231-القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر.قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة.تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي في جريمة إحراز حيازة المخدر. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليهما.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 888
جلسة 16 من نوفمبر سنة 1986
برياسة السيد المستشار: جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح خاطر ومحمد عباس مهران وطلعت الاكيابى ومحمود عبد الباري.
(171)
الطعن رقم 3830 لسنة 56 القضائية
(1) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "التفتيش بغير إذن". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفع ببطلان القبض والتفتيش تم إجراؤه بمعرفة أفراد مكتب مخابرات وأمن حرس الحدود.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها.
(4) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. استخلاصها. موضوعي.
ضآلة كمية المخدر أو كبرها من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالبواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة كما يكون محرزاً أو حائزاً له.
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر. قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة.
تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي في جريمة إحراز حيازة المخدر. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليهما.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة.
جواز تولي محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة. شرط ذلك؟ مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع أن يترتب على القضاء بإدانة أحدهما تبرئة الآخر.
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه. أساسه الواقع. ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع. ما لم يبده بالفعل.
1 - لما كان الحكم قد عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بما مؤداه أن إفراد القوة التي قامت بالضبط والتفتيش من رجال المخابرات الحربية وبالتالي يعتبرون من رجال الضبط القضائي العسكري في دائرة اختصاصهم وفقاً لنص المادة الثانية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1966 ومتى كان ذلك فإن لهم في تلك الدائرة تفتيش الداخلين أو الخارجين من مناطق الحدود وفقاً لنص المادة عشرين من القانون المذكور دون التقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة به، بل إنه يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لضابط المخابرات الحربية المختص حق تفتيشه، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته هذا إلى أن الداورية التي قامت بالضبط والتفتيش وإن كان بعض أفرادها ينتمون إلى مكتب مخابرات حدود أسوان إلا أن مباشرتهم للمأمورية مدار الاتهام بالصحراء الشرقية إنما كان بناء على أمر صادر إليهم من قائد مخابرات المنطقة الجنوبية التي يتبعها مكتب مخابرات حدود أسوان وبالتالي فإن اختصاصهم المكاني يمتد إلى كافة أقسام تلك المنطقة ولا يقتصر على حدود اختصاصهم الأصلي، ومن ثم فإن القبض والتفتيش اللذين وقعا على الطاعنين يكونا قد تما صحيحين، وهو رد كاف وسائغ لإطراح دفع الطاعنين في هذا الصدد ويتفق مع صحيح القانون، ولا يعيب الحكم - من بعد - تزيده في القول بأن القائم بالضبط والتفتيش من قادة التشكيلات العسكرية في مجال الرد على الدفع بعد أن أقام قضاءه على ما يحمله ولم يكن لما تزيد إليه أثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.
2 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليها بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، ولا عليها بعد ذلك إن هي لم تعرض لقالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة في أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
4 - لما كانت حيازة المخدر بقصد الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكانت ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة كمية المخدر المضبوط كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
5 - لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن أن من الركنين بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافياً في الدلالة على قيامهما، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
6 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الأستاذين.... و.... المحامين حضرا موكلين مع الطاعنين في الدعوى معاً وأبديا دفاعاً واحداً يرتكز أساساً على إنكارهما وقوع الفعل المسند إليهما وعلى بطلان القبض والتفتيش الواقع عليهما، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن المتهمين ارتكبا الفعل المسند إليهما واعتبرهما حائزين لجوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وكان القضاء بإدانة أحدهما - كما يستفاد من الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر، وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وإذ كان المتهمان لا يتبادلا الاتهام والتزما جانب الإنكار، وكان تعارض المصلحة الذي يجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين في الدفاع لا تكون متعارضة مع مصلحة الآخر، ويكون منعاهما على الحكم في هذا الخصوص غير قويم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: - (أولاً) جلبا بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة جوهراً مخدراً (حشيش) - (ثانياً) هربا البضائع الممنوع استيرادها (جوهر الحشيش) بأن أدخلاه للبلاد بطريقة غير مشروعة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسوان لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والسيارة المضبوطة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة والمبلغ المضبوط. باعتبار أن الطاعنين حازا وأحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر - حشيش - بقصد الاتجار قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أن الدفاع دفع ببطلان القبض والتفتيش وإهدار الدليل الناشئ عنهما استناداً إلى أن من أجراهما ليس من مأموري الضبط القضائي وقد باشر هذين الاجرائين خارج حدود اختصاصه المكاني دون أن يصدر إذن بذلك من السلطة المختصة كما وأن الواقعة لم تكن في حالة تلبس إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع برد غير سائغ وينطوي على مخالفة القانون، واعتنق التصوير الذي أدلى به شهود الإثبات لواقعة الضبط على الرغم من أنه يستعصى على التصديق ودون أن يعرض لقالة شهود النفي في هذا الشأن، ودلل على توافر قصد الاتجار بما لا ينتجه، ولم يدلل على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دان الطاعنين بها، وأخيراً فإن المحكمة لم تخصص مرافعاً لكل متهم وسمحت لهيئة الدفاع واحدة بالدفاع عنهما رغم تعارض مصلحتهما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه على أثر تلقي رئاسة مكاتب مخابرات وأمن حرس حدود المنطقة الجنوبية معلومات عن عمليات تهريب بضائع ومخدرات من وإلى السودان عبر الصحراء الشرقية دفع بداورية مسلحة بقيادة المساعد أول..... وسيارتين من مكتب مخابرات حدود أسوان لعمل كمائن وتفتيش الصحراء المذكورة، وفي الساعة الرابعة من مساء يوم..... شاهدت الداورية سيارة قادمة من الجنوب إلى الشمال في اتجاه وادي عنتر بمنطقة جنوب غرب سيدي أبو الحسن الشاذلي فطاردتها الداورية وقبل الوصول إليها بمسافة كيلو ونصف شاهدت الطاعنين ينزلان من السيارة المذكورة ويفران إلى سلسلة الجبال الواقعة بتلك المنطقة بيد أنه أمكن ضبطهما بمعرفة قصاص أثر الداورية وعادا بهما إلى السيارة، وبتفتيش حكمدار الداورية للطاعنين عثر مع كل على مبلغ من النقود وبتفتيشه سيارتهما عثر على جوال به عدد (46) ست وأربعين طربة أثبت التحليل أنهما لمخدر الحشيش وكذلك خنجر ومنقولات أخرى خلف مقعدها بالكابينة، كما عثر على بطاقة تحقيق شخصية الطاعن الثاني وصورة فوتغرافية له، وقد أقر كل من الطاعنين بملكيته لما ضبط معه من نقود كما أقر أولهما بملكيته للخنجر وأقر ثانيهما بملكيته للسيارة. وساق الحكم على صحة الواقعة بالصورة المتقدمة وثبوتها في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات من بين أفراد الداورية التي اشتركت في عملية الضبط والتفتيش ومما ثبت من معاينة النيابة العامة للسيارة ووزن المخدر المضبوط وتقرير المعمل الكيماوي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بما مؤداه أن أفراد القوة التي قامت بالضبط والتفتيش من رجال المخابرات الحربية وبالتالي يعتبرون من رجال الضبط القضائي العسكري في دائرة اختصاصهم وفقاً لنص المادة الثانية عشرة من القانون رقم 25 لسنة 1966 ومتى كان ذلك فإن لهم في تلك الدائرة تفتيش الداخلين أو الخارجين من مناطق الحدود وفقاً لنص المادة عشرين من القانون المذكور دون التقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة به، بل أنه يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لضابط المخابرات الحربية المختص حق تفتيشه فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته هذا إلى أن الداورية التي قامت بالضبط والتفتيش وإن كان بعض أفرادها ينتمون إلى مكتب مخابرات حدود أسوان إلا أن مباشرتهم للمأمورية مدار الاتهام بالصحراء الشرقية إنما كان بناء على أمر صادر إليهم من قائد مخابرات المنطقة الجنوبية التي يتبعها مكتب مخابرات حدود أسوان وبالتالي فإن اختصاصهم المكاني يمتد إلى كافة أقسام تلك المنطقة ولا يقتصر على حدود اختصاصهم الأصلي، ومن ثم فإن القبض والتفتيش اللذين وقعا على الطاعنين يكونا قد تما صحيحين، وهو رد كاف وسائغ لإطراح دفع الطاعنين في هذا الصدد ويتفق مع صحيح القانون، ولا يعيب الحكم - من بعد - تزيده في القول بأن القائم بالضبط والتفتيش من قادة التشكيلات العسكرية في مجال الرد على الدفع بعد أن أقام قضاءه على ما يحمله ولم يكن لما تزيد إليه أثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، ولا عليها بعد ذلك أن هي لم تعرض لقالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة في أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها. لما كان ذلك، وكانت حيازة المخدر بقصد الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكانت ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة كمية المخدر المضبوط كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن أي من الركنين بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافياً في الدلالة على قيامهما، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الأستاذين.... و..... المحاميين حضرا موكلين مع الطاعنين في الدعوى معاً وأبديا دفاعاً واحداً يرتكز أساساً على إنكارهما وقوع الفعل المسند إليهما وعلى بطلان القبض والتفتيش الواقع عليهما، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن المتهمين ارتكبا الفعل المسند إليهما واعتبرهما حائزين لجوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وكان القضاء بإدانة أحدهما - كما يستفاد من الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر، وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وإذ كان إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين في الدفاع لا تكون متعارضة مع مصلحة الآخر، ويكون منعاهما على الحكم في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش