه لتقدير الادارة لقيام السبب المسوغ لها المنصوص عليه في المادة المشار إليها أو عدم قيامه.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 108
(17)
جلسة 4 من يناير سنة 1970
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.
القضية رقم 626 لسنة 11 القضائية
موظف - أجازة عارضة - حق الموظف في الأجازة العارضة - ليس حقا مطلقا، بل يخضع في وجوده أو عدمه لتقدير الادارة لقيام السبب المسوغ لها أو عدم قيامه.
أن حق الموظف في الأجازة العارضة ليس حقا مطلقا بل هو حق يخضع في وجوده أو عدمه لتقدير الادارة لقيام السبب المسوغ لها المنصوص عليه في المادة المشار إليها أو عدم قيامه، فإذا ما قدر الرئيس المسئول، في ضوء اعتياد الموظف عدم احترام مواعيد العمل والانقطاع عنه بغير مبرر، كما هو الشأن بالنسبة إلى المدعى، أن طلب الأجازة العارضة لم يكن لسبب طارىء وهو المسوغ لمنحها، وانما كان ذلك لستر انقطاع عن العمل بغير مبرر فانه لا لوم على الادارة أن هي رفضت الموافقة على مثل هذا الطلب واعتبرت التغيب انقطاعا عن العمل يستوجب الحرمان من المرتب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الحكم المطعون فيه صدر في 15 من مارس سنة 1965 وقدم الطاعن طلب الاعفاء رقم 158 لسنة 11 القضائية إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الادارية العليا في 10 من مايو سنة 1965 خلال الستين يوما التالية لصدور الحكم المطعون فيه فصدر قرار باعفاءه من الرسوم القضائية في 22 من مايو سنة 1965 فأودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في 31 من مايو سنة 1965 قبل أنقضاء ستين يوما على صدور قرار الاعفاء ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية في قطع ميعاد الطعن.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن السيد/ أحمد محمد على أقام الدعوى رقم 1265 لسنة 16 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير عام منطقة دمنهور التعليمية بصفتهما بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى في 6 من سبتمبر سنة 1962 وطلب في عريضة الدعوى الحكم "بالغاء القرار الادارى الصادر من منطقة دمنهور التعليمية القاضى باحتساب 24 يوما غياب للطالب بدون مرتب واحتساب مرتب الطالب عن الأربعة وعشرين يوما موضوع هذا القرار بمرتب مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواه في أن حرمانه من مرتبه عن الأربعة وعشرين يوما المنسوب إليه التغيب فيها والمبينة فيما يلى لا يقوم على أساس سليم، ذلك أنه بالنسبة لأيام 16،17،18 من سبتمبر سنة 1961 فانه لم يكن قد تسلم عمله بالمدرسة الثانوية الفنية المشتركة بمديرية التحرير بعد نقله إليها من المعهد الزراعى بالمنيا، وان توقيعه ثابت بدفتر الحضور في يومى 24،27 من سبتمبر سنة 1961، وانه تقدم بطلب لمنحه أجازة عارضة عن يوم 28 من سبتمبر سنة 1961 وانه بالنسبة للفترة من 22 إلى 28 من اكتوبر سنة 1961 ويوم 31 من اكتوبر سنة 1961 فان لم يتغيبها حيث لم يكن بالمدرسة دفتر لاثبات الحضور والانصراف، وانه عن الفترة من 2 إلى 5 من نوفمبر سنة 1961 فانه وقع في الدفتر المعد لاثبات الحضور والانصراف يوم 2 من نوفمبر سنة 1961 وطلب أجازة عارضة عن يومى 4 و5 من نوفمبر سنة 1961 أما يوم 3 من نوفمبر سنة 1961 فقد كان يوم جمعة وهو عطلة رسمية وانه عن أيام 6و7و8 من ديسمبر سنة 1961 فقد وقع بدفتر الحضور في يومى 6و7 ديسمبر سنة 1961 وأما يوم 8 من ديسمبر سنة 1961 فقد كان يوم جمعة، وانه بالنسبة لآيام 21و22 و23 من ديسمبر سنة 1961 فلم يكن لديه يوم 21 من ديسمبر سنة 1961 أى عمل بالمدرسة طبقا لجدول الدروس المحدد لعمله وأن يوم 22 من ديسمبر سنة 1961 كان يوم جمعة وانه تقدم بطلب لمنحه أجازة عارضة عن يوم 23 من ديسمبر سنة 1961 - وأجابت الجهة الادارية عن الدعوى بمذكرة تضمنت انه بناء على مذكرة مرسلة من ناظر المدرسة الثانوية المشتركة بمديرية التحرير إلى مديرية التربية والتعليم بمحافظة البحيرة بشأن تغيب بعض مدرسى المدرسة المذكورة بدون اذن قد اجرى تحقيق قام به أحد المفتشين المختصين بمديرية التربية والتعليم اسفر عن ثبوت تغيب المدعى الأيام آنفة الذكر بدون مسوغ أما ما برر به تغيبه أيام 16، 17و18 من سبتمبر سنة 1961 من انه لم يكن قد تسلم عمله في المدرسة بعد فانه قد اثاره لأول مرة في عريضة دعواه ولم يثره في التحقيق وقد ثبت عكس ما ادعاه من عدم وجود دفاتر لاثبات الحضور والانصراف بالمدرسة كما أن التعليمات تقضى بضرورة حضور المدرس إلى المدرسة ولو لم يكن لديه حصص يقوم بتدريسها طبقا للجدول وفي خصوص الاجازات العارضة التى تقدم بها فانه لم تحصل الموافقة عليها، ثم انه وأن كان وقع في دفتر الحضور في بعض الأيام إلا أنه كان ينصرف قبل انتهاء العمل وقد عومل على أساس اعتباره متغيبا عن العمل في تلك الأيام ولما كان الأجر مقابل العمل فقد قررت الادارة حرمانه من أجره خلال هذه الفترة وانتهت الجهة الادارية في مذكرتها إلى طلب الحكم برفض الدعوى والزام رافعها بالمصروفات - وبجلسة 15 من مارس سنة 1965 قضت محكمة القضاء الادارى "برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات" وأقامت قضاءها على أن الجهة الادارية استندت في حرمانها للمدعى من مرتبه عن المدة المشار إليها انه انقطع عن القيام بواجبات وظيفته خلالها بدون مبرر وان المادة 62 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أن كل موظف لا يعود إلى عمله بغير مبرر بعد انتهاء مدة أجازته مباشرة يحرم من مرتبه عن مدة غيابه ابتداء من اليوم التالى لليوم الذى انتهت فيه الأجازة مع عدم الاخلال بالمحاكمة التأديبية هذه المادة تردد أصلا عاما هو أن الأجر مقابل العمل فاذا تغيب الموظف بدون مبرر فلا حق له في الأجر وهذا مع عدم الأخلال بالمحاكمة التأديبية وانه بالنسبة للأيام التى انقطع المدعى فيها عن العمل، فانه يبين من الرجوع إلى دفتر توقيع موظفى المدرسة الثانوية الفنية التى كان يعمل بها المدعى، انه لم يوقع بالدفتر أيام 16و17و18 من سبتمبر سنة 1961 مما يثبت انقطاعه عن العمل خلال هذه الأيام، وانه بالنسبة لأيام 24و27و28 من سبتمبر سنة 1961 فأن للمدعى توقيعات في هذه الأيام شطب عليها بما يفيد عدم حضوره وأنه لدى مواجهته في التحقيق بانقطاعه في تلك الأيام لم يبد أى دفاع يدل على حضوره وهو ما يستفاد منه أن المدعى حاول بعد عودته التوقيع لاثبات حضوره في تلك الأيام دون حق فردت عليه المدرسة قصده بشطب توقيعه، وأن تبرير المدعى عدم توقيعه خلال الأيام المنسوب إليه تغيبه فيها في شهر اكتوبر سنة 1961 بعدم وجود ناظر المدرسة الذى يحتفظ بالدفاتر المعدة للتوقيع لدى الحضور والانصراف لم يقم عليه دليل، وأنه بالنسبة لانقطاع المدعى عن العمل خلال شهرى نوفمبر وديسمبر سنة 1961 فانه رغم ثبوت فقد دفتر التوقيعات فان التحقيق الذى أجرى مع المدعى يؤكد انقطاعه خلالها ولا يكفى مجرد حضور الموظف في الصباح ثم انصرافه قبل انتهاء مواعيد العمل الرسمية لاعتباره حاضرا، وانه بالنسبة ليومى 4و5 من نوفمبر سنة 1961 فانه وان كان المدعى قد تقدم بطلب لمنحه أجازة عارضة عن هذين اليومين إلا انه بالنظر إلى كثرة تغيبه عن عمله فان الرئيس الادارى يكون محقا في رفض هذه الأجازة، وانه ولئن كانت أيام 27 من اكتوبر سنة 1961و3 من نوفمبر سنة 1961و8 و22 من ديسمبر سنة 1961 توافق أيام جمع وهي أيام عطلة رسمية إلا أنه نظرا لأن هذه الأيام قد وقعت خلال أيام انقطاع المدعى عن عمله ودون مبرر فمن ثم فان جهة الادارة تكون محقة فيما ذهبت إليه من حسابها أيام انقطاع بدون مرتب فضلا عن أنه يبين من الأوراق أن ما لجأ إليه المدعى من التغيب عن عمله بالأجازات المرضية والعرضية تارة وبالانقطاع على عمله تارة أخرى ومن الحضور في الصباح ثم الانصراف مباشرة قبل انتهاء مواعيد العمل الرسمية يدل أن المدعى لم يكن حريصا على أداء واجبات وظيفته ويكون ما انتهت إليه الادارة من حرمانه من مرتبه خلال مدة انقطاعه هو أدنى ما كان عليها أن تفعله.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه بنى على أساس وقائع غير صحيحة إذ لم تضم الدفاتر المعدة لاثبات الحضور والانصراف واكتفى الحكم بالاستنادا إلى الثابت في محضر تحقيق يشوبه النقص، وأن الحكم رفض اعتبار المدعى حاضرا في أيام وقع فيها فعلا في الدفتر المعد لاثبات الحضور والانصراف بمقولة أنه انصرف بعد توقيعه من مقر العمل دون أن يبين الدليل المقنع على ذلك، وأن توقيعه كان ثابتا في الدفتر ومع ذلك شطب توقيعه ورأى الحكم اعتباره غائبا في تلك الأيام بمقولة أن توقيعه أثبت بعد تغيبه في الأيام المشار إليه ولو كان ذلك صحيحا لا قتضى مساءلته تأديبيا وأن الحكم أغفل الأخذ بدفاعه من أن عدم توقيعه في الدفاتر في أيام 16و17و18 من سبتمبر سنة 1961 مرده إلى انه تسلم العمل بالمدرسة اعتبارا من يوم 20 من سبتمبر سنة 1961 وكذلك اعتبره الحكم غائبا في الأيام التى تقدم عنها بطلب أجازات عارضة رفض الناظر اعتمادها مع أن حق الموظف في الأجازة العارضة حق مطلق ما دام رصيده منها يسمح بمنحها، وأن الحكم لم يبين الأساس القانونى لحرمانه من أجره خلال المدة آنفة الذكر واستند إلى مادة في قانون نظام موظفى الدولة لا تتعلق بالخصوصية المعروضة وأنما يحاسب الموظف الذى يتغيب دون اذن بقرار تأديبى وان حرمانه من مرتبه يرجع إلى خلاف بينه وبين ناظر المدرسة وانه لذلك كله يكون الحكم قد خالف القانون.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن المادة 62 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى يحكم واقعة النزاع، تردد أصلا عما يقوم على حكمة تشريعية مردها إلى أصل طبعى هو أن يحرم الموظف الذى ينقطع عن عمله بدون مبرر من راتبه مدة غيابه لأن الأصل أن الأجر مقابل العمل فإذا تغيب الموظف بدون مبرر فلا حق له في الأجر وهذا مع عدم الاخلال بالمحاكمة التأديبية بسبب أهماله في اداء واجبه لتغيبه عن عمله بدون مبرر.
ومن حيث أنه - على مقتضى ما تقدم - متى كان الثابت من أوراق التحقيق الذى أجرته مديرية التربية والتعليم بمحافظة البحيرة مع المدعى بناء على شكوى ناظر المدرسة الفنية المشتركة بمديرية التحرير التى كان يعمل بها المدعي أنه تغيب مدة أربعة وعشرين يوما دون مبرر فان حرمانه من أجره عن تلك المدة يكون متفقا وأحكام القانون، وأما ما آثاره المدعى في تقرير الطعن فضلا عن انه مردود بما تقدم فانه مردود أيضا أولا بأنه ما دام الثابت من التحقيق الادارى أن المحقق الذى أجراه قد اطلع على الدفاتر المعدة لاثبات الحضور والانصراف بالمدرسة وأثبت مضمونها الدال على تغيب المدعى عن الحضور لمزاولة عمله في الأيام المشار إليها فان تعديل الحكم على ما هو ثابت في هذا التحقيق بعد فقد تلك الدفاتر عند نظر الدعوى لا ينطوى على مخالفة القانون، وثانيا بأن الأصل أن يخصص الموظف وقته وجهده لأداء وظيفته فاذا كان الثابت أن الموظف دون اسمه بدفتر الحضور والانصراف وانصرف دون أن يستمر في أداء العمل طوال الفترة المحددة لأدائه فانه لا تثريب على الادارة أن هي اعتبرته منقطعا عن العمل وعاملته على مقتضى ذلك، وثالثا بأن ما برر به المدعى تغيبه عن أيام 16و17و18 من سبتمبر سنة 1961 من انه لم يكن قد تسلم العمل بعد بالمدرسة ينفيه الثابت بالأوراق من أن الأمر التنفيذى رقم 288 في 28 من أغسطس سنة 1961 الصادر بنقله من المدرسة الثانونية الزراعية بالمنيا إلى المدرسة الثانوية الفنية المشتركة بمديرية التحرير نص على أن يكون الاخلاء يوم أول سبتمبر سنة 1961 وتسلم العمل في الجهة المنقول إليها الموظف يوم 9 من سبتمبر سنة 1961 ولم بثبت من التحقيق أن المدعى استبقى بالمدرسة المنقول منها إلى تاريخ لاحق للتاريخ الذى حدده القرار موعدا للتنفيذ، ورابعا بأنه ما دامت التعليمات تقتضى بوجوب حضور المدرس إلى المدرسة طوال أيام الأسبوع فليس له أن ينقطع عن العمل متذرعا بأن مواعيد عمله معينه بجدول تعيين مواعيد الدروس المنوط به تدريسها، وخامسا بأن الموظف لا يستحق أجره عن أيام الجميع إذا ما وقعت خلال مدة انقطاع بغير مبرر، وسادسا بأن الأجازة العارضة - على ما تنص عليه المادة 59 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة الذى يحكم واقعة النزاع - هي التى تكون بسبب طارىء لا يستطيع الموظف معه ابلاغ رؤسائه مقدما للترخيص في الغياب "مفاد ذلك أن حق الموظف في الأجازة العارضة ليس حقا مطلقا بل هو حق يخضع في وجوده أو عدمه لتقدير الادارة لقيام السبب المسوغ لها المنصوص عليه في المادة المشار إليها أو عدم قيامه، فاذا ما قدر الرئيس المسئول، في ضوء اعتياد الموظف عدم احترام مواعيد العمل والانقطاع عنه بغير مبرر، كما هو الشأن بالنسبة إلى المدعى، أن طلب الأجازة العارضة لم يكن لسبب طارىء وهو المسوغ لمنحها، وانما كان ذلك لستر انقطاع عن العمل بغير مبرر فانه لا لوم على الادارة أن هي رفضت الموافقة على مثل هذا الطلب واعتبرت التغيب انقطاعا عن العمل يستوجب الحرمان من المرتب.
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم ومن الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه أنه أصاب الحق فيما انتهى إليه، ومن ثم فان الطعن يكون غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه مع الزام المدعى بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا،وألزمت الطاعن بمصروفاته.
ساحة النقاش