إنه وإن كان للموظف إجازة اعتيادية مقررة بقانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 وطبقاً للأوضاع المرسومة فيه إلا أن المادة 54 من هذا القانون قد حرمت منها الموظفين الذين يتمتعون بالعطلات المدرسية .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة - العدد الثالث (من أول إبريل سنة 1961 إلى آخر سبتمبر سنة 1961) - صـ 1090
(136)
جلسة 15 من مايو (آيار) سنة 1961
برياسة السيد/ محمد عفت رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.
القضية رقم 82 لسنة 2 القضائية
( أ ) موظف - إجازة مرضية - المادة 60 من قانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 - إناطتها التحقق من صحة الشهادات المرضية بالجهة الإدارية - حق هذه الجهة في وضع قواعد عامة لضبط هذه العملية - بلاغ مجلس الوزراء في 29 من أغسطس سنة 1955 وبلاغ وزارة التربية في 21 من سبتمبر سنة 1950 بتنظيم سلطة الجهة الإدارية في فحص الشهادات المرضية - عدم تجاوزهما حدود المادة 60 من القانون.
(ب) موظف - إجازة اعتيادية - حرمان الموظفين الذين يتمتعون بالعطلات المدرسية منها - أساس ذلك وأثره.
1 - تنص المادة 60 من قانون نظام الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 "على الموظف المريض أن يعلم رئيسه المباشر بالأمر إن لم تتجاوز مدة المرض ثلاثة أيام، وعليه إذا تجاوز المرض هذه المدة أن يقدم تقريراً من طبيبه المداوي وللإدارة أن تعتمد أحد أطباء الحكومة للتحقق من صحة التقارير الطبية الخاصة وإذا استمر المرض أكثر من ثلاثين يوماً يحال الموظف على لجنة طبية تؤلف في مراكز المحافظات من ثلاثة أطباء موظفين يعينون بقرار من المحافظ في بدء كل سنة....".
وقد أصدر مجلس الوزراء بلاغاً في 29 من أغسطس سنة 1955 برقم 45/ ب/ 3547/ 15 أوجب فيه "على الموظف المريض الموجود خارج مركز عمله أن يراجع وزارته أو المحافظ أو القائمقام تبعاً لمركز وجوده حتى يتسنى لتلك السلطة إحالته إلى اللجنة الطبية في المحافظة أو طبيب القضاء، وكل تقرير يستحصل خلافاً لأحكامه يعتبر غير مقبول ويعاقب صاحبه بالعقوبات المسلكية كما يعتبر متغيباً على وجه غير قانوني لا يستحق بموجبه راتباً ولا تدخل مدة تغيبه هذه في خدماته الفعلية.." وبالاستناد إلى هذا البلاغ أصدرت وزارة التربية والتعليم بلاغاً خاصاً بموظفيها بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1955 برقم 1429/ 7 ص ح أوجبت فيه "على موظف التعليم المريض مراجعة طبيب معارف المحافظة مباشرة ليستحصل منه على التقرير الأصولي اللازم، أما في حالة التغيب عن مركز محافظته بسبب إحدى العطل المدرسية أو بسبب إجازة قانونية فعلية إذا مرض وهو خارج المحافظة مراجعة مدير معارف تلك المحافظة ليتسنى إحالته إلى طبيب المعارف وكل تقرير يقدم خلافاً للأحكام المشار إليها يعتبر غير مقبول ويعاقب صاحبه بالعقوبات المسلكية فضلاً عن اعتباره متغيباً على وجه غير قانوني وتطبق في حقه المادة 95 من قانون الموظفين".
ولما كان لمجلس الوزراء - وهو المهيمن على شئون الموظفين - حق إصدار لوائح تنظيمية عامة في كل ما يتعلق بهم لضمان حسن سير العمل وانتظامه في المرافق العامة، كما وأن للوزير هذا الحق أيضاً فيما يتعلق بالموظفين التابعين له وهذا بشرط ألا تتعارض هذه اللوائح أو البلاغات مع القانون.
وقد جعلت المادة 60 المشار إليها أمر التحقق من صحة الشهادات المرضية بيد سلطة الجهة الإدارية، فإذا ما رأت هذه الجهة أن تضع قواعد عامة لضبط عملية فحص الشهادات المرضية للتحقق من صحتها منعاً للتلاعب فيها وقطعاً لدابر الشك والجدل فيما تقرره بشأنها فلا تثريب عليها في ذلك لأنها تنظم أمراً يدخل في حدود سلطتها - وهذا الأمر هو تنظيم ممارسة السلطة المخولة لها في فحص الشهادات المرضية ومن ثم فإن بلاغ مجلس الوزراء أو بلاغ وزارة التربية والتعليم سالفي الذكر وهما لم يغمطا حق الموظف في الإجازة المرضية وإنما اقتصرا على تنظيم عام لكيفية التقدم بالشهادات المرضية من شأنه تسهيل التثبت من صحة تلك الشهادات ومنعاً للجدل فيما يقرره بشأنها وذلك لاستقرار أوضاع الموظفين تحقيقاً للمصلحة العامة، هذان البلاغان يكونان غير متعارضين مع نص المادة 60 من قانون الموظفين المشار إليها.
2 - إنه وإن كان للموظف إجازة اعتيادية مقررة بقانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 وطبقاً للأوضاع المرسومة فيه إلا أن المادة 54 من هذا القانون قد حرمت منها الموظفين الذين يتمتعون بالعطلات المدرسية مثل المدعي - وهو مدرس تابع لوزارة التربية والتعليم - ومن ثم فلا محل للقول بأنه ما كان يمكن خصم ماهية عن الأربعة الأيام التي غابها على أنها ليست مرضية من إجازته الاعتيادية.
إجراءات الطعن
في 10 من تموز (يوليه) سنة 1960 طعنت وزارة التربية والتعليم في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بدمشق بجلسة 12 من مايو سنة 1960 في الدعوى رقم 143 لسنة واحد القضائية المرفوعة من السيد/ ضياء الدين مندو ضد السيد/ وزير التربية والتعليم القاضي "بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة بالمصروفات" وطلبت الوزارة للأسباب التي استندت إليها في الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي (المطعون ضده) بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلنت الحكومة والمدعي بالطعن وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 14 من شباط (فبراير) سنة 1960 وفيها قررت تلك الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لدور مقبل، ثم عين لنظره جلسة 11 من مايو سنة 1961 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بدمشق في 2 من سبتمبر سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 143 لسنة 1 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم طلب فيها الحكم بإلغاء قرار الأمين العام لوزارة التربية والتعليم رقم 43 بتاريخ 21 من يوليه سنة 1959 لمخالفته القانون وقال في بيان دعواه إنه تقدم بتقرير مؤرخ 4 من إبريل سنة 1959 يقضي بضرورة الراحة المرضية لمدة أربعة أيام موقعاً من الطبيب رئيس لجنة فحص الموظفين بحمص بصفته الشخصية ومصدقاً عليه من دائرة الصحة بحمص في ذات اليوم وأرسل المدعي برقية إلى دار المعلمين بدمشق في اليوم نفسه يعلمها بإرسال التقرير المشار إليه بالتطبيق للمقطع الثاني من الفقرة الأولى من المادة 60 من قانون الموظفين الأساسي، ولكن الإدارة لم تكلف أحداً من أطبائها للتثبت من صحة التقرير المذكور كما تقضي بذلك هذه الفقرة، وبعد عودة المدعي من إجازته رد إليه التقرير المذكور لأنه مخالف لبلاغات وزارة التربية والتعليم رقم 105/ 7ص ح في 18 من يناير سنة 1958 ورقم 310/ 7/ ص ح في 5 من مارس سنة 1959 ورقم 1429/ 7/ ح في 21 من سبتمبر سنة 1954 وكلها توجب على الموظف أن يراجع فقط طبيب التربية والتعليم في المحافظات لأخذ التقرير الطبي منه، ويقول المدعي إن خطأ الوزارة في هذا التصرف واضح لأن التقرير الطبي المقدم منه قد استوفى جميع الشرائط القانونية، وأنه لا اعتداد بما تصدره الوزارة من بلاغات تتضمن قواعد أخرى خلاف ما نص عليه قانوناً. وبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه إذ صدر مؤسساً على البلاغات المشار إليها يكون قد خالف القانون خليقاً بالإلغاء.
وترد الوزارة على الدعوى بأن تصرفها حيال المدعي بالاستناد إلى تلك البلاغات إنما هو أمر متفق مع القانون ومع بلاغ مجلس الوزراء الصادر في 29 من أغسطس سنة 1955.
قدم مفوض الدولة تقريراً مؤيداً فيه المدعي في طلباته على نفس الأسس التي قال بها المدعي.
وفي 12 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، بانية حكمها بما مضمونه أن المادة 60 من قانون الموظفين قد جاءت بقواعد للاعتداد بالشهادات المرضية المقدمة من الموظفين مغايرة تمام المغايرة للقواعد التي تضمنها كل من قراري مجلس الوزراء ووزارة التربية والتعليم، وأنه ليس لأحد من هاتين الجهتين حق إصدار قرارات تنفيذية تتعارض مع القانون، وفي هذه الحالة يجب إعمال النص القانوني دون غيره وقد قام المدعي (المطعون ضده) بما يوجبه هذا النص ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر على غير أساس متعين الإلغاء.
ومن حيث إن أسباب الطعن في هذا الحكم قد قامت على أن إبلاغ مجلس الوزراء المشار إليه إنما قد صدر بالتطبيق للمادة 60 من قانون الموظفين وأنه لا تعارض بينه وبين هذه المادة وبالتالي تكون المحكمة قد أخطأت في عدم الأخذ بالقواعد التي تضمنها البلاغ المذكور وبالتالي يكون حكمها متعين الإلغاء.
ومن حيث إن المادة 60 من قانون نظام الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 تنص "على الموظف المريض أن يعلم رئيسه المباشر بالأمر إن لم تتجاوز مدة المرض ثلاثة أيام، وعليه إذا تجاوز المرض هذه المدة أن يقدم تقريراً من طبيبه المداوي وللإدارة أن تعتمد أحد أطباء الحكومة للتحقق من صحة التقارير الطبية الخاصة وإذا استمر المرض أكثر من ثلاثين يوماً يحال الموظف على لجنة طبية تؤلف في مراكز المحافظات من ثلاثة أطباء موظفين يعينون بقرار من المحافظ في بدء كل سنة...".
ومن حيث إن مجلس الوزراء أصدر بلاغاً في 29 من أغسطس سنة 1955 برقم 45/ ب3547/ 15 أوجب فيه "على الموظف المريض الموجود خارج مركز عمله أن يراجع وزارته أو المحافظ أو القائمقام تبعاً لمركز وجوده حتى يتسنى لتلك السلطة إحالته إلى اللجنة الطبية في المحافظة أو طبيب القضاء، وكل تقرير يستحصل خلافاً لأحكامه يعتبر غير مقبول ويعاقب صاحبه بالعقوبات المسلكية كما يعتبر متغيباً على وجه غير قانوني لا يستحق بموجبه راتباً ولا تدخل مدة تغيبه هذه في خدماته الفعلية.." وبالاستناد إلى هذا البلاغ أصدرت وزارة التربية والتعليم بلاغاً خاصاً بموظفيها بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1955 برقم 1429/ 7/ ص ح أوجبت فيه "على موظف التعليم المريض مراجعة طبيب معارف المحافظة مباشرة ليستحصل منه على التقرير الأصولي اللازم، أما في حالة التغيب عن مركز محافظته بسبب إحدى العطل المدرسية أو بسبب إجازة قانونية فعليه إذا مرض وهو خارج المحافظة مراجعة مدير معارف تلك المحافظة ليتسنى إحالته إلى طبيب المعارف وكل تقرير يقدم خلافاً للأحكام المشار إليها يعتبر غير مقبول ويعاقب صاحبه بالعقوبات المسلكية فضلاً عن اعتباره متغيباً على وجه غير قانوني وتطبق في حقه المادة 95 من قانون الموظفين".
ومن حيث إن لمجلس الوزراء - وهو المهيمن على شئون الموظفين - حق إصدار لوائح تنظيمية عامة في كل ما يتعلق بهم لضمان حسن سير العمل وانتظامه في المرافق العامة، كما وأن للوزير هذا الحق أيضاً فيما يتعلق بالموظفين التابعين له وهذا بشرط ألا تتعارض هذه اللوائح أو البلاغات مع القانون.
ومن حيث إن المادة 60 المشار إليها جعلت أمر التحقيق في صحة الشهادات المرضية بيد سلطة الجهة الإدارية، فإذا ما رأت هذه الجهة أن تضع قواعد عامة لضبط عملية فحص الشهادات المرضية للتحقق من صحتها منعاً للتلاعب فيها وقطعاً لدابر الشك والجدل فيما تقرره بشأنها فلا تثريب عليها في ذلك لأنها تنظم أمراً يدخل في حدود سلطتها - وهذا الأمر هو تنظيم ممارسة السلطة المخولة لها في فحص الشهادات المرضية ومن ثم فإن بلاغ مجلس الوزراء أو بلاغ وزارة التربية والتعليم سالفي الذكر وهما لم يغمطا حق الموظف في الإجازة المرضية وإنما اقتصرا على تنظيم عام لكيفية التقدم بالشهادات المرضية من شأنه تسهيل التثبت من صحة تلك الشهادات ومنعاً للجدل فيما يقرره بشأنها وذلك لاستقرار أوضاع الموظفين تحقيقاً للمصلحة العامة، هذان البلاغان يكونان غير متعارضين مع نص المادة 60 من قانون الموظفين المشار إليها.
ومن حيث إنه وإن كان للموظف إجازة اعتيادية مقررة بقانون الموظفين الأساسي رقم 135 لسنة 1945 المذكور وطبقاً للأوضاع المرسومة فيه إلا أن المادة 54 من هذا القانون قد حرمت منها الموظفين الذين يتمتعون بالعطلات المدرسية مثل المدعي، ومن ثم فلا محل للقول بأنه ما كان يمكن خصم ماهية عن الأربعة الأيام التي غابها على أنها ليست مرضية من إجازته الاعتيادية.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن المدعي، وهو مدرس تابع لوزارة التربية والتعليم، كان واجباً عليه اتباع أحكام القرار الوزاري سالف الذكر للحصول على شهادة طبية معتمدة تثبت مرضه أثناء وجوده خارج منطقة عمله، ولكن إذ لم يفعل ذلك ولم يقدم نفسه لطبيب معارف المحافظة - أو لمدير معارف المحافظة التي كان فيها وقدم شهادة مرضية من طبيب خاص على خلاف أحكام البلاغين المشار إليهما فإن جهة الإدارة إذ لم تعتمد هذه الشهادة وأصدرت القرار المطعون رقم 43 في 21 من يوليه سنة 1959 المعدل بالقرار رقم 1875 القاضي "بقطع راتبه عن المدة الواقعة بين 4 من إبريل سنة 1959 وغاية 7 من إبريل سنة 1959 لانقطاعه عن العمل بدون مبرر قانوني" تكون قد التزمت - حدود القانون - إذ نص على أن الموظف الذي يتغيب عن عمله ولم تقم به حالة من حالات الغياب المنصوص عليها فيه يعتبر متغيباً بدون عذر وبالتالي لا يستحق أجراً عن هذه المدة، وتكون الدعوى على الوجهة السابقة غير قائمة على أساس سليم من القانون، وإذا كان الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى غير ذلك يكون قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي وألزمته المصروفات
ساحة النقاش