198-القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر قوامه العلم بكنة المادة المخدرة تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه .
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 825
جلسة 31 من يوليه سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي ومحمد عيد محجوب.
(126)
الطعن رقم 10967 لسنة 65 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه. أساس ذلك؟
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
صدور الإذن بعد الاطلاع على محضر التحريات المتضمنة أسباب طلبه. اعتبار هذه الأسباب أسباباً للإذن. ولو لم يفصح مصدره عن ذلك.
مثال. لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من التسبيب.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعاصر صدور الإذن مع إذنين آخرين لمتهمين من رهط الطاعنين. لا يقدح في سلامته. ما دامت الجهة الآمرة بالتفتيش رأت في التحريات ما يفيد قيام الجريمة.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وإلى النتيجة التي انتهى إليها. المجادلة في ذلك غير مقبولة.
مثال:
(5) إجراءات "إجراءات التحريز". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز. تنظيمية قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه. لم يرتب القانون بطلاناً على مخالفتها.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "معاينة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات وضم دفتر الأحوال وإجراء معاينة لمكان الضبط. غير مقبول. ولو كان قد طلب في جلسات سابقة. أساس ذلك؟
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل أو إثبات استحالة حصوله والمقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة للطاعنين. ولا عليه تعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما.
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده المحكمة من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(9) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر قوامه. العلم بكنة المادة المخدرة.
تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات كل الشهود إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. ولا تناقض في ذلك.
مثال:
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم عن الطاعنين في بعض المواضع بصيغة المفرد. خطأ مادي. لا يعيبه.
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 فيما استحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب، كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل تقديرها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على اقتناعها بجدية وكفاية الأسباب التي أفصح عنها طالب الأمر في محضره وعلى اتخاذها بداهة هذه الأسباب أسباباً لأمرها هي دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم. وإذ كانت الحال في الدعوى الماثلة وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من الضابط طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش بما يتفق مع ما تقدم فإن النعي عليه في هذا الشق يكون غير سديد.
3 - لما كان تعاصر صدور الإذن مع إذنين آخرين اختصا بمتهمين آخرين من رهط الطاعنين ليس فيه في ذاته ما يحمل على الشك في صحة أقوال الضابط طالب الأمر أو يقدح في سلامة الإجراءات ما دامت الجهة الآمرة بالتفتيش قد رأت في تحرياته واستدلالاته ما يفيد قيام الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين مما يسوغ لها إصدار الإذن بالتفتيش. فإن ما يثيرانه في هذا الصدد غير سديد.
4 - لما كانت المحكمة قد ردت على منازعة الطاعنين في إجراءات الوزن والتحريز بقولها "والمحكمة تطمئن وبحق إلى أن المسحوق المخدر الذي ضبط المتهم محرزاً له هو الذي تم تحليله بمعرفة المعمل الكيماوي وذلك من واقع بيانات استمارة الأشياء المرسلة للبحث والمحررة بمعرفة الكيمائي القائم بالتحليل والتي جاءت مطابقة لبيانات الحرز والأمر مرجعه اطمئنان المحكمة والتي تلتفت عن كل ما أثير في هذا الصدد". وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
5 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلان ما، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث. وإذ كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخير أن الدفاع الحاضر مع الطاعنين قرر أن ليس لديه طلبات في الدعوى واختتم المحامون المترافعون مرافعاتهم بطلب البراءة، ومن ثم فليس للطاعنين من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات وضم دفتر الأحوال وإجراء معاينة لمكان الضبط ولو كانا قد طلبا ذلك في جلسات سابقة، وذلك لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، ولما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ولا كذلك في الدعوى الماثلة طلب الطاعنين بضم دفتر الأحوال وإجراء المعاينة، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهدان، وإنما المقصود به إثارته الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
7 - لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
8 - لما كان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها، فإن ما يثره الطاعنان حول دلالة طمس التوقيع على محضر ضبط الجناية المشار إليها بأسباب الطعن، وبشأن تلفيق الاتهام، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعنين للمخدر المضبوط مع كل منهما وعلى علمهما بكنهه ترتيباً على ذلك، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد.
10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل من الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط.... له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الضابط المذكور ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهما اختلفت - على فرض صحة ذلك - بشأن بعض التفصيلات التي لم يحصلها الحكم إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الثاني إلى ما حصله من أقوال الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما تنحسر معه عن الحكم دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد.
11 - لما كان تحدث الحكم عن الطاعنين بصيغة المفرد في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات العريش لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من الجدول رقم 1 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمها مائتي ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز مخدر الهيروين شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الدفاع عن الطاعنين نازع في صورة الواقعة كما سطرها الضابطان ودفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لخلوه من التسبيب وتعاصر صدوره مع إذنين آخرين اختصا بمتهمين من رهط الطاعنين ولابتنائه على تحريات غير جدية خلت من تحديد مهنة الطاعنين وعنوانهما بالكامل، كما دفع ببطلان إجراءات التحريز وبحصول عبث بالأحراز ينبئ عن أن ما تم ضبطه غير ما تم تحليله، وطلب سماع شاهدي الإثبات ومعاينة مكان الضبط وضم دفتر الأحوال، بيد أن المحكمة ردت على تلك الدفوع بما لا يصلح رداً ولم تجب الدفاع إلى ما طلبه، ولم تعرض المحكمة لما أثاره الدفاع عن طمس التوقيع على محضر الضبط في الجناية رقم 102 لسنة 1964 التي كانت تنظر مع الجناية موضوع الطعن واستبداله بتوقيع ضابط الواقعة ودلالة ذلك، كما أغفلت إيراداً ورداً الدفع بتلفيق الاتهام بالرغم من أنه تأيد ببرقيات تسانده، ولم يستظهر الحكم القصد الجنائي لدى الطاعنين وعلمهما بكنة المخدر، وأحال في بيان أقوال الرائد.... إلى ما أورده من أقوال الضابط..... مع اختلاف الروايتين بشأن التحريات والإذن ووقت وكيفية الضبط ودور كل منهما فيه، وتحدث الحكم في مواضع منه عن متهم واحد بصيغة المفرد مع أن بالدعوى متهمين، وكل أولئك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر الهيروين التي دان الطاعنان بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال ضابطي الواقعة وما أثبته تقرير المعمل الكيماوي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبول في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 فيما استحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب، كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل تقديرها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على اقتناعها بجدية وكفاية الأسباب التي أفصح عنها طالب الأمر في محضره وعلى اتخاذها بداهة هذه الأسباب أسباباً لأمرها هي دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم. وإذ كانت الحال في الدعوى الماثلة وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من الضابط طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش بما يتفق مع ما تقدم فإن النعي عليه في هذا الشق يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تعاصر صدور الإذن مع إذنين آخرين اختصا بتهمتين آخرين من رهط الطاعنين ليس فيه في ذاته ما يحمل على الشك في صحة أقوال الضابط طالب الأمر أو يقدح في سلامة الإجراءات ما دامت الجهة الآمرة بالتفتيش قد رأت في تحرياته واستدلالاته ما يفيد قيام الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين مما يسوغ لها إصدار الإذن بالتفتيش. فإن ما يثيرانه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ردت على منازعة الطاعنين في إجراءات الوزن والتحريز بقولها "والمحكمة تطمئن وبحق إلى أن المسحوق المخدر الذي ضبط المتهم محرزاً له هو الذي تم تحليله بمعرفة المعمل الكيماوي وذلك من واقع بيانات استمارة الأشياء المرسلة للبحث والمحررة بمعرفة الكيميائي القائم بالتحليل والتي جاءت مطابقة لبيانات الحرز والأمر مرجعه اطمئنان المحكمة والتي تلتفت عن كل ما أثير في هذا الصدد". وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلان ما، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث. وإذ كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخير أن الدفاع الحاضر مع الطاعنين قرر أن ليس لديه طلبات في الدعوى واختتم المحامون المترافعون مرافعاتهم بطلب البراءة، ومن ثم فليس للطاعنين من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات وضم دفتر الأحوال وإجراء معاينة لمكان الضبط ولو كانا قد طلبا ذلك في جلسات سابقة، وذلك لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، ولما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ولا كذلك في الدعوى الماثلة طلب الطاعنين بضم دفتر الأحوال وإجراء المعاينة، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهدان، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها، فإن ما يثيره الطاعنان حول دلالة طمس التوقيع على محضر ضبط الجناية المشار إليها بأسباب الطعن، وبشأن تلفيق الاتهام، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرر أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذ كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعنين للمخدر المضبوط مع كل منهما وعلى علمهما بكنهه ترتيباً على ذلك، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل من الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط..... له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الضابط المذكور ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهما اختلفت - على فرض صحة ذلك - بشأن بعض التفصيلات التي لم يحصلها الحكم إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الثاني إلى ما حصله من أقوال الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما تنحسر معه عن الحكم دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان تحدث الحكم عن الطاعنين بصيغة المفرد في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش