67-سوى القانون بين ارتكاب الجنحة والشروع فيها, فكل منهما جريمة جعلها الشارع ظرفا مشددا للقتل, متى وقع منضما إلى الجنحة وسببا لإرتكابها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 234
جلسة 23 من فبراير سنة 1959
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, وعادل يونس المستشارين.
(51)
الطعن رقم 2016 لسنة 28 القضائية
قتل عمد. الظروف المشددة. ارتباط القتل بجنحة. المادة 234/ 3 ع.
تمام جريمة الجنحة ليس بشرط لتطبيق الظرف المشدد.
سوى القانون بين ارتكاب الجنحة والشروع فيها, فكل منهما جريمة جعلها الشارع ظرفا مشددا للقتل, متى وقع منضما إلى الجنحة وسببا لإرتكابها - فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من اعتراف الطاعن وما ورد في المعاينة أنه بعد أن اغتال المجني عليها قد شرع في سرقة مالها, فإنها إذ طبقت الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات على ما فعل تكون قد أصابت في تكييف الواقعة من ناحية القانون ولم تخطئ في تطبيقه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة: 1 - فيكتور سلامون تيفولي و 2 - عبد السلام محمد خليل بأنهما: قتلا فورتونيه تيفولي عمدا وذلك بأن قصدا إلى مسكنها سويا وقام المتهم الأول بخنقها بالضغط بيديه على عنقها وجثم فوق صدرها للإجهاز عليها بقصد قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان المتهم الثاني بمكان الحادث لشد أزره ولمعاونته في إتمام الجريمة وقد كان القصد من هذه الجناية سرقة نقود ومصوغات المجني عليها وقد شرع المتهمان فعلا في الزمان والمكان سالفي الذكر في ارتكاب جريمة السرقة وجدوا في البحث على النقود والمصوغات بصوان ملابس المجني عليها وقد أوقف أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادتهما وهو خشيتهما من افتضاح أمرهما وهربهما وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45 و317/ 1 و321 و234/ 3 من قانون العقوبات فقررت الغرفة إحالتهما إليها لمعاقبتهما بالمواد سالفة الذكر ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 و3 من قانون العقوبات للأول وبالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية للثاني بمعاقبة فيكتور سلامون تيفولي بالأشغال الشاقة المؤبدة وببراءة عبد السلام محمد خليل مما أسند إليه.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
... وحيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور وبطلان الإجراءات, فضلا عن بطلان الاعتراف المنسوب للطاعن وإخلال المحكمة بحقه في الدفاع, ويقول الدفاع في تفصيل ذلك أن المحكمة طبقت المادة 234/ 3 استنادا إلى ما قالته من أن جناية القتل التي وقعت كانت بقصد السرقة مع أن السرقة لم تتم ولأن الموت وقع فجأة دون قصد فلا رابطة بين القتل وبين السرقة, كذلك طلب الدفاع من المحكمة تحقيق الواقعة على أساس ما ظهر في الجناية رقم 40 لسنة 57 القاهرة التي اعترف فيها كل من: كمال محمود السنباطي وعصمت فهيم بأنهما قتلا المجني عليها في هذه القضية فرد الحكم بأن المحكمة تقر النيابة على إغفالها هذه التحقيقات مع أن العدالة كانت تقتضي سماع اعتراف من اعترف من المتهمين وكذلك من استمع إلى هذا الاعتراف, وفضلا عن ذلك فقد أرسل ملف التحقيق إلى نيابة جنوب القاهرة واتخذ وكيل النيابة قراره فيه, فأصبح هو دون غيره مختصا باستكماله, وما كان لضابط المباحث أن يجري تحقيقا جديدا عدل فيه المعترفون وكان البطلان الذي لحق هذا التحقيق الأخير مما يقتضي إعادة التحقيق بمعرفة النيابة, وعلى ذلك فإن ما رأته المحكمة من إغفال تحقيقات النيابة لسقوطها بالعدول عنها لا يستند إلى سند, ولا سيما بعد أن أبدى الدفاع إن هذا العدول تم بإجراءات باطلة وأن جزئيات هذا الاعتراف تدل على صحته لتناولها وقائع صحيحة ثابتة, أما ما ذهب إليه الحكم من أن القتل بقصد السرقة واستدل عليه بوجود محتويات الدولاب مبعثرة فلا محل له بعد أن تبين عدم سرقة شئ من موجودات المسكن يضاف إلى ذلك أن نية القتل غير ظاهرة لأن الاعتداء الذي وقع على المجني عليها تم بقصد منع مقاومتها وإسكاتها عن الاستغاثة ومع ملاحظة تقدم سنها, وأخيرا فإن الاعتراف الذي نسب إلى الطاعن مشوب بإكراه وتهديد ببطلانه وقد ثبت ذلك بأوراق المستشفى وما قرره الطبيب الشرعي في محضر الجلسة عن وصف ما لحق بالمتهم من إصابات ووصفها بأنها كسر بالفك السفلي وفقد معظم الأسنان ولم يبين الطبيب الشرعي الدليل الفني للتاريخ الذي حدده لحصول تلك الإصابات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال في بيان واقعة الدعوى "أنه كان قد تقرر إبعاد المتهم (الطاعن) عن الديار المصرية لدأبه على الإخلال بالأمن وهو معوز لا يزاول عملا يرتزق منه وأنه قبل سفره للخارج سعى لدى أقاربه وأفراد طائفته للتزود بما يفتقر إليه من الملابس والمال وقصد عمته المجني عليها فورتينيه نيفولا يطالبها بإعانة, وكان ذلك قبل وقوع الحادثة بخمسة عشر يوما فلم تحقق أماله وكان منه أن أغلظ لها القول وقد افضت إلى الشاهد عبد الحميد سليمان بما وقع من ابن أخيها, ثم عاد المتهم في الصباح الباكر ليوم الحادثة يكرر مطالبة المجني عليها بمساعدته وهى تصر على موقفها منه فأحفظه ذلك عليها وانقض عليها وأمسك بعنقها يضغطه بكلتا يديه قاصدا قتلها وهى امرأة طاعنة في السن فهوت على الأرض فجثم فوق صدرها ومازال بها حتى لفظت أنفاسها وكسر عدد من ضلوعها على ما هو ثابت بتقرير الصفة التشريحية وإذ تم له قتلها أخذ يعبث بين محتويات مسكنها عن مال لسرقته فلم يوفق وإذ خشى إفتضاح أمره ومبغاتته على مسرح الجريمة أسرع إلى الطريق فشاهده عبد السلام السيد الشباسي على ناصية الشارع الذي يقع فيه منزل المجني عليها وكان فزعا بادي الاضطراب وبعد حوالي ساعتين حضر موظف الإحصاء إلى مسكن المجني عليها ليقرع بابه وكان مفتوحا ولما لم يجبه أحد سعى إلى الداخل فرأى المجني عليها مسجاة على الأرض ولم يعرف خطبها فبادر بإبلاغ عبد السلام محمد الشباسي الذي يعمل خفيرا على مخزن في الطابق الأرضي من المنزل عما رآه ثم أسرع ليخبر بوليس النجدة فخف رجاله إلى مكان الجريمة وعاينوا جثة المجني عليها ونقلوها إلى المستشفى حيث ظهر من تشريحها أن الوفاة نتجت من اسفكسيا الخنق وأخذ البوليس يتحرى عن مرتكب الحادث فسأل بعض أقارب القتيل ومن عرفوا أنه يتردد على مسكنها حتى علم ضابط المباحث من عبد الحميد سليمان بالحديث الذي دار بين المجني عليها والمتهم قبل الحادث عندما طلب المتهم منها أن تمده ببعض المال قبل سفره, كما علم الضابط المذكور من عبد السلام الشباسي بأنه شاهد المتهم مضطربا في صباح يوم الحادث, ولما وقع المتهم في قبضة البوليس الذي كان يبحث عنه أقر بأنه هو الذي قتل المجني عليها خنقا لأنها رفضت أن تجود عليه ببعض ما تدخره من المال وأعاد المتهم إقراره أمام وكيل النيابة المحقق قائلا أنه ذهب يوم الحادثة ومعه عبد السلام محمد خليل إلى عمته ورجاها في أن تمنحه بعض المال فأبت فساءه ذلك وأقبل عليها وأمسك بعنقها وجثم عليها حتى أسلمت الروح ثم أخذ يبحث عن مال بين متاعها فلما لم يجد ولى هاربا وأعاد هذا الإقرار مرة أخرى أمام قاضي المعارضات" ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة بعد هذا البيان أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من إدانة الطاعن, من هذه الأدلة اعترافه وأقوال صديقه الذي ذهب معه إلى مسكن المجني عليها وشهادة ثلاثة شهود آخرين وما دلت عليه المعاينة التي أجرتها النيابة وتقرير الصفة التشريحية, ولما كان واضحا مما أثبته الحكم أن الطاعن بعد أن قتل المجني عليها خنقا أخذ يبحث في مسكنها وبين متاعها عن مال ليسرقه ولما يئس من العثور على شئ آثر أن ينجو بنفسه فخرج من المسكن وترك بابه مفتوحا وبعض أمتعة المجني عليها مبعثرة وفي غير مكانها, ولما كانت الفقرة الثالثة من امادة 234 من قانون العقوبات قد اعتبرت ظرفا مشددا للقتل التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها وكانت المحكمة قد استخلصت من اعتراف الطاعن وما ورد في المعاينة أنه بعد أن اغتال المجني عليها قد شرع في سرقة مالها فإنها إذ طبقت الفقرة الثالثة المذكورة على ما فعل تكون قد أصابت في تكييف الواقعة من ناحية القانون ولم تخطئ في تطبيقه, ذلك أن القانون سوى بين ارتكاب الجنحة وبين الشروع فيها فكل منها جريمة جعلها الشارع ظرفا مشددا للقتل متى وقع منضما إلى الجنحة وسببا لارتكابها, لما كان ذلك, وكان الحكم قد تحدث عن نية القتل فقال "إن الطاعن وقد أزمع مغادرة البلاد طلب من المجني عليها أن تعينه ببعض المال فامتنعت فثار حقده عليها وصمم على قتلها وأمسكها من عنقها وضغط عليه بيديه وبكامل قوته فانكسر العظم اللامي والفقرة السابعة العنقية نتيجة الضغط حتى إذا ما هوت على الأرض جثم فوق صدرها ليتم قتلها فكسر أضلاعها وأسلمت أنفاسها" وما ذكره الحكم من ذلك يتوافر به نية القتل التي استدل الحكم على قيامها استدلالا لا تعترضه شبهة في أن الطاعن إنما انتوى إزهاق روح المجني عليها, لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أن اعترافه كان وليد اعتداء وقع عليه وأبرز الاعتبارات والدلائل التي رأى منها أنه دفاع مصنوع لا ينال من سلامة اعترافه, وكان مما قاله "إن اعترافات المتهم المتعددة عن مقارفة جريمة القتل قد صدرت منه طواعية دون إكراه أو تهديد وفي حالة من الهدوء والروية وبعد تدبير وتفكير واقر بفعلته أمام النيابة في تفصيل واضح الأمر الذي يدل على اطمئنان باله ثم أعاد اعترافه أمام قاضي المعارضات بعد أن انقضى على الحادث خمسة أيام وكان في إمكانه أن يفصح للمحقق أو لقاضي المعارضات عن الإيذاء الذي لحقه إن صدق ادعاؤه الذي لم يلجأ إليه إلا لتهيبه مسئولية جرمه هذا إلى أن المحقق عندما أحاله للكشف الطبي بتاريخ 20 من يناير سنة 1957 بعد القبض عليه بيومين تبين وجود سحجات ظفرية بظهر يده اليسرى ولم يجد به إصابات أخرى" أما الكسر الذي يشكو منه المتهم في فكه فقد ذكر الحكم عنه "أن المحكمة قررت ضم الأوراق الطبية وصور الأشعة التي عملت عن هذا الكسر فظهر من الاطلاع عليها أن المتهم أرسل في 9 من مارس سنة 1957 إلى مستشفى القصر العيني لوجود اشتباه في كسر بالناحية اليسرى بالفك السفلي" وقال الحكم "إن مؤدي ذلك أن يكون المتهم جاهر بهذه الإصابة في تاريخ لاحق لاستجوابه أمام النيابة وأن المحكمة استدعت الطبيب الشرعي وعرضت تلك الأوراق عليه فأجاب بأن المتهم لم يشك من إصابة بفمه ولم تلاحظ عليه صعوبة في الكلام والأكل ولذلك فهو يرى أن إصابة الفك كانت لاحقة لتاريخ 22 يناير سنة 1957 وبعد أن أدلى باعترافاته وأنها إصابة حديثة لا ترجع إلى أكثر من خمسة عشر يوما سابقة" لما كان ذلك, وكان الحكم قد تناول أيضا ما أبداه الدفاع عن الطاعن في شأن التحقيقات التي اعترف فيها آخرون بارتكاب الحادث وفنده للاعتبارات السائغة التي أوردها, ولما كان قيام ضابط المباحث بتحقيق جزئي متفرع عن التحقيق الذي كانت تباشره النيابة ليس من شأنه أن يقدح في سلامة هذا التحقيق الأخير - وقد باشرته سلطة التحقيق في حدود اختصاصها - ولا على سلامة أدلة الإثبات التي عولت عليها المحكمة في إدانة الطاعن ورأت فيها ما يقنعها بصحة إسناد جناية القتل إليه دون غيره, لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش