83-الأدلة في المواد الحنائية متساندة. ولما كان ما أثبته الحكم من أن الشهود قد أجمعوا على إمكان التمييز من مسافة عشرين متراً على غير سند صحيح من الأوراق.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 664
جلسة 4 من مايو سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر حسن.
(156)
الطعن رقم 424 لسنة 40 القضائية
(أ، ب) قتل عمد. "نية القتل". قصد جنائي. "القصد الخاص". جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
( أ ) نية القتل. مثال لتسبيب معيب على توافرها.
(ب) تساند الأدلة في المواد الجنائية.
1 - تتميز جناية القتل العمد عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ويتعين على القاضي أن يعني بالتحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. ولما كان ما أورده الحكم بياناً لنية القتل العمد لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن الأول من أنه كان يحمل سلاحاً نارياً معمراً بالرصاص وقد أطلق منه طلقات أصابت إحداها المجني عليه دون أن يكشف الحكم عن قيام نية القتل بنفس الطاعن الأول، وكان لا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن الأول أطلق المقذوف الناري الذي أصاب المجني عليه "بقصد قتله على أثر كشف واقعة السرقة والتماساً للخلاص منها دون ضبط الجناة". وهذا الذي ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص لا يفيد حتماً وبطريق اللزوم أن الجاني انتوى إزهاق روح المجني عليه وهو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية على توافره، وهو ما لم يدلل عليه الحكم إذ قد يكون إطلاق النار بقصد التعدي فقط أو شل حركة المجني عليه أو مجرد إرهابه، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
2 - الأدلة في المواد الحنائية متساندة. ولما كان ما أثبته الحكم من أن الشهود قد أجمعوا على إمكان التمييز من مسافة عشرين متراً على غير سند صحيح من الأوراق، وكان لا يعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الخطأ في عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 7 أكتوبر سنة 1968 بدائرة مركز أبو كبير محافظة الشرقية: الأول أطلق النار على عبده محمد ناصر، قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهمون جميعاً: اشتركوا في جريمة القتل سالفة الذكر واشتركوا أيضاً في جريمة الشروع في سرقة القطن. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بمواد الاتهام. فقرر بذلك، وادعت زوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 و41 و43 و45 و46 و234/ 2 و235، 316/ 2 و32 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 3 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول والجدول المرافق بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وكل من الثاني والثالث والرابع بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وألزمتهم جميعاً متضامنين بأن يدفعوا للمدعية بالحقوق المدنية قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهم في هذا بطريق النقض... إلخ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجريمة القتل العمد وإحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص واشتراك الباقين معه في جريمة القتل سالفة الذكر، قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأن ما أورده بياناً لنية القتل العمد لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقهم، كما عول الحكم في إدانتهم على أن الشهود قد أجمعوا بإمكان رؤية المجني عليه للمتهمين على بعد عشرين متراً في حين أن أحد الشهود قدر مسافة إمكان الرؤية بأقل من ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل فقال: وحيث إنه بعد تبيان ما تقدم وقد ثبت أن المتهمين الأربعة قد شرعوا في سرقة القطن المبين الوصف والقيمة بالتحقيقات والمعاينة وكان الأول من المتهمين يحمل سلاحاً نارياً معمراً بالرصاص وهو سلاح قاتل بطبيعته وقد أطلق منه طلقات أصابت إحداها المجني عليه عبده محمد ناصر بقصد قتله على أثر انكشاف واقعة السرقة والتماساً للخلاص منها دون ضبطهم ومن ثم تكون نية القتل العمد متوفرة لدى المتهم الأول وهذه الجريمة إنما هي نتيجة محتملة لجريمة السرقة وفقاً للمجرى العادي للأمور إذ أن ما تقتضيه طبيعة الأمور أن من يحمل سلاحاً نارياً إنما يتوقع منه إذا ما أتى جريمة وأحس بانكشاف أمره ومحاولة من الغير لضبطه أن يلجأ إلى التخلص من ذلك عن طريق استعمال السلاح الذي يحمله، ومن ثم يتعين عقاب المتهمين الآخرين عن جريمة القتل باعتبارها جريمة محتملة للسرقة". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ويتعين على القاضي أن يعني بالتحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن الأول من أنه كان يحمل سلاحاً نارياً معمراً بالرصاص وقد أطلق منه طلقات أصابت إحداها المجني عليه دون أن يكشف الحكم عن قيام نية القتل بنفس الطاعن الأول - وكان لا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن الأول أطلق المقذوف الناري الذي أصاب المجني عليه بقصد قتله على أثر كشف واقعة السرقة والتماساً للخلاص منها دون ضبطهم، وهذا الذي ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص لا يفيد حتماً وبطريق اللزوم أن الجاني انتوى إزهاق روح المجني عليه وهو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية على توافره وهو ما لم يدلل عليه الحكم إذ قد يكون إطلاق النار بقصد التعدي فقط أو شل حركة المجني عليه أو مجرد إرهابه، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه ولا ينال من ذلك أن العقوبة المقضي بها على الطاعن الأول مقررة لجريمة إحراز السلاح الناري المششخن التي دين بها لأنها ليست مبررة لما دين به باقي الطاعنين، هذا فضلاً عن أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مجال إقامة الحجة على مقارفة الطاعنين لجريمة القتل ما نصه، وحيث إن المحكمة تطمئن بأقوال شهود الإثبات على النحو السالف بيانه إذ ثبت من شهادتهم بالتحقيقات وبالجلسة تعرف المجني عليه على المتهمين الأربعة والثابت من معاينة مكان الحادث أن المسافة بين مكان وجود المجني عليه ملقياً على الأرض بعد إصابته ومكان هروب المتهمين ساعة إطلاق النار حوالي عشرين متراً، وأن التقرير الطبي الشرعي أثبت أن الطلق الناري من مسافة تزيد على عدة أمتار وأجمع الشهود على إمكان الرؤيا والتمييز من مثل هذه المسافة في ليلة قمرية وهي ليلة السادس عشر من الشهر العربي، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن الشاهد إسماعيل محمد حسن سئل في جلسة المحاكمة عن المسافة التي يمكن فيها الرؤية والتمييز في ليلة الحادث فأجاب بأنها قصبة أو قصبتين، ثم سئل صراحة بعد ذلك عما إذا كان في الاستطاعة تمييز الشخص على بعد عشرة أقصاب فأجاب على بعد قصبتين، ومفاد قول هذا الشاهد أن القدرة على تمييز الأشخاص في تلك الليلة ما كانت تصل إلى عشرين متراً، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم من أن الشهود قد أجمعوا على إمكان التمييز من مسافة عشرين متراً يكون على غير سند صحيح من الأوراق. وإذ كان لا يعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الخطأ في عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة.
ساحة النقاش