تحت رعاية الرابطة العالمية لخريجى الازهر
" دور الشباب فى التجديد "
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ "
الحمد لله الذي أمر بالقراءة , ورغب في طلب العلم كما قال سبحانه " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَم*عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " هكذا أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأمر الله لرسوله أمر له ولأمته لأنه إمامهم وقائدهم إلى الله عز وجل وهذا يدل على أهمية العلم وعلى أهمية التعلم فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ولهذا لابد لكل إنسان من طلب العلم وطلب العلم فريضة عين على من احتاج إليه وفريضة كفاية على من لم يحتج إليه ونحن نحتاج إليه فهو فرض عين علينا جميعا والصلاة والسلام على أزكى البرية ومعلم البشرية , نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
وبعد ............
يعد موضوع تجديد الخطاب الدينى ضرورة ملحة ومن أهم التحديات المعاصرة التى باتت تشغل المهتمين بالفكر الاسلامى المعاصر . وهو سمة ملازمة للدين الإسلامى ، ولهذا السبب تميز الإسلام عن بقية الأديان باعتباره الدين الشامل للبشرية كافة .
فالخطاب الدينى كما نفهمه هو فهم للدين فى ضوء معطيات العصر ، بما يضمن وجود الانسان المسلم المتصالح مع عصره والمشارك فيه بفاعلية وكفاءه ، دون أن يشعر أنه كافر أو ذنديق ، وبذات القدر دون أن يشعر أنه جاهل أو متخلف ، يكسب الأخرة ، ولا ينس نصيبه من الدنيا . فهل هناك من هو مؤهل لهذا الدور؟
المسألة فى غاية البساطة أن تكون مسلما يعيش عصره .
السؤال : كيف نكون مجددين ؟
- نكون مجددين بتركنا للتقليد القائم على الإتباع والمحاكاة على غير بصيرة .
- نكون مجددين بقيامنا بدور فعال مؤثر نعود به إلى المجتمع الصورة الذهنية الصحيحة عن الإسلام .
وإليك بعض الإجراءات التى تعيننا على تحقيق ذلك :
النقطة الأولى : ابدأ بنفسك أولاً .
فالخطاب : هو المحاورة والمحادثة بين طرفين . فإذا كنت طرف في هذه المحاورة فكن مجددا كيف ذلك ؟
الجواب : المسألة فى غاية البساطة أن تبدأ بنفسك أولا .مارس ما تعلمته فى الأزهر ، كن قدوة لغيرك ، كن أزهريا يشار إليه بالبنان ، اترك بصمتك كطالب أزهرى يتمتع بحسن الخلق ، وحسن المظهر والسلوك ، استبق انت الأمور ، فديننا الحنيف يستحق أن نبذك كل الجهد وأن نسخر كل الوقت لخدمته والدفاع عنه فأنتم أيها الشباب وأيتها الفتيات ماذا فعلتم لدينكم ؟ وماذا بلغتم عن الأزهر؟ .
هل قمنا بتعميق مكارم الأخلاق عند الناس عند أقرب الناس إلينا ، كالصدق فى المعاملات ، والدعوة إلى اتقان العمل ، وأدائه على الوجه الذى لا يكون فيه الإنسان مقصراً لو كان يؤديه لنفسه ، والتعاون ، والتراحم بيننا ، والبعد عن العنف ، والدعوة لتحصيل العلوم الدينية وكذلك العلوم الدنيوية والتى على أساسها يظهر تفوق الأمم والشعوب . فما تقدمت الأمم إلاّ بالعلم .
فالأزهر الشريف يعلم الخلق أجمعين عبادة الله تعالى ، وتزكية النفس البشرية ، وتجميل النفس بالأخلاق العالية ، فيبنى الأخلاق ، ويصنع الإنسان ، وينشر بين الناس القيم والأخلاق .
فيجب عليكم أن تنشروا تعاليم الأزهر ، أن تنشروا ما تعلمتموه .ففى هذه المرحلة الراهنة معاشر الأزهريين نريد أن ننشر فى المجتمع منظومة من القيم تحفظ استقرار البلاد وتزيل الاحتقان بين طوائفه وتجمع الناس على كلمة سواء.
ويجب علينا – نحن شباب الأزهر – أن نكون على قدر من الثقافة الدينية التى تمكننا من مواجهة مثل تلك الأفكار المتطرفة والمفاهيم المغلوطة التى تنسب الى الدين كذبا وزورا . وحتى لا تصبح عقولنا مجالا للتلاعب من جانب أفراد وجماعات متطرفة ، ولزاما علينا نحن الشباب أن نكون جدارا عاذلا وحصنا منيعا بين الفكر المتطرف وتعاليم الاسلام السمحة ، فلا نجعل من انفسنا وعاء يحوى معتقدات وافكار مغلوطة بل نعطى لأنفسنا مسافة من الفكر والتأمل .
وقد حدد لنا علماؤنا خطوات جادة يجب أن تؤخذ فى الاعتبار إذا أردنا أن نوجد آليات فعالة لنشر خطاب دينى عالمى مستنير ومن بين هذه الآليات :
إعداد دعاة مستنيرين مسلحين بخطاب دينى مختلف ومغاير للخطاب الدينى التقليدى يتناسب مع العصر الذى نعيش فيه وذلك من خلال خضوع هؤلاء الدعاة لانتقاء وفرز دقيق فى البداية لاختيار من يصلح منهم للانضمام لدورات تأهيلية تركز على تجديد الخطاب الدينى وإكسابهم سبل التعامل مع الثقافات الأخرى . فالداعية العاقل يطالب نفسه قبل أن يطالبه الناس بتجديد الخطاب الدينى وإذا كان الإمام الشافعى – رحمه الله – قد غيّر كثيرا من فتاواه فى مصر بعد أن غادر العراق تبعا لتغير الأجواء والظروف .
النقطة الثانية : تفعيل الخطاب على أرض الواقع
يجب علينا أبناء الأزهر أن نكون نموذجا للتدين السلوكى بدلاً من التدين الشكلى ، كن مفتاحا مساعدا فى نشر روح الفكر الاسلامى المعاصر ليتسنى لنا مواجهة الخطر الذى أصبح يهدد الدين نفسه من خلال تشويه معالمه ، وطمس الصورة الصحيحة للدين الحنيف .
فالتجديد يحتاج إلى دعاة مخلصين قادرين على التواصل مع الجماهير ، ولكن الأهم من ذلك أن يكون هؤلاء الدعاة قدوة للناس بالأفعال وليس بالأقوال
فنحن غرس يدى الازهر فهو ينتظر أن يجنى ثمار ما غرست يداه ، فهو ينتظر منا الكثير ، فكونوا كما أرادكم أن تكونوا انشروا تعاليم الدين الصحيحة ، فلا تكونوا تابعين لفكر متطرف ولا تنحاذوا لجماعة مغاليه . كونوا كما كان شباب الأزهر فى الماضى القريب فطالب الأزهر هو نموذج حى للتجديد والفكر الوسطى ، فنحن أبناء المؤسسة المنوطة بالتجديد ، مما يحتم علينا أن نكون أداة مساعدة ، وأن نكون على قدر المسئولية .
وإذا كانت وسائل الإعلام وخاصة المرئية منها تعد من أنجح الوسائل التى تكفل انتشارا أوسع لهذا الخطاب ، فأنت أيضا أيها الأزهرى وسيلة مساعدة تساعد على إنجاح وانتشار هذا الخطاب فأنت مجدد بأسلوبك مجدد بأخلاقك مجدد بنشرك لتعاليم الاسلام التى تعلمتها فى الأزهر
النقطة الثالثة : كن إيجابياً
كن إيجابيا بتقديم صورة إيجابية عالمية للإسلام ، فعالمية الإسلام كدين والتى تمثلت فى قوله تعالى لرسوله الكريم " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " تحتم علينا عولمة الخطاب الدينى لكى يصل الى العالم كله ، ولكى يعكس وسطية الاسلام وبعده عن التطرف والغلو وأنه دين الرحمة وليس دين العنف والارهاب كما يتم تصويره فى الغرب .
فيجب علينا أبناء الأزهر الشريف أن نؤسس لهذه القيم وأن نؤصل لها وأن نعمل على إعادة بنائها فى النفوس ، وإعادة تفعيلها فى حركة الحياة ولابد من العمل على نشر العلم وصدق النصيحة بين فئات المجتمع .
واختم بقول أحد كبار العلماء " وثورة التجديد الدينى لكل الأزهريين وليس لبعضهم . ويدخل ضمن تجديد الخطاب الدينى أن يلتزم ضمن أول تحقيق مصالح العباد ، لأن تحقيق مصالح العباد يشكل واحدا من أهم مقاصد الشريعة يسبقها فقط دفع الضرر عن الناس لأن دفع الأضرار مقدم على جلب المنافع ، بما جعل إماطة الأذى عن الطريق من أول واجبات الإنسان ومن ثمّ فإن كل ما يضر بمصالح العباد يدخل فى دائرة المحرمات التى ينبغى أن يرفضها الخطاب الدينى بوضوح قاطع .
وفى نهاية كلمتى أتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان للرابطة العالمية لخريجى الازهر . لما تقوم به من جهد جهيد لتفعيل دور الشباب الازهرى .