موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

authentication required

142-قصد القتل أمر داخلي. تعلقه بالإرادة. تقدير توافره. موضوعي.

الحكم كاملاً

المكتب الفنى - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 355

جلسة 27 من فبراير سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن هيكل، هشام البسطويسي، ربيع لبنة ومدحت دغيم نواب رئيس المحكمة.

(39)
الطعن رقم 41101 لسنة 75 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإعدام في جريمة قتل مقترن بجناية سرقة.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل أمر داخلي. تعلقه بالإرادة. تقدير توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في توافر نية القتل لدى الطاعن.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وما إذا كان قد انتزع بالإكراه من عدمه. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى صحته.
مثال لتسبيب سائغ لنفي صدور الاعتراف أثر إكراه.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحًا محددًا.
النعي على الحكم عدم رده على أوجه الدفاع دون بيانها لتتضح مدى أهميتها وما إذا كانت تحوي دفاعًا جوهريًا من عدمه. أثره: عدم قبوله.
الدفاع الموضوعي لا يستوجب ردًا. استفادة الرد من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة.
(7) قتل عمد. عقوبة "توقيعها". إعدام. ظروف مشددة. اقتران. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 234/ 2 عقوبات؟
النعي بعدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد. لا جدوى منه. ما دامت عقوبة الإعدام الموقعة على الطاعن هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من الظروف.
(8) نيابة عامة. إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها. أساس ذلك؟
(9) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استعداد المدافع أو عدم استعداده. موكول إلى تقديره وضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(10) دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". استدلالات. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع بعدم جدية التحريات. ما دام الطاعن لم يبين أساس هذا الدفع ومقصده ومرماه منه.
الدفع ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبدائه في عبارة صريحة.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث. موضوعي.
آلة الاعتداء ليست ركنًا في جرائم الاعتداء على النفس.
إغفال الحكم بيان الآلة التي كان يحملها المحكوم عليه. غير قادح في صحته. علة ذلك؟
(13) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها.
تحصيل الحكم من أقوال الشاهد واعتراف المتهم بما له صداه وأصله في الأوراق. ينتفي معه الخطأ في الإسناد.
(14) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
دفاع الطاعن بأن إرادته كانت معيبة وقت الحادث لتخوفه من لحاق المجني عليه به وإمساكه له. لا يعد طلبًا لفحص قواه العقلية. مفاد وأثر ذلك؟
مثال.
(15) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم.
مثال.
(16) قتل عمد. سرقة. ظروف مشددة. اقتران. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى في مفهوم المادة 234 عقوبات. رهن بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
(17) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم مضمون تقرير الصفة التشريحية والمعاينة التصويرية للنيابة العامة اللذين عول عليهما في قضائه.
(18) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء بالحيلولة بين من يباشره وبين الاستمرار فيه.
الاعتداء على من لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول الاعتداء على المدافع أو غيره. لا يتوافر به حق الدفاع الشرعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على انتفاء حالة الدفاع الشرعي في جريمة قتل عمد.
(19) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. رابطة السببية.
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه وبين وفاته نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية. لا قصور.
مثال.
(20) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام. قتل عمد.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أنه في مساء يوم ..... تقابل المتهم ..... مع المجني عليه ..... الذي لم يتجاوز عمره حوالي عشر سنوات وشاهد المتهم بيد المجني عليه مبلغًا من النقود فعقد العزم على الاستيلاء على هذا المبلغ، وتنفيذًا لهذا القصد استدرج المتهم المجني عليه في مكان مهجور خال من المارة وأخذ منه مبلغ النقود وقدره أربعة عشر جنيهًا عنوة وبطريق الإكراه، ولما حاول المجني عليه استرداد المبلغ والاستغاثة قام المتهم بدفعه بكلتا يديه بقوة فسقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالأحجار الموجودة بمكان الحادث مما أدى إلى انعدام قدرته على الاستغاثة أو المقاومة. ولكن المتهم لم يترك المجني عند هذا الحد بل حمل حجرًا كبيرًا (دبشة) وهوى بها على رأس المجني عليه قاصدًا من ذلك قتله وإزهاق روحه حتى لا يحاول الاستغاثة أو اللحاق به مما أدى إلى تهشم الجمجمة وتهتك بالمخ أودت بحياة المجني عليه على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من اعتراف المتهم بالتحقيقات وأقوال المقدم .....، ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما أثبتته المعاينة التصويرية للحادث في مكان وقوعه، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل مؤداها تحصيلاً وافيًا له أصله الثابت في الأوراق على ما يبين من المفردات. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استعرضت أدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصًا كافيًا وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون.
2 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه ومن ثم كان هذا النعي غير سديد.
3 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم وذلك أن المجني عليه حينما حاول الاستغاثة واسترداد المبلغ المسروق من المتهم قام الأخير بدفعه بكلتا يديه حيث سقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالحجارة الموجودة بمكان الحادث مما أفقده القدرة على الاستمرار في الاستغاثة أو المقاومة، ولم يكتف المتهم بذلك بل حمل حجرًا كبيرًا وهوى به على رأس المجني عليه حتى يتمكن من الفرار بالمسروقات ويضمن عدم استغاثة المجني عليه أو اللحاق به ولم يتركه إلا بعد أن تهشمت جمجمة الرأس وتهتك المخ، ولا شك أن هذا السلوك الإجرامي من المتهم يدل دلالة قاطعة وواضحة بأنه قصد من فعله المذكور إزهاق روح المجني عليه ولم يكن الأمر مجرد اعتداء أو إيذاء ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى توافر نية القتل وإزهاق الروح في جانب المتهم". لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمرًا داخليًا يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغًا ويكفي لإثبات توافر هذه النية، وكان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعن سائغًا وصحيحًا في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في خصوص تعويله في إدانته على التحريات، مردودًا بأن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان ما يثيره الطاعن من أن تلك التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعن من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله: "أن المحكمة تطمئن إلى اعتراف المتهم في تحقيق النيابة اطمئنانًا كاملاً لأنه جاء مفصلاً صريحًا وواضحًا ومطابقًا لحقيقة الحادث ومتسقًا مع ما أورى به التقرير الطبي الشرعى لجثة المجني عليه، وأن المتهم أدلى باعترافه أمام السيد وكيل النيابة المحقق في ثمان صفحات متتالية مما يؤكد أنه كان مدركًا لاعترافه متمتعًا بحرية الخيار ولم يكن وليد ثمة إكراه مادي أو معنوي، ومما يزيد اطمئنان المحكمة إلى هذا الاعتراف وخلوه من شبهة الإكراه أنه أصر عليه أمام النيابة وانتقل مع السيد وكيل النيابة المحقق في اليوم التالي لسؤاله تفصيلاً إلى مكان الحادث حيث قام بإجراء معاينة تصويرية لكيفية وظروف ارتكابه للواقعة على النحو الموضح بالمعاينة التصويرية". لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه، واقتنعت بصحته، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافيًا وسائغًا بما لا شائبة معه تشوب الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.
6 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعًا جوهريًا مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذًا بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ردًا عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً.
7 - من المقرر أن المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن: "من قتل نفسًا عمدًا من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى...." وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجناية سرقة بالإكراه فإن في ذلك حسبه كي يستقيم قضاؤه بالإعدام، فضلاً عن أن ما يثيره المدافع عن الطاعن بوجه النعي من أن الحكم وقد انتهى إلى عقوبة مغلظة هي إعدامه على الرغم من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حقه فإنه لما كان لا ينازع فيما أثبته الحكم من اقتران جريمة القتل المسندة إليه بجناية سرقة بالإكراه وكانت عقوبة الإعدام الموقعة عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من ظرفي سبق الإصرار والترصد، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذين الطرفين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
8 - لما كانت النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام الطاعن، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين - من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محاميًا للمحكوم عليه الذي لم يبد اعتراضًا على ذلك، كما أثبت بالمحضر أن المحكمة أعطت الدفاع الوقت الكافي للاطلاع، وقد ترافع المحامي في الدعوى على الوجه المثبت بمحضر الجلسة دون أن يطلب أجلاً للاطلاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع.
10 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه وأن دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش، الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه.
11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما أثاره المحكوم عليه من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون مشاجرة بينه وبين المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
12 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث أخذًا من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستنادًا إلى المنطق والعقل وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فإنه لا يقدح في صحة الحكم المعروض عدم بيان نوع الآلة التي كان يحملها المحكوم عليه لأن المحكمة قد عنيت في بيانها لاعترافه بالإشارة إلى آلة الاعتداء ووصفتها بأنها حجر كبير "دبشة".
13 - من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات المقدم ..... ضابط مباحث قسم ..... واعتراف المتهم بالتحقيقات له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يحد الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأ به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد الاستدلال فى هذا الخصوص.
14 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه من أنه كان بحالة غير طبيعية فاندفع في ارتكاب جريمته بسبب خوفه من لحاق المجني عليه به والإمساك بقدمه واطرحه في قوله: "وحيث إنه عما أثاره محامي المتهم من أن الأخير لم يكن في حالته الطبيعية فإن هذا القول في غير محله لأنه جاء مرسلاً لا دليل عليه ولا سند يؤيده". لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم كافيًا وسائغًا ويستقيم به اطراح دفاع المحكوم عليه دون أن يوصم الحكم المعروض بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع، وإذا كان الدفاع عن المحكوم عليه قد أشار في مرافعته بما يفيد أن إرادة الأخير كانت معيبة وقت ارتكاب الحادث فإن ذلك لا يعتبر طلبًا لعرض المحكوم عليه على أخصائى لفحص قواه العقلية وإنما يفيد ترك الأمر للمحكمة تقدره على نحو ما تراه، ولما كان الظاهر مما أورده الحكم أن المحكمة قد استخلصت أن المحكوم عليه قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وردت على ما تمسك به الدفاع بشأن حالته العقلية ولم تأخذ به بناء على ما تحققته من أن المحكوم عليه ارتكب الحادث بإحكام وتدبير وروية فإن في ذلك ما يكفي لسلامة الحكم المعروض.
15 - لما كان ما أثاره المحكوم عليه في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة في إرساله لمعامل التحليل لبيان عما إذا كان من المتعاطين للمخدر "كله" من عدمه لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم المعروض.
16 - من المقرر أن مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجناية السرقة بالإكراه ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون.
17 - لما كان البين من مدونات الحكم المعروض أنه أورد مضمون تقرير الصفة التشريحية والمعاينة التصويرية للنيابة العامة اللذين عول عليهما في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه.
18 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه القائم على حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله: " وحيث إن الأوراق لا تتضمن شبهة الدفاع الشرعي لأن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليه بدفعه أرضًا ثم إلقاء الحجر الكبير على رأسه بقصد إزهاق روحه في الوقت التي لم يصدر من المجني عليه أي خطر أو اعتداء على المتهم يبرر هذا الفعل منه ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً فعل الاعتداء على المدافع أو غيره. وإذ كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم أن المحكوم عليه لم يكن في حالة دفاع شرعى عن النفس، بل كان معتديًا وحين دفع المجني عليه أرضًا وألقى الحجر الكبير على رأسه كان قاصدًا إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه، فإن هذا الذي رد به الحكم المعروض ينهض كافيًا لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد.
19 - لما كان الواضح من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير قوله: "وتعزى الوفاة إلى الإصابات الرضية بالرأس وما أحدثته من تهشم بالجمجمة وتهتك بالمخ" فإنه يكون بريئًا من قالة القصور في هذا الخصوص.
20 - من المقرر أنه إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.......


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل ...... عمدًا بأن أسقطه أرضًا فارتطم رأسه بنتوء حجرى ثم هوى على رأسه بكتلة من الطوب الاسمنتى قاصدًا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى تقدمتها هي أن المتهم في ذات الزمان والمكان سرق المبلغ النقدي المبين قدرًا بالأوراق بطريق الإكراه من المجني عليه بأن انتزعه منه عنوة من جيبه رغم مقاومته له. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت إرسال القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي في العقوبة المقررة شرعًا وحددت جلسة ...... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريًا وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة للقضية بمذكرة مشفوعة برأيها.


المحكمة

 

ومن حيث إن محصل الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد المقترن بجناية سرقة بالإكراه قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة لم تحفل بما أبداه الطاعن من دفاع جوهري من انتفاء أركان الجريمة المسندة إليه وشاب أسبابها الغموض والتناقض، وأن ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعن لا يوفر قيامها في حقه ورد على دفاعه في هذا الخصوص بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة بما لا يصلح ردًا إذ عول في ذلك على التحريات رغم عدم تحديد مصدرها وأنها مجرد ترديد لأقوال محررها وهي لا تصلح دليلاً، وقد تمسك الدفاع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي فرد الحكم على دفعه هذا بما لا يسوغ اطراحه، هذا فضلاً عن أن الحكم التفت عن دفوع الطاعن الجوهرية ولم يعرض لها إيرادًا وردًا، وأخيرًا فإن الحكم وقد انتهى إلى عقوبة مغلظة هي إعدامه شنقًا بإجماع آراء أعضاء الدائرة التي أصدرته على الرغم من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أنه في مساء يوم ..... تقابل المتهم ..... مع المجني عليه ...... الذي لم يتجاوز عمره حوالي عشر سنوات وشاهد المتهم بيد المجني عليه مبلغًا من النقود فعقد العزم على الاستيلاء على هذا المبلغ، وتنفيذًا لهذا القصد استدرج المتهم المجني عليه في مكان مهجور خال من المارة وأخذ منه مبلغ النقود - وقدره أربعة عشر جنيهًا - عنوة وبطريق الإكراه، ولما حاول المجني عليه استرداد المبلغ والاستغاثة قام المتهم بدفعه بكلتا يديه بقوة فسقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالأحجار الموجودة بمكان الحادث مما أدى إلى انعدام قدرته على الاستغاثة أو المقاومة. ولكن المتهم لم يترك المجني عند هذا الحد بل حمل حجرًا كبيرًا (دبشة) وهوى بها على رأس المجني عليه قاصدًا من ذلك قتله وإزهاق روحه حتى لا يحاول الاستغاثة أو اللحاق به مما أدى إلى تهشم الجمجمة وتهتك بالمخ أودت بحياة المجني عليه على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من اعتراف المتهم بالتحقيقات وأقوال المقدم .....، ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما أثبتته المعاينة التصويرية للحادث في مكان وقوعه، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل مؤداها تحصيلاً وافيًا له أصله الثابت في الأوراق على ما يبين من المفردات. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استعرضت أدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصًا كافيًا وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون، وبه يبرأ الحكم مما رما به الطاعن من الغموض والتناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه ومن ثم كان هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق المتهم وذلك أن المجني عليه حينما حاول الاستغاثة واسترداد المبلغ المسروق من المتهم قام الأخير بدفعه بكلتا يديه حيث سقط المجني عليه على ظهره وارتطمت رأسه بالحجارة الموجودة بمكان الحادث مما أفقده القدرة على الاستمرار في الاستغاثة أو المقاومة، ولم يكتف المتهم بذلك بل حمل حجرًا كبيرًا وهوى به على رأس المجني عليه حتى يتمكن من الفرار بالمسروقات ويضمن عدم استغاثة المجني عليه أو اللحاق به ولم يتركه إلا بعد أن تهشمت جمجمة الرأس وتهتك المخ، ولا شك أن هذا السلوك الإجرامي من المتهم يدل دلالة قاطعة وواضحة بأنه قصد من فعله المذكور إزهاق روح المجني عليه ولم يكن الأمر مجرد اعتداء أو إيذاء ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى توافر نية القتل وإزهاق الروح في جانب المته ". لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمرًا داخليًا يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغًا ويكفي لإثبات توافر هذه النية، وكان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعن سائغًا وصحيحًا في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في خصوص تعويله في إدانته على التحريات، مردودًا بأن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان ما يثيره الطاعن من أن تلك التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعن من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله: "أن المحكمة تطمئن إلى اعتراف المتهم في تحقيق النيابة اطمئنانًا كاملاً لأنه جاء مفصلاً صريحًا وواضحًا ومطابقًا لحقيقة الحادث ومتسقًا مع ما أورى به التقرير الطبي الشرعى لجثة المجني عليه، وأن المتهم أدلى باعترافه أمام السيد وكيل النيابة المحقق في ثمان صفحات متتالية مما يؤكد أنه كان مدركًا لاعترافه متمتعًا بحرية الخيار ولم يكن وليد ثمة إكراه مادي أو معنوي، ومما يزيد اطمئنان المحكمة إلى هذا الاعتراف وخلوه من شبهة الإكراه أنه أصر عليه أمام النيابة وانتقل مع السيد وكيل النيابة المحقق في اليوم التالي لسؤاله تفصيلاً إلى مكان الحادث حيث قام بإجراء معاينة تصويرية لكيفية وظروف ارتكابه للواقعة على النحو الموضح بالمعاينة التصويرية". لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه، واقتنعت بصحته، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافيًا وسائغًا بما لا شائبة معه تشوب الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعًا جوهريًا مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذًا بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ردًا عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن: "من قتل نفسًا عمدًا من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى...." وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجناية سرقة بالإكراه فإن في ذلك حسبه كى يستقيم قضاؤه بالإعدام، فضلاً عن أن ما يثيره المدافع عن الطاعن بوجه النعي من أن الحكم وقد انتهى إلى عقوبة مغلظة هي إعدامه على الرغم من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حقه فإنه لما كان لا ينازع فيما أثبته الحكم من اقتران جريمة القتل المسندة إليه بجناية سرقة بالإكراه وكانت عقوبة الإعدام الموقعة عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخرى مجردة من ظرفي سبق الإصرار والترصد، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذين الطرفين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ومن حيث إن النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام الطاعن، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محاميًا للمحكوم عليه الذي لم يبد اعتراضًا على ذلك، كما أثبت بالمحضر أن المحكمة أعطت الدفاع الوقت الكافي للاطلاع، وقد ترافع المحامي في الدعوى على الوجه المثبت بمحضر الجلسة دون أن يطلب أجلاً للاطلاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده موكول إلى تقديره حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع. لما كان ذلك، ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم عليه وان دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش، الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما أثاره المحكوم عليه من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون مشاجرة بينه وبين المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث أخذًا من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستنادًا إلى المنطق والعقل وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فإنه لا يقدح في صحة الحكم المعروض عدم بيان نوع الآلة التي كان يحملها المحكوم عليه لأن المحكمة قد عنيت في بيانها لاعترافه بالإشارة إلى آلة الاعتداء ووصفتها بأنها حجر كبير "دبشة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات المقدم..... ضابط مباحث قسم..... واعتراف المتهم بالتحقيقات له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يحد الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأ به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد الاستدلال فى هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه من أنه كان بحالة غير طبيعية فاندفع في ارتكاب جريمته بسبب خوفه من لحاق المجني عليه به والإمساك بقدمه واطرحه في قوله: "وحيث إنه عما أثاره محامي المتهم من أن الأخير لم يكن في حالته الطبيعية فإن هذا القول في غير محله لانه جاء مرسلاً لا دليل عليه ولا سند يؤيده". لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم كافيًا وسائغًا ويستقيم به اطراح دفاع المحكوم عليه دون أن يوصم الحكم المعروض بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع، وإذا كان الدفاع عن المحكوم عليه قد أشار في مرافعته بما يفيد أن إرادة الأخير كانت معيبة وقت ارتكاب الحادث فإن ذلك لا يعتبر طلبًا لعرض المحكوم عليه على أخصائى لفحص قواه العقلية وإنما يفيد ترك الأمر للمحكمة تقدره على نحو ما تراه، ولما كان الظاهر مما أورده الحكم أن المحكمة قد استخلصت أن المحكوم عليه قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وردت على ما تمسك به الدفاع بشأن حالته العقلية ولم تأخذ به بناء على ما تحققته من أن المحكوم عليه ارتكب الحادث بإحكام وتدبير وروية فإن في ذلك ما يكفي لسلامة الحكم المعروض، وكان ما أثاره المحكوم عليه في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة في إرساله لمعامل التحليل لبيان عما إذا كان من المتعاطين للمخدر "كله" من عدمه لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم المعروض. وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجناية السرقة بالإكراه ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المعروض أنه أورد مضمون تقرير الصفة التشريحية والمعاينة التصويرية للنيابة العامة اللذين عول عليهما في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه القائم على حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله: " وحيث إن الأوراق لا تتضمن شبهة الدفاع الشرعي لأن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليه بدفعه أرضًا ثم إلقاء الحجر الكبير على رأسه بقصد إزهاق روحه في الوقت التي لم يصدر من المجني عليه أي خطر أو اعتداء على المتهم يبرر هذا الفعل منه ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول فعلاً فعل الاعتداء على المدافع أو غيره. وإذ كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم أن المحكوم عليه لم يكن في حالة دفاع شرعى عن النفس، بل كان معتديًا وحين دفع المجني عليه أرضًا وألقى الحجر الكبير على رأسه كان قاصدًا إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه، فإن هذا الذي رد به الحكم المعروض ينهض كافيًا لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير قوله: " وتعزي الوفاة إلى الإصابات الرضية بالرأس وما أحدثته من تهشم بالجمجمة وتهتك بالمخ " فإنه يكون بريئًا من قالة القصور في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ......

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,300

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »